مع تقلب الحالة الجوية، تكثر أمراض الجهاز التنفسي، سواء نزلات البرد أو الإنفلونزا، والتي عادة تتحول إلى حالة أطول من ضيق التنفس. وفي حين يلجأ البعض مباشرة إلى الأدوية والمضادات الحيوية، يفضّل آخرون العودة إلى الطبيعة واستخدام وصفات منزلية شهيرة مثل العسل.
ولكن هل في حالة الإصابة بضيق في التنفس يمكن للعسل أن يؤتي بثماره، ويعالج الأمر؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال، وفقاً لما توصلت إليه الدراسات، لا سيّما أن معظم العلاجات الطبيعية تلقى رواجاً بسبب تجارب الأشخاص وليس الأدلة العلمية.
إعداد: إيمان محمد
كيف يؤثر العسل على الجهاز التنفسي؟
أجرت جامعة أكسفورد البريطانية مراجعة منهجية وتحليلاً شمل 14 دراسة خاضعة للرقابة، الهدف كان معرفة مدى فاعلية العسل في التخفيف من أعراض التهابات الجهاز التنفسي العلوي، والتي تشمل السعال، التهاب الحلق، وأحياناً ضيق التنفس الطفيف الناتج عن تهيج القصبات الهوائية.
وخلصت المراجعة إلى التالي:
تقليل حدة السعال
العسل ساعد على تقليل حدة السعال وتكراره، وأسهم في تحسّن الأعراض العامة بحلول اليوم الخامس من العلاج، مقارنة بالعلاجات التقليدية مثل أدوية السعال أو مضادات الهيستامين.
الحد من ضيق التنفس
بالتبعية مع تهدئة السعال، بدأ ضيق التنفس في الاختفاء التدريجي؛ لأن ضيق التنفس غالباً ما يرتبط بالسعال المتكرر أو التهابات الحلق، لا سيما لدى الأطفال أو كبار السن، وبالتالي فإن تقليل نوبات السعال تُسهم بشكل غير مباشر في تحسين عملية التنفّس.
كيف يساعد العسل في علاج ضيق التنفس؟
حددت دراسات نشرت في National Library of Medicine الطريقة التي يؤثر بها العسل على الجهاز التنفسي العلوي، وهي كالآتي:
مضاد للبكتيريا والفيروسات
بحسب ما ورد عن العسل، فهو يحتوي على مركّبات طبيعية ذات خصائص مضادة للبكتيريا والفيروسات، إضافة إلى مواد مهدئة ومرطبة تساعد على تهدئة الحلق وتليين الأغشية المخاطية المتهيجة في الجهاز التنفسي، هذا يجعله خياراً طبيعياً آمناً للتهدئة الفورية لأعراض البرد.
تهدئة الحلق
العسل يخلق طبقة واقية في الحلق، مما يقلل من تحسس الأعصاب المسؤولة عن تحفيز السعال، وبما أن السعال المتكرر هو أحد أسباب الشعور بضيق في التنفس، فإن تهدئة السعال تُسهم في راحة المريض وتحسين تنفسه.
هل العسل بديل لأدوية الجهاز التنفسي؟
في حال الإصابة بنزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي، فعادة ما يكون سبب الإصابة ناتجة عن فيروسات، وليست بكتيريا، وبالتالي فإن المضادات الحيوية لا تكون فعّالة في معظم الأحيان. للأسف، كثيرون يضغطون على الأطباء لوصف مضاد حيوي، ظناً منهم أنه الحل السريع، مما يُسهم في تفاقم مشكلة مقاومة المضادات الحيوية حول العالم.
وفي هذا السياق، يشير الباحثون إلى أن العسل قد يكون خياراً جيداً يخفف الأعراض، ويُشعر المرضى بالراحة من دون الحاجة إلى استخدام أدوية غير ضرورية. وهذا ما أكده أيضاً الباحث ستيف تشابلن، في مقاله على موقع Prescriber، حيث قال إن العسل أظهر فعالية تفوق بعض الأدوية الشائعة، خصوصاً في تحسين النوم وتقليل السعال الليلي عند الأطفال.
رغم أن الدراسة أشارت إلى تفوق العسل على بعض العلاجات، إلا أنها لم تقارنه بأشهر أدوية السعال المتوفرة في الصيدليات، لذا لا يمكن القول إنه بديل فعّال على الإطلاق، لكن يمكن اعتباره خياراً آمناً وطبيعياً يناسب بعض الحالات الخفيفة إلى المتوسطة.
يحذر الأطباء من الاعتماد الكامل على العسل في الحالات التي تستدعي علاجاً دوائياً، مثل التهابات الصدر الشديدة أو صعوبة التنفس الحاد أو الحمى المرتفعة المستمرة.
اقرئي أيضاً: تجربتي مع التهاب الشعب الهوائية في العلاج والوقاية
طريقة استخدام العسل لعلاج ضيق التنفس
لا توجد جرعة محددة؛ لأن العسل في النهاية ليس علاجاً دوائياً، ولكن الدراسات التي تمت مراجعها استخدمت ملعقة صغيرة إلى ملعقتين في اليوم، سواء عن طريق تناوله مباشرة، أو عبر مزجه بالماء الدافئ، أو إضافته إلى مشروبات الأعشاب، مثل الزنجبيل أو الليمون أو البابونج.
إليكِ بعض الطرق البسيطة لاستعمال العسل:
- ملعقة عسل صباحاً على الريق لتليين الحلق.
- كوب من الماء الدافئ مع عصرة ليمون وملعقة عسل قبل النوم.
- مزج العسل مع الزنجبيل المبشور لتخفيف التهابات الشعب الهوائية.
هل العسل مناسب للجميع؟
حسب ما ورد في دراسة نشرت في BMJ Journals، فإن العسل رغم فوائده المتعددة، إلا أنه قد لا يناسب الجميع. أهم التحذيرات تشمل:
- الأطفال دون عمر السنة: لا يجب إعطاؤهم العسل مطلقاً؛ بسبب خطر الإصابة بالتسمم الغذائي (البوتيوليزم).
- مرضى السكري: عليهم استشارة الطبيب قبل تناول العسل؛ لأنه يحتوي على نسبة عالية من السكريات الطبيعية.
العسل ليس علاجاً سحرياً، لكنه بالتأكيد علاج طبيعي يستحق التجربة في حالات ضيق التنفس الخفيف المصاحب لنزلات البرد أو السعال. استخدامه بطريقة صحيحة قد يُسهم في تخفيف الأعراض، وتحسين جودة النوم، وتجنّب استخدام المضادات الحيوية غير الضرورية.
* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.
