هذه القصة بالتحديد، قد تثبت لنا أن معظم أحكامنا ومعارفنا السابقة قد تكون خاطئة، وأن الله خلق الإنسان بقدرات كبيرة، وأودع فيه هبات تنتظر فقط من يتمكن من استغلالها، ويعرف الطريق الصحيح لإخراجها من بواطن الباطن في النفس البشرية، والطفل جايكوب بارنيت، هو خير مثال على ذلك.
جايكوب بارنيت هو طفل أمريكي، أو الأصح نقول إنه طفل عبقري أمريكي، ولد في 26 أيار/ مايو من العام 1998، بعمر العامين، شخّص الأطباء جايكوب بأنه مصاب بحالة من التوحد، ستمنعه من القدرة على القراءة والكتابة، وحتى أصغر الأعمال اليومية مثل ربط الحذاء، أو الشرب، والأكل، وغيرها، فعلى الرغم من إشراكه بمدارس مختصة بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدد الخبراء الكثير الذين حاولوا التعامل مع حالته، بدون أي نتيجة، إلا أن والدته رأت الأمر من منظور آخر، وجايكوب نفسه كسر جميع التوقعات.
بدأت «كريستين»، والدة جايكوب، بتدريسه بنفسها، وابتكرت طرقها الخاصة في تعليمه والتعامل معه ومع حالته الخاصة، وحين اكتشفت حبه للرياضيات والعلوم، ركزت بشكل خاص على هذا الجانب، ما جعله يتحدث لأول مرة في حياته، إلا أن الصدمة تعدت ذلك، حيث كشف جايكوب عن جانبه العبقري للغاية، وفاجأ العالم بأسره؛ عندما تمكن في سن الثالثة من إتقان الحديث بأربع لغات مختلفة، والإجابة عن أسئلة معقدة جدًا في الفيزياء، رغم أن أحدًا لم يدرس له هذه المادة.
في سنّ الثامنة، دعته جامعة «إنديانا - بوردو إنديانابوليس» لحضور محاضرة فيزياء، ثم دعته للتسجيل فيها؛ ليكون طالبًا جامعيًا، وحتى يتمكن من ذلك؛ أنجز بأقل من عامين دراسة المناهج المدرسية المطلوبة للصفوف من السادس إلى الثاني عشر، وتفوق بها جميعاً، وفي عمر العاشرة كان طالبًا جامعيًا بشكل رسمي، وتمكن في عمر الثالثة عشرة من أن يكون ضمن الفيزيائيين الذين تنشر أبحاثهم في أهم المواقع والمجلات العلمية.
هذا الفتى «النابغة» لا يتوقف عن التفوق، ففي الخامسة عشرة حصل على درجة الماجستير، وها هو الآن يحضر لتقديم شهادة الدكتوراه بـ«فيزياء الكمّ» في معهد بريمتر الذي يعد من أهم المراكز العلمية، وتخرج فيه الكثير من العلماء والمفكرين في هذا المجال، ومنهم الفيزيائي الشهير «ستيفن هوكينغ»، إلا أن حكاية جايكوب لم تنتهِ بعد، وربما تكون بدأت مرة أخرى من جديد.
أبحاث ودراسات جايكوب، خاصة تلك التي انتشرت مؤخراً، جعلت الشائعات تتداول بكثرة بين أوساط العلماء، بأنه سوف يفوز قريباً بجائزة نوبل، إضافة إلى أنه يحاول حالياً أن يدحض «النظرية النسبية» لألبرت أينشتاين، حيث صنفه الكثيرون بأنه وعلى الرغم من عمره الذي لم يتجاوز بعد العشرين عاماً، بأنه أكثر ذكاءً وعبقرية من أسطورة الفيزياء الألماني أينشتاين.
ومن أقوال جايكوب الشهيرة: «لا أشعر أنه من الممكن أن أقول لكم أين سأكون بعد 50 عاماً، ولا بعد عشرة أعوام، أو حتى خمسة، هذه فترات من الوقت لم أعشها بما فيه الكفاية حتى أستطيع تقديرها. فمنذ عشر سنوات كنت في الصف الثالث، بسبب التوحد، وبدأت للتو في التواصل مع العالم، كان من المستحيل توقع أنني سأكون طالب دراسات عليا في الفيزياء الآن».
أما عن إصابته بالتوحد، فقال جايكوب بإحدى المقابلات التي أجريت معه في سن الخامسة عشرة، «أنا سعيد جداً بالتوحد، لو لم أكن مصاباً به، ما كنت لأكون في هذا المكان الآن، التوحد هو طريقتي في التفكير، وطريقتي لرؤية العالم، وبسببه أنا قادر على القيام بما أنا قادر على القيام به بصورة أفضل».
الطفل المعجزة.. هل فعلاً سيتغلب على أينشتاين؟
- قصص ملهمة
- سيدتي - محمد المعايطة
- 07 فبراير 2018