"حتى وإن عادت عقارب الساعة إلى ما قبل وفاته، فلن أقدم اعتذاراً لوالدي!" هكذا وبكل شفافية وحزم، كشفت الفنانة شهد ياسين في حوارها مع "سيدتي" عن جرحٍ غائر لا يزال ينزف في أعماقها - وعلى إثر ذلك الجرح ـ استعصت دموعها على السقوط في يوم ميلادها، بعدما خطّ القدر وفاة والدها في اليوم نفسه .
ما سبب عدم احتفالك العام الفائت بعيد ميلادك كما جرت عليه العادة في الأعوام الماضية؟
لأنه في هذا اليوم تحديداً توفي والدي، وعلى إثر ذلك، قررت ألا أحتفل ثانيةً بعيد ميلادي. «سبحان الله» كأن القدر أراد أن يجعل من رحيله ذكرى تلازمني طوال حياتي، خصوصاً أنني كنت «ناسيته» على مدى سنوات مضت، ولم أشعر بوجوده قط، حين كان على قيد الحياة.
هذا لا يعني أنك لم تبكِ والدك في ليلة عيدك، أليس كذلك؟
بصراحة لم أبكِ عليه. لأن والدي لم يكن متواصلاً معي منذ انفصاله عن والدتي، بالإضافة إلى خلافي معه لثمانية أعوام تقريباً.
هل ندمتِ بعد ذلك على خلافك معه؟
لم أندم إطلاقاً، لأني كنتُ على حق.
لو عادت بك عقارب الزمن إلى ما قبل وفاة والدك، فهل كانت ستتغير نظرتك تجاهه؟
لا، لن يتغير شيء. ولم أكن لأعتذر منه.
لستُ مبذرة
لننتقل بالنقاش إلى موضوع آخر، فقد لاحظنا أنه من بعد تخفيض أجرك، باتت العروض تنهال عليك من جانب صنّاع الدراما بشكل مكثف، فهل كان أجرك في السابق مبالغاً فيه؟
بل بالعكس. كان أجراً مســــــــتحقاً، ولكن لا يخفى أن الساحة الدرامية في الخليج أضحت تواجه حالاً من التقشّف وشحّاً في الإنتاج خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى تنازل كثيرين من الفنانين عن جزء من أجورهم، وهذا أمر طبيعي جداً ولا يقلل من قيمة الفنان.
يقال إنك تنفقين الأموال ببذخ على الموضة والتجميل؟
هذا الكلام غير دقيق. فأنا لستُ مبذرة ـ كما يُشاع ـ لكني وفي الوقت نفسه لا أضنّ على نفسي بشراء الفساتين أو السفر، متى سنحت الفرصة.
كم من المال تنفقين يومياً؟
هذا يعتمد على أمور عدة، يطول شرحها حالياً، ولكن متوسط الإنفاق اليومي يلامس 1000 دولار تقريباً.
لاحظنا بعض التغييرات على ملامح بشرتك في الآونة الأخيرة، إذ بدوت أكثر جمالاً وتألقاً، فماذا فعلت أثناء زيارتك أخيراً لعيادة التجميل؟
إذا كنت تقصدين عمليات التجميل، فأنا لم أخضع لها في حياتي، عدا جراحة واحدة، أجريتها لإزالة «عظمة عريضة» في أنفي، ليس إلا، وبالمناسبة فإنني قبل إجراء تلك العملية عمدتُ إلى استشارة شيخ دين أولاً، وأخذت موافقته، إذ أجازها لي فوراً باعتبارها لا تندرج في خانة العمليات المحرمة. أما عن سبب زياراتي المتكررة لعيادات التجميل، فهي إما لإصلاح بعض العيوب في الأسنان أو لغرض تنظيف البشرة فقط، وغيرها من الأمـــــــــور التي لا يتدخل فيها مشرط طبيب التجميل، وأؤكد لك أنني «ما نفخت شفايفي» كغيري، ولم أغيّر في «خلقة الله».
