صنع المغربي عز الدين الابراهيمي الحدث في زمن كورونا، وسلطت عليه الاضواء من خلال عمله الدؤوب بمختبرالبيوتكنولوجيا الطبية الذي يرأسه، حيث انخرط منذ بداية انتشار فيروس كورونا "كوفيد 19" في مجموعة من الابحاث العلمية حول ماهية الوباء، ونشر عدد من نتائج الابحاث في منشورات عالمية لفهم وفك شفرة فيروس كورونا، يتميز البروفسور المغربي بتواصل ايجابي وابتسامة لا تفارقه تبعث على التفاؤل والثقة بالبحث العلمي، الذي كان من شأنه تبديد الغموض وتبسيط المفاهيم وتوضيح أهمية اللقاح وفعاليته لمواجهة الوباء.
سيدتي سألته عن سرّ الابتسامة الدائمة وتمكنه من التواصل الجيد باللغة العربية، فأجابها: "إنها نصيحة أمي ، كانت تحثني على اللباقة في الكلام والرد على الآخرين بابتسامة ولطف والابتعاد عن العصبية والتجهم، من جهتي أحث على الإيجابية والنظرة المتفائلة لضمان استمرار العمل ،وحث فريق العمل على المواصلة ،أيضا مدين لوالدي رجل التعليم بحرصه على تعليمي وتكويني وحثي على اللغة العربية وباقي اللغات ".
مسار مغربي وعالمي
درس البروفسور إبراهيمي بالمغرب وتابع دراسته في فرنسا والولايات المتحدة الامريكية ،فبعد حصوله على الإجازة من جامعة محمد الخامس بالرباط، تابع دراساته العليا بجامعة نيس، حيث حصل على شهادة الدكتوراه سنة بتفوق سنة 1992 وعمره لم يتجاوز إذذاك 26 سنة. انتقل بعد ها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل كباحث ثم أستاذ جامعي بجامعة ستوني بروك بولاية نيويورك التي تعد إحدى أهم الجامعات الأمريكية..
عاد المغرب وأنشأ المختبر ألأول من نوعه في المغرب للبيوتكنولوجيا الطبية الذي يضم عدة فرق للبحث و تقنيات من الطراز الدولي، كما أنشا مؤخراً مركزاً للبحث على مستوى جامعة محمد الخامس يضم 8 فرق للبحث و أكثر 100 باحث وأكثر من 150 طالب باحث. كما أخرج للوجود عدة مسالك جامعية على مستوى الإجازة والماستر، حيث ينسق حالياً ماستر للبيوتكنولجيا واخر للمعلوماتية الحيوية و إجازة باللغة الإنجليزية في البيوتكنولوجيا والتي تعتبر أول بادرة مغربية من هذا القبيل.
باحث جينات
يقود البروفيسور إبراهيمي ثورة علمية هادئة في مجال الأبحاث الطبية المبتكرة، وهو مشروع يتوخى تحديد جينوم مرجعي موحد للمغاربة، بهدف التعرف على التركيب الوراثي والجيني الكامل للإنسان المغربي، فالفريق العلمي الذي يقوده البروفيسور عز الدين إبراهيمي بمختبر التكنولوجيا الحيوية بكلية الطب والصيدلة بالرباط، متخصص في قراءة كل ما يتعلق بجينات الإنسان، من خلال الاشتغال على بعض الأمراض والاضطرابات، مثل مرض السرطان واضطراب التوحد بغرض تحديد خاصية الجينوم والجينات و الطفرات المسؤولة عن هذه الأمراض.
ويتحدث البروفسور المغربي من عمق ثقافته المغربية ويعتز بأصوله البدوية وانتمائه لمدينته القصر الكبير شمال المغرب، يقول لسيدتي: "أنا ابن مدينتي معتز بأصولي وتربيتي أنا أكبر إخوتي وسط ثلاث ذكور وثلاث إناث فقدت إحداهن وهي صغيرة ولا زلت اعتبرها تعيش بيننا، عشت واستمتعت بدفء العائلة كما أنني مدين لزوجتي وتفهمها لطبيعة عملي وأقدر مسؤولياتها وحرصها على تربية ابنينا"، وعما إذا كان قد تخوف من الكوفيد كأي شخص عادي يرد مبتسما: "أجل أنا شعرت بالخوف ككل الناس، لكن خوفي كان في الإتجاه الإيجابي، وحفزني على مزيد من البحث والعمل والتعرف عن هذا الفيروس العجيب الذي قلب العالم".
درس كورونا
يعتبر البروفسور المغربي أن كورونا درساً للإنسانية جمعاء، والعبرة الكبرى التي يمكن الخروج منها