يعد الهوس الجنسي عند بعض الأزواج حالة مرضية، تظهر آثارها السلبية على الزوجة في معظم الحالات، وقد تكون ضمن أخطر الأسباب المؤدية إلى الطلاق. وقد لا يدرك الزوج ولا حتى الزوجة أن مثل هذه الحالات يمكن علاجها، وتجنب هذا القدر الهائل من المعاناة الصامتة للزوجة، أو تعريض استقرار الأسرة للخطر إذا لم يتم تشخيص المشكلة وبالتالي علاجها.
الحالة:
السيدة أم خالد تقول: أرجو أن تدلوني على الحل العاجل لمشكلتي، والتي لم أعد أستطيع أن أتحملها. أنا شابة في الثامنة والعشرين من العمر، متزوجة منذ عامين، ولدي طفل لم يكمل العام الأول من عمره. مشكلتي يصعب أن أبوح بها لأي أحد، خاصة وبعد أن صدمتني إحدى صديقاتي المقربات جداً حين أخبرتها عن حجم معاناتي عندما قالت لي «احمدي ربك إنه لم يخنك». أدركت حينها أنني يجب أن أستشير مختصاً في هذه الأمر.
الموضوع يكمن في أنني متزوجة من شخص قريبي، يكبرني بنحو 4 سنوات، ولا ينقصه شيء من وجهة نظر كل من يعرفه، والحقيقة عكس ذلك؛ فزوجي «مدمن أفلام جنس»، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، وإنما يطلب مني في أي وقت يشاء أن أشاركه المشاهدة والتطبيق لكل ما نشاهده، أنا لم أعد أتحمل هذا السلوك، بل بدأت أشعر بالقرف من الجنس على الرغم من أنني والحمد لله لا أعاني من أي اضطرابات جسدية أو جنسية أو حتى نفسية. تحدثت مع زوجي وطلبت منه أن يحاول الانتباه إلينا أنا وابنه، وأن يغير أسلوب حياته، ولكنه فاجأني بقوله «أنا مبسوط كده، ولا يمكن أن أتخلص من نعمة أعطاني إياها ربي، هناك كثيرون يحسدونني على ذلك، حتى من أقرب أصدقائي»، حينها عرفت أنه يطلع أصحابه على أدق خصوصياتنا الزوجية، الشيء الذي زاد من ألمي. والذي زاد أكثر بعد اكتشافي أنه لا يكتفي بالعلاقة معي، وإنما يمارس العادة السرية أيضاً، وكأنني لست أنثى.
دكتورة أرجوك أن تساعديني، هل زوجي فعلاً...؟ وهل يوجد علاج؟
الإجابة:
شكراً على أنك فتحت أحد الأبواب المغلقة، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى انهيار علاقة الزواج، وحدوث الطلاق دون أن يلتفت أحد إلى السبب الحقيقي وراء ذلك، وإلى تقديم العلاج والمساعدة للشخص المعني؛ مما يجعل احتمالية تكرار المأساة في الزواج التالي أمراً محتملاً. المشكلة تدخل ضمن نطاق ما يعرف بالإدمان على
الأفلام والمواد الإباحية.
(Pornography addiction)
في دراسة علمية على عينة من الرجال «شملت 340 حالة» الذين راجعوا إحدى عيادات الاضطرابات الجنسية ويعانون من الهوس الجنسي، وجد أن أكثر من 94% منهم تعرضوا لمشاهدة الأفلام الجنسية في مرحلة الطفولة المتأخرة؛ ما جعلهم يستخدمون العادة السرية بكثرة، بالإضافة إلى العلاقة الجنسية مع زوجاتهم.
المشكلة أن بعض الحالات لا تعرف أن هذه الحالة مرضية، وتحتاج إلى علاج، خاصة في هذا الوقت الذي أصبح الكثير من الأشخاص مشغولين بالقدرة الجنسية، وعدد المرات، وغيرها من الأمور التي يتم عرضها على هذه الأفلام والوسائل الإباحية، والتي أصبحت مصدر التثقيف الخاطئ للكثير من الشباب والشابات. وهو ما يشكل خطورة على تقبل إذا لم يتم تقديم العلاج المتخصص لهذه الحالة.
ويشتمل العلاج على عدة مراحل منها:
1- المرحلة الأولى تشمل عقد اتفاق بين الزوج وزوجته للمشاركة في البرنامج العلاجي، بدون أي أسرار.
2- التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية والتخلص مما هو موجود لديهما، مع التأكيد على المصارحة التامة والتوقف عن لوم الآخر.
3- الحصول على التاريخ الدقيق للحالة من الزوج مع التركيز على العوامل السلبية، مثل: التعرض للتحرش الجنسي في مرحلة الطفولة، أو مشاهدة الوالدين في الوضعية الحميمة وهو في عمر صغير، ومعرفة تفاصيل المشاعر المرتبطة بمثل هذه الممارسات السلبية عليه.
4- وضع توقيت وتاريخ محدد للتوقف النهائي عن ممارسة العادة السرية من قبل الزوج. مع تعزيز العلاقة الجنسية السوية مع الزوجة بالمعدل المناسب لعمرهما وحالتهما الاجتماعية والصحية، بحيث لا تزيد على 3 مرات أسبوعياً، على أن لا تكون هناك أي إثارة خارجية من صور أو أفلام أو نحوه، والاستعاضة عن ذلك بزيادة فترة المداعبة الحميمة بينهما.
5- عمل جلسات المساعدة على التخلص من تراكمات المشاعر السلبية، التي تؤثر على الزواج مع الاهتمام بجلسات الاسترخاء للزوجين.
6- إذا حدثت انتكاسة، وهو أمر وارد الحدوث، يجب دراسة الأسباب التي أدت إلى ذلك دون استخدام أساليب التوبيخ أو إثارة الشعور بالخجل وتأنيب الضمير لديه.
7- تسجيل الفانتازيا الجنسية للزوج، ومناقشتها مع الزوجين؛ لمعرفة السليم منها واستبعاد السلبي من هذه الفانتازيا الجنسية دون أي سخرية أو تحقير للشخص.
8- تعزيز الجوانب الإيجابية الأخرى للعلاقة الزوجية مثل: الاهتمام بالهوايات والرياضة البدنية، وتعزيز المهارات الشخصية للفرد وأيضاً للزوجين.
9- تدريب الزوجين على الاستمتاع بالعلاقة الجنسية السوية، وتعويدهما على الاستمتاع بالفترة التي تعرف بمرحلة الاسترخاء بعد الجماع.
نصيحة:
الأفلام الإباحية لها من الآثار السلبية الخطيرة والمدمرة على العلاقات الجنسية الحلال ما يجعلها غير آمنة لأي إنسان يرغب في الاستقرار النفسي والرضا العاطفي، وهما الوجهان الحقيقيان للرضا الجنسي، والحقيقة العلمية تقول إن مثل هذه الأفلام لا تؤتمن؛ لأن تكون مصدراً لأي ثقافة جنسية للشباب.