يبدو أن المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد" ينطبق على الفتيات والسيدات السعوديات اللواتي اقتحمن مجال التعقيب مؤخراً في الفترة التصحيحية لسوق العمل السعودي، لدرجة أن البعض منهن عدّه وظيفة مؤقته إلى حين انتهاء المهلة، متمنيات أن تطول المهلة التصحيحية حتى يستفيدن بشكل أكبر.
في صالة جوازت منطقة مكة المكرمة النسائية بجدة تجلس مجموعة من السيدات يتصيدن السيدات اللواتي يأتين لمراجعة أو متابعة معاملاتهن وعرض خدماتهن عليهن، بعد تعريفهن بأنفسهم، قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غريباً، ولكن ما إن يعرفن بأنفسهن حتى تتضح الصورة للمراجِعة التي لن تصدق وستقبل بأي شي إزاء إنهاء أوراقها.
فهذه أم سامر، 36 عاماً ـ مطلقة، تعمل في مجال التعقيب منذ ثلاث سنين تقول: "بعد طلاقي وجدت نفسي من دون بيت، وكان من الصعب علي العودة إلى بيت أهلي مع أبنائي وبدأت في البحث عن وظيفة تؤمن لي مصدر دخل مادي، واقترحت علي إحدى قريباتي العمل في مجال التعقيب.
من البيت إلى مؤسسة كاملة
وتتابع: "بدأنا العمل من البيت ومن ثم مكتب صغير، والآن أصبح لدي مؤسسة للخدمات العامة، ويعمل تحت إدارتي مجموعة من الفتيان والفتيات السعوديات ذوي المؤهل جامعي". وأشارت إلى أن الشرط الأساسي للعمل في التعقيب هو أن يكون الشخص سعودي الجنسية لأنه لا يسمح للأجنبي مراجعة الدوائر الحكومية بنفسه، وبديهي أن يكون يجيد الكتابة والقراءة.
وعن تأثير المهلة التصحيحية في الإقبال على قطاع الخدمات العامة "التعقيب" قالت: نعم بلا شك وهذا الأمر خلق نوعاً من التنافس بين المعقبات، لكن ما يؤخذ على الداخلين عليه مؤخراً وتحديداً خلال الفترة التصحيحية أن البعض منهم يعمل من دون ترخيص من وزارة التجارة والصناعة وهمه الأول جمع الفلوس في هذه المهلة من دون الاكتراث لسمعة المجال.
مضايقات رجالية
بالحديث مع ريماس، وهي طالبة اقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز، والتي التقيناها في القسم النسائي للجوازات أكدت أن عملها في مجال التعقيب جاء بالمصادفة، وعندما فكرت في أن المشروع لن يكلفها أي ريـال، وإن فشلت فلن تخسر شيئاً، بل على العكس فالاحتكاك مع الدوائر الحكومية يضيف للشخص خبرات لم يكن ليكتسبها لو عمل في أي وظيفة أخرى.
ولأن التعقيب كغيره من القطاعات التي لديها مشاكلها فإنها تؤكد أن كثيراً ما يتم التضييق عليهن من قبل الرجال: "كأن تأتي سيدة إليها تكون تتابع معاملتها مع معقب، وعندما أستلم ملفها يغضب المعقب ويبدأ بمضايقتي من خلال علاقاته". مشيرة إلى أن علاقات الرجل المعقب أفضل من النساء مع الدوائر بحكم طبيعة البلاد.
فيما يؤكد أبو راكان وهو معقب أن الرجال هم الأقدر والأنسب في هذا المجال لأسباب كثيرة أهمها طبيعة الدوائر الحكومية التي لا توجد فيها أقسام خاصة للسيدات ما يدفعها في النهاية الاستعانة بأحد المعقبين، إلى جانب ومحدودية علاقات المرأة، ووسائل تنقل السيدات.
معوقات وعقبات
إلا أن أم سامر وهي معقبة قالت: "هناك العديد من المعوقات والعقبات التي تقف في طريقنا كمعقبات، لكن هذا لا يعني أن نترك المجال للرجال، خاصة وأن هذا القطاع فيه خير كثير، فأقل حالة نستلم ملفها مهما كانت بسيطة تبلغ تكلفتها 3000 ريـال، وكلما كانت المعاملات أكثر تعقيداً يكون الشخص مستعد للدفع، لافتة الى أن بعض السيدات يفضلن المعقبات السيدات عن الرجال لأسباب اجتماعية ودينية، وإن كان الأجر المادي أكثر ارتفاعاً.
يعود تاريخ التعقيب النسائي إلى عام 2006 عندما منحت وزارة التجارة والصناعة رخصة مزاولة مهنة التعقيب لأول سيدة هي فوزية مباركي، وعُدّ حينها هذا الترخيص إنجاز إضافي للمرأة ممهداً لمرحلة جديدة في فتح مجالات جديدة للسيدات السعوديات.