أظهرت الدراسات النفسية التي أجريت على عدد من النساء اللاتي يعانين من «رهاب الجماع» أن أكثر من 65% منهن تعرضن لمواقف «قاسية» إما نتيجة تحرش جنسي خاصة في مرحلة الطفولة، أو قسوة وعنف أثناء اللقاء الأول مع الزوج، ما قد ينتج عنه تشنجات عضلية في المنطقة التناسلية عند المرأة، والذي يجعل إتمام اللقاء الحميم صعباً، ويؤدي إلى نفور الزوجة من العلاقة الحميمة، وقد يصل إلى حد الطلاق.
الحالة:
السيدة «أمل.ج» أرسلت تقول إنها شابة في أوائل العشرينيات من العمر، تزوجت من رجل يكبرها بأكثر من عشرين عاماً، وتم الزواج بطريقة تقليدية من دون سابق معرفة عن طباع الزوج، أو حتى معرفة أي شيء عن مشاعره، وأحاسيسه تجاه المرأة.
تقول إنها شعرت بالخوف في ليلة الزفاف، وطلبت منه أن يعطيها فرصة للتأقلم معه، ولكنه للأسف -كما تقول- هجم عليها بطريقة عنيفة جعلتها لا تقدر حتى على الكلام، وتمت ليلة الدخلة، والتي تشبّهها «بالاغتصاب» الذي تشاهده في الأفلام. وتعرضت لنزف حاد تطلّب عرضها على الطبيبة النسائية، وقررت الذهاب إلى بيت أهلها. تقول إنها صدمت من موقف الأهل الرافض لبقائها عندهم، وأصروا أن تعود للزوج.
الآن تشعر بالخوف الشديد من أي محاولة حتى لتقبيلها أو المداعبة قبل الجماع، والذي لم يحدث منذ ذلك اليوم، وتشعر بالتوتر والخوف مع شد في العضلات في الجزء الأسفل من جسمها. الزوج والأهل يعتقدون أنها مصابة بعين، وأنها يجب أن تصبر حتى تُعالج.
تسأل: هل يوجد علاج لمثل حالتي؟ وهل يكون العلاج نفسياً أم عضوياً؟
الإجابة:
السيدة الفاضلة «أمل.ج»، المشكلة التي تعانين منها تحدث لبعض النساء، خاصة في المجتمعات التي لا تهتم بالثقافة الجنسية للمقبلين على الزواج، والتي تمثل صمام الأمان للزواج.
لنبدأ أولاً بمعرفة جوانب المشكلة التي تمرين بها، والتي تتمثل في تعرضك لحالة من الخوف الشديد والهلع في أول لقاء جنسي تم بينك وبين زوجك، والذي لم تكوني مهيأة نفسياً له؛ نظراً لعدم وجود تهيئة للتقارب العاطفي والتعود على الزوج، وقد يحدث عند الزوج عدم قدرة على الانتصاب أو التمكن من المعاشرة في أول لقاء مع زوجته، نتيجة الضغط الذي يتعرض له من أنه يجب أن ينهي الجماع الأول بنجاح، وهي حالة تعرف بـ«قلق الأداء».
الشعور الذي انتابك أثناء اللقاء الأول، والذي شبهته بحالة «اغتصاب»، ترك لديك مخاوف عميقة، والتي زادت سوءاً مع حدوث النزف، وهو عادة أمر غير شائع إلا في حالات قليلة، بالإضافة إلى أن شكل اللقاء الأول لم يأخذ طابع المداعبة والتهيئة والملاطفة التي يجب أن تسبق عملية الجماع، وأصبح اللقاء ميكانيكياً بحتاً، ما جعل الأمر مؤلماً من الناحية النفسية، والذي أدى إلى حدوث شد في عضلات منطقة الحوض وأسفل البطن، والتي صاحبها انقباض في عضلات المهبل، هذه الحالة تعرف طبياً بالتشنج المهبلي (Vaginismus).
وقد وجد في بعض الحالات الشديدة أن الزوجة قد تتعرض لخلع في مفصل الفخذ، أو قد يحدث لها تمزق عضلي إذا تم الجماع باستخدام القوة معها، وفي حالات أخرى قد لا يتم الإيلاج نهائياً، وتبقى الزوجة عذراء، وقد تستمر إلى سنوات، وقد يلجأ الزوجان إلى عيادات النساء والتوليد؛ للمساعدة في إزالة غشاء البكارة تحت التخدير.
كثير من الأسر يعتقدون أن مثل هذه الحالات هي نتيجة أسباب غير طبية؛ حيث يعتقدون أن الزوجة مصابة بالعين؛ مما يجعلهم يبحثون عن العلاج بعيداً عن الجانب الطبي الحقيقي، وبالتالي تزداد الحالة سوءاً.
العلاج في مثل هذه الحالات يجب أن يشمل الزوجين معاً أولاً للجلسات الإرشادية، وتوضيح حقائق العلاقة الجنسية الناجحة لكلا الطرفين، ثم يبدأ علاج الزوجة أولاً، وذلك باستخدام بعض الأدوية التي تساعد على تخفيف حدة القلق والخوف، وأيضاً تساعد على الاسترخاء. ومن ثم استخدام أسلوب المداعبة والتقارب الخاص بصورة تدريجية مع تشجيع الزوج.
وهنا أتوجه بكلمة للزوج وأقول له إن عليه أن يراعي العوامل النفسية والاجتماعية للزوجة، خاصة فيما يتعلق باللقاء الأول بينهما، مع الاهتمام بالمشاعر المختلطة التي تعتري العروس من قلق، وخوف، وعدم معرفة بالحقائق العلمية المتعلقة بغشاء البكارة، ونحوها من الأفكار والمعتقدات التي قد تؤثر على علاقتهما.
نصيحة:
المناقشة والحوار بين الزوجين في الأمور الدقيقة والخاصة جداً حول العلاقة الحميمة الأولى يجب أن تتم بوضوح تام بينهما؛ حتى لا يتعرض أحدهما إلى الشعور بالخوف أو الإخفاق في المرة الأولى، والتي قد تترك آثاراً نفسية واجتماعية خطيرة على الزوجين مستقبلاً.