تعاني الكثير من العائلات خلال شهر رمضان المبارك من التوتُّر والمشاحنات والوقوف عند كلِّ كلمة وهفوة وكأنَّه شهر الحساب بين الزَّوجين، رغم أنَّ العكس هو الصَّحيح، فهو شهر الرَّحمة والتَّسامح بين النَّاس بشكل عام، والأولى أن يكون كذلك في المؤسسة الزوجيَّة المبينة أساساً على المودَّة والرَّحمة والمحبَّة، لذلك يمكن جعل الشَّهر الفضيل فرصة جيِّدة لتحسين العلاقات الزوجيَّة والعمل على التخلُّص من أسباب النَّكد والحزن، التي تعكِّر صفو الأسرة، وجعل ذلك أحد الطُّقوس الرمضانيَّة من خلال اتِّباع النَّصائح التَّالية، التي تقدِّمها لـ"سيِّدتي نت" الباحثة في علم الاجتماع سلوى صالح:
1. على الزَّوجين اختيار الوقت المناسب للعتاب والتَّعليقات وإظهار عدم الرضا، وتجنُّب القيام بذلك خلال ساعات النَّهار والصَّوم، فذلك له دور كبير ومؤثِّر في نجاح الأمر والحصول على نتائج جيِّدة، وأفضل تلك الأوقات هي الأوقات الحميمة الرومانسيَّة، التي تنعكس بالطَّبع على الجو العام بين الزَّوجين.
2. أن يتذكَّر كلا الزَّوجين أنَّ هذه العلاقة أثمرت عن وجود أشخاص آخرين، وهم الأطفال، وأنَّ ما يقومان به اليوم سيترك ذكريات لا تنسى عن الأجواء الرمضانيَّة في المنزل سيحملونها معهم عند الكبر، لذلك يجب أن يتركا ذكريات جميلة ترتبط بشهر رمضان مليئة بالود والتَّسامح.
3. الآباء يورثون أبناءهم عاداتهم وسلوكيَّاتهم الرمضانيَّة دون أن يشعروا بذلك، فعندما يكبر الطِّفل معتاداً على حالة الغضب والنَّكد في المنزل خلال ساعات الصَّوم، فإنَّه سيقوم بذلك لا شعوريَّاً مع زوجته وأبنائه مستقبلاً، والعكس صحيح عندما تكون الابتسامة والهدوء عنوان ساعات الصَّوم عند والديه.
4. المشاركة في العطاء وأعمال الخير خلال الشَّهر الكريم بين الزَّوجين وبمشاركة الأبناء تخلق أجواء من الرَّحمة والرِّضا للقيام بذلك معاً، وتجعل الطَّرفين يشعران بالشَّراكة والقرب فيما يقومان به.
5. على الزَّوجين أن يكونا حذرين ودقيقين في اختيار ما يتعاتبان عليه، ويجب الوقوف عنده، فالعديد من المواقف أقل من أن نقف عندها ونفتح صفحات العتاب المكدرة، ولا تحتاج إلا لبعض التَّغاضي ببساطة.
6. إذا كان لابدَّ من العتاب أو اللوم على موقف معيَّن، فيجب أن نفهم درجات العتاب، وأنَّ بعض المواقف قد لا تستحق أكثر من لفت نظر لتصحيح الوضع، كأن تقول الزَّوجة: إنَّها تتمنى لو أنَّه فعل كذا أو كذا أمام الضُّيوف، وأنَّ هذا التصرُّف كان سيسعدها كثيراً ويشعرها بالفخر من معاملته لها، أو يقول الزَّوج لزوجته: أتمنَّى في موقف مماثل كما حصل في هذا اليوم أن تكون ردَّة فعلك مختلفة، أو أنَّه شعر بإحراج من تصرُّفها، وأنَّه يتمنَّى أن تتنبه وتأخذ حذرها في المرَّات المقبلة، فهذا الأسلوب الهادئ في أوقات كثيرة يكون له دور قويٌّ ومؤثِّر بين الطَّرفين، فالكلمة الطَّيبة آسرة.
7. رغم أنَّ العتاب أحياناً يخرج بنتائج ناجحة وطيِّبة، إلا أنَّه قد ينقلب في بعض المرَّات إلى عناد وتحدٍّ، ليقلب الحياة الزوجيَّة إلى جحيم يحاول فيه كلا الطَّرفين استفزاز الطَّرف الآخر، أو الاستهزاء، أو المبالغة في إظهار أخطاء الآخر، مما يصل به الأمر إلى تعمُّد التَّصرف بما يزعج الشَّريك، والنَّتيجة تكون حرباً مشتعلة تحت سقف المنزل.
8. يجب تعلُّم فن ومهارة الاستماع، فلا فائدة من النِّقاش إن كان الطَّرف الآخر يفتقد لهذه المهارة، التي تعبر المحور الأساسي في أيِّ حوار، وأحياناً يكون المستمع أو المتلقِّي هو صاحب نجاح الحوار وليس المرسل نفسه.
9. يجب أن يتذكَّر الزَّوجان أنَّ الكمال لله، وأنَّه لا يوجد إنسان كامل، لذلك يجب التَّغاضي عن هفوات وأخطاء الآخر، وأنَّه وبالنَّظر لمن حولنا سنكتشف أن لكل واحد عيوبه، وأنَّ الكثير من العيوب لا تؤثِّر على أساس الحياة الزوجيَّة وصميمها، وهذه يمكن التَّعايش معها بنجاح، فمثلاً: إن كان ما يزعجك في زوجك عصبيته وسرعة غضبه وانفعاله، فتذكَّري أنَّك تستطيعين محاولة تغيير هذه الخصلة فيه، أو على الأقل تقليلها والحدِّ منها بمعرفة أسباب إثارة الزَّوج وإغضابه مع محاولة التعايش معها وتفهمها، ولكن إن كان زوجك ممن يهينك ويضربك كما يفعل بعض الأزواج، فهل تستطيعين التَّعايش مع ذلك؟ لذلك على كلا الزَّوجين محاولة النظر لمن هم أسوأ حالاً، ولأصحاب الأخطاء والعيوب، التي لا يمكن التَّغاضي والتَّعايش معها.
10. وفي النِّهاية، النِّقاش لا يعني الشِّجار والصُّراخ، أو إثبات رأي معيَّن من أحد الطَّرفين، بل هو فرصة للحوار المنطقي والموضوعي، الذي يوضِّح ويقارب بين وجهات النَّظر المختلفة بين الطَّرفين، وليس العكس، على أن يكون بشكل متحضِّر وعقلاني وبعيداً عن أعين الأطفال ومسامعهم مع ضرورة تعلُّم السَّيطرة على النَّفس عند الغضب.