الدوخة أو الدوار من العوارض المزعجة التي تعمل على اختلال توازن الفرد. وهذه المشكلة من عدم التوازن يجب عدم الاستخفاف بها، وإليكِ في ما يلي أسباب ذلك:
للمحافظة على التوازن، يعمد الجسم دائمًا إلى تعديل وضعيّته، بفضل المعلومات التي يتلقاها بالتزامن من كل من العينين والأذنين والجلد، والأوتار والعضلات والدماغ. وإذا كان أيّ عنصر من هذا النظام مفقودًا، فإنّ التوازن لا يعود مؤكدًا، ويتخلخل ويؤدي إلى ظهور عدم الاستقرار والدوار، ويسبب في بعض الأحيان السقوط. ومع التقدم في السن فإنّ كل عنصر من عناصر هذا النظام، يمكن أن يتأثر، ويُترجم ذلك بالزيادة الراهنة في اضطرابات التوازن.
يجب عدم الخلط بين الدوخة أو الدوار وعدم الشعور بالراحة
إذا ظهر عدم الاستقرار المرتبط بالعمر بشكل تدريجي، فقد يظهر الدوار بشكل قوي، ويحتاج في بعض الأحيان إلى معالجته سريعًا. ويجب عدم الخلط بين الدوار وعدم الشعور بالراحة: يتميز الدوار بالشعور بأنّ البيئة المحيطة – مثل الأرض والسقف والأشياء – تدور أو تتأرجح أو تسقط. والدوار الشديد الحاد الذي يسبب الغثيان والقيء، وعدم قدرة الشخص على البقاء مستقيمًا، يجب معالجته فورًا لدى طبيب الأنف والأذن والحنجرة، أو في غرفة الطوارىء، وخصوصًا إذا رافق ذلك فقدان القدرة على السمع.
في حالة الدوار من الأفضل استشارة الطبيب
مشكلة الدوار الحقيقية، حتى وأن لم تستمر طويلًا، تبرر استشارة الطبيب من أجل تحديد السبب، وكذلك الأمر إذا استدعى الشعور بالدوار لأن يمسك الشخص بالأثاث، وتجنّب صعود الدرج، أو الحرمان من أنشطة معينة بسبب الخوف من السقوط. وسوف يقوم الطبيب بإجراء فحص كامل، لكي يستبعد أنّ السبب الحتمي هو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو الأمراض العصبية التي تسبب الخلل في التوازن، وكذلك: ضغط الدم المرتفع، والأنيميا، ومشاكل ألم المفاصل والاضطربات العصبية – الوعائية، والآثار غير المرغوبة لعلاجات معينة أو اضطرابات نفسية. فإذا لم يكن أيّ سبب من هذه الأسباب التي ذكرناها للتوّ هي السبب في الشعور بالدوار، فقد يوجه الطبيب تشخيصه إلى أصل طرفي يسبب عدم التوازن.
من أين تأتي الدوخة؟
العينان والأذنان تعطيان إشارات بصرية وسمعية حول البيئة المحيطة لتفادي العقبات أو تجاوزها. ويوفر الجزء الداخلي من الأذن إشارات لتوجيه الجسم ضمن المكان – في الفضاء - وتغيير الوضعية. وتوفر العضلات والأوتار، المعلومات حول ميل وملمس الأرض ووضع الأطراف، في كل لحظة تمر.
وعندما تكون إحدى هذه الإشارات مفقودة، فإنّ النظام بأكمله يتعرض إلى خلل في التوازن. وإذا لم يكن التحقيق كافيًا، فإنّ الاختصاصي يلجأ إلى التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير الطبقي لتحديد المشكلة.
وإذا كان من الممكن تحديد النظام الذي أصابه الخلل في الغالبية العظمى من حالات الإصابة بالدوار، إلا أنه ليس من الممكن دائمًا تحديد مكان المشكلة بالضبط، أو معرفة وفهم لماذا ظهرت المشكلة من الأساس. وفي مواجهة الشيخوخة، فإنّ نظام التوازن بأكمله يفقد فاعليته في بعض الأحيان.
قد يأتي الشعور بالدوار نتيجة التشوهات
لقد أصبح الآن من الممكن علاج متلازمة ماينور Minor's Syndrom – ويطلق عليها متلازمة تفرز الفتحة العلوية للنفيق الطبلي – والتي اكتُشفت في أواخر أعوام التسعينيات بالتدخل الجراحي غير المتوغل. وقد يكشف التصوير بعض التشوهات في القناة الهلالية العليا ، وكذلك تصحيح النواسير شبه الليمفاوية.
كما أنّ الصدمات القديمة في بعض الأحيان، مثل ضغط الأعصاب السمعية بواسطة الشرايين، والذي يمر عليه سنوات عدة قبل أن يعطل أداء الأذن، يمكن اكتشافها ومعالجتها بالتدخل الجراحي.
معالجة الحالة الطارئة، والمعالجة على المدى الطويل
حالات الدوار تتطلب في بعض الأحيان معالجة فورية للأعراض، قبل البحث عن السبب بالنسبة للمرضى الذين لا يستطيعون الوقوف ، أو عندما لا يمكن للطبيب دعم الفحوص المرتبطة بعدم التوازن. والقيء يجعل أيّ علاج عن طريق الفم غير مجدٍ، مثل الأدوية المضادة للدوار، أو المسكّنات، أو ضد القيء، وبالتالي يعطي الطبيب الأدوية عن طريق الوريد لتخفيف حدة الأزمة.
وحالما تنتهي الأزمة، يبدأ الطبيب باستكشاف الأنف والأذن والحنجرة للبحث عن السبب. في حين لا يمكن فتح هذه المتاهة لمراقبتها بشكل مباشر، إذ قد يحدث ضررًا لا يمكن إصلاحه. ومع ذلك يتوافر الآن العديد من أدوات الاستكشاف الوظيفية والتشريحية لتحديد أصل وموقع الدوار.
وقد يستغرق الأمر في بعض الأحيان أسابيع عدة لاستكشاف كل زوايا الأذن، للوصول إلى مركز الأعصاب السمعية لتحديد المنطقة المصابة، وكذلك الآليات المتعلقة. وفي بعض الحالات فإنّ فقدان التوازن قد يستجيب ببساطة لعلاج مضاد للالتهاب والعدوى، لتنظيم الضغط الأسموزي الداخلي، وفي حالات أخرى يتم تطبيق حلول أخرى.