لكل إنسان شخصية خاصة تجعله مختلفًا عن غيره، وتعد علامة فارقة تميزه من حيث السلوكيات وتقبّل المواقف، إلا أنّ تفرّد البعض بهذه الشخصيات المختلفة، لا يصبّ دائمًا في مصلحتهم الاجتماعية ولا حتى الفردية، ويحاولون جاهدين التخلص من هذه الشخصية التي باتت ملازمة لهم، وجزءًا لا يتجزأ منهم. وقد يتساءل الفرد منهم: كيف أغير شخصيتي؟
ومن هذه الشخصيات المكتسبة: الشخصية القوية، والمتسلطة، والخجولة، والمتمردة، والضعيفة، والنرجسية، والرومانسية، والعصبية، وغيرها، ولعل أكثر أنواع الشخصيات شيوعًا، هي "الشخصية الحساسة"، وهي عادة تكون لدى الإناث أكثر منها لدى الذكور، وتعد من الشخصيات التي تتميز بسمات خاصة، لكنها أيضًا تضم بعض السلبيات التي تؤثر على صاحبها.
وقبل أن نسرد بعض سلبيات الشخصية الحساسة، والإجابة على تساؤل: كيف أغير شخصيتي الحساسة؟، لا بد لنا من أن نتعرف على ماهيتها وما المقصود منها.
الشخصية الحساسة:
هي عبارة عن مشاعر مبالغ فيها تجاه بعض الأشخاص أو الأحداث، وأصحاب هذه الشخصية سريعو الغضب، وأكثر عرضة للاكتئاب وحالات الحزن الشديد بسبب سوء الظن ومحاولة فهم كل تصرفات وأفعال الغير بشكل خاطئ، ومبالغ فيه؛ الأمر الذي يصعّب من تواصله مع الآخرين نتيجة انفعالاته الزائدة وفهمه الخاطئ للمواضيع.
لكن في المقابل؛ فإنّ هذه الشخصية تمثل الرقة والأحاسيس المرهفة الجيّاشة لدى صاحبها، وهي تميل للعاطفة بشكلٍ كبير ولافت، كما أنها محببة لدى الآخرين إلا إذا زادت عن حدّها، وتسببت بانغلاق صاحبها على نفسه وعزلته عن الآخرين، أما في علم النفس فهي تعتبر شخصية عقلانية تتلقى المعلومات بعد مرورها عبر الحواس الخمس.
مميزات الشخصية الحساسة:
للشخصية الحساسة ميزات خاصة تميّزها عن غيرها من الشخصيات؛ فصاحبها يفكر بعمق، ويركز على التفاصيل، ويحتاج لوقت طويل حتى يتخذ القرار المناسب، كما أنه يتأثر من القرارات السلبية، ولا يتقبل النقد، إلا أنه يتسم بقدرة عالية على العمل ضمن فريق، وأيضًا فالشخص الحساس معظم قراراته تعتمد على عواطفه وأحاسيسه لا على عقله مثلًا أو على شواهد واضحة، وهو يعطي أهمية كبيرة للحاجات الإنسانية ويشعر بالآخرين دائمًا؛ فتراه يتأثر بمشاعر من حوله، ويقدم مصلحة الآخرين على مصلحته، والحساس يكون حريصًا دائمًا على الحفاظ على علاقاته الاجتماعية.
إيجابيات الشخصية الحساسة:
لا شك أنّ الإنسان الحساس يتمتع بإيجابيات جمة، من أهمها:
1- أنّ الشخص الحساس شخص واقعي يلاحظ أدق التفاصيل ويتبع عقله.
2- هو شخص موضوعي يتمتع بالموضوعية والحيادية في مواقفه في الكثير من الأمور.
3- يهتم كثيرًا بالتجارب الماضية ويدقق فيها ويتعلم منها، ويحاول ألا يكرر أخطاءه نفسها.
4- الشخص الحساس شخص يستمتع بالوقت الحاضر؛ فلا يشغله الماضي ولا يهمه المستقبل كثيرًا.
5- هو شخص يحب الصدق ويؤمن بأهميته، ويحب إظهار الحقيقة دائمًا.
6- لديه قدرة كبيرة على الإحساس بمشاعر الآخرين وتقدير معاناتهم؛ لذا يعد مستشارًا جيدًا لمن حوله.
7- يمتلك الحساس طاقة إبداعية كبيرة في مختلف أشكال الفنون وفروع الأدب؛ "شعرًا ونثرًا"؛ لذلك نجد أنّ أكثر الشعراء والأدباء من نوع الشخصية الحساسة.
