ما من أب هذه الأيام إلا ويتابع الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد العربية، وعلى مدار ساعات النهار المتفرقة، فأين يذهب بأولاده، يحبسهم في غرفتهم الخاصة أم يتركهم يتابعون معه ويكثرون التساؤلات؟ والمهم كيف ستكون الإجابات، وهل سيكون قادراً على عدم إقحامهم في الأحداث السياسية كما ينصحه علم النفس؟.
أبعده عن السياسة
في ظل الأحداث التي تمر بها البلدان العربية، تذكر المخرج السعودي خالد الطخيم، عبر إحدى القنوات صوراً لأطفال يبكون وسط أسر فقيرة، فطرح عليه ابنه نفجان ذو السنوات الثماني العديد من الأسئلة حول تلك المشاهد، يومها حاول أن يجيبه بحذر بعيداً عن الدخول في الأمور السياسية، وقد تعوّد خالد أن يغذي عقول أبنائه بسيديات (miking off) تصنع الخدع؛ حتى لا يتأثروا كثيراً بمشاهد العنف التي يشاهدونها.
الحذر ضروري
الإعلامي المغربي محمد بوسيف تكشف له أن ابنه خليل (10 سنوات) أصبح خبيرا في متابعة كل الأخبار مند اندلاع الثورة في مصر، واليوم يركز على أحداث ليبيا، فتعامل معه بحكمة ووضعه في الصورة الحقيقية دون تهويل؛ حتى لا يصاب بالرعب، وتابع: «علينا كآباء أن نبقى يقظين وننظم ساعات الفرجة على التلفزيون، وألا تطغى على أحاديثنا السياسة، وعادة ما أتفادى ترك أولادي لساعات طوال لتتبع الأخبار، لكن فتح حوار دائم مع الأطفال، هو الوسيلة الأنجح لنترك لهم مجالا للتفكير بتوازن».
أطفالي تعاطفوا كثيرا مع المحتجين
الممثل الأردني حسين طبيشات، فوجئ باهتمام أولاده عندما اندلعت احتجاجات تونس ثم مصر وليبيا خاصة، وأنه لا يشاهد هذه الأيام سوى القنوات الإخبارية، في البداية ظنوا أن المحتجين فلسطينيون معارضون للاحتلال الإسرائيلي فأوضح لهم الأمر، ثم سألوه: لماذا يريدون إبعاد رئيسهم؟ فرد عليهم: «لأنهم يريدون رؤساء عادلين لا تهمهم سوى مصلحة شعوبهم»، يعلق حسين: «أطفالنا اليوم أنضج منا حين كنا أطفالا بالأمس».
أعتقدها أفلاماً تلفزيونية
من الواجب توعية الأطفال بكل ما يدور حولهم في العالم، هذا كان رأي الفنان السوري ميلاد يوسف، الذي كان يتابع كغيره من الناس كل الأحداث، فكيف يمنع طفليه ماركس وفيديل اللذين لم يتجاوزا العاشرة من المتابعة، فالأكبر فيديل أحاطه بوابل من الأسئلة عندما شاهد الضرب والهتافات والبكاء، يستدرك ميلاد: «عقله كطفل لا يحتمل أن ندخله في دوامة وواقع ما يجري، وعندما يكبر سيعلم أنني قدمت له الخلاصة بأسلوب سلس بسيط».
الرأي النفسي،
صورة سوداء
برأي الدكتور السعودي أحمد الحريري، باحث في الشؤون النفسية والاجتماعية، أنّ المعدل الوسطي مما يشاهده الطفل من أحداث العنف المصورة في التلفزيون يبلغ (13000) حادثة قبل أن ينهي دراسته الثانوية، وهذا يجعله عدائياً محبطاً قلقاً والتأثير على سلوكه ونومه ومشاعر التسامح والرفق لديه، ويعطيه هذا النوع من العنف صورة سوداء عن العالم من حوله، وتبعاً للأحداث السياسية تتسابق القنوات الإخبارية لنقل أسوأ المناظر للتعبير عن مهنيتها؛ لذلك أوجه الآباء للتالي:
1- لا تجعل ابنك يشاركك الأخبار بما فيها من أحداث وصور مؤسفة.
2- إذا وقعت عيناه على مشاهد إخبارية سيئة فحاول صرف متابعته.
3- إذا تحدث ابنك عن مشاهد سيئة رآها في التلفزيون فلا تستخف بتعليقاته.
4- إذا استمر في السؤال فاشرح له الموضوع ببساطة، وكأنك تحكي قصة واقعية.
5- إذا أصر على طرح الأسئلة فيجب أن تغير في البيئة التي يعيش فيها.
6- تذكر أنه لا يجب إقحامه في الأحداث السياسية؛ لأنّها ستقتحمه عاجلاً أم آجلاً.
كما كشفت الدكتورة ابتهاج طلبة، استشارية الأطفال في القاهرة، أن الاكتئاب يصل إلى 2% عند الأطفال، و5% عند المراهقين، بسبب العوامل الاجتماعية والاقتصادية الصعبة، والسبيل الوحيد للعلاج هو الإرشاد في الأسرة والمدرسة.