تؤخِّرُ الفتياتُ حول العالم بشكلٍ عامٍّ، وفي البلادِ العربيَّة خاصَّةً، اليوم، قرارَ الزواجِ لرغبتهن في متابعةِ دراستهن، وبلوغِ مراتبَ علميَّةٍ متقدِّمةٍ، والانخراطِ بالتالي في سوقِ العمل، وتأسيسِ حياةٍ مستقلِّةٍ، والاعتمادِ على أنفسهن على الصعيدِ الاجتماعي والمادي والمهني، لكنْ من جهةٍ أخرى، ينعكسُ ذلك بشكلٍ سلبي على صحَّتهن الإنجابيَّة.
أعدّت المادة: عفت شهاب الدين
الدكتور غسان عازار: الطب لم يتوصّل بعد إلى علاج شيخوخة المبيض
يؤثِّر تأخُّر سنِّ الزواجِ سلباً في الصحَّة الإنجابيَّة للفتاة، خاصَّةً بعد عمر 35 عاماً، وعند حدوثِ الحمل، تزدادُ المشكلاتُ التي قد تضرُّه، ويتفاقمُ الأمرُ عقب سن الأربعين، من ذلك حدوثُ تشوُّهاتٍ كروموزوميَّةٍ قد تتسبَّبُ أحياناً في إجهاضِ الجنين.
وفي لقاءٍ لتوضيح الأمر، يؤكِّدُ الدكتور اللبناني غسان عازار، وهو طبيبُ أمراضِ النساء والولادة واختصاصي العقم، أن «أفضل سنٍّ للإنجاب، هو ما بين 20 و30 عاماً، فهذا العمرُ يكون مناسباً للحمل، وقد تحدثُ فيه مشكلاتٌ، تؤثِّر في صحَّة المرأةِ والجنين، لكنْ بنسبةٍ قليلةٍ، عكسَ الحالِ بعد الأربعين، إذ تقلُّ قدرتها على الإنجاب لقلَّة جودةِ البويضات، لذا يُنصَح بالزواجِ والإنجابِ فى سنٍّ معتدلةٍ حتى تتجنَّب المرأةُ حدوثَ أي مضاعفاتٍ، تؤثِّر في صحَّتها وصحَّة جنينها.”
ويضيفُ: «لكنْ، هذا الأمرُ، هل يتمُّ تطبيقه حالياً مع وصولِ المرأةِ إلى أعلى المراتبِ والمراكز، ومنافستها في سوقِ العملِ بكلِّ قوةٍ، وهل التأخُّر في الزواج، يؤدي إلى إصابةِ المبيضِ بالشيخوخة المبكِّرة، أم أن الأمرَ لا علاقةَ له بذلك؟».
ويستطردُ: «من المشكلاتِ المزعجةِ جداً التي تواجه النساء، ويعجزُ الطبُّ عن إيجادِ حلٍّ لها فشلُ وظائفِ المبيض المبكِّر، أو إصابته بالشيخوخة. نشاطُ المبيض، يبدأ بعد سنِّ البلوغ، أي ما بين عمر 11 و13 عاماً، ويستمرُّ في الظروفِ الطبيعيَّة العاديَّة إلى أن تصل المرأةُ لسنِّ اليأس، ما بين عمر 48 و53 عاماً. يحدثُ سنُّ اليأس المبكِّر عند بعض النساءِ قبل بلوغهن الـ 40 من العمر حيث يتوقَّف نشاطُ المبيضين، بالتالي تتوقَّف الوظيفةُ الأساسيَّة لهما، وهي إنتاجُ البويضاتِ الناضجة للإخصاب، وكذلك يتوقَّف إفرازُ الهرموناتِ الأنثويَّة الأساسيَّة، خاصَّةً الأستروجين والبروجسترون، التي تعطي خصائصَ الأنوثةِ الكاملةِ للمرأة».
ويتابعُ الدكتور غسان شارحاً الحالة: «سنُّ اليأس المبكِّر، أو فشلُ وظائفِ المبيضَين قد يحدثُ في عمرٍ صغيرٍ جداً، وهو ما لاحظناه عند فتياتٍ في العشرينيَّات، وقبل الزواج. هذا الأمرُ قد يكون ناتجاً عن موادَّ كيميائيَّةٍ موجودةٍ في الطعام، أو بسببِ الحروبِ التي نشهدها منذ أعوامٍ في منطقةِ الشرق الأوسط حيث نرصدُ حالاتٍ لفتياتٍ صغيراتٍ، يعانين من مخزونٍ ضعيفٍ جداً للبويضات».