لكن الفرق يبدو جلياً بين ملامحك خلال السنوات الماضية، وجمالك الآن؟
الفرق يكمن في نوعية الأدوار التي كنتُ أؤديها وقتذاك، خصوصاً في الأعمال التراثية أو غيرها، فكانت أحداثها تدور في حقبة زمنية ماضية، ويجري تصويرها وسط بيئة فقيرة. ودأبتُ في السابق على تجسيد شخصية الفتاة البســــــــيطة التي لا ترتدي الفساتين الأنيقة أو تضع «المايك آب»، وذلك لإتقان ملامح الشخصية في المسلسلات التراثية، لكن الأمر مختلف في الدراما ذات البيئة العصرية، لأنها تجيز لي استخدام مواد التجميل، بالإضافة إلى ارتداء ما يناسبني من ثياب وأكسسوارات، وغيرها.
يرى كثيرون أن إطلالتك المميزة، ساهمت في اختصار الشيء الكثير من مشوارك الفني، فماذا ترين أنتِ؟
أرى أن الجمال الخارجي يكون ناقصاً ما لم يصاحبه الجوهر الداخلي، فكلاهما يكمل الآخر، فلو لم تكن «نفسي خفيفة وروحي حلوة»، لما تقبّلني الناس وأحبتني الجماهير.
أيهما أفضل بالنسبة إليك، عرض المسلسلات الدرامية في شهر رمضان، أم في أوقات أخرى من السنة؟
أفضِّل عرض الأعمال الفنية على الشاشات الخليجية في الأشهر الأخرى، البعيدة عن «الازدحام الدرامي» الرهيب في رمضان، كي تحظى تلك الأعمال بنسبة مشاهدة عالية، ولا تُهدر قيمتها الفنية ومن ثم تضيع جهود الفنانين في مهب الرياح.
هل تعتقدين أن بعض الفضائيات العربية ساهمت في إنجاح أعمال فنية سطحية المضمون، على حساب أخرى ذات قيمة عالية؟
أوافقك تماماً، فهناك أعمال فنية تافهة، حظيت بنسبة مشاهدة مرتفعة، وصارت أعمالاً «ضاربة»، ليس لأنها جيدة أو ذات رسالة، بل لأن الحظ كان حليفها لعرضها على فضائيات مرموقة تمتلك شعبية واسعة، فيما أن بعض الأعمال الجيدة و«المتعوب عليها» تمر مرور الكرام من دون أن يأبه بها أحد، لا لشيء إلا لعرضها على قنوات مغمورة.
لا أجامل على حساب نفسي
ما نوعية الأدوار التي تستفز موهبتك، أو تشعرين بأنها أقرب إلى شخصيتك في الواقع؟
أنا أعشق الأدوار المركّبة، على غرار ما قدمته في مسلسل «ظل الياسمين» في العام 2008، بالإضافة إلى أدوار الشر كشخصيتي في مسلسل «نعم ولا»، ناهيك عن دوري في مسلسل «بين الماضي والحب» والقائمة طويلة. والحمد لله، ففي كل عمل أقدمه لا بد أن أضع من خلاله بصمتي الخاصة.
من وجهة نظرك، كيف تفسرين قبول البعض من النجوم بأدوار ثانوية وغير مؤثرة، وهل قبلتِ يوماً بأداء مثل هذه النوعية من الأدوار، كمجاملة منك إلى منتج أو مخرج ما؟
لا أجامل على حساب نفسي، فأنا أرفض «الأدوار المعلّبة» ولا أشارك في عمل فني ما لم أكن مقتنعة به مئة في المئة.
بعيداً عن دهاليز الفن وبلاتوهات التصوير، لماذا أنتِ قليلة الظهور في وسائل الإعلام؟
لأنني لا أحبذ الظهور الإعلامي المتكرر، من دون أن يكون بحوزتي عمل جديد، أتحدث عنه وأكشف تفاصيله.
لكن قد لا يوافقك البعض من الفنانين الرأي، خصوصاً ممن يتواصلون بشكل دائم مع الجماهير والمتابعين في «سناب شات» وغيره؟
حسابي في «سناب شات» يقتصر على الأهل والمقربين فقط. أما بالنسبة إلى الجماهير، فأنا أتواصل معهم من خلال الشاشة ووسائل الإعلام الأخرى.
