يعد "كلود مونيه" واحداً من أبرز وأشهر الفنانين التشكيليين في التاريخ، وصنّف بأنه أحد أهم الرسامين عبر العصور، وأسس المدرسة الفنية الانطباعية التي كانت رائدة في القرن التاسع عشر.
وبالرغم من معاناته من مشاكل صحية وتحديات اقتصادية طوال حياته، إلا أنه تمكن من النجاح والبروز كواحد من أعظم الفنانين في التاريخ، فقد تغلب على الاكتئاب والفقر، وتجاوز عائق إصابته بمرض إعتام عدسة العين، وترك بصمة لا تُنسى في عالم الفن التشكيلي.
لوحات مونيه أغلى اللوحات الفنية في العالم
تزخر مسيرة مونيه الفنية بآلاف اللوحات المتميزة، ومن أبرزها "نساء في حديقة" (1867)، و"الزهور والفواكه" (1869)، و"زنابق الماء الأبيض" (1899). وقد بيعت بعض لوحاته بأسعار خيالية، وصُنِّفت ضمن قائمة أغلى اللوحات الفنية في العالم، مثل لوحة "Le Bassin Aux Nymphéas" التي رُسِمَت ما بين عامي 1913 و1917 وقدّر سعرها عام 2018 بنحو 84.7 مليون دولار، ولوحة "كومة الحبوب" التي تجاوز سعرها بالمزاد العالمي 81 مليون دولار.
على الرغم من هذا النجاح الباهر، عانى مونيه من تراجع قدراته البصرية خلال حياته. فقد فقد بشكل تدريجي القدرة على ملاحظة توهج وبريق الألوان، وأصبح يتحسس الإنارة المبهرة والقوية. وعلى الرغم من توصية طبيب العيون له بإجراء جراحة في عينه اليمنى، إلا أنه رفض ذلك، فكانت رغبته المحافظة على بصره الضعيف لمشاهدة المناظر التي يحبها بدلاً من فقدانها بشكل تام.
وفي محاولة يائسة منه للتعرف على الألوان أثناء الرسم، اعتمد مونيه ترتيبًا دقيقًا للألوان على اللوح، وعمد لكتابة أوصاف على أنابيب الألوان للتعرف عليها، ومع ذلك، لم يكن راضيًا عن رسوماته التي اتخذت طابعًا داكنًا مقارنة بالسابق.
تأسيس المدرسة الانطباعية
وبالرغم من كل هذه التحديات، فقد أسس مونيه مدرسته الفنية الانطباعية التي مهدت الطريق لجمالية فنية جديدة. وأصبح اسمه محفورًا في تاريخ الفن التشكيلي كواحد من أعظم الفنانين الذين أثروا هذا المجال.
تجسّدت في أمور كثيرة منها التركيز على تدرّجات الألوان والضوء، وقد ألغت الحدود التي تفصل بين اللون والرسم، كذلك خرج الفنانون الانطباعيون إلى الطبيعة والهواء الطلق بدلاً من العمل في المحترفات الفنية ورسموا مشاهد مستوحاة من الحياة اليومية ومن تحوّلات الطبيعة، واستوحى النقاد الفنّيون اسم الحركة الانطباعية من لوحة أنجزها مونيه عام 1872 وكان عنوانها "انطباع شمس مشرقة".
للمزيد الاطلاع على: رحلة إبداعية في عالم "تخيّل مونيه" في موسم جدة 2024.
أهمية مونيه
لم تكن أهمية مونيه محصورة فقط في كونه رائداً من رواد الحركة الانطباعية إلى جانب مبدعين آخرين ومنهم رونوار، وإنّما أيضاً في قدرته الكبيرة على التجدّد الفنّي مشفوعاً بعمله الدائم الذي لم يتوقّف على الرغم من تقدمه في السن، وكذلك بانفتاحه على الحضارات والفنون غير الأوروبية ومنها الشرق- أوسطية واليابانية، وبطرحه أسئلة أساسيّة حول معاني الفن وحول الإضافة التي يمكن أن يقدمها كمبدع عاش حتى الربع الأول من القرن العشرين وعرف التحوّلات الاجتماعية والثقافية الكبرى التي ساهمت في نشوء حركات الحداثة الفنية والفكرية.
تجدر الإشارة إلى أن موسم جدة يستضيف معرض "تخيل مونيه" التفاعلي الذي يعد الأضخم ويحوي 200 لوحة ويقدم تجربة فنية فريدة تجمع بين أصالة الفن وتطور التقنية الحديثة، وسط أجواء تحاكي لوحات مونيه، وذلك من خلال (تخيل مونيه) الذي يبدأ بلوحة "انطباع، شروق الشمس" (1872) الشهيرة، ويختتم بسلسلة"زنابق الماء" (1914- 1926)، وتمثل أقسام الذي يمثل رحلة عبر الزمن لاستكشاف عبقرية الفنان وفهمه العميق للضوء واللون؛ كونه يُقدم تجربة أصيلة محبي الفن الأصيل، حيث صمم مبدعو المعرض (غرفة اكتشاف) بمثابة رحلة تعليمية تبدأ باللوحات المعروضة قبل الدخول إلى الفضاء الغامر، وإتاحة الرؤية بزاوية 360 درجة للوحات الفنية، إلى جانب تجربة سمعية بصرية مبتكرة باستخدام تقنية Image Totale.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة اكس