يعتبر الجلد أكبر أعضاء الجسم، وهو مُعرَّض للحروق التي تؤدِّي إلى تدمير أنسجته. يتألَّف الجلد من طبقات عدة، هي: الطبقة السطحيَّة أي البشرة epidermis، وأسفلها نسيج يُسمَّى الأدمة dermis ويحتوي على الأوعية الدمويَّة واللمفاويَّة التي تُغذِّي البشرة وأعصاب الجلد، والطبقة الثالثة عبارة عن نسيج يحتوي على الخلاية الدهنيَّة hypodermis، بالإضافة إلى وجود غدد عرقية وغدد دهنية وبصلة الشعر.
يشرح الاختصاصي في جراحة الأنف والأذن والحنجرة وترميم وتجميل الوجه الدكتور خيرالله عوكر لـ"سيدتي. نت" عن وظائف الجلد، التي تشمل:
1. الحماية من العوامل الميكانيكيَّة والكيميائيَّة والجراثيم والأشعَّة.
2. الحفاظ على حرارة الجسم، من خلال حركة الدم في الأوعية الدمويَّة، والإفرازات عند التعرُّق.
3. المُساهمة في عمليَّة الأيض metabolism بالجسم.
4. دور في المناعة من خلال وجود أنواع معينة من الخلايا.
5. دور في صناعة الفيتامين "د".
عند الحرق، يوضح د. عوكر "أنّ الجلد "يُدمَّر، ممَّا يعرضه إلى خسارة وظائفه؛ يعتبر الحرق مرضًا موضعيًّا و/أو عامًّا، بحسب ردّة فعل الجسم المطلوبة عليه، إذ تقيّم الحروق بحسب مكانها في الجلد، ومدى انتشارها، وعمقها. مثلًا: بإمكان هذه الحروق أن تُهدِّد وظيفة عضو ما، اليد مثلًا، كما يمكنها في الحالات القصوى أن تُهدِّد الحياة، عندما تطال المجاري الهوائيَّة أو تتسبَّب بالتهابات ومضاعفات حادة".
وعن عمق الحرق، يقول د. عوكر أنَّ "للحروق درجات تتفاوت من الدرجة الأولى وصولًا حتَّى الدرجة الرابعة (الأكثر عمقًا)، وفق الآتي:
- الحروق السطحيَّة تنقسم إلى نوعين: الدرجة الأولى تؤدي إلى احمرار البشرة من جرَّاء ضرر جزئي فيها (ضربة شمس، مثلًا).
- الدرجة الثانية السطحيَّة التي تُدمِّر الجزء الأكبر من البشرة، وينتج عنها احمرار في البشرة، وسخونة فيها، وآلام مبرِّحة، مع وجود تبثرات. وتحتاج هذه الحروق عادةً إلى أسبوعين للشفاء.
- الحروق العميقة: الدرجة الثانية العميقة تُدمِّر كامل البشرة، بالإضافة إلى قسم من الأدمة، لتتخذ البشرة عندها اللون الأبيض أو الأحمر القاني. علمًا أنَّ هذه الحروق ليست مؤلمة جدًّا. وهي بحاجة أقلّه إلى ثلاثة أسابيع من العلاج، بإشراف طبِّي. تجدر الإشارة إلى أنَّه يُمكن للبشرة في هذه المرحلة إصلاح نفسها بنفسها من خلال بصلات الشعر المتبقية.
- الحروق من الدرجة الثالثة تُدمِّر كامل البشرة، بالإضافة إلى كامل الأدمة، لكنَّها لا تولِّد الألم، لتشبه البشرة حينئذ الكرتون، ويتساقط الشعر منها. وفي هذه المرحلة، لا يمكن للبشرة إصلاح نفسها بنفسها، وبالتالي فإنَّ الجراحة ضروريَّة.
- الدرجة الرابعة هي التفحُّم، وامتداد الحروق إلى العظام والعضلات.
تهديد حياة المُصاب
عند وصف الحرق بـ"المرض العام"، فإنَّ السبب هو هروب الماء والأملاح من الأوعية الدموية بشكل كبير، ممَّا يؤدي إلى النقص الحادِّ في حجم السوائل بالجسم، وإلى تشكيل ورم يضغط بدوره على الأوعية، كما يؤدِّي إلى زيادة حادَّة في حاجات الجسم، ممَّا يؤثِّر في عملية الأيض. لذا، يقود إهمال علاج الحالة إلى تهديد حياة المُصاب، بالإضافة إلى ارتفاعٍ حادٍّ في خطر الإصابة بالالتهابات. إذا كان الحرق يمتد على أكثر من 10% من الجسم، فهو حينها يستدعي الاستشفاء، أمَّا إذا تعدى الـ30% من مساحة الجسم فهو يستدعي نقل المصاب إلى قسم خاص بالحروق.
خصائص حرق الوجه
يذكر د. عوكر أنَّ "حرق الوجه يتطلَّب عناية خاصَّة لوجود العينين (حاسة البصر) والأنف أي المجاري الهوائيّة العليا (حاسّتا الشم والتنفس)، من هنا ضرورة وجود طبيب اختصاصي لتقييم الحالة ومتابعة العلاج، بالإضافة إلى طبيب تجميل الوجه ليخفّف من الندبات التي تنتج عن الحرق". ويضيف إنَّ "الدرجة الثانية العميقة من الحروق في الوجه والدرجة الثالثة منها تستدعيان الجراحة، أي استئصال المنطقة المحترقة، وزرع الجلد فيها. لكنَّ، هذا العمل الحسَّاس يحتاج إلى طبيب كفوء ومُتمرِّس، بخاصَّة أن عملية تقدير الحرق في مراحله الأولى دقيقة، وبالتالي يقود التسرُّع في الاستئصال إلى زيادة الإصابة بالندب بعد العمل الجراحي". إشارة إلى أنَّ منطقة الوجه كثيرة الشرايين، وبالتالي هي تتجاوب بشكل أكثر سرعة من غيرها في العلاج، مُقارنة بمناطق الجسم الأخرى.
وعن زرع الجلد في الوجه، يلفت الطبيب إلى أنَّ "الجلد يؤخذ من أماكن أخرى وهي الأكثر تجانسًا بلونها مع لون بشرة الوجه، بوساطة أدوات معيَّنة، كما يمكن في حالات محددة استعمال مواد صناعيَّة حديثة موقتة المفعول. في حالات أخرى أكبر وأصعب تتمّ استعارة الجلد والعضل وحتى العظام من أماكن أخرى في الجسم. وهذه عمليات مُعقَّدة ومكلفة وتتطلَّب عناية مطولة.
إشارة إلى أنَّ عمليات زرع كامل الوجه حدثت في العالم، ولكنّها لا تزال حتّى اليوم محدودة وفي طور الأبحاث.
تابعوا المزيد: تصرفات مريض الزهايمر.. اكتشفيها باكراً