ليس كل الأشخاص الذين يعانون التوحد لديهم إعاقة عقلية، كما أن ليس جميعهم يتمتعون بذكاء خارق. هذان الاحتمالان ممكنان تمامًا، وكما قد يكون للتوحد صلة بالإعاقة العقلية، كذلك قد يتميز بعض الأشخاص المصابين بالتوحد بإمكانات عالية. وبعض الأشخاص المصابين بالتوحد قد يكون لديهم ذكاء يمكن القول عنه إنه "طبيعي"، أي بحسب المتوسط الذي حددته المعايير الدولية (بين 90 إلى 130).
أعراض مرض التوحد
حيث إنه من الصعب قياس ذكاء الأشخاص المصابين بالتوحد باستخدام الاختبارات القياسية للذكاء، فإنّ البحث في هذا الموضوع مثير للجدل، كما أنّ الأرقام متباينة حول ذلك. وهناك قبول عام بأنّ ما بين 70 إلى 75 في المئة من الأشخاص المصابين بالتوحد، يعانون تخلّفًا عقليًّا، وقد أشارت أحدث الدراسات الوبائية إلى هذه النسبة. ويمكننا على وجه الخصوص أن نذكر أبحاث هوندا، وشيميزو، وميسومي، ونييمي (1996) والتي أشارت إلى أنّ نسبة 50 في المئة من المصابين بالتوحد لديهم معدل ذكاء أعلى من 70.
وأثبتت دراسة شاكرابارتي وفومبون، أنّ من بين اضطرابات النمو الغازية كافة ضمن أبحاثهم (15 ألف طفل بين سن 2.5 إلى 6.5 عام) فإنّ نسبة 94 في المئة من تلك الفئة (وتشمل التوحد ومتلازمة إسبرجر واضطرابات النمو الغازية غير المحددة TEDNS) لديها معدل ذكاء طبيعي. وأكدت أبحاثهم تحديدًا أنّ الأشخاص الذين يعانون اضطرابات النمو الغازية غير المحددة في هذه الدراسة، هم أشخاص من دون إعاقة.
كما تميل أبحاث لوران موترون إلى الإثبات أنّ خصائص المظهر المعرفي للأشخاص المصابين بالتوحد، ستؤدي بسهولة أكبر إلى الإعاقة الذهنية حتى وإن لم تكن تلك هي الحال بالضرورة. وتمَّ انتقاد هذه الدراسة من قبل (سينيشال 2007). وإذا كان هناك جدل حول نسبة الأشخاص الذين يعانون إعاقة ذهنية بين مجموع الأشخاص المصابين بالتوحد، فيبدو أنّ هناك دراسات تؤكد أنّ المظهر المعرفي للأشخاص المصابين بالتوحد، يتألف أساسًا من نقاط ضعف ونقاط قوة مهمة.
حول الإدراك الحسي الذي يميز الأشخاص المصابين بالتوحد: إنه جانب وظيفي في الأشخاص المصابين بالتوحد غير معروف تمامًا في الواقع لدى عامة الجمهور، أو على الأقل لا يقيس دائمًا ما هو تأثير الإدراك الحسي على الأشخاص المصابين بالتوحد . هناك في الواقع 7 حواس: البصر والسمع، واللمس والرائحة والذوق، واستقبال الحس العميق (الهياكل الموجودة في العضلات والأربطة والنظام العصبي، والتي تسمح للجسم بمعرفة موقعه في الفضاء)، والحس الدهليزي (الهياكل الداخلية في الأذن الداخلية التي تكشف التحركات، وتغيير المواقع للرأس وتسمح بالمحافظة على التوازن). والشعور أو الإحساس القوي الذي يشعر به بعض الأشخاص يدعى فرط التحسس. والشعور أو الإحساس الضعيف الذي يشعر به البعض الآخر يسمى نقص التحسس. وفي كلتا الحالتين قد يكون الأمر محرجًا و / أو مؤلمًا ويجعل البيئة غير مواتية ومزعجة لهؤلاء الأشخاص.
