لا شيء يمكنه أن يقف في طريق إرادة الإنسان، مهما كانت ظروفه صعبة أو حتى قد يراها البعض بأنها مستحيلة، فالإرادة الصلبة، التي تحمل الطموح وأحلام النجاح في المستقبل، تظل أقوى وأشد إصراراً من أي معيقات، والتاريخ لطالما أثبت لنا هذا الأمر بالعديد من قصص النجاح لأشخاص الذين تحدوا جميع الصعوبات ووصلوا إلى أهدافهم، ولن تنتهي هذه القصص المُلهمة للجميع أبداً، حيث لا تزال تُكتب في الحاضر، وسيكتب الكثير منها في المستقبل.
وقصتنا هنا من دولة باكستان، مع شاب قد يعتبره الكثيرون بأنه غيد قادر على إنجاز الكثير في حياته، أو حتى أصغر أموره اليومية، وذلك بسبب حالته الصحية، فالشاب الباكستاني المسلم "يوسف سليم"، فاقد للبصر تماماً، لكنه وعلى الرغم من ذلك، تمكن من النجاح وتحقيق حلمه الذي لطالما عاش معه، ليتم خلال الأيام الأخيرة الماضية تعينه "قاضياً مدنياً"، وليصبح أول قاضٍ مدني في تاريخ البلاد بأكمله يكون فاقد للبصر، لكن "يوسف سليم" وبكل تأكيد ليس فاقداً للبصيرة على الإطلاق.
ووفق عدد من وسائل الإعلام المختلفة حول العالم، فقد أدى "يوسف سليم" اليمين الدستوري مؤخراً، بعد أن تمكن من التفوق على جميع الأشخاص الذين نافسوه على هذه الوظيفة، التي كان قد تقدم لها أكثر من 6 آلاف و500 شخص، تم اختيار 21 شخصاً فقط ليخوضوا المنافسات الأخيرة والحاسمة منها، حيث تمكن "سليم"من الفوز بها عن جدارة واستحقاق، ونجح بأن يكون أول قاضٍ فاقد للبصر في تاريخ باكستان، وذلك بعد أن تخطى جميع الإمتحانات المكتوبة، بالإضافة إلى اجتيازه ما تبقى من اختبارات أخرى، كان من بينها المعاينة النفسية، حتى يحظى بهذه الوظيفة.
ولا يعد تفوق الشاب الباكستاني "يوسف سليم"، تفوقاً طارئاً، أو مصادفة قادته ليكون قاضياً مدنياً، فهو كان قد نال "ميدالية ذهبية" في تخصص القانون خلال تخرُّجه من جامعة "البنجاب" في مدينة "لاهور" في العام 2014، وكان قد سبق له وأن مارس مهنة القانون طوال عامين كاملين، قبل أن يتقدم بطلب ليصبح قاضياً مدنياً، وينجح في تحقيق حلمه القديم.
وحول الآلية التي ينجز بها "سليم" عمله، لا سيما الأعمال الورقة التي تحتاج إلى قراءة، فهو يقوم باستخدام برنامج قراءة عبر الشاشة، يُمَكِّنُه هذا البرنامج من الإستماع لما يُكتب على الشاشة من نصوص عن طريق التعليقات الصوتية، وبهذه الطريقة، يتمكن من معرفة ما يوجد في ملفات القضايا، أما بما يخص نجاحه في نيل الوظيفة، يقول الشاب الباكستاني بنبرة يملأها الفخر خلال لقاء أجرته وسائل الإعلام معه: "قبولي يعد علامة فارقة بالتأكيد"، ويرى "سليم" ذلك لكونه أول شخص فاقد للبصر في تاريخ دولة باكستان، يعمل قاضياً مدنياً، في حين أشار إلى ضرورة توخي الحذر بشأن التحدي الذي ينتظره والمسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتقه.