تحقق المرأة السعودية كل فترة إنجازات مميزة، محلياً وعالمياً، تؤكد ما تملكه من إمكانات وقدرات كبيرة، من ذلك تتويج رشا الشبيلي، مديرة الإدارة العامة للقسم النسائي في «الشورى» وأول موظفة في المجلس، بجائزة المرأة القيادية على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2019. وقد جاء التتويج في قمة الموارد البشرية بأبوظبي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. «سيدتي» التقت رشا الشبيلي، وسألتها عن تأثير هذه الجائزة في مسيرتها، وتفاصيل عملها في مجلس الشورى.
الجائزة توجت نجاحاتي
وفيما يخص جائزة المرأة القيادية لعام 2019 التي حصلت عليها أخيراً، قالت الشبيلي: «تبقى الجوائز تتويجاً لنجاحٍ، أو حلمٍ، أو مبادرة تم تحقيقها، وتصبح دافعاً لإنجاز المزيد، ومراجعة المسيرة المهنية لأي شخصٍ، وأحمد الله على تشريفي بعدد من التكريمات التي أعتز بها كثيراً، ومن الرائع جداً تقدير الأعمال المهمة، وأرى أن الفرصة والثقة اللتين حصلت عليهما من عبد الله بن إبراهيم آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى، إضافة إلى توجيهاته الحكيمة، وحرصه على العمل المتقن، كان لها الأثر الأكبر في نجاحاتي، ولا أنسى أيضاً فضل منسوبي الشورى الذين أعمل معهم مثل أسرة واحدة لتحقيق أهداف المجلس الطموحة، وأهدي هذا التكريم إلى راحلٍ، كان الملهم والمعلم والقدوة، رجل علَّمني أن العطاء والإخلاص بالعمل دون البحث عن مقابلٍ، وتقديم المصلحة العامة، والإنجاز المستمر شرفُ الحياة، وأن الحياة بلا فراغ محور السعادة، وأن سمو النفس والخلق إرثُ النبيل، والدي عبدالرحمن الشبيلي، رحمه الله.
«الشورى» مصدر فخري
بداية، حدثتنا الشبيلي عن تجربتها بوصفها أول موظفة في مجلس الشورى، قائلة: «للبدايات دائماً رونقٌ خاص، إذ يبدأ الإنسان حياته المهنية بحلمٍ، ويسعى جاهداً إلى تحقيقه، وحينما يصل إليه، يصبح ما حققه من إنجازٍ مصدر فخرٍ له. من جهتي، تشرَّفت بأن أكون من أوائل النساء اللاتي دخلن مجلس الشورى السعودي، وواكب ذلك تعيين عددٍ من القياديات مستشاراتٍ، وتزامن مع أمرٍ ملكي بتعيين عضواتٍ في مجلس الشورى بنسبة لا تقل عن 20 في المائة من عدد الأعضاء الإجمالي، وقد تم تكليفي بإدارة قسمٍ، أُسِّس بشكل خاص لمساندة عمل العضوات، البرلماني والإداري والاستشاري، وتطوَّر ليصبح إدارة عامة، يندرج تحتها عددٌ من الإدارات الفرعية والأقسام والشُّعب، وهذه السلسلة من الوجود والعمل والبناء خلال التجربة الشورية الأولى للسيدات السعوديات بوصفهن عضواتٍ وفريق عملٍ، والزخم المعرفي الذي اكتسبته، والتغيير الذي حدث، أقل ما يُقال عنه إنه نقطة مفصلية في مسيرتي المهنية، ومدعاة لفخري، كوني كنت جزءاً من بدايات هذا التحول، الذي يُعد من أهم مبادرات الدولة لدعم وتمكين المرأة السعودية، وقد كانت المرحلة التي تلت قرار تعيين عضوات المجلس، وصدور الأمر الملكي المفصِّل لذلك، الأكثر حماساً.
