ربما حان الوقت لدق ناقوس الخطر في ما يتعلق بمسألة الإنجاب، حيث تشير أحدث الإحصائيات إلى تراجع واضح في نسب الخصوبة لدى النساء والرجال على حد سواء.
للمزيد حول الموضوع، التقى "سيدتي نت" البروفسور جورج أبي طايع، اختصاصي أمراض نسائية وتوليد وعقم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، فكان معه الحوار الآتي:
_ ما هي الأسباب التي أدت إلى تراجع الخصوبة لدى النساء والرجال؟
الخصوبة في تراجع مستمر، وفقًا لعدد كبير من الإحصائيات، والسبب هو الأنظمة الحياتية التي يعيشها الأفراد في الوقت الحاضر لناحية التدخين، والتلوث البيئي، والأطعمة غير الصحية، والإشعاعات المحيطة بنا التي تصدرها أجهزة التلفاز، والهواتف الذكية، والمايكروويف، وجميع وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تحوط بنا والتي تؤثر على البويضات، والسائل المنوي، والتخفيف من الخصوبة. وفي الوقت نفسه، فإنَّ تأخر سن الزواج لدى الأفراد في الوقت الحاضر، يلعب دورًا أيضًا في مسألة الخصوبة.
_ هل نسب تراجع الخصوبة هي نفسها لدى الجنسين؟
نشهد تراجعًا في الخصوبة لدى الجنسين، لكن نلحظ نسب التراجع أكبر لدى الرجال. في ما مضى (القرن الماضي) كانت المشكلة بنسبة 70-80 بالمئة، متأتية من النساء، إنما في القرن الحالي فإنَّ النسب باتت متساوية تقريبًا أي 50 بالمئة من النساء و50 بالمئة من الرجال. لأنَّ معدلات التدخين ارتفعت بين فئة الذكور، وباتوا يستهلكون أشياء كثيرة مؤذية للحيوان المنوي (البذرة).
وللتذكير أنه في عام 1950 ، ولكي يُعتبر السائل المنوي طبيعيًّا في المختبرات، كان يجب أن يتعدى الـ 50 مليون، فيما اليوم صرنا نعتبره طبيعيًّا إذا تعدى الـ 15 مليون !
النسب التي نراها حاليًّا متدنية جدًّا.
_ هل الأسباب هي نفسها لدى الجنسين؟
يبقى عامل السن لدى النساء أساسيًّا في مسألة الخصوبة. فقد أصبحن يأخذن كل الوقت للتلعم والعمل وتأمين المستقبل، قبل التفكير بالزواج. وحين يصلن إلى الاستحقاق وهو الإنجاب، يجدن أنفسهنّ غير قادرات، أو يواجهن صعوبات كبيرة بسبب تراجع نوعية البويضات لديهن.
_ وماذا عن الأسباب المرضية التي تحول دون الإنجاب؟
السبب الأساسي لدى النساء الذي نلحظه خلال عملنا، هو عمر المبيض المتقدم وعمر البويضات كذلك، بسبب الزواج والإنجاب المتأخرين، ما يجعل الحمل صعبًا.
في ما عدا ذلك، هنالك أسباب أخرى لديهنّ، مثل:
• تكيّس المبيضات.
• أكياس الدم المجمّدة داخل الحوض والتي من الممكن أن تؤخر الإنجاب.
• أنواع الالتهابات المختلفة التي يمكن أن تكون سببًا أساسيًّا للعقم ولصعوبة الإنجاب.
• العلاجات الجديدة التي تُعطى لمرضى السرطان، حيث يمكن أن تؤدي لاحقًا إلى مشكلات في الإباضة تؤثر بالطبع على الإنجاب.
أما عند الرجال، فأبرز الأسباب هي:
• عمر الرجل قد يؤثر إلى حد ما في عملية الإنجاب.
• مشاكل جينية موروثة يحملها معه منذ الولادة، أو بسبب تعرّضه لالتهابات قوية منذ الصغر أو خلال حياته، أدت إلى تراجع إفرازات السائل المنوي لديه.
• التدخين، والكحول والضغط النفسي، والتعب؛ جميعها عوامل تؤثر أيضًا على جودة الحيوان المنوي.
بعد فحص السائل المنوي مخبريًّا، نحدد مسار العلاج. وبحسب النتيجة (نوعية وحركة وكمية الحيوانات المنوية) نقرر الانتظار ليحصل الإنجاب الطبيعي، أو أن يُصار إلى التوجه نحو التلقيح الاصطناعي أو الزرع (طفل الأنبوب).
والأمر نفسه لدى النساء، ففي حال وجود مشكلة أساسية في الإباضة، تحتاج بالطبع إلى علاجات، لكي تساعدنا في عملية الزرع إذا استطعنا أن نحفّز المبيضات لإباضة جيدة. وأيضًا في حال وجود مشكلة في الأنابيب لدى المرأة، تمنع وصول الحيوان المنوي إلى البويضة للتلقيح والإنجاب.
