أحدث الفنان الشعبي المغربي عثمان ملين بظهوره مؤخراً على الساحة الغنائية ضجة في الوسط الفني تحوّل على إثرها وفي زمن قياسي إلى نجم للأغنية الشعبية، حيث شكّل ظاهرة إعلامية وفنية خاصة، يعرف الآن بالعامية المغربية بـ «مول البندير» أي «صاحب الدف». «سيدتي» التقت الفنان عثمان ملين لمعرفة مساره الذي دشّنه في مجال التسيير والتدبير لينتهي به إلى حمل الدف والغناء الشعبي..
«أنا لا أملك صوتاً يصلح للغناء ولا أغني من أجل أن أطرب الناس، أو البحث عن الشهرة أو الاعتراف بي كفنان.. أنا أغني لإمتاع نفسي (وباس)». بهذا الاعتراف استهلّ الفنان الشعبي عثمان ملين حديثه مع «سيدتي» قبل أن نسأله:
هل هو استعلاء على الآخرين أم غرور؟
هو اعتراف، كان لا بد وأن أستهل به حديثي معكم لأنه بعد الفيديو الذي تمّ الترويج له في مواقع التواصل الاجتماعي كثر الجدل، بين مؤيد ومنتقد وأذكر منهم الفنانة الشعبية زينة الداودية التي أعتبرها فنانة مغربية كبيرة. ولا أختلف معها في طبيعة الحال في كوني لست فناناً، لأنني في حقيقة الأمر مجرد عاشق للغناء، وقد ذكرت في لقاءات سابقة أنني لا أرغب في أي انتماء للوسط الفني ولا الحصول على بطاقة فنان.
وما هي دوافع هذه الاعترافات؟
لأنني لا أريد أن يجاملني أحد اليوم أو غداً، ولأنني أعرف بأن صوتي لا يصلح للغناء.
ومع ذلك، فحفلاتك في تزايد والصحافة تلاحقك؟
أذواق الناس تختلف، وبالتالي أنا لا أغني لأطرب الآخرين بل لأستمتع.
وما دام الأمر كذلك، فلماذا تغني؟
لأستمتع وأطرب نفسي أولاً، وإذا ما نجحت في إطراب الناس في نفس الوقت فذلك إمتاع آخر بالنسبة لي، والملاحظ أن الناس معجبون لحد الآن بصوتي على رداءته.
أنت تتحدّث عن «الرداءة»، ولكن الناس تقبل على حفلاتك؟
لأن حفلاتي تتفرّد بنكهتها الخاصة، وترتفع فيها درجة التفاعل وتمتزج فيها كل ألوان الفرح والانتشاء لأن «فن العيطة» الذي أتغنى به وتُردّد فضاءات الحفلات صداه وتزيده إيقاعات الدف سحراً وجاذبية، كلها أشياء تجعل من هذه الحفلات موعداً مع الفرح الذي ينشده الناس.
لكن الأجر الذي تتقاضاه يعادل أو يفوق أجور مشاهير الغناء الشعبي؟
ليس إلى هذا الحد. الناس تبالغ كثيراً، أتقاضى ما أستحقّه فعلاً.
وكيف كان شعورك وأنت تلاقي هذه الشهرة؟
لم أتوقّعها، ولا أعرف مصدرها، والأهم من الشهرة أن صوتي وصل إلى الناس، وأحبّوني وحفلاتي تلاقي نجاحات متتالية.
لا أبحث عن الأضواء
نجاحك اقترن أيضاً بلقب «مول البندير» أو صاحب الدف، ألا يضايقك هذا اللقب؟
هذا اللقب أفتخر به ولا يضايقني، لأن الدف آلة موسيقية تقليدية ومتجذّرة في تاريخ الآلات الموسيقية. وبهذا الدف أخلق الإيقاع، وأصنع الفرجة والاحتفالية، لأن ليس كل من يحمل الدف يتغنّى به. ونذكر جميعاً كيف أن ملك المغرب الراحل الحسن الثاني كان مولعاً بالموسيقى وظهر في كثير من الصور يحمل الدف أثناء تقديمه بعض النصائح للجوق الملكي للموسيقى.
وما هي المفاجأة التي يمكن أن تعد بها جمهورك؟
بصراحة لا أفكّر حالياً في تسجيل أغنية أعد بها جمهوري، ولا أبحث عن أضواء الشهرة لأنني أغني في الحفلات ثم أعود إلى بيتي. لا تهمّني الشهرة ولا أضواء الكاميرات، ولا أخطّط لمستقبلي الفني وحتى الشهرة التي يتحدّثون عنها جاءت بالصدفة وبلا موعد مسبق.
