التوحد هو اضطراب نمو- عصبي من أصل بيولوجي، يظهر في مرحلة الطفولة المبكّرة. والتوحد يشتمل على خصائص معرفية تختلف شدّتها للغاية، وتجتمع تحت المصطلح العام "اضطراب طيف التوحد".
والتوحد ليس اضطرابًا في السلوك، وليس مشكلة جسدية، ولا اضطرابًا في الشخصية. يولد الشخص بالتوحد بالطريقة ذاتها التي يأتي بها إلى العالم، ولديه أذنان كبيرتان أو صغيرتان.
كيف يتم التعبير عن التوحد أو كيف تتجلى مظاهره؟
تختلف مظاهر التوحد بشدّة، ليس من شخص إلى آخر فقط، ولكن أيضًا لدى الشخص ذاته. وتؤثر الصعوبات التي يواجهها الأشخاص المصابون بالتوحد على مجالات عدة، وخصوصًا تلك التي تستوجب الاتصال مع البيئة. وجميع الأشخاص المصابين بالتوحد يُظهرون الأعراض التالية:
• خصائص تتعلق بالتواصل والتفاعل الاجتماعي؛
• أنماط السلوك المتكررة (الصور النمطية، والألفاظ، والطقوس)، ومخزون محدود من الاهتمامات والخصائص في علاج الحواس العصبية؛
يتراوح مستوى ذكاء الأشخاص المصابين بـالتوحد، بين الذكاء المتفوق، والإعاقة الذهنية الشديدة.
ونظرًا للتجانس الكبير ضمن مجموعة الأشخاص المصابين باضطراب طيف التوحد ، فمن المنطقي التحدث عن مرض التوحد .
ما هي أسباب التوحد؟
لا توجد أسباب واضحة لغاية اليوم للإصابة بالتوحد، ولكنّ الأبحاث تزداد غنًى بالمعارف الجديدة كل يوم. ونعلم أنّ سبب التوحد هو شذوذ في النمو – العصبي. ويكون نمو الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالتوحد، والطريقة التي يتم بها تنظيم واتصال الخلايا العصبية غير طبيعيين. ويؤدي هذا الخلل في الدماغ إلى صعوبات في المجالات المختلفة للشخص المصاب. وتجري الأبحاث عن أسباب عدم التنظيم هذا، في مجال علم الوراثة (لقد وجد العديد من التشوهات في عدد من الجينات – العوامل الوراثية) مع (أو بدون) التفاعل مع البيئة. ويعني هذا القول أنّ عاملًا أو عوامل عدة من البيئة، يمكن أن تؤثر في حال وجود بعض التشوهات الوراثية، على نمو الدماغ.
وثمة سبب واضح جدًّا للتوحد، لم يتم اكتشافه سوى في حوالى 10 في المئة من الحالات: في الواقع هناك بعض الأشخاص الذين يعانون أمراضًا وراثية معروفة جدًّا (مثل متلازمة الكروموسوم إكس الهش ) ممّن يعانون التوحد أيضًا. والعوامل البيئية الأخرى المعروفة تشمل إصابة المرأة الحامل بالحصبة الألمانية خلال فترة الحمل، والتي قد تكون منشأ بعض حالات التوحد.
لا يصاب الطفل بالتوحد بعد الولادة، إنه يأتي إلى العالم وهو مصاب بهذا الاضطراب، ولا علاقة بالتعليم ونوعية العلاقة بين الأهل والطفل بالإصابة بالتوحد. كما تم دحض الصلة بين المطعوم الثلاثي (الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية MMR) والتوحد من الناحية العلمية.
هل يمكن الشفاء من التوحد؟
في الوضع الحالي للعلوم، لا يمكن الشفاء من التوحد. ومع ذلك يمكن تحقيق الكثير من التقدم بفضل الدعم المبكّر، والإدارة المتخصصة المناسبة لنوع "التعليم الاجتماعي – التربوي الممنهج"، بغضّ النظر عن سن ومستوى الشخص المصاب.
وبغضّ النظر عن السن، فإنَّ أيّ شخص مصاب بالتوحد يمكنه أن يتعلم، ولكن ليس بالطريقة نفسها التي يتعلم بها الأشخاص العاديون. ولهذا السبب يجب أن تكون طريقة التعليم مفصلة ومناسبة لكل شخص على حدة. وحيث إنّ مستوى الفهم ووتيرة التعلم والحاجات الفردية تختلف بشكل كبير، يجب أن تكون استراتيجيات التعليم مفصلة ومناسبة لكل شخص بمفرده. وبالإضافة إلى ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار المواهب والمهارات التي يتمتع بها كل شخص. وعلى الشخص المعني بالتعليم والتدريب، أن يكون قادرًا على إدراك ما هو المتوقع من الشخص المصاب بالتوحد، بالنظر إلى صعوبات التواصل، ومعالجة المعلومات، حيث يقتضي ذلك أن يكون الشخص المهني على مستوى مناسب من التدريب.
وحتى هذا اليوم لا يوجد أيّ علاج أو دواء لمعالجة التوحد. ولكنّ المظاهر السلوكية المختلفة التي ترافق التوحد بشكل متكرر (مثل اضطرابات النوم والمشاكل السلوكية الخطيرة)، يمكن تخفيف حدتها في بعض الحالات باللجوء إلى الأدوية.
وفي حين أنه لا يمكن الشفاء من التوحد، إلا أنه من الخطأ الإدعاء أنّ الأشخاص المصابين بالتوحد، لا يمكنهم التقدم والتطور بقدراتهم ومهاراتهم بشكل جيد. وحتى لو بقي الشخص يعاني التوحد، إلا أنه من الممكن تقليل أو تخفيض الإعاقة لديه بشكل كبير، من خلال البيئة التعليمية المناسبة. ولا يجب أن تحل العقاقير والأدوية مكان الإجراءات التعليمية على الإطلاق. والأشخاص المصابون بالتوحد لا يمكنهم التعلم تلقائيًّا وبشكل عفوي، ويجب تدريبهم وبشكل متكرر على جميع المفاهيم، ويجب مساعدتهم في عملية التعلم الخاصة بهم.