ما السبب؟
في «السناب»، يختلط الحابل بالنابل وعدد كبير من الفنانين والمشاهير يكونون عُرضة للسب والشتائم والتجريح من جانب القلة من المتابعين، لذا فإنني أتجنب الخوض في سجال مع أحد، كي لا أضع نفسي في مرمى «المتطفلين». وبصراحة، أعتقد أن الحياة ستكون أجمل من دون مواقع التواصل، التي أفسدت الكثير من الأشياء، لعل أهمها انقطاع صلة الأرحام، بالإضافة إلى الانقطاع عن الكتابة باستخدام الورقة والقلم.
أريد زواجاً دائماً
سمعنا ـ والعهدة على الراوي ـ أنه لديك مولود ذكر، فما صحة هذا الكلام؟
الطفل الذي ترونه معي هو ليس ابني، بل ابن أختي.
منذ انفصالك عن زوجك السابق، لم تفكري في الزواج ثانية. هل من سبب؟
لأنني لا أريد الانفصال مرة أخرى، بل أريد زواجاً دائماً ويستمر إلى الأبد، وإذا لم تتوافر في الزوج الآتي مواصفات خاصة، فلن أتزوج ما حييت.
كم عدد «العرسان» الذين تقدموا لك هذا العام؟
ثلاثة «عرسان»، لكن لظروف متعددة لم يكتمل النصيب.
وماذا عن المواصفات التي تبحثين عنها في الرجل؟
أهمها أن يكون لديه قدر عالٍ من الأخلاق والطيبة والأدب، ولا يعنيني أن يكون ثرياً أو وسيماً.
هذا يعني أنك لا تمانعين الزواج من فقير؟
وإن يكن!
هل ستتكفلين بمصروفه الشخصي؟
لا طبعاً، ليس إلى هذا الحد. بل أفضّله أن يكون ميسور الحال «وقد المسؤولية»، وإذا تطلب الأمر مساعدة مني، سأتدخل على الفور.
كثيراً ما تعتزل الفنانة التمثيل إذا وجدت فارس أحلامها، وتكتفي بالمكوث في بيتها، فماذا عنك؟
لا أرى ضيراً في مواصلة التمثيل، فالوسط الفني لا يختلف عن الأوساط والمجالات الأخرى، فهو يحوي الجيد والرديء معاً، وهذه حال كل المؤسسات وفي كل الدول، فأنا فنانة محترمة و«سمعتي أنظف ما يكون»، لأنني لم أقُدم على «الغلط يوماً»، كما أعتبر الفن هو مصدر رزقي الوحيد، وعلى الزوج أن يفتخر بي، و«اللي ما يعدني راس مال... ما أعده فايدة».
الجمال لا يدوم
على ماذا اعتمدتِ طيلة السنوات الماضية للمحافظة على الاستمرارية في النجاح، وهل كان اهتمامك أكثر بجمالك وأناقتك، أم عبر تطوير موهبتك؟
الجمال لا يدوم، وهو قابل للزوال في أي لحظة، أما الموهبة الحقيقية ودماثة الخلق ومحبة الناس، فإنها هي التي تخلّد صاحبها، سواء كان فناناً أو شخصاً آخر. وأنا أعتمد على تطوير موهبتي بشكل دائم ومستمر، بالإضافة إلى انتقاء الأدوار التي تناسبني بدقة شديدة. والحمد لله، فأنا راضية عن نفسي تماماً.
يتساءل الكثيرون حول أصولك الحقيقية، خاصة أن ملامحك تشبه كثيراً ملامح النجمة البوليوودية إشواريا راي لدرجة أن البعض أصبح يشكك في هويتك العربية وينسبها إلى بلاد مختلفة؟
(ضاحكة) بالطبع لا أتحدر من أصول هندية، لكنني امرأة مركبة من خلطة أصول متنوعة، هي «كويتية وإيرانية وعراقية وبحرينية»، فلو مزجتِ هذه العناصر معاً لوجدتِ النتيجة: شهد ياسين.
