التوتر والإجهاد قد يصاحبان المرء بعد عودته من الإجازة الصيفية، فيشعر بأنَّ معدته غير مرتاحة، وببعض الانتفاخات في البطن، وما إلى ذلك من مشاكل خاصة بالجهاز الهضمي.
الخوف من الفشل او مواجهة المسؤول الأعلى المتسلط في العمل، أو الانهيار بسبب زيادة أعباء العمل، أو التنسيق بين الحياة العائلية والحياة المهنية بمفردِك... هذه بعض من أسباب التوتر والإجهاد العديدة بعد العودة من الإجازات. بعض الأجسام يمكنها أن تتأقلم مع الوضع، ولكن هناك أجسام أخرى تختبر هذه الصعوبات وآثارها عن طريق الجهاز الهضمي.
سواء كنتِ تعانين القلق الحادّ (بسبب العودة إلى المدارس والامتحانات وغيرها)، أو القلق المزمن (بسبب العلاقات الشائكة في العمل والتنقلات اليومية في المواصلات، وتراكم الضغوط)، فإنَّ جميع أجزاء الجهاز الهضمي سوف تعاني، الأمر الذي يعزز الشعور بالآلام في البطن وفي المعدة، والذي قد يؤثر بدوره على الشهية، ويسبب الانتقاخات في البطن أو الإصابة بالإسهال، أو غيرها من أعراض الجهاز الهضمي.
البطن يتصل بشكل مباشر بالعواطف
تحتوي الأمعاء على أكثر من 200 مليون خلية عصبية، تسمح لها بالاتصال مع الدماغ، وفي الاتجاه المعاكس كذلك. وبالتالي فإنَّ النظامين، الأمعاء والدماغ مرتبطان بشكل وثيق معًا، وبناءً عليه، فإنَّ جهازنا الهضمي يعكس حالتنا النفسية التي نمر بها. تستقبل الأمعاء بشكل دائم إشارات من بقية أعضاء الجسم، ومن الانفعالات، وهذا ما يجعلها شديدة الحساسية بما يتعلق سواء بشعورنا بالراحة والرفاه، أو بالانزعاج وسوء الحال على المستويين الجسدي والعقلي. فهل ألم البطن من دون سبب عضوي، هو حالة نفسية؟ ليس كليًا.
صحيح أنّ الإجهاد والإجهاد فقط، قد يسبب مشاكل في الأمعاء أو يفاقمها إذا كانت موجودة، ولكن هناك أيضًا حقيقة عضوية لها صلة. فالأشخاص الذين يعانون ذلك، لديهم تشنجات فوضوية في الجهاز الهضمي ويكونون أيضًا شديدي الحساسية. وحتى التشنجات الطبيعية تظهر على شكل ألم. وبالتالي تحدث هذه الحلقة المفرغة كما يلي: التوتر والإجهاد يعززان الشعور بالألم في المعدة، والذي بدوره يسبب الألم الذي يسبب التوتر.
إزعاجات على جميع الصعُد
يوضح البروفسور برونو بوناز، اختصاصي الجهاز الهضمي، وفقًا لـ"توب سانتيه"، قائلًا: "التوتر ينشّط الجهاز العصبي الودي الذي في العادة يُبطىء نشاط الهضم. وفي المقابل، فإنه يثبط عمل الجهاز العصبي السمبثاوي (وخصوصًا العصب المبهم) والذي في العادة يزيد إفرازات اللعاب والإفرازات المعدية والمعوية لتسهيل الهضم. وتفرز غدة ما تحت المهاد، هرمونًا يؤدي إلى تغيير البيئة النباتية المعوية، ويزيد من نفاذية الأمعاء ". والنتيجة؟ يتباطأ إفراغ المعدة والأمعاء الدقيقة، بينما يتم تسريع نشاط الحركة والإفراز في القولون، الأمر الذي يعزز الإسهال. وأخيرًا فإنَّ شظايا من البكتيريا (المستضدات) تنتشر في داخل الجهاز الهضمي، بسبب زيادة نفاذية جدار الأمعاء. وهذا ينشّط الدفاعات المناعية في الأمعاء، الأمر الذي يؤدي إلى التهاب والشعور بألم.
تعلمي الاسترخاء
علاوةً على كل ذلك، فإنّ "التوتر يقلل عتبة تحمّل الألم، ويجعل الشخص حسّاسًا أكثر لكل ما يحدث في جهازه الهضمي"، بحسب ما يضيف البروفسور بينوات كوفين، اختصاصي الجهاز الهضمي. وقد تتوافر بعض الأدوية الفعّالة جدًّا لعلاج الحالة، ولكنّ ذلك ليس كافيًا. وللحدّ من المعاناة يجب أن تتعلمي السيطرة على التوتر والإجهاد أكثر، وتقليل مستوى إدراك الألم، أي بعبارة أخرى، الاسترخاء!
فكري بسماع الموسيقى بعد يوم طويل مجهد، أو بحمّام ماء دافىء يليه تدليك بالزيوت العطرية، أو بالمشي لمدة نصف ساعة في حديقة قريبة لمنزلِك...