تكتسب شواطئ البحار سحراً يجعلها أحد أجمل ما يمكن أن نراه على كوكب الأرض، ويزداد هذا الجمال سحراً حين يضيء الشاطئ باللون الأزرق المتوهج:
مجرد حلول المساء تتلألأ رمال الشاطئ باللون الأزرق المدهش لتنافس النجوم ضياءً!
والسبب هو عوالق نباتية ميكروسكوبية تسمى فايتوبلانكتون تنتشر قبالة الشاطئ وعلى رماله، ويعتقد العلماء أنها تتوهج بهذه الطريقة العجيبة لتُخيف أعداءها، فلو كنت كائناً مفترساً لا أظن أني سآكل مخلوقاً يضيء!
وهناك نظرية أخرى تقول إن الفايتوبلانكتون تستخدم هذه الإضاءة الذاتية لتجذب كائنات مفترسة أخرى لتحمي منطقة تواجدها.
لا تحدث هذه الظاهرة في المالديف فقط بل تحدث كذلك في منطقة إفرجليدز التي تقع في جنوب فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية.
تتوهج بحيرات جيبسلاند في استراليا بسبب نوع خاص جداً من الطحالب. والسبب هو ذاته في أستراليا حيث تتسبب أنواع نادرة من الطحالب في هذا التوهج.
شهدت عدّة شواطئ صينية خلال السنوات الأخيرة ظاهرة «الأزرق المتوهج»، حيث أضيئت الشواطئ بمياه ممزوجة بطيف من النور الأزرق المتوهج. ومن وجهة نظر علمية، تعود هذه الظاهرة إلى قذف مياه البحر للطحالب البحرية المضيئة نحو الشاطئ، مما يشكل منظراً بديعاً وساحراً.
وأظهرت دراسة حديثة قام بها باحثون صينيون وأميركيون نُشرت في «مجلة الاتصالات الجيوفيزيائية» الأمريكية أن الطحالب المضيئة قد شهدت نمواً سريعاً على السواحل الصينية خلال السنوات الأخيرة.
وقام باحثون من جامعة شيامن الصينية وجامعة جنوب فلوريدا في الولايات المتحدة في هذه الدراسة بإجراء تحاليل على ما يقرب من 1000 صورة لبحر الصين الشرقي التقطتها أقمار وكالة الفضاء الأمريكية ومحطة الفضاء الدولية، وقاموا برسم خرائط لتوزع وتغيرات الطحالب المضيئة.
وقالت الدراسة إن عدد مرّات ظهور الأحياء البحرية المضيئة قد زاد بشكل ملحوظ بين عامي 2003 و2017. على سبيل المثال، استمرّت ظاهرة الكائنات البحرية المضيئة في عام 2017 من وسط شهر أبريل حتى وسط شهر يوليو.
واكتشفت الدراسة أن هذه الظاهرة يمكن أن تمتدّ إلى 300 كيلومتر وراء خط الشاطئ، أي أبعد مما تم تقديره في وقت سابق. بالإضافة إلى ذلك، توصلت الدراسة إلى أن هذه الكائنات البحرية يمكنها البقاء على قيد الحياة عند درجة حرارة تصل إلى 28 درجة مئوية. في حين اعتقدت الدراسات السابقة بأن شروط بقاء هذه الكائنات على قيد الحياة تحتاج إلى درجة حرارة تتراوح بين 20 و25 درجة مئوية.
ويرجح الباحثون أن يكون ازدياد معدّلات استعمال الأسمدة قد أدّى إلى زيادة العناصر الغذائية داخل الماء، ما أسهم في رفع أعداد الطحالب المضيئة، وتوقعوا بأن تحافظ هذه الكائنات على هذا النسق خلال السنوات المقبلة. وقال الباحثون أيضاً إن صور الاستشعار عن بُعد يمكنها أن تعكس بوضوح مشاهد الطحالب المضيئة، مما يقدّم تنبؤاً أكثر دقة للزوار الذين يرغبون في مشاهدة «الأزرق المتوهج».
مع ذلك ينبّه الخبراء إلى أن تفشي الطحالب الليلية، هي ظاهرة يمكن أن تضر بالحياة البحرية، فرغم أن الطحالب لا تحتوي على سموم، لكن عددها الكبير قد يسد خياشيم الأسماك، ما قد يعيقها على التنفس ويؤدي إلى اختناقها ومن ثم نفوقها.