منذ فترة وبريطانيا تشدد قوانينها وأحكامها ضد المتطرفين عرقياً ودينياً، حتى لا تمنحهم مجالاً للتأثير على الآخرين، ولم تعد محاكمها تصدر أحكاماً مخففة تحت أية ذريعة؛ بأمل ردع البقية؛ فما بالك حين يكون أحد المتطرفين قد تجرأ على ملكة البلاد ووجه لها رسالة مسممة؟ وحرض على بث الفوضى والفتنة وقتل المسلمين في البلاد؟
لقد قضت محكمة بريطانية بالسجن 12 عاماً لرجل يعرف بـ«قاتل المسلمين»، أرسل سماً مزيفاً إلى الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، عبر رسالة بعنوان: «يوم معاقبة المسلمين»، قال فيها: «المهاجرون قادمون من أجلك».
وأرسل ديفيد بارنهام، البالغ من العمر 36 عاماً، رسائل مماثلة تحتوي على مسحوق أبيض إلى رئيسة الوزراء آنذاك، تيريزا ماي، وإلى أساقفة، ووزارة الداخلية، في أكتوبر 2016، في إشارة واضحة إلى أنباء حول شن أشخاص يرتدون ملابس مهاجرين، مجموعة من الهجمات.
ونتيجة لذلك، أطلقت إجراءات الحماية من الأخطار الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية (CBRN)، وتم إبلاغ محكمة «أولد بيلي» البريطانية بالحادثة، فيما اهتم أفراد العائلة المالكة بصحتهم وصحة زملائهم.
واستمعت المحكمة إلى اتهام بارنهام، بالتسبب في نشر الخوف على نطاق واسع والقلق، بسبب حملة «يوم معاقبة المسلمين».
وأعرب اللورد حسين، زعيم الديمقراطيين الليبراليين عن صدمته من تلقيه إحدى الرسائل السامة، التي أرسلت إلى عنوان منزله من قبل مجلس اللوردات، بينما كان مريضاً.
وكتب في بيان، عن مدى تأثر الضحية، الذي قُرئ في المحكمة: «بينما كنت أتلوها للمرة الأولى، شعرت برهبة كاملة مما تحتويه إلى جانب الخوف، لا على نفسي وحسب؛ بل على أسرتي ومنزلي وجميع المسلمين الآخرين».
وأقر بارنهام، من لنكولن، بأنه مذنب في 15 جريمة تتعلق بمئات الرسائل المكتوبة بين يونيو 2016 ويونيو 2018، واعترف بالتحريض على القتل وخلق خدع تحتوي على مواد ضارة وقنابل، وإرسال رسائل بقصد التسبب في الرعب، والتشجيع على ارتكاب الجرائم.
وأثناء مثوله أمام المحكمة، في جلسة النطق بالحكم يوم الإثنين 2 سبتمبر، كشف الطبيب النفسي، مارتن لوك، أن المدعى عليه لم يندم على ما فعله ولا يعتبره «خطيراً للغاية»، وقال الدكتور لوك إن بارنهام أخبره بأنه إذا ذهب إلى السجن؛ فسيكون العقاب من عام إلى عامين.
واستمعت المحكمة إلى ادعاء بارنهام بأنه لم يتذكر كتابته رسالة إلى الملكة إليزابيث الثانية.
وبينما كان بارنهام مصاباً بطيف التوحد، قال الدكتور لوك إنه ليس مصاباً بالذهان، وأعرب عن قلقه من أن المدعى عليه حاول «تضليل» المهنيين الطبيين.
وقال طبيب نفسي آخر، إن بارنهام كان يعاني من مرض ذهاني وشعر «بجنون العظمة»، لا سيما تجاه الجماعات الدينية والأفراد البارزين.
واستمعت المحكمة إلى أنشطته لأول مرة، في مايو 2016، عندما اكتُشفت سبع رسائل في مركز بريد مدينة شيفيلد، تحتوي على مسحوق أبيض غير ضار، بالإضافة إلى اكتشاف أن 11 رسالة أخرى وصلت إلى وجهتها بالفعل، بينها رسالة موجهة إلى ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الأسبق، احتوت على عبارة «الله أكبر»، فيما احتوت رسائل إلى نواب البرلمان والمساجد على عبارات مسيئة للمسلمين، وفق صحيفتيّ «ذا غارديان» و«ذا صن» البريطانيتين، و«روسيا اليوم».
وفي فبراير 2017، بُعثت رسائل إلى مختلف المساجد والمراكز الإسلامية في جميع أنحاء البلاد، بينها رسالة إلى مسجد شارع بيركلي في مدينة هال، احتوت رسم سيف مع صليب معقوف يقطع رأس شخص ما، مع عبارات «ستذبحون قريباً جداً»، وذيلت بتوقيع «قاتل المسلمين».
وفي 2018، أرسلت سلسلة من رسائل بعنوان: «يوم عقاب المسلمين» منسوخة على آلة كاتبة، إلى عدد كبير من الناس، تحرض على العنف.
وألقي القبض على بارنهام بعد إجراء تحليل للحمض النووي وخط اليد والبصمات الموجودة على الرسائل، وعندما قبض عليه في يونيو من العام الماضي، رفض الإجابة عن أية أسئلة.