عن سن ناهز 86 عاماً، ودّع الرّئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، هذا العالم يوم الخميس 26 سيبتمبر، لتودعه فرنسا في جوّ من الحزن والتأثر، والاعتراف له بكل ما قدمه لبلاده وللعالم، طيلة مسيرته السياسية على امتداد 40 عاماً.
«سيّدتي» تنفرد بهذه المناسبة بنشر معلومات غير معروفة عن شخصيته وحياته..
جاك شيراك يتكلّم اللّغة العربيّة
اعتاد الرّئيس الفرنسي الرّاحل «جاك شيراك»، والذي حكم فرنسا على امتداد 12 عاماً، على أن يتبادل التحية والسّلام مع بعض الشخصيات العربية المرموقة التي يلتقيها، باللّغة العربيّة الفصحى، فقد تلقى الرئيس الفرنسي دروساً مطوّلة ومكثفة في اللغة العربية، على يد أستاذ تونسي هو الراحل بن محمود، فقد أوفدت الحكومة التونسية بطلب من شيراك (الذي كان وقتها عمدة لمدينة باريس) الأستاذ بن محمود، الذي يجيد اللغتين العربية والفرنسية، وهو خرّيج جامعة «السوربون»، لتعليمه أصول اللغة العربية، وقد شغل الراحل بن محمود منصب مدير الإذاعة والتلفزة التونسية في وقت لاحق.
عراف تونسي يتكهن بفوز شيراك بالرئاسة قبل 13 عاماً
كان شيراك في سنوات سابقة يقضي بعض إجازاته في تونس، ويتردد على واحة مدينة «نفطة»، ومدينة «توزر» بالجنوب التونسي، وتذكر مصادر مؤكدة أنه زار ذات مرة (عام 1982) العراف التونسي الشهير «طالب عمار»، الذي طبقت شهرته الآفاق وقتها، وكان له محل لبيع الصناعات التقليدية، يزوره بعض كبار الساسة والفنانين الغربيين، وقد تكهّن العرّاف التونسي لشيراك بأنه سيفوز بالرئاسة.
وبعد أسابيع قليلة من دخوله قصر «الإليزيه»، اعترف جاك شيراك في لقاء له مع الصحفي «برونو مازير»، تم بثه في نيسان 1995 بقناة «فرانس 2»، بأن عرافاً تونسياً تكهن له بالفوز بالرئاسة قبل ثلاثة عشر عاماً، وقد أجرت القناة الأولى الفرنسية «TF1» لقاءً منذ سنوات مع ابنة العراف طالب عمار (الذي توفي عام 1985) حول هذا الموضوع، وأكدت فعلاً تردد جاك شيراك على متجر والدها، وتنبؤ والدها بفوزه بالرئاسة.
شيراك عمل نادلاً وكاد يتزوّج من أمريكيّة
من أطرف ما ورد في كتاب «مجهول الإليزيه»، وهو حصيلة لقاءات مطولة بين الرئيس الراحل جاك شيراك وبين الصحفي الفرنسي الشهير «بيار بيتان»، أن شيراك عمل نادلاً عندما كان طالباً في العلوم السياسيّة، لدى محلٍ لبيع الوجبات السريعة في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان متواجداً في دورة صيفية لجامعة «هارفارد»، وتعرّف حينها إلى فتاة اسمها «فلورانس هرلنهي»، أحبها، وتقدم لخطبتها بشكل رسمي، وكان يعتزم الزواج بها، لكن أمه اعترضت بشدة على هذه الزيجة ولم تتم.
فجاك شيراك هو وحيد والديه، وله شقيقة واحدة، توفيت وهي صغيرة، فنشأ مدلّلاً.
ومن المعلومات غير المعروفة، والتي كشف عنها جاك شيراك نفسه في هذا الكتاب، أنه كان في فترة التّعليم الثانوي تلميذاً كسولاً ومشاغباً في الفصل، وكثير الغياب عن المدرسة، فكانت نتائجه الدراسية نتائج متوسطة وأحياناً ضعيفة.
وكثيراً ما كان المعلمون يعاقبون شيراك لكثرة ما يُحدثه من تشويش وهرج في الفصل، وكان كثير الخصام مع أترابه، وذهب مرّة إلى حدّ تمزيق ملابس تلميذ رفيق له في نفس المدرسة، لكنه كان طالباً لامعاً في مرحلة تعليمه الثانوي والعالي.
الرّئيس شيراك والنّساء
كما كشف المصدر، في أحد فصوله شهادة زوجته برنادات شيراك، أنها لاحظت وتيقنت بأن الكثير من النّساء كنّ منبهرات بالرئيس جاك شيراك وكنّ معجبات به؛ لوسامته ولمكانته الاجتماعيّة ولمركزه السياسي.
تقول: «إن جاك كان دائماً يبحث عن نساء مبهورات بشخصيته، لا يفعلن شيئاً سوى الإصغاء إليه وأفواههن مفتوحة؛ تعبيراً عن إعجابهن به، فهو يحب أن يرى الدهشة لدى النساء المحيطات به، ولكني لم أكن من تلك الطينة».
مضيفة: «يحب أن تكون له زوجة تقول له دائماً إنه هو الأقوى والأذكى والأعظم، وإنه ناجح في كل شيء، فيطرب لهذا الكلام من النساء الأخريات، أما أنا فكانت لي نظرة نقديّة، وكنت أصارحه بأن عمله ومنجزاته وبرامجه ليست بالصورة التي يقدمها له مساعدوه. لم أكن زوجة نكديّة كثيرة اللوم والعتاب، ولكنني كنت أصارحه وأسمعه صوت الناس، وملاحظاتي تصيبه بالضجر».
أقرّ شيراك بوجود علاقة غرامية في فترة سابقة مع صحفيّة من جريدة «لو فيغارو»، في الفترة التي تولى فيها رئاسة الحكومة أول مرة، وكاد يطلق زوجته ليتزوجها.
يقول: «إن المغامرات العاطفية لم تلعب دوراً أساسياً في حياتي، هناك نساء أحببتهن، ولكن كان ذلك في كتمان وسرية».
أنجب جاك شيراك من زوجته «برنادات» ابنتين اثنتين، هما: فلورانس وكلود.
المأساة التي رافقت حياة الرئيس شيراك
في إبريل 2016، توفيت الابنة الكبرى للرئيس الفرنسي الراحل، عن سن 58 عاماً، إثر أزمة قلبية لم تمهلها طويلاً.
وكان جاك شيراك كشف، في مناسبات سابقة، عما أسماها «مأساة حياته»، وهي تتعلق بمرض أصاب ابنته البكر «لورانس»، منذ أن كان عمرها خمسة عشر عاماً، فقد أصيبت بحمى مرتفعة خلفت لها انعكاسات صحية خطيرة، أتلفت بعض خلايا المخ، وأصبحت نتيجة لذلك كثيرة الاكتئاب، حتى إنها حاولت عام 1990 الانتحار برمي نفسها من الدور الرابع، وقد عاشت في شقة صغيرة تحت حراسة دائمة وتحت مراقبة الأطباء.. ويصفها شيراك بأنها ذكية وجميلة ومتفوقة في دراستها، فكان يحزن بصمت ويتألم كثيراً لمصابها.
وقد حضر جنازتها منذ أكثر من ثلاثة أعوام وهو على كرسي متحرك؛ إذ أصبح يعاني في الأعوام الأخيرة من أمراض كثيرة، إثر تعرضه لجلطة دماغية خفيفة، ثم عانى في الأعوام الأخيرة من مرض «الزهايمر».