ما أن يعقد الحاج نية الحج، إلا ويبادر بمراجعة عدد من الأطباء من أجل الاطمئنان على صحته، وأخذ التطعيمات اللازمة للحج، لكن ربما يغفل الكثيرون عن الصحة النفسية بالرغم من أنها لا تقل في الأهمية عن الصحة الجسدية، وحول كيفية الحفاظ على الصحة النفسية للحاج، تحدثنا مع الدكتور وليد الزهراني، الأخصائي النفسي الإكلينيكي والمعالج النفسي، فيقول بداية:
"يحافظ الحاج على صحته النفسية من خلال تعامله الإيجابي مع نفسه، وبالتهيئة الإيجابية التي تساعده على أداء مناسك الحج وهو في حالة نفسية جيدة، لافتاً إلى أن هناك أدوية جيدة تساعد على الاسترخاء، والحفاظ على الأعصاب، والقضاء على مشاعر القلق والكآبة، التي من الممكن أن تظهر لدى الحاج، ونصح باستخدام المشروبات المكيفة، كالنعناع، واليانسون، واستخدام الروائح الاسترخائية، مثل: اللافندر "زهرة الخزام"، والتي تساعد على الاسترخاء وهدوء البال، إضافة إلى استخدام تدريبات الاسترخاء التنفسي والعضلي، فهي تساعد بشكل كبير على التخلص من القلق والتوتر، وتعدل مزاج الحاج".
وحول الأعراض النفسية التي من الممكن أن يعاني منها الحاج، ذكر الدكتور وليد أنها تتمثل في مشاعر القلق والتوتر الذي يظهر أثناء وجوده في الزحام وأثناء التدافع، إذ من الممكن أن تجعل الحاج يشعر بالعصبية والغضب، فيقوم بالتعبير عن عصبيته، أو يقوم بالدفع، وذلك ربما يفسد حجه، وكذلك قد يعاني الحاج من المشاعر الاكتئابية، كالتذمر، والتأفف من الزحام، والشعور بالإحباط في بعض الأوقات، وذلك لخوفه من أن لا يؤدي حجه بالشكل المطلوب، ومن الممكن أيضاً أن يشعر الحاج بالخوف من الأماكن المزدحمة والتجمعات.
ويتابع:"يظهر هذا الخوف عند الأشخاص الذين لديهم قلق وخوف من التجمعات، والذين لديهم الرهاب الاجتماعي، حيث تجد لديهم صعوبات في مواجهة الناس والاختلاط معهم، مضيفاً: نحن نعرف أن الحج فرصة للتعارف على الناس والاختلاط معهم، خصوصاً من الجنسيات الأخرى، فيشعر الشخص هنا بالنقص، وبالتالي ينطوي على نفسه، ولا يختلط مع الآخرين، ومن الممكن أن يحرم نفسه من المحاضرات الدينية؛ لعدم قدرته على الاختلاط مع الآخرين، ويلاحظ أن الكثير من الحجاج بعد نهاية الحج تختلط عليهم المشاعر الإيجابية والسلبية، فبعضهم يشعر بالفرح والسعادة أنه قام بفرضه وأدى عبادته، والبعض الآخر يشعر بالحزن والكآبة نتيجة إحساسه بفقدان أجمل لحظات حياته، والتي عاشها مع الله ومع الناس حوله، فيرجع بعض الأشخاص ويعيشون حالة اكتئابية لفترة بسيطة، ويخرجون منها بعد فترة من رجوعهم، ومن الممكن أن تستمر إذا كانت شخصية الفرد شخصية اكتئابية، وسترتفع حدة الاكتئاب لديه، وتستمر لفترة من الزمن".