البعض يأخذ عليك أنك أسأت إلى «فن العيطة» ولروّادها؟
من السهل جداً أن تنتقد الناس ولو بدون علم، ومع ذلك أتفاعل مع الكتابات النقدية الجادة، فـ «العيطة» فن غنائي أصيل من صلب التراث المغربي ويشمل جميع الأغراض من مدح وغزل، ويتناول قضايا اجتماعية مختلفة، أحترم في أدائها جميع قواعدها من الآلات التقليدية وأوزانها، وأعتقد أنه ينبغي ألا ننزعج لكل وافد جديد، علماً أن الانتقادات تزيد من شهرتي.
مؤخراً، رفضت الظهور على شاشة التلفزيون، لماذا؟
رفضت، لأنني أريد الظهور في السهرات الغنائية الحيّة، والتفاعل مع الجمهور، وليس في برامج تلفزيونية معلّبة.
ولماذا أثار ظهورك هذا الجدل كلّه بالمغرب؟
ليس هناك ما يدعو لهذا الجدل، أنا خرّيج معهد الدراسات العليا في التدبير، ولعت بآلة الدف منذ الصغر، واستهواني الغناء وأنا على مقاعد الدراسة على امتداد مساري الدراسي، فحاولت التوفيق بين موهبتي الغناء والدراسة. وبعد تخرّجي حاولت إمساك العصا من الوسط، لكن الغناء استهواني أكثر وأحسست بانجرافي نحوه فتفرّغت للغناء منذ عام، وغايتي هي إمتاع نفسي وإرضاء فضولي، قد أعجب الآخر وقد يحدث العكس لأن المهم في نهاية المطاف هو أن أمارس هوايتي في ميدان الغناء. فاخترت «العيطة» كفن تراثي مغربي أصيل، وبكل صدق لا أعرف سر شهرتي.
ألا ترى بأن تخلّيك عن عملك الوظيفي من أجل الغناء مغامرة؟
سؤالك في تقديري يحتقر الغناء، ويهين التراث ويقلّل من قيمة الفن. بعد حصولي على شهادة الإجازة الجامعية، عملت لفترة أربع سنوات في ميدان الدعاية والإعلانات، لكني لم أنقطع خلالها عن الغناء كهاو، حيث اكتشفت مع مرور الوقت بأن الأغاني التراثية باتت تلاقي الإقبال فقرّرت التفرّغ للغناء وتأسيس فرقة موسيقية تحمل اليوم اسم «عثمان ملين».. التي حالفها الحظ بأن تصبح في فترة قياسية من أشهر الفرق الغنائية بالمغرب.
معجب بهؤلاء النجوم
كيف تصنّف نفسك حالياً ضمن نجوم الغناء الشعبي؟
الأغنية الشعبية لها نجومها وروّادها وأنا خارج التصنيف لأنني فنان هاو ومبتدئ.
وهل لديك مشاريع لإحياء سهرات؟
حفلات خاصة نعم، لكن أنتظر إحياء سهرات حية في المهرجانات الفنية ولقاء جمهوري.
هل صحيح أنك فنان الحفلات الخاصة والمرتبطة بالنساء أساساً؟
أنا فنان الرجال والنساء وأغني لكل الأعمار ولا أغني في حضرة النساء فقط. ولتوضيح الأمر أكثر، أنا أتلقّى من بعض الجمعيات النسائية بين الفينة والأخرى دعوات لإحياء حفلات خاصة لفائدة هذه الجمعيات وقد تكون حفلات خيرية أو بالأداء. ولذلك فإن جمهورها في الغالب يكون من النساء.
هل لديك معجبون من دول عربية غير المغرب؟
كثيرون خصوصاً في الإمارات العربية المتحدة وقطر.. ودول عربية أخرى.
وهل سبق أن قمت بإحياء سهرات خاصة لغير المغاربة؟
هي حفلات كثيرة أذكر منها بالخصوص حفلات فنية خاصة لمحبّين من الإمارات العربية المتحدة وغيرهم. فبالإضافة إلى جمهوري بالمغرب، أنا فخور بالقبول الذي لقيته الأغاني التراثية التي أشدو بها.
ومن هم المطربون المغاربة الذين تستمع لهم وتتابعهم؟
عربياً أستمع لكوكبة من نجوم الغناء العربي في الخليج والمشرق العربي، أذكر منهم، صابر الرباعي، أصالة، وردة وآخرين، ومن المغاربة أستمع لكل من عبد الهادي بلخياط، عبد الوهاب الدكالي، محمود الإدريسي، كما أحب سماع أغاني نعيمة سميح وأصوات مغربية أخرى.
وما هي الأغنية التي تردّدها كثيراً؟
أغنية بعنوان «كيف إيدير أسيدي» للمطرب المغربي عبد الهادي بلخياط. .
لا أعيش الحب حالياً
ومن المرأة التي هي في حياتك؟
ولا واحدة حالياً.
بعد هذه النجومية والإيرادات الخيالية، ألا تفكّر في الزواج؟
أؤكّد أن كل ما يقال عن إيراداتي ضرب من الخيال. أنا إنسان عادي، لست ثرياً إلى هذا الحد ولا أملك بعد الإمكانيات الكافية لدخول القفص الذهبي.