على عكس دور الحضانة والمدارس العامة والخاصة، التي تسعى غالباً لتعليم الطفل وإكسابه بعض العادات والمهارات الخاصة، فإن الأباء والأمهات في "دار دوللي آينشتاين" في بينيبيرغ الألمانية، يأملون بأن يكتسب أطفالهم عادة من نوع آخر إنها "تذوق الديمقراطية".
أول حضانة ديمقراطية:
حصلت "دار دوللي آينشتاين" هذا العام على شهادة أول "حضانة ديمقراطية" في ألمانيا، ومهمتها اختبار المدى الذي يمكن إليه زرع وغرس عملية صنع القرار للأطفال دون سن الـ6، عبر منح الأطفال حق التصويت على كل شيء بدءاً من طعام الإفطار وحتى تغيير الحفاظات.
و يروي التربويون في المركز قصة الطفلة "بيا" ذات الأعوام الـ6 التي اعترضت مؤخراً على أوامر والديها بالذهاب إلى النوم، حيث عبرت عن اعتراضها بالاستشهاد بـ"دستور" الحضانة المعلق في مكان بارز بكل غرفة لعب بالدار: "أستطيع أن أقرر متى أذهب للنوم، فهذا من حقي".
ميثاق المركز:
وينص ميثاق المركز على 7 حقوق أساسية هي: "لي الحق بالنوم، أنا من يقرر ما سآكل وبالكمية التي أريدها، أنا أقرر ما ألعب به، أنا أقرر أين أجلس، يسمح لي بالتعبير عن رأيي في أي وقت، أنا الذي يقرر من أود معانقته، وأنا أقرر من يغير لي حفاضتي".
مديرة الحضانة أوتيه رودينفالد ونائبتها هايكه شلوتر ترفضان تصنيف الحضانة من بين النماذج التعليمية غير التقليدية التي ترتبط في الأذهان مع الحركة الطلابية الألمانية عام 1968، حيث برزت كلمة "مناهض للسلطة" بشكل يرادف الصياح.
تقول شلوتر: "إن التربية والتعليم المناهضين للسلطة يفترضان أن أي مجموعة أطفال ستتعلم بطرق غامضة كيف تنظم وتهيكل نفسها، لكن منذ وضعنا دستورنا وأشركنا الأطفال في عملية صنع القرار، باتت لدينا قوانين أكثر من ذي قبل".
ترى رودنفالد أن رسالة مشروعها ليس في تمكين الأطفال بقدر ما هي في تزويدهم بمهارات التأقلم مع عالم حديث عصري يتغير بسرعة "فالديمقراطية ليست انتخابات وحسب، بل تكمن في أخذ الناس أو الأطفال على محمل الجد، وفي تعلم كيفية صناعة القرارات بطريقة لا يُهمَلُ فيها أحدٌ".
تدير دار دوللي آينشتاين جمعية خيرية غير ربحية، هي مؤسسة معونة العاملين والموظفين، وتستمد الدار اسمها من شخصية طائر متكلم في أحد كتب قصص الأطفال، أما معظم الأطفال الذين يرتادون الدار فيتم تسجيلهم من عمر السنة الواحدة، ويبقون فيها من 8 صباحاً حتى 4 عصراً أيام الأسبوع.
الأطفال يصوتون:
تجتمع كل مجموعة في الحضانة مرة واحدة كل اسبوع بجلسة تجري فيها جولتان من التصويت، الأولى حول الصلصة التي ستستخدم لتزيين وجه كعكة الحلوى التي سيتناولونها بعد الظهر، والثانية حول قائمة طعام إفطار يوم الجمعة.
الجولة التصويتية الأولى تكون عادة استفتاء يطرح فيه التربويون مثلاً خيارين بين صلصة الليمون أو الشوكولا، أما الجولة الثانية فيحق للأطفال فيها تسمية وترشيح 4 خيارات للوجبة التي يفضلون تناولها.
وترى رودنفالد وفريقها أن العبء يقع على الكبار كي يتعلموا تقبل قرارات الأطفال بدلاً من العكس "فالأمر كله هو صنع خيارات".
أما القرارات الأكبر، كالاستثمار في شراء ألعاب جديدة أو تغيير القوانين في ساحة اللعب، فهي تجرى شهرياً في مجلس للأطفال تحضره ثنائيات من الصبية والبنات يرشحون ليكونوا هم من "يسنون القانون" ويصادقون عليه، ففي أحد هذه الاجتماعات مؤخراً طالب الأطفال ممثليهم في المجلس بفعل شيء حيال قرار اتخذته رودنفالد وحدها من طرف واحد لشراء زوج من الدراجات الهوائية ذات الـ3 عجلات.!