وعن أفضلِ الحلولِ لتجاوز ذلك، يجيبُ: «من الإجراءاتِ الوقائيَّة التي أنصحُ بها عملُ فحصٍ طبي مبكِّرٍ لدى طبيبٍ مختصٍّ للكشفِ على الرحمِ، والمبايضِ، والبويضات، وبناءً على النتيجة، يمكن للفتاة التأخُّرُ نوعاً ما في اتِّخاذِ قرارِ الزواج، أو الزواجُ في أسرعِ وقتٍ». ويضيفُ: «إذا كانت تعاني من ضعفٍ في المبيضَين، فننصحها باللجوءِ إلى تجميدِ البويضات، وهي عمليَّةٌ متاحةٌ اليوم لجميع السيدات».
ويتابعُ الدكتور غسان: «فيما يخصُّ الفحوصاتِ الطبيَّة التي نقومُ بإجرائها لمعرفةِ صحَّة وسلامةِ المبيضَين فحصُ AMH، أي Anti mullerian hormone ، وهو عبارةٌ عن فحصٍ للدم، يجرى في أي وقتٍ أثناء الدورةِ الشهريَّة، ويُظهِرُ إذا كان المبيضان سليمين أم لا. إذا كانت النتيجةُ أقلَّ من الرقم 1 فهذا دليلٌ على عدمِ صحَّتهما، وضعفِ مخزونِ المبيض، أمَّا إذا كان الرقمُ بين 1 و2 فهذا دليلٌ على أن الوضعَ مقبولٌ، وفي حال كان الرقم أكثر من 2، يدلُّ ذلك على أن المبيضَين سليمان تماماً».
ويزيدُ: «من الفحوصاتِ الطبيَّة، نذكرُ أيضاً الصورةَ الصوتيَّة، أو Ultra Sound، وتمكِّنُ الطبيبَ من معرفةِ الرقمِ الدقيق للبويضات التي يحتويها المبيضان، وهذا الفحصُ يسمَّى AFC، أي Antral follicular count. هذه أهمُّ الفحوصاتِ الطبيَّة لمعرفةِ مخزونِ المبيضَين لدى السيداتِ بشكلٍ عامٍّ، والطبُّ لم يتوصَّل حتى الآن إلى علاجٍ لشيخوخةِ المبيضَين، أو حمايةِ الانخفاضِ في مخزونهما».
أمَّا عن انقظاعِ الطمثِ في سنٍّ مبكِّرةٍ، فيجيبُ الدكتور غسان: «هذا الأمرُ قد يكون ناتجاً عن عواملَ وراثيَّةٍ فقد تكون الوالدةُ وصلت لسنِّ اليأس مبكراً، لكنْ هناك سيداتٌ، لم تتوقَّف لديهن الدورةُ الشهريَّة حتى بعد وصولهن لسنِّ اليأس، إلا أنهن غير قادراتٍ على الإنجاب، لأن نوعيَّة وكميَّة البويضاتِ لديهن ضعيفةٌ».
وحول العواملِ التي تؤثِّرُ في نوعيَّة البويضات، يذكرُ: «أسلوبُ الحياةِ المعتمدُ من جانبِ المرأة، يؤثِّرُ بشكلٍ مباشرٍ في نوعيَّة البويضات، لكنَّه لا يؤثِّرُ في مخزون المبيضَين. هنا يجب التمييزُ بين الأمرَين، ونقصُ عددِ البويضات في المبيضَين قد تكون له أسبابٌ عدة، لكنَّ الطبَّ لم يتوصَّل بعد إلى تحديدها. عديدٌ من النساء يستفسرن عن سببِ حدوثِ الشيخوخةِ المبكِّرة للمبيضَين، وكيفيَّة التخلُّص منها، وهل هناك علاجٌ لاستعادةِ نشاطهما، خاصَّةً الصغيراتِ في العمر، وأجيبهن بعدمِ وجودِ علاجٍ لاستعادة نشاطِ المبيضَين، مع الأسف، حالياً. هناك أسبابٌ معروفةٌ للمريضة، وهي الاستئصال الجراحي للمبيضَين لوجودِ أورامٍ معيَّنةٍ، تستوجبُ إزالتهما، وكذلك تعرُّضها للعلاجِ الإشعاعي للأورام، أو العلاجِ الكيميائي، أو إصابةُ المبيضَين بالتهاباتٍ فيروسيَّةٍ، أو جرثوميَّةٍ في سنٍّ مبكِّرةٍ، أو وجودُ عيوبٍ في الصبغاتِ الوراثيَّة».
يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط
![تكيسس المبيض](https://static.sayidaty.net/inline-images-new/319880.jpeg?VersionId=m.fN3G.TvANIv0cN1z29f.lkP9H76DKu)
الدكتور سامر البستاني: تجميد البويضات في سن مبكرة
والتقينا كذلك الدكتور سامر البستاني، الاختصاصي في الجراحة النسائيَّة والتوليد والعقم، للاستفسارِ عن تقنية تجميد البويضات،، فأوضح أن «الإجراءَ المذكور، يهدفُ إلى حفظِ الخصوبة، وحمايةِ قدرةِ المرأة التناسليَّة، ومواجهةِ مخاوفِ العقم المتعلِّقة بـالتقدُّم في العمر، إلى جانب العلاجِ الإشعاعي، والكيميائي، وغيرهما من العلاجاتِ التي تتلفُ البويضات. وأذكرُ أيضاً الإصابةَ بأمراضِ المناعةِ الذاتيَّة التي تتطلَّب استخدامَ أدويةٍ، تحتوي على موادَّ قد تُسمِّم الغدد، والمعاناةَ من مشكلاتٍ خطيرةٍ في بطانة الرحم».
ويضيفُ: «تجميدُ مزيدٍ من البويضات، يعني زيادةَ احتمالِ حدوثِ الحمل في وقتٍ لاحقٍ، لذا تستخدمُ عمليَّة تجميدِ البويضات حقنَ الهرموناتِ لتحفيز المبايضِ على إنتاج بويضاتٍ متعدِّدةٍ في دورةِ حيضٍ واحدةٍ، عوضاً عن البويضةِ المفردة التي تنتجها المرأةُ شهرياً».
وحول العمليَّة، يذكرُ الدكتور سامر: «تُحقن المرأةُ بالإبرِ لمدةٍ، تتراوح بين 8 أيامٍ، و11 يوماً مع المراقبةِ من قِبل الطبيبِ المختصِّ عن كثبٍ، ثم تخضع لعمليَّةٍ جراحيَّةٍ قصيرةٍ تحت التخديرِ الخفيف لاستردادِ البويضاتِ من المبايض، بعدها تُنقَل البويضاتُ إلى مختبرِ علم الأجنَّة لتحضيرها وتجميدها، وعندما ترغب المرأةُ في استخدامها، تُذاب البويضاتُ المجمَّدة، وتُخصَّب من خلال عمليَّة الحقنِ المجهري في المختبر، ما يخلقُ أجنَّةً، تُنقَل مرَّةً أخرى إلى الرحم. قبل تجميدِ البويضات، يجب أن تخضع المريضةُ لتحفيزِ المبيضَين لإنتاجِ بويضاتٍ أخرى، تُجفَّف من الماء بصورةٍ تامَّةٍ، علماً أن العمليَّة، يجب أن تتم خلال دقائقَ للحفاظِ على شكلِ البويضة. عقب ذلك، تُجمَّد في النيتروجين السائل على حرارة 196 درجةً مئويَّةً. وفي هذا الإطار، تُستَخدم مضاداتُ الصقيعِ الخلويَّة قبل أن تُوضع البويضةُ في سائلِ الآزوت، وعند الرغبةِ في الإنجاب، يُذاب الجليدُ عن البويضات التي تُلقَّح بالحيوانات المنويَّة. وهذه التقنيَّة، باتت حلاً للمرأةِ التي ترغبُ في تأخيرِ الإنجاب من أجل متابعةِ تحقيقِ أهدافها التعليميَّة، أو المهنيَّة».
ويختتمُ الدكتور سامر حديثه بالقول: «نظراً لانخفاضِ معدَّل الخصوبةِ مع التقدُّم في العمر، يعدُّ اللجوءُ إلى تجميدِ البويضات في سنٍّ مبكِّرةٍ أفضل طريقةٍ للحملِ مستقبلاً».
من المفيد الاطلاع الى كيف أرفع فيتامين د D؟.. إليكِ الإجابة بالتفاصيل الدقيقة.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.