لم يكن يوم الجمعة 27 تموز/يوليو من العام الماضي 2018، يوماً عادياً على الإطلاق في العاصمة الروسية «موسكو» تحديداً، وفي روسيا على العموم. حيث استفاق الجميع على خبر قيام 3 شقيقات مراهقات بقتل والدهم «زعيم المافيا» الروسي الخطير، «ميخائيل خاشاتوريان»، الذي كان يبلغ من العمر حينها 57 عاماً، بزعم أنه كان قد اغتصبهن واعتدى عليهن طوال سنوات عديدة. واليوم، وبعد مضي عام تقريباً على هذه الجريمة، قام القضاء الروسي بتوجيه تهمة القتل للشقيقات الـ3 المراهقات اللواتي قتلن والدهن «زعيم المافيا».
السجن من 8 إلى 20 عاماً..
ووفقاً لما نقلته صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية، فإن كلاً من الشقيقتين الكبرى «كريستينا»، البالغة من العمر 20 عاماً، والوسطى «أنجلينا» البالغة 19 عاماً، من الممكن أن يواجهن حكماً بالسجن يترواح ما بين الـ 8 أعوام إلى 20 عاماً. وذلك على الرغم من أن خبراء التحقيقات الرسمية في الشرطة الروسية، أكدوا خلال تحقيقاتهم، بأن الشقيقات الثلاث كن قد تعرضن للتعذيب والإساءة الجنسية والاغتصاب مراراً وتكراراً طوال عدة سنوات من قبل والدهن.
وأشارت الصحيفة أيضاً، إلى أن الشقيقة الصغرى «ماريا» البالغة من العمر الآن 18 عاماً. لن تواجه نفس مصير شقيقتيها، ولن تدخل السجن بغض النظر عن قرار المحكمة بشأنهن، وذلك بعد إثبات أنها لم تكن مدركة لأفعالها وقت وقوع الجريمة. ولكن في الوقت نفسه، طالب محامو الفتيات بإسقاط تهمة القتل عن الشقيقات الثلاث، وإعادة تصنيف القضية من «التسبب في الوفاة» إلى «الدفاع عن النفس».
المحكمة مصرة على قرارها رغم نتائج التحقيقات..
ما أثار استياء الرأي العام في البلاد، أنه على الرغم من إطلاق سراح الفتيات عقب وقوع الجريمة في العام الماضي، بعد إثبات أنهم كنَّ «ضحايا» لإساءات والدهن المتكررة، إلا أن القاضي قرر أن يستمر بتوجيه إتهامات «القتل العمد» بشكل كامل ضدهن. وهو الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً ومخاوف عديدة لدى المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان في روسيا.
ومما أثار هذه الاستياء أيضاً، أن الخبراء الجنائيين والنفسيين، بالإضافة إلى الأطباء الشرعيين الروس، كانوا قد أبلغوا المحكمة أن عليها إسقاط جميع التهم بحق الشقيقات الثلاث. وذلك لأنهن كن «ضحايا حقيقيات» لوالدهن زعيم المافيا. وكانت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية، قد نقلت عن مصدر قانوني، أن خبير التحقيق الرسمي في القضية، كان قد دعم ما قالته الفتيات، وأنه بالفعل كان والدهن قد مارس عليهن أنواعاً مختلفة من التعذيب والعنف الجسدي والجنسي منذ أن كن لا يزلن «قاصرات».
عشرات الآلاف يطالبون بالإفراج عن الشقيقات..
ورغم إصرار المحكمة على قرارها، إلا أن أكثر من 50 ألف شخص وقعوا على عريضة طالبوا خلالها بإسقاط التهم عن الفتيات. وكانت المحامية «ماري دافتيان»، قد صرحت قائلة بأنه في هذه القضية على وجه الخصوص، فإن مسألة الدفاع عن النفس واضحة للغاية، وأكدت أن هنالك شهوداً على هذا الأمر.
ومن جهتها، قالت «آنا ريفينا»، وهي مديرة منظمة مناهضة العنف المنزلي ومدافعة عن حقوق الإنسان في روسيا: «لا أدري كيف لا يرى القضاء أن قضية الشقيقات (خاشاتوريان) دفاعاً عن النفس، وأنه يجب أن يتم أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار أكثر من ذلك. فإن كنت مثلاً تحت التهديد بالقتل بواسطة فأس، فلا يمكنك بأي حال من الأحوال الدفاع عن نفسك بشيء أقل فظاعة من الفأس». وتابعت «ريفينا» قائلة: «نحن نعيش في بلد من السهل فيه أن تموت المرأة وهي تحاول الدفاع عن نفسها».
يوم وقوع الجريمة..
وفي تفاصيل الجريمة التي تعود إلى شهر تموز من العام الماضي 2018، أن الشرطة كانت قد عثرت على جثة زعيم المافيا الروسي «ميخائيل خاشاتوريان»، مقتولاً بعشرات الطعنات النافدة في القلب. واعترفت الشقيقات الثلاث بقيامهن بقتل والدهن، حيث أشاروا خلال أقوالهن، إلى أنه في ذلك اليوم عاد إلى المنزل وهو تحت تأثير المخدرات، وهدد الفتيات الثلاث وحاول أن يعتدي عليهن، إلا أن الشقيقات تمكن من سرقة سكين صيد من سيارته والهجوم عليه وقتله، بعد أن ثبتته اثنتان منهن، وقامت الثالثة بتوجيه الطعنات له.