_ عندما نتحدث عن تراجع في الخصوبة، ماذا نقصد بالضبط؟
لكي نقول إنّ هناك مشكلة في الخصوبة، يجب على الأقل مرور عامين على العلاقة بين الزوجين بطريقة منتظمة جدًّا، من دون التمكن من الإنجاب. علمًا أنّ الزوج المسافر على سبيل المثال لن يتكمن بالطبع من الانتظام في العلاقة.
وفي حال كانت الزوجة متقدمة في السن، نلجأ إلى الفحوص قبل مرور عامين، للبحث عن أسباب محتملة لعدم الإنجاب.
_ ما هي العلاجات المتوافرة؟
العلاجات تعتمد دائمًا على السبب. بمعنى أننا نعالج السبب أو الأسباب التي أدت إلى عدم القدرة على الإنجاب، فنصل إلى الإنجاب من دون عقبات. علمًا أنه وفي بعض الأحيان، قد لا نجد أيّ سبب لعدم الإنجاب، أو قد نجد سببًا لا يمكن علاجه. وفي هذه الحال نلجأ إلى التقنيات الحالية التي تساعد على الإنجاب. وهذه التقنيات باتت في تطور مستمر، وتشمل التلقيح الاصطناعي، أو الزرع، أي طفل الأنبوب، مع أدوية متطورة بهدف تحسين الإباضة لدى المرأة، أو نوعية الحيوان المنوي لدى الرجل وحركته وقدرته على الإنجاب.
من ناحية الزرع أو طفل الأنبوب، باتت هناك، حاليًّا، تقنيات تحسّن نسبة الإنجاب، تشمل علاجات توصف قبل اللجوء إلى طفل الأنبوب، والتي تتطور مع الوقت، ومعالجة الأسباب، حيث صار بإمكاننا رؤية أسباب مختلفة من خلال فحوص الدم والصور، تحسّن نسب نجاح طفل الأنبوب.
وصارت لدينا طرق لاختيار البويضات والحيوان المنوي الأفضل، مع مراقبة الأجنّة قبل أن يتم زرعها في الرحم، لاختيار الجنين الأفضل مع الفحوص التي تُجرى عليه، وللحصول على نسب نتائج عالية. خصوصًا وأنّ طفل الأنبوب مكلف ومرهق، فنحاول تحقيق النجاح من أول محاولة.
_ ما هي أفضل الطرق لتحسين نسبة الإنجاب؟
أفضل الطرق:
_الإنجاب في سن مبكّرة خصوصًا لدى النساء. فإذا لم نخالف الطبيعة البشرية، نحصل بذلك على أفضل النتائج.
_ اتّباع أسلوب حياتي صحي مثل التقليل من التدخين (تدخين النرجيلة والسجائر، العامل الأساسي في تخفيض الخصوبة لدى النساء والرجال على حد سواء)، ومن الطعام غير الصحي، والحفاظ على وزن معتدل، وممارسة الرياضة، وعدم توفير أيّ نشاط خلال اليوم.
_ ماذا عن تجميد البويضات والحيوانات المنوية؟ هل تنصحون بها؟
بالطبع ننصح بها، خصوصًا لدى الأشخاص الذين أصيبوا بمرض السرطان، الذي بات منتشرًا على نحو كبير في بلادنا، حيث يمكنهم اللجوء إلى التجميد في المختبرات المتخصصة قبل خضوعهم للعلاج، ومن ثمَّ استعمالها بعد الشفاء لعملية الإنجاب بوساطة طفل الأنبوب (الزرع).
كما ويمكن للمرأة التي لم تصادف بعد الرجل الذي ستكمل حياتها معه، يمكنها أيضًا حفظ البويضات مجمّدة. فهذه الأخيرة تبقى ضمن الفئة العمرية التي جُمّدت خلالها، ويمكن للمرأة أن تستعملها في إلى سن الـ45 للإنجاب.
_ ما الفارق بين الزرع وطفل الأنبوب والتلقيح الاصطناعي؟
الزرع وطفل الأنبوب هو نفسه، حيث يتم سحب البويضات وتلقيحها بالحيوان المنوي خارج جسم المرأة -في المختبر-حتى تصبح أجنّة. ثمَّ يُصار إلى زرعها في رحم المرأة.
فيما التلقيح الاصطناعي Inseminationيتمّ داخل جسم المرأة، حيث يُصار إلى وضع الحيوان المنوي داخل رحم المرأة ليقوم بالبحث عن البويضة وتلقيحها.
شاهدي أيضاً:فوائد الموز على الصحة والجمال