أثبتت دراسة أميركية صادرة حديثاً عن «مركز بحوث الخصوبة والصحة الإنجابية» في جامعة «أوريغون» OREGON HEALTH & SCIENCE UNIVERSITY OHSU أن ما يقارب 19% إلى 33 % من النساء في الولايات المتحدة الأميركية ممن تتراوح أعمارهن ما بين 18 و45 عاماً يعانين من «تكيّس بالمبيض» Polycystic Ovary، وأن نحو 80% من هذه النسبة تبدو عليهن أعراض ما يعرف بـ «متلازمة المبيض المتعدّد الأكياس» Polycystic Ovary Syndrome، ما دفع الباحثين إلى اكتشاف طرق علاجية جديدة للتغلب على هذه «المتلازمة»، أحدثها تقنية تثقيب المبيضين Laparoscopic Ovarian Drilling. وقد أكدت النتائج فعاليّة هذه التقنية في علاج الفئة التي لم تستجب للعلاج الدوائي، إذ ارتفعت نسبة التبويض لدى السيدات اللاتي خضعن لتلك التقنية إلى 80%، وازدادت نسبة حدوث الحمل لديهن إلى حوالي 60%.
«سيدتي» اطلعت من رئيس قسم النساء والولادة وأطفال الأنابيب في «المستشفى السعودي الألماني» بجدة البروفيسور محمد رضوان على أسباب الإصابة بـ «متلازمة المبيض متعدّد الأكياس» وكيفية تطبيق التقنية الجديدة.
ممّا لاشك فيه أن حرارة المرأة تكون قابلة للتغيّر خلال الدورة الشهرية، بحيث تنخفض عن 37 درجة مئوية خلال النصف الأول من الدورة، ثم ما تلبث أن ترتفع عن هذا المعدّل في النصف الثاني منها بسبب حدوث الإباضة. وقد أشارت نتائج هذه الدراسة إلى أنه في حال انقطاع التبويض، تبقى حرارة الجسم منتظمة وثابتة لا تتجاوز 36.5 درجة مئوية طوال فترة الحيض.
وقد حدّد الباحثون الأعراض التي يجب توافر اثنين منها على الأقل لحدوث الإصابة بهذه «المتلازمة»، وهي:
1- اضطرابات في الدورة الشهرية نتيجة ضعف التبويض أو انقطاعه.
2- ارتفاع نسبة هرمون «الأندروجين» Hyperandrogenism سواء بشكل إكلينيكي أو كيميائي. ويعرف «الأندروجين» بأنه هرمون ذكري موجود طبيعياً لدى المرأة والرجل ولكنّ تكون مستوياته أدنى لدى المرأة، وتقوم المبايض بإفرازه للحفاظ على الوظيفة الطبيعية للإنجاب والقدرة على الأداء الجنسي.
3- وجود أكياس بالمبيض مع استثناء وجود مسبّبات أخرى لها، إذ يشترط توفر حوالي 12 حويصلة مبيضة أو أكثر يتراوح قطر كل منها ما بين 2 إلى 9 ملليمترات. وقد تصاحبها زيادة في حجم المبيض لأكثر من 3 إلى 10 سنتيمترات.
أسباب جوهرية
أثبتت التقارير الطبية أن حوالي 20% من السيدات قد يصبن بـ «التكيّس» بدون ظهور أيّ من الأعراض التي تظهر في حالات الإصابة بـ «المتلازمة» والتي تعزى أسبابها إلى عوامل عدّة، أبرزها:
- ارتفاع نسبة هرمون الذكورة: ينتج عن الزيادة في النسبة الكليّة من هرمون الذكورة «التستوستيرون» أو النسبة الحرّة منه التي تمثّل الجزء النشط من الهرمون والتي يتم إفرازها من المبيض بنسبة ضئيلة، إلى جانب إفرازات الغدة الكظرية. وفي هذا الإطار، أشارت دراسة أميركية تناولت 1871 سيدة مصابة بـ «متلازمة المبيض متعدّد الأكياس» إلى ارتفاع نسبة هرمون «التستوستيرون» لدى حوالي 33% من إجمالي المصابات. وقد عزا الباحثون هذه الزيادة إلى خلل في تنظيم إنتاج الهرمونات الستيرودية بالمبيض والتي تسبّب ظهور بعض الصفات الذكورية، كـ «الشعرانية» Hirsutism أو ظهور بعض الشعر الزائد على جانبي الوجه والذي قد يمتدّ أحياناً إلى الذقن أو الرقبة. ومن أعراضه: نمو بعض الشعيرات الخفيفة ذات اللون الفاتح التي تصبح سميكةً وداكنة اللون، وذلك في حال الزيادة المستمرة في نسبة هذا الهرمون، كما قد يظهر الشعر في البطن والخصر والظهر والأطراف، مع حب الشباب وزيادة في إفراز الغدد الدهنية. ولذا، كانت مضادات «الأندروجين» من بين أهم وسائل العلاج الهرموني للتكيّس كعقار «السبيرونولاكتون» في حالات الشكوى من نمو الشعر غير المرغوب فيه.