أثارت تصريحاتك الأخيرة في «السوشيال ميديا» ثائرة البعض من المتابعين، خصوصاً حين ذكرتِ أنك عدتِ إلى التمثيل من أجل المال، فكيف تفسرين ذلك؟
للأسف الشديد، هناك من دأب على أن يجتزئ الكلام ويفبرك التصريحات لغرض إثارة البلبلة في مواقع «السوشيال ميديا». أنا لم أقل إن المال هو ما يشدني صوب الفن، وإنما قلت بالحرف الواحد إن عودتي إلى التمثيل كانت لأسباب عدة، من بينها الأجر، الحضور، والمشاركة مع الفنانين الكبار، إلى جانب أمور أخرى أشرت إليها مراراً في مقاطع فيديو متعددة، لكن البعض قاموا بتجزئة الفيديو وأخذوا منه المقطع الذي تطرقت فيه إلى الأجر المادي فقط، في حين تجاهلوا بقية المقاطع، التي توضّح مغزى كلامي.
ذكرتِ ذات يوم أنك بصدد تقديم أفضل أدوارك الفنية على الإطلاق في مسلسل بعنوان «ملاك الرحمة»، فمتى يبصر هذا العمل النور؟
المسلسل ذهب أدراج الرياح بعدما تأخر الكاتب عبدالمحسن الروضان في تسليم آخر 5 حلقات منه. لا أدري إذا كان العمل جاهزاً للتنفيذ أم لا، لكن الذي أعرفه أنني لم أُبلّغ حتى هذه اللحظة عن موعد التصوير.
ما سبب رفضك لأدوار كثيرة، كانت قد عُرضت عليك أخيراً؟
هناك أسباب عدة دفعتني إلى رفض هذه الأعمال، من بينها جرأة الدور المسند إليّ، بالإضافة إلى جرأة العمل ككل، إلى جانب بُعد مسافة مواقع التصوير في تلك الأعمال، حيث كان يتم تصوير البعض منها خارج الكويت، في حين كان يتحتم عليّ البقاء مع والدتي خلال فترة مرضها في المستشفى، قبل وفاتها رحمها الله. أيضاً، تلقيت عرضاً قبل أيام قليلة للمشاركة في مسلسل درامي، أجسّد فيه شخصية الدكتورة الطيبة، إلا أننا لم نتوصل إلى اتفاق نهائي حول الأجر المادي، وعلى إثر ذلك، اعتذرت عن عدم المشاركة في العمل.
بالرغم من هدوء ملامحك على الشاشة الصغيرة، إلا أننا نتلمس القوة في شخصيتك، فمن أين اكتسبتِ هذه الصفة؟
اكتسبتها من أمي، ومن المواقف العصيبة التي مررت بها في حياتي.
من وجهة نظرك، ما هي الفترة التي كانت تُمثّل ذروة مشوارك الفني؟
كانت بين 2005 و2011. أما بالنسبة إلى الزمن الجميل في الدراما الكويتية بشكل عام، فقد شهدت فترة الثمانينات والتسعينات ازدهاراً كبيراً في الحركة الفنية والمسرحية.
من هو المخرج الذي تشعرين بالراحة في العمل معه؟
لا شك أنه المخرج أحمد المقلة، فمشاركتي في أعماله غالباً ما تُكلّل بالنجاح.
لديّ عملان جديدان
ماذا في جعبتك من أعمال جديدة؟
لديّ عملان جديدان أعكف على تصويرهما حالياً، الأول بعنوان «موضي قطعة من ذهب» للكاتب الدكتور حمد الرومي ومن إخراج منير الزعبي، والعمل الثاني يجمعني مع الفنان عبدالعزيز المسلم وهو بعنوان «العاصفة».
نود التعرف على ملامح دورك في كليهما؟
أجسد في مسلسل «موضي قطعة من ذهب» دور الفتاة التي تكابد ظلم وجحود ذوي القربى، خصوصاً بعد وفاة والدتها، أما في مسلسل «العاصفة»، فأؤدي شخصية محامية تتلقى تهديدات من قبل بعض المجرمين والخارجين عن القانون، فتعيش حالاً من الذعر والهلع، الأمر الذي يقلب حياتها رأسها على عقب.
أنا متواضعة واجتماعية
أنتِ متهمة بالغرور والنرجسية، لكن يجمّلك البعض ويصفك بـ «الانطوائية»، فإلى أي الفريقين تنحازين أنتِ؟
لا هذا ولا ذاك، فأنا متواضعة والحمد لله، ومبدئي «من تواضع لله، رفعه»، كما أنني اجتماعية ولدي أصدقاء كثر. أحب الجميع ولا أكره أحداً.