8- الشخص الحساس شخص صاحب أذن موسيقية، وصاحب ذوق عالٍ في اللبس والأكل.
ورغم كل إيجابيات هذه الشخصية، يجب ألا نغفل عن ذكر سلبياتها:
1- التأثر بآراء الآخرين، وهذا ما يولّد أحيانًا الانطوائية والانزواء.
2- الاستجابة للمحفّزات الخارجية بطريقة مبالغ فيها؛ مما قد يولّد شخصية عصبية.
3- الشعور بالتوتر من الموسيقى العالية والضجيج والاحتشاد الجماهيري.
4- يشعر الشخص الحساس بالذنب طوال الوقت؛ مما يجعله غير مرتاح باستمرار، وقد لا ينام عدة أيام بسبب هذا الشعور المزعج.
5- قد يقع الشخص الحساس في الوهم المرضي، أو قد يقع فريسة لمخاوف غير منطقية بسبب أعراض وأسباب تافهة.
6- يشعر الشخص الحساس في أوقات كثيرة بأنه ضحية؛ مما يجعله يشفق على نفسه ويرثي ذاته.
7- يفسر الحساس أقوال وأفعال الآخرين بطريقة خاطئة وبسوء نية.
8- ينفعل بسرعة على أي قول لا يعجبه من الآخرين ويتأثر به بسرعة، ولا يستطيع التحمل.
9- لا يحب الشخص الحساس أن يبين ضعفه، أو أن يشفق عليه أحد، ولا يحب أن يطلب مساعدة من أحد.
10- يتأثر الشخص الحساس بسرعة لأي موقف أيًّا كانت درجته، الأمر الذي يجعله كثير البكاء.
كيف أغير شخصيتي الحساسة؟
وبما أنّ الشخصية الحساسة لديها كمٌّ هائلٌ من السلبيات لا بد لصاحبها أن يسعى جاهدًا للتخلص منها، أو محاولة الحدّ من سلبياتها، ولعله قد يصل إلى ذلك من خلال اتباعه للإرشادات التالية:
1- تجنب الاندفاع وراء عواطفه، ومحاولة أن يفكر في ظاهر الكلام والمعاني الواضحة له، وأن يتوقف عن التفكير في المعاني الباطنية المخفية في الكلام؛ لأنها قد تكون مزعجة، ومحبطة، ومخيبة للآمال.
2- أن يحاول التوقف عن تفضيل الآخرين على نفسه، وتقديم مصلحتهم على مصلحته الشخصية.
3- يحاول جاهدًا ألا يتأثر كثيرًا بالمواقف بقدر الإمكان، ويسعى لأن يفكر بطريقة منطقية وعملية.
4- يجب عليه أن يتوقف عن التركيز في التفاصيل والتفكير فيها كثيرًا؛ خاصة التفاصيل المزعجة والمؤلمة.
5- يبتعد عن حاول سوء الظن بالناس، ويحاول أن ينسجم معهم بقدر الإمكان.
6- يحاول الاندماج مع الآخرين، ومن المهم أن يبحث عن طريقة للتعامل معهم بطريقة خالية من الحساسية الزائدة.
7- يجب أن يبتعد عن اتخاذ ردود أفعال مبالغ فيها، ويحاول التصرف بحكمة واتزان.
8- ليس من الخطأ أن يطلب المشورة والنصيحة من المقربين إليه إذا وقع في مشكلة ما.
9- يبتعد عن التركيز على ماضيه، ويحاول أن ينسى أية تجارب فاشلة قد مرّ بها من قبل.
10- من الضروري أن يثق الحساس في نفسه، ويعزز هذه الثقة، ويتعلم أن يعتذر إذا أخطأ.
11- لا بد له من مواجهة من يخطئ بحقه، ويتعلم أن يسامح الناس على أخطائهم.
وأخيرًا يجب على الشخصية الحساسة ألا يعتبر حساسيته عيبًا أو همًّا يثقل كاهله؛ بل إنّ أصحاب هذه الشخصية يملكون قلوبًا نقية، وأرواحًا شفافة، ومشاعر صادقة، لكنهم لا يستطيعون أحيانًا التغلب على ما يعتريهم من أحاسيس مختلفة، ولا يستطيعون السيطرة على عواطفهم؛ لذا هم بحاجة إلى من يفهمهم ويتقبل حساسيتهم ويمنحهم الكثير من الحب والاهتمام.