في الحوار الآتي نصه، يُحدِّثنا الدكتور أحمد إسماعيل عن عقم الرجال الثانوي، وأسبابه، وعلاجه، فضلًا عن تأثير العوامل الوراثيَّة في قدرة الرجال على الإنجاب.
*ما هو التعريف الطبِّي لعقم الرجل؟
-هي الحالة التي لا يستطيع فيها الرجل الإنجاب، بعد مرور ما يقرب من سنة على العلاقة الجنسيَّة الطبيعيَّة مع زوجته، العلاقة التي تتمُّ بواقع ثلاث إلى أربع مرَّات في الأسبوع، ويتبيَّن فيها خلال الفحص الأوَّلي بعد ستّة شهور من هذه المحاولات، أنَّ هنالك خللًا في الحيوانات المنويّة. وقد يكون الخلل بسيطًا، فتستمرُّ المحاولة ستَّة شهور أخرى، حتَّى تمرّ سنة كاملة من المحاولات، أو تقف عند ستَّة شهور لإجراء تدخُّل طبِّي وفق نتائج تحليل السائل المنويّ.
هنالك نوعان من العقم، هما: العقم الأوَّلي الذي يصعب أحيانًا علاجه، والعقم الثانوي، أي أنّ هنالك حَمْلًا قد تم سابقًا، أو قراءة سابقة لحيوانات منويَّة سليمة، لكنَّها تحوَّلت بعدها إلى عدم القدرة على الإنجاب، أو هنالك تحليلات سابقة كانت سليمة، وحدث فيها تغيُّر سلبي واضح في النتائج اللاحقة، إثر محاولات عدَّة من الإنجاب تزيد على السنة.
*ما هي أسباب العقم الثانوي القابلة للعلاج؟
-هنالك أسباب كثيرة للعقم الثانوي، منها: وجود عيب خَلْقي، أو خصية معلَّقة لدى الطفل في أوَّل الولادة، أو خصية ضامرة والثانية سليمة، أو الإصابة ببعض الأمراض مثل: النكاف، أو التعرُّض لحمَّى شديدة، أو لأنواع مُعيَّنة من الالتهابات، مثل: البلهارسيا. وأيضًا أمراض الفيروسات التي تُهاجم الخصية، والأمراض التناسليَّة (السيلان وغيره)، وبعض الأنواع من التهابات المثانة والمجاري البوليَّة إذا لم تعالَج بسرعة، وحمَّى الدول الآسيويَّة Tropical Diseases، أو الإصابة بتدرُّن، أو حصول إصابات وحوادث في منطقة الحوض والخصية، أو الإصابة بأمراض البروستات الشديدة. والعمليَّات الجراحيَّة قد تُحدث ضررًا وتلفًا في الخصية، أو في قنوات الحيوانات المنويَّة، وغيرها من الأمراض المؤثِّرة في نوع الحيوانات المنويَّة وكمِّها.
*هل تصيب هذه الأمراض الخصيتين معًا؟
-كل هذه الأمراض تؤثِّر في وظيفة الخصيتين معًا، ولكن هنالك بعض الحالات المرضيَّة التي تؤثِّر في خصية، مثل: الدوالي التي تصاب بها خصية، ولكن غالبًا ما تؤثِّر الخصية المتضرِّرة في الأخرى السليمة، ما يدفع الأطباء في بعض الحالات، إلى استئصال تلك المتضرِّرة للتخلُّص من تأثيرها السلبي في السليمة، والحفاظ على خصوبة الرجل قدر الإمكان. وفي بعض حالات الخصية المعلَّقة، وأيضًا بعض الحالات الشديدة من الدوالي، يقوم الطبيب باستئصال الخصية المعلَّقة أو الخصية التي تلفت وأصابها الضمور، وأيضًا في حالات وجود ماء حول الخصية.
