سهام بادي، وزيرة المرأة في تونس، من أكثر النساء إثارة للجدل في الوسطين الإعلامي والسياسي، ما بين مادح لها ومنتقد لشخصيتها وأسلوب عملها، فهي ليست من نوع النساء اللاتي يمررن في الخفاء، بل هي امرأة تحب الأضواء، لذلك تتعمد الإدلاء بتصريحات مستفزة أحياناً لخصومها السياسيين؛ عندما تقول لهم علناً وعلى الملأ: «من لا يعجبه فليشرب من البحر!».
وهي تعترف بأنها امرأة مشاكسة! فعندما انتقدوها؛ لارتكابها أخطاء لغوية في نص لها باللغة الفرنسية، ردت رداً عنيفاً متهكمة، ومفتخرة بشهاداتها من الجامعة الفرنسية.
حياتها السياسية
ترشحت سهام بادي للمجلس التأسيسي، وفازت بالمرتبة الثانية في الانتخابات، ممثلة للجالية التونسية في فرنسا، ضمن قائمة حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية»، الذي ينتمي إليه المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية الحالي، وهو مثلها؛ طبيب ومناضل حقوقي، وتم تعيينها وزيرة للمرأة، واللافت أنه راجت في وقت سابق شائعات ملحّة عن علاقة بين الرئيس ووزيرة المرأة، وهما ينتميان إلى منطقة واحدة بالجنوب التونسي، وقيل وكُتب إنه سيتزوجها، إلا أنها سارعت بتكذيب الشائعة، كما أن الرئيس، وبعد أشهر طويلة من توليه الرئاسة، ظهر مع زوجته الفرنسية في مناسبات عديدة.
ولدت ونشأت سهام بادي في مدينة «توزر» بالجنوب التونسي، وكانت تحظى بإعجاب والدها المعلم؛ لأنها كانت متفوقة في دراستها، وأصبحت طبيبة، ومنذ طفولتها تولّد لديها ميل لـ«العمل الجمعوي»، فانخرطت في الكشافة، وعندما أصبحت طالبة بكلية الطب بتونس، انضمت إلى منظمة الاتحاد العام للطلبة التونسيين.
غربة ولجوء
عاشت طويلاً في فرنسا كلاجئة سياسية قبل الثورة، وهاجرت فراراً من النظام السابق، بعد أن صدر حكم بالسجن ضدها سنتين؛ بسبب نضالها، ونجحت في مغادرة البلاد قبل إلقاء القبض عليها، ولم يسمح لأي أحد من أهلها بالحصول على جواز سفر لمدة سبعة أعوام، بعد فرارها إلى فرنسا؛ عقاباً لها، ومُنعوا من لقائها، حتى إنها عندما تزوجت شاباً مهاجراً ولاجئاً مثلها في فرنسا، لم يتمكن أهلها من حضور زفافها.
عانت مرارة الغربة وألم البعد، فقد بقيت ثمانية عشر عاماً بأكملها في المهجر بفرنسا، وأكثر ما كان يؤلمها في غربتها هو غيابها عن أفراح وأتراح أسرتها. لكن سهام بادي امرأة تتحدى الصعاب والعراقيل، وتحوّل كل ما هو سلبي في حياتها ومسيرتها إلى أمر إيجابي. وتقول: «لديّ رغبة جامحة في فرض ذاتي كامرأة بمواقفي، وأن يتعامل معي الجميع على أساس كفاءتي».
العودة
بعد الثورة عادت سهام بادي إلى بلادها دون تردد؛ بعد أن تم إعلامها، وهي في فرنسا، بأنه تم اختيارها وزيرة للمرأة، فقبلت الاقتراح، في حين لم يوافق زوجها، وهو أستاذ فلسفة تونسي لاجئ سياسي مثلها، وفضّل البقاء في فرنسا، فكان هذا سبب طلبها الطلاق، واصطحبت معها إلى تونس بناتها الثلاث، وهن يتابعن دراستهن بالمدارس الفرنسية بتونس، ويزرن والدهن المقيم في فرنسا في الإجازات.
مثيرة للجدل
سهام بادي امرأة مثيرة للجدل، وهي حالياً المرأة الوحيدة في الحكومة الحالية، وهي من موقعها تؤكد أنها تعمل للقضاء على التمييز الجنسي في الاختيار للمناصب العليا والمسؤوليات القيادية. ومن القصص الكثيرة التي يتداولها الناس عنها، قصة رفعها دعوى قضائية ضد طالبة جامعية رفعت أمام الوزارة في وقفة احتجاجية لافتة كتبت عليها بصريح العبارة: «وزيرة المرأة عاهرة»، وتم الحكم على الطالبة بثلاثة أشهر سجناً بتهمة القذف.
بعد أيام ستترك سهام بادي الوزارة، بعد أن تعهّد رئيس الحكومة باستقالة حكومته، ولاشك أنها في الأيام الأولى ستركن إلى الراحة، وستمارس هوايتها المحببة في إعداد الأطباق الشهية، وستتفنن في طهو أكلات تونسية وعالمية تحبها، ولكن المؤكد أنها امرأة طموح، وستواصل العمل؛ لتعود من جديد إلى الواجهة، أو تتفرغ إلى مهنتها الأصلية؛ وهي الطب.