التجديد في أساليب العلاقة الحميمة في الإطار المسموح به دينياً يضفي الكثير من الحيوية، والتحفيز على العلاقة الزوجية بكل أشكالها، بشرط أن يكون بالرضا والتوافق بين الزوجين، وبعيداً عن المجاملات؛ لإرضاء أحد طرفي العلاقة على حساب الآخر.
وقد يكون مجرد تجديد الحوار الحميم، أو حتى زيادة جرعة المداعبة قبل الجماع بين الزوجين أكثر فاعلية في تعميق المشاعر الإيجابية، وتحفيز الرغبة الحميمة بصورة مؤثرة أكثر من أغلى أنواع الهدايا المادية بين الزوج وزوجته.
والحقيقة التي يجب أن يدركها كل المتزوجين أنه لا يوجد عمر افتراضي للعلاقة الحميمة، مهما تقدم بهما العمر أو طالت مدة الرباط الزواجي المقدس.
الحالة:
السيدة أم راكان تبلغ من العمر 54 عاماً، متزوجة منذ أكثر من 36 سنة، ولديها العديد من الأبناء والأحفاد، تقول إنها قرأت في أحد مواقع الإنترنت إعلاناً عن دواء معين تتناوله النساء في مرحلة ما بعد الخمسين، ويعمل على إحياء الرغبة الجنسية، ويجعل المنطقة الحساسة الخاصة تصبح مثل فتاة في العشرين من العمر. تقول إنها أعجبت تماماً بالفكرة، وقررت أن تناقش الموضوع مع زوجها و«ياليتني لم أفعل»، فبمجرد ما فتحت الموضوع معه بدأ في السخرية مني، واتهامي بأمور أخجل من أن أتحدث عنها، الأمر الذي جعلني أبتعد عنه تماماً عاطفياً أو حتى جسدياً، ولكن لا أستطيع أن أتحمل هذه العلاقة الباردة بدون أي مشاعر أو حوار.
وبدأت أتساءل: هل حان الوقت؛ لكي أعتزل دوري الحميم، وأصبح فقط مجرد ربة بيت وأم، وأتفرغ لتلبية طلبات زوجي الجسدية؟ وإن كان الأمر كذلك فكيف يمكنني التخلص من الأحاسيس والمشاعر الحميمة والرغبة لديّ؟
أعرف أنني تحدثت بجرأة. أنا نفسي أستغرب منها ولكن فعلاً أحتاج لمن يفهم معاناتي، ويساعدني على الحل دون أن يتهمني بأنني جريئة أو غير محترمة في عرض مشكلتي؛ لذلك لجأت إليكم لعلني أجد الحل.
الاجابة:
السيدة الفاضلة أم راكان: أهنئك على شجاعتك في عرض مشكلة تعاني منها نسبة غير بسيطة من الزوجات، واللاتي يفضلن عدم التحدث عنها، وتحمل المعاناة بصمت على احتمال التعرض؛ لما قد يؤذي مشاعرهن، وقد تصل الأمور إلى درجة الإصابة بالأعراض الجسمية ذات المنشأ النفسي، مثل اضطرابات القولون العصبي والصداع المزمن، ونحوه من أمراض يكون السبب الخفي وراءها عدم التوافق الجنسي بخاصة في المراحل المتقدمة من الزواج، وبعد أن يكبر الأبناء، الحقيقة العلمية تؤكد أن الزوجة تستطيع أن تستمتع وتتمتع في العلاقة الحميمة في كل مراحل الحياة، وتعتبر العلاقة الحميمة حقاً من حقوقها، والتي لا يجب أن تتوقف عند انقطاع الخصوبة، وهذه المرحلة تحتاج إلى التواصل المشترك بين الزوجين، وعدم السماح للفتور العاطفي والتأثير السلبي لبعض المعتقدات الخاطئة المتعلقة بالعلاقة الجنسية بأن تؤثر على متانة الحياة الزوجية.
الموضوع الأول الذي أود أن ألفت انتباه الزوجات اللاتي يعانين من مثل هذه المشكلة: يجب أن نفرق بين القدرة على الممارسة الحميمة، والتي يمكن أن تحصل في أي مرحلة من مراحل العمر، وحتى بعد انقطاع الخصوبة (ما كان يعرف سابقاً بمرحلة سن اليأس)، وبين القدرة على الإنجاب، والتي تقل تدريجياً مع التقدم في العمر، وتنقطع عند توقف الطمث نهائياً، حيث لا يعود هناك وجود لأي بويضات في المبيض عند المرأة، وعادة ما تكون في الخمسينات من العمر (تختلف من سيدة إلى أخرى).
الموضوع الثاني: يتعلق بخطورة استخدام أدوية يروج لها على أنها منشطات جنسية للنساء، بدون استشارة الطبيب المختص؛ لمعرفة السبب وراء المشكلة، وبالتالي إعطاء الوصفة المناسبة لعلاج الحالة.
انتشرت في السنوات الأخيرة العديد من الدعايات لأدوية من هذا النوع، ويجب أن أوضح أن هذه الأدوية تساعد على علاج الخلل الناتج عن أمراض معينة تؤدي للضعف الجنسي، ولكنها لا تفيد الأشخاص العاديين؛ اعتقاداً منهم بأنها قد تجعلهم
«سوبر» من ناحية الممارسة الجنسية، وللأسف قد تستعمل هذه العقاقير بناء على نصيحة الصيدلي، من دون التأكد من مدى ملاءمتها لكل حالة على حدة.
الموضوع الثالث: خاص بالأزواج، وهنا أهمس في أذن كل زوج: ألا تريد أن تضفي حيوية، وإثارة على حياتك الجنسية مع زوجتك؟
الأمر ممكن وليس صعباً، أو مستحيلاً، وحتى تحقق ذلك الحلم الذي يراود معظم الرجال حتى بعد مرور سنوات على الزواج، أول ما يجب عليك عمله هو التواصل والحوار الحميم مع الزوجة، ولتعملا معاً على كسر الروتين في غرف النوم الباردة، والتي تحتاج إلى صيانة المشاعر، الأمر الذي يساعد على تنشيط الحيوية الجنسية بينكما؛ لتنعما بعلاقة جنسية حيوية ومشبعة لكما معاً.
يمكن أن تلاحظ الفرق إذا ما حاولت أن تترك للزوجة فترة أطول أثناء مرحلة المداعبة، شاركها الأحاسيس، اطلب منها أن تبدأ هي اللقاء الحميم الناعم، اشكرها على محاولاتها، وتأكد أنك ستكون «الرابح الأكبر»، حين تجد أن عطاء الزوجة أثناء العلاقة الحميمة أكبر بكثير؛ مما تعودت عليه.
نصيحة:
العلاقة الحميمة تحتاج للصيانة الدورية من الزوجين، والاهتمام بعناصرها الثلاثة:
الجسدية، العاطفية، والنفسية؛ حتى لا تصبح مثل الورود المجففة «شكل بلا رائحة أو طعم أو لون».