أعراض مرض التوحد: اضطرابات السلوك
حول اضطرابات السلوك وتسمى كذلك التحديات السلوكية: وقد تكون هذه مذهلة أو مثيرة للاهتمام بالنسبة للأشخاص المحيطين. وتتخذ هذه السلوكيات أشكالًا عدة (دراسة لـ ماك بين وفيلسي، 1992): الإيذاء الذاتي، العدوان، التدمير، الإزعاج، التنميط/ تحفيزات غازية، النظام الغذائي. ويكون المنشأ هو الألم الذي لا يستطيع / ولا يعرف الشخص المصاب بالتوحد التعبير عنه، أو زيادة الحمل الحسي، أو صعوبة في توصيل الانفعالات أو في السيطرة عليها. فإذا كانت هذه التحديات السلوكية مزعجة بالنسبة للأشخاص المحيطين، فإنها قبل كل شيء، إشارة إلى التوتر والقلق بالنسبة للشخص المصاب بالتوحد، الذي يواجه حالة أو وضعًا مؤلمًا بالنسبة إليه أو من الصعب أن يسيطر عليه.
إنّ النموذج هو بيئي – سلوكي، ويفسّر التحديات السلوكية بواسطة العلاقة بين السلوك والبيئة بالنسبة للشخص المصاب بالتوحد، أو على نحو أكثر دقة، سياق العلاقة بين السلوك والبيئة (غرينوود إيه أل 1994.)
أعراض مرض التوحد: الانفعالات
ساهمت الصعوبات في نظرية العقل للأشخاص المصابين بالتوحد، بخلق نوع من التحيّز، إذ وفقًا لهذه النظرية، فإنّ الأشخاص المصابين بالتوحد ليس لديهم تعاطف/ أو بلا عواطف. ويتطلب ذلك بعض التوضيحات الإضافية. فتعريف التعاطف هو كالتالي: (القدرة الحسية على وضع المرء لنفسه مكان الآخرين، وإدراك ما يشعرون به- قاموس لاروس). وبالتالي قد يواجه الأشخاص المصابون بالتوحد بعض الصعوبات في التقاط الإشارات التي يمكن أن تترجم انفعالات الآخرين. والشخص المصاب بالتوحد الذي بالكاد ينظر إلى عيني محدثه لن يعرف ما إذا كان الشخص الآخر قد رفع عينيه إلى الأعلى خلال الحديث، أو حتى يراه، وبالتالي لن يكون قادرًا على التفسير في هذا السياق، على أنّ الإشارة تعني الملل ويستمر في المحادثة. وفي الغالب فإنّ الشخص المصاب بالتوحد يجد صعوبة في تفسير الإشارات الدقيقة، ولكنه سيكون قادرًا على إدراك بعض الإشارات الأساسية الأكثر تعبيرية. على سبيل المثال: الشخص المصاب بالتوحد لن يكون قادرًا على رؤية شخص يعبّر عن بدايات الحزن، مثل أن يميل الفم إلى الأسفل قليلًا، أو بداية الدموع في العينين. لكن في المقابل، إذا كان الشخص المصاب بالتوحد جالسًا بجانب شخص يذرف دموعًا ساخنة، فإنَّ ثمة فرصة ضئيلة في ألا يلاحظها. وكذلك الأمر في اللحظة التي يلاحظ بها هذه التعاسة، فسوف يكون بمقدوره مشاركة الشخص الحزين بها.
الأشخاص المصابون بالتوحد يشاركون الآخرين انفعالاتهم في حال عرفوا بها. الفرق هو في إدراك الانفعالات وليس وجودها، وبناءً عليه، من الخطأ القول إنّ الأشخاص المصابين بالتوحد ليس لديهم شعور بالتعاطف أو العواطف، ولكن بدلًا من ذلك يمكننا القول إنّ هاتين العقليتين تعملان وفقًا لآليات تختلف في وظائفها عن الأشخاص الذين لا يعانون التوحد.