إذ كانت التجربة جديدة على الجميع، وتستوجب توفير كل ما يدعم عمل صفوة من قياديات السعودية، وما يتطلبه ذلك من معايير مهنية عالية، ما أسهم في بناء فريق عملٍ مُدرَّب وذي كفاءة للقيام بالأعمال الموكلة إليه في فترة قياسية، استعداداً لاستقبال السنة الشورية الجديدة المدعَّمة بعضوات المجلس، وقد واكب هذا الأمر عديدٌ من الإجراءات، مثل تكييف آليات العمل بناءً على المستجدات في سباقٍ مع الزمن بما لا يتجاوز الشهرين، لذا دائماً ما يكون العمل مع فريق عمل مهني على قدر عالٍ من الكفاءة، وتحت إدارة عليا داعمة، أساس أي نجاح بهذا الشكل، فكل الامتنان والشكر والعرفان لكل مَن كان له دور إيجابي فيما تحقق، ومن الرائع أن يجتمع الكل على هدف واحد، وبروح واحدة مفعمة بالوطنية».
قدراتي سبب اختياري
وتحدثت الشبيلي عن أسباب اختيارها كموظفة في «الشورى»، والأهداف التي سعت إلى تحقيقها قائلة: «التعيين كان بالمفاضلة، وقد كان لإجادتي اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وحصولي على دورات عدة في الإدارة والتخطيط، وتمرسي في البروتوكولات الدبلوماسية، الدولية والمحلية، دورٌ في قرار تعييني، الذي لم أتردد لحظة في قبوله لثقتي في حجم ما يمكن أن أقدِّمه، متسلحة بإيماني بأن مَن يملك غاية ورؤية، ويرغب في العطاء، وإحداث فارقٍ، يمكنه النجاح في أي مكان يعمل به، وقد اجتهدت لتوفير الأسباب والظروف لتحقيق أهدافٍ عدة، تتلخص في تأسيس نموذج إداري متميز لتحسين الصورة النمطية لعمل الإدارات، وعكس صورة إيجابية عن المرأة السعودية الناجحة، وتأسيس جيلٍ من القادة الشباب وتسليحهم بالمهارات اللازمة، وأرى أن تنوُّع المعارف والخبرات مصدر إثراء للمسيرة المهنية، بل إن الجمود والروتين العملي بالنسبة إليّ مدمِّر لشغف التطور، ودراستي في كلية الطب لم تحد يوماً من تدعيم خبراتي بعديدٍ من الدورات المتخصصة، التي ساعدتني في تطبيق مبادئ إدارية مختلفة، مثل تلك التي تُطبَّق في المؤسسات الطبية، وأثبتت نجاحها».
تغيير الصورة النمطية
وبيَّنت كيفية تغيير الصورة النمطية للإدارات بالتأكيد على أن «كل الجهات قدمت الكثير للوطن والمواطن، لكنَّ التطور السريع في العالم، وما يتبع ذلك من تحديثٍ لعلوم الإدارة والمؤسساتية، وضرورة تطبيقها للحاق بالركب، تطلبَّ تطبيق عددٍ من الأساليب الإدارية الجديدة التي كانت تقتصر على بعض جهات القطاع الخاص المتميزة ببيئة عملٍ عالية المهنية والالتزام، لذا كان الهدف الأساس تأسيس إدارة مختلفة متميزة، تصبح نموذجاً، يُطبَّق في القطاعات الأخرى، وفق أعلى المعايير المهنية، وبما يواكب أرقى معايير الجودة ومبادئ الهندسة الإدارية، بعيداً عن التقليدية، وبهوية إدارية خاصة، وقد سعينا بالفعل إلى تغيير الصورة النمطية للإدارات، كما عملنا على ترسيخ مبادئ مهمة في المؤسسات، ووضعنا نصب أعيننا توظيف الطاقات الشبابية، والتركيز على التدريب والتطوير، وتدعيم الوعي المعرفي في مجالات عدة من خلال المبادرات والحملات المتنوعة للإسهام في إنجاح التجربة الشورية الأولى للمرأة السعودية التي تُعد الأهم ضمن مبادرات الدولة لدعم وتمكين المرأة السعودية».