قد نشعر أحياناً بالملل ونضيق ذرعاً بالحياة، أو يستولي علينا الشعور بالإحباط والفشل، وقد نحزن أحياناً إلى حد التفجع والندب والبكاء الهستيري، وهذه كلها عوارض نفسية طبيعية قد لا تأخذ من حياتنا أكثر من أسبوع أو أسبوعين، وقد لا يكون لها تأثير جوهري في دراستنا أو عملنا أو علاقاتنا بالأسرة والناس، ولكن الأمر يختلف عندما تستمر هذه الأعراض لفترات طويلة، وتطال تأثيراتها نمط حياة الإنسان وتثير تساؤلات الأهل والأصدقاء الذين يلاحظون هذا التغير في السلوك، وهنا يتحول هذا العارض من عارض وقتي إلى مرض نفسي يُدعى «الاكتئاب»، أو ما يُطلق عليه عالمياً «Depression»، وهو مرض شائع يصيب ملايين البشر حول العالم، ويقع ضحيته مرضى من كل المستويات الاجتماعية والثقافية، ولا يكون بمأمن منه حتى الأثرياء والناجحين والمشاهير والنجوم.
موقع «سيدتي نت» التقى الاختصاصية النفسية البريطانية «آنجيلا بالمر» التي تعمل في عيادة نورث لندن «North London» لتحدثنا عن هذا المرض وأعراضه وتداعياته.
متى يدرك المريض إصابته بالاكتئاب؟
- قد لا يصل الإنسان إلى حقيقة إصابته بمرض الاكتئاب خاصة إذا جاءت الأعراض بشكل تدريجي، وبدلاً من الإقرار بالمرض يبدأ المريض بلوم نفسه على شعوره الدائم بالخمول أو التهاون أو الضعف، ولكن هنالك أعراضاً أخرى مثل الصداع والأرق قد تكون هي أولى علامات التنبه على مرض الكآبة بالإضافة إلى أعراض أخرى مثل:
• الشعور الدائم بالتعاسة وفقدان الأمل ولا جدوى الحياة.
• فقدان الاهتمام بتفاصيل الحياة وعدم القدرة على التمتع بمباهجها.
• الصعوبة والتردد الكبير في اتخاذ القرارات.
• رفض التعامل مع أمور حياتية كان يتقبلها في السابق.
• الشعور الدائم بالتعب والوهن.
• فقدان الشهية والوزن (بعضهم يحصل له العكس ويزداد وزنه).
• البقاء ساعة أو ساعتين في الفراش قبل الخلود إلى النوم، والنهوض بوقت أبكر من المعتاد.
• فقدان الاهتمام بالجنس والعلاقة الحميمة بين المتزوجين.
• فقدان الثقة بالنفس وسرعة التهيج والعصبية.
• تجنب الآخرين والشعور بالمزاج السيئ خاصة في ساعات الصباح الأولى.
• التفكير بالانتحار.
ولكن أغلب المصابين بالاكتئاب لا يعانون من كل هذه الأعراض مجتمعة، ولكنهم قد يواجهون خمسة أو ستة منها في الأقل.
أسباب الإصابة بهذا المرض
– ربما يعود سبب الإصابة بالاكتئاب إلى الشعور بالخذلان من مواقف الآخرين، أو فقدان إنسان عزيز أو فشل في علاقة عاطفية أو التعرض للطلاق أو الخيانة الزوجية أو فقدان الوظيفة، أو الفشل الدراسي. كما إن الإصابة ببعض الأمراض العضوية التي تشكل تهديداً للحياة، مثل السرطان، يمكن أن تجعل الإنسان فريسة سهلة للكآبة، هذا بالإضافة إلى بعض الأمراض التي تصاحبها آلام شديدة مثل التهاب المفاصل والأمراض الفيروسية مثل الحمى الغدية glandular fever والأمراض الهرمونية مثل مرض الإجهاد المزمن under-active thyroid. وأيضاً مرض الخرف وباركنسون وترقق العظام، كما أن الإدمان على الخمور والمخدرات يجعل الإنسان أكثر استعداداً للإصابة بـ الاكتئاب الحاد، الذي قد يؤدي إلى الانتحار.
هل المرأة أكثر استعداداً للإصابة بالاكتئاب؟
– نعم يبدو أن الأمر كذلك كما تؤكد بعض الدراسات العلمية، وقد يعود السبب إلى حساسية المرأة وسهولة جرح مشاعرها وإلى طبيعتها الكتوم وعدم رغبتها بالحديث عن أوجاعها أمام الآخرين، كما أنها بطبيعتها مخلوق مسالم لا يفرغ شحنات غضبه بمن حوله، بالإضافة إلى المسؤوليات والأعباء التي تقع على عاتق المرأة إذا كانت تعمل خارج البيت؛ إذ عليها أن تهتم بعملها ورعاية أطفالها أيضاً، ما يصيبها بالإجهاد الجسدي والنفسي.
وعموماً فإن الاكتئاب يصيب الرجل والمرأة على السواء، وذلك يعتمد بشكل كبير على شخصية الإنسان؛ كأن يكون أقل حصانة وأكثر تقبلاً للوقوع فريسة للكآبة، وهذا يعود أساساً إلى نوع التجارب الحياتية التي عايشها في عمره المبكر، وإلى جيناته الوراثية أيضاً؛ لأن الكآبة يمكن أن تكون مرضاً عائلياً متوارثاً، وإذا كان أحد الوالدين مصاباً بكآبة حادة فإن احتمال إصابة الابن بالكآبة يصل إلى ثماني مرات أكثر من الابن الذي يعيش في عائلة لا تعاني من هذا المرض.