*هل يؤثِّر نوع الحيوانات المنوية في خصوبة الرجل؟
-بالتأكيد؛ العدد الكبير والحركة الطبيعيَّة للحيوانات المنوية، ليسا كافيَيْن في كلِّ الأحوال لعمليَّة الإنجاب، لأنَّ هنالك خللًا شديدًا قد يحدث في جسم الرجل، مثل: إنتاج مضادات الأجسام المهاجمة للحيوانات المنويَّة DNA fragmentation، وكذلك الخلل في DNA الحيوان المنوي، وزيادة في نسبة الضرر والتلف. وفي هذه الحالة، تزداد نسبة الحيوانات المنويَّة التي فيها خلل وتتعدى 50%، ما يجعل الرجل غير قادر على الإنجاب بالطريقة الطبيعيَّة، ولا بدَّ من اللجوء إلى الحَقْن المجهري وتحليل خلايا الجنين قبل نقلها. وهنالك حالات مرضيَّة أخرى تنقص فيها نسبة الإستروجين (الهرمون الرجالي)، ما يؤدِّي إلى ذبذبة وتأرجح في إنتاج الحيوانات المنويَّة ونوعها. وقد يكون العدد والنوع جيِّدين، وفي أحيان أخرى غير جيِّدين، أي أنّ هنالك تأرجحًا في عدد الحيوانات المنويَّة ونوعها.
*هل يمكن أن يصاب الرجل بالعقم، رغم وجود حيوانات منويَّة سليمة؟
-هنالك رجال لديهم حيوانات منويّة سليمة، ولكنَّها تعيش لفترة قصيرة جدًّا، ثمَّ تموت. وتكون سليمة بدايةً، بيد أنَّها تفقد الحركة بعد فترة قصيرة، ولا تصل إلى البويضة، وبالتالي لا يحدث الإخصاب، رغم عدم وجود عيب في الحركة الأوَّلية أو تشوُّهات، حيث يبدو الشكل العام طبيعيًّا من خلال تحليل السائل المنوي. والسبب في هذه المشكلة، هو وجود التهابات ميكروبيَّة في منطقة الخصية أو الحوض، لا يشعر بها الرجل أو يشكو أيّ عوارض من جرَّائها، وهذا ما يسمُّونهlow grade inflammation and infection الذي قد يتسبَّب بخلل في الخلايا المنتجة للحيوانات المنويَّة. ولا بدَّ من العلاج بالمضادات الحيويَّة التي ستؤثِّر إيجابًا في تحسُّن الحيوانات المنويَّة وسرعة الإنجاب.
*هل هنالك نسبة وراثية وكروموسومية في بعض حالات العقم؟
-بالتأكيد؛ هنالك عوامل وراثيَّة كثيرة تؤثِّر في قدرة الرجل على الإنجاب، وأهمّها وجود خلل كروموسومي لدى بعض الرجال، يكون فيه كسر معيّن في بعض الخلايا، فيبدو رجلًا في الظاهر والشكل، ولكنّ الحيوانات المنويَّة لديه مشوَّهة تمامًا، أو إنَّه لا يُنتج حيوانات منويَّة أصلًا.
*ما هي علاجات العقم الثانوي؟
-المهم أن يكون هنالك حيوانات منويَّة في عيِّنة السائل المنوي، حتَّى لو كان عددها قليلًا للغاية، أو حركتها ضعيفة، أو فيها تشوُّهات، أو حولها خلايا غير سليمة تؤثِّر فيها. عندئذ، نعمل على إصلاح الحيوانات المنويَّة وتحسينها، وإنعاشها وتحضيرها، وفصل الجيِّد والسليم منها، قبل البدء بدورة عمليَّات أطفال الأنابيب أو الحقن المجهري.
__________________________________
راسلونا على الإيميل: [email protected]، وابعثوا لنا كل ما يدور في أذهانكم من أسئلة تتعلَّق بالأمراض النسائيَّة والتوليد والعقم، وسيتولَّى الدكتور أحمد إسماعيل الإجابة عنها عبر هذه الصفحة.