حكايات قبل النوم عادة جميلة تحرص عليها غالبية الأمهات بحب واهتمام، وتسعد بها الابنة وتنتظرها فرحة بقربها من والدتها، وحتى يكبر قلبها بالمعاني الجميلة. و"حسن "وحصة الحساب " واحدة من القصص التي تدفع الطفل لبذل الجهد ونبذ الكسل، والإيمان والثقة بالقدرات والمهارات
"حسن" صبي صغير عمره -9 أعوام- أصغر إخوته؛ الكبير في الثانوية العامة والأوسط بالإعدادية، وهو لا زال بالصف الثالث الابتدائي، يحب مدرسته ويعمل واجباته؛ يفرح بحصة العربي، ويغني مع زملائه في حصة الموسيقى، ومعلمة الرسم تعلق لوحاته التي يرسمها، وأول من ينزل لملعب المدرسة في حصة الألعاب، لكنه لا يحب حصة الحساب!
العام الدراسي الأول مر على "حسن" بسلام مع مادة الحساب، والثاني لم تكن هناك مشكلة، وما إن بدأ الجمع والطرح والضرب والقسمة ودخلت الأرقام مرحلة المائة والمائتين أصابت "حسن" حالة من الخوف والارتباك.
يظل "حسن" صامتاً في حصة الحساب، لا يرفع يده ولا يشارك زملاءه أي إجابة أو سؤال، وإن رجع البيت وجاء دور واجبات الحساب حار واحتار، كان يخجل أن يخبر أمه، ويفضل أن يتوجه لأحد أخويه، فيوبخه قليلاً ثم يحل معه المسائل.
وفي آخر الشهر انكشف الأمر وبان؛ جاءت الشهادة وعليها علامة حمراء تشير إلى ضعف درجات "حسن" في الحساب، غضبت الأم وشعرت بتقصيرها، وما إن اقتربت للتحدث مع "حسن" ومعاتبته، حتى انفجر في البكاء ولم يعرف جواباً لسؤالها؛ :"درجاتك حلوة في كل المواد؛ فلماذا هي ضعيفة في الحساب؟"
مرت أيام و"حسن" يحاول ويجتهد ليفهم الحساب، والأم معه تسانده، من دون أن تحل معه -فعلياً- مسائل الحساب، وفي يوم ما حدث ما غير الكثير من الحسابات!
طلبت الأم من "حسن" أن ينزل ليشتري لها بعض البقالة والخضروات، ووضعت بيده ورقة من فئة الخمسين جنيهاً- وكأنها تُجرّبه - ، وأخبرته أن يكتب ثمن كل ما يشتريه في ورقة الطلبات، وقبل أن يتوجه "حسن" إلى السوق. سمع فتاة صغيرة تبكي بحرقة على نقود ضاعت منها، خوفاً من عقاب سيدتها. ربما وبختها وشكتها لأمها!
توقف "حسن" وسألها بكل طيبة واهتمام: كم كان معك؟
: أعطتني سيدتي 100 جنيه، اشتريت 3 كيلو طماطم سعر الكيلو 7 جنيهات، والبقال أخذ مني 50 جنيهاً ورد لي الباقي.. بقيّ معي نقود قليلة ولا أعرف أين ذهبت بقية النقود؟
أمسك "حسن" بالورقة وأخذ يضرب ويجمع ويطرح الأرقام، ثم أخذ ما بيد الفتاة من النقود، بعدها أخبر الفتاة : الحساب سليم ولم يضع منك أي نقود، وأعطاها ورقة الحساب، ولم يتركها حتى توقفت عيناها عن البكاء وتسللت إليها الابتسامة.
"حسن" حار واحتار؛- مرة ثانية- كيف فعل هذا؟ كيف تمكن من طرح وضرب وجمع الأرقام. من دون كسل أو خطأ وتباطؤ في الحساب؟
رجع "حسن" لمنزله سعيداً فرحاناً بعد أن اشترى الطلبات، ولم ينس أن يحكي لأمه قصة الفتاة.
فقالت: ألم أخبرك من قبل، أنت لم تجرب قدراتك، ولم تكتشفها في مادة الحساب. وتركت نفسك للكسل!
وتابعت: هل تعلم أن "أينشتين" عالم الرياضيات الشهير والحائز على جائزة نوبل 1921، رسب في امتحان الدخول إلى الجامعة واضطر للعمل ككاتب بسيط في مكتب ما، وعندما لم يسمع صوت كسله وعمل بجد واجتهاد أنجز وابتكر الكثير في عالم الفيزياء والرياضيات
هنا اندفع"حسن" إلى غرفته..وقرر ان يبدأ واجباته بحل مسائل الحساب وحده...ومن دون طلب مساعدة ..وعندما وجد باب غرفته مغلقا ابتسم وقال لنفسه: يكفي أنني لم أرسب في اختبار دخول الجامعة.."اينشتين" ليس أكثر مني شطارة!