- ارتفاع نسبة هرمون الأنسولين Hyperinsulinemia: تنتج عنه اضطرابات بنسبة «الجلوكوز» بالدم والتي قد تصل أحياناً إلى إصابة بعض السيدات بالسكري، ولذا يوضح العلماء أن العلاج بعقاقير خفض الأنسولين كعقار Metformin يلعب دوراً هاماً في تحسين استجابة الجسم للهرمون وخفض مستوى هرمون الذكورة بجسم المرأة إذ يعمل على تحفيز «الأنسولين» وزيادة إفرازه، ما يعمل على استعادة النمط الطبيعي للتبويض.وتجدر الإشارة إلى أن السمنة والزيادة في الوزن تشكّلان أبرز مؤشّرات مقاومة الجسم للأنسولين، وفي هذه الحال يختلف توزيع الدهون لتشمل الجزء العلوي من الجسم وحول منطقة البطن والخصر. لذا، فإن التعديل الشامل لأسلوب الحياة يشكّل أحد أهم المؤثرات على الصحة الإنجابية والوظائف الهرمونية والأيضية. ومن هذا المنطلق، وُجد أن الحدّ من زيادة الوزن قد يساهم في استرجاع المبيض لوظيفته بنسبة قد تصل من 35% إلى 90% من إجمالي عدد المصابات بـ «متلازمة المبيض متعدّد الأكياس».
- ارتفاع نسبة الهرمون المصفر Luteinizing Hormone: هو أحد هرمونات الغدة النخامية والموجّهة مباشرة للغدد التناسلية، يتمّ إفرازه بناءًعلى إشارة هرمونية أخرى تأتي في شكل هرمونات محفزة LHRH تنطلق بدورها من منطقة بالمخ تعرف بـ «الوطاء» Hypothalamus وهي عبارة عن حلقة الوصل بين الجهاز العصبي والغدد الصماء بالجسم. يرتبط الهرمون المصفر بمستقبلات خاصّة به على المبيض، محفّزاً إفراز هرمون «التستوستيرون» الذي يتحوّل بفعل بعض التحوّلات الكيميائية داخل جسم الأنثى إلى الهرمون الجنسي الأنثوي «الإستروجين».
لذا، يعدّ من الطبيعي أثناء فترة الدورة الشهرية وصول نسبة هرمون «الإستروجين» إلى درجة معيّنة يمكن من خلالها تحفيز الجزء تحت السريري أو الوطاء، وبالتالي الغدة النخامية لإفراز مزيد من هرمون LH بشكل مفاجئ في الدم كي تزداد النسبة بينه وبين قرينه الهرمون المنشط FSH أي ما يعرف بـ LH surge، وذلك في منتصف فترة الحيض تقريباً، مسبباً خروج البويضة الناضجة وحدوث التبويض. وبناء عليه، في حال الإصابة بـ «متلازمة المبيض متعدّد الأكياس»، قد يحدث الخلل في المحور الهرموني (الوطائي ـ النخامي ـ المبيضي) فيزداد معه إفراز هرمون الذكورة من ناحية، كما تزداد نسبة هرمون «الإستروجين» الذي يتسبّب في زيادة سمك بطانة الرحم بصورة غير طبيعية من ناحية أخرى، مع ارتفاع النسبة بينه وبين الهرمون المنشط FSH في كل مراحل الدورة الشهرية، ما يترتب عليه فقد ما يعرف بـ (LH surge) وتوقف التبويض مسبّباً التأخر في الحمل وربما الإصابة بالعقم.
العلاج الهرموني
ثمّة علاجات هرمونية فعّالة في التغلب على «متلازمة المبيض متعدّد الأكياس» ترتكز على استعمال العقاقير المحفّزة للتبويض،
إلا أنّ ما يعيبها هو أنها تستغرق وقتاً طويلاً لكي تظهر نتائجها، أهمّها:
- حبوب منع الحمل: تحتوي على الهرمونات الأنثوية اللازمة لتثبيط انتاج الهرمونات الذكرية من المبيض وتنظيم الطمث وخفض مستوى هرمون LH المرتفع.
- عقار «كلوميفين» Clomiphene: تعتمد فكرة هذا العقار على منع تأثير هرمون «الإستروجين» على الغدة النخامية و«الوطاء»، وذلك عن طريق شغل المستقبلات الخاصة به، ما يؤدي إلى زيادة إفراز الهرمونات المحفزة للتبويض. ورغم توصيات الأطباء الحديثة باستخدام عقار «كلوميفين» لتحسين واستعادة قدرة المبيض على التبويض، إلا أن حوالي 25% من المصابات لا يستجبن للعلاج الدوائي والهرموني لتحفيز التبويض.
- الحقن المنشطة: تحتوي على هرمونات FSH وLH بصورة مباشرة لتحفيز البويضة على الخروج من الحويصلة المبيضة (التبويض). وتجدر الإشارة إلى ضرورة مراعاة استخدام العقاقير السابقة تحت الإشراف الطبي الخاص، إذ قد تسبّب الحقن المنشطة الإصابة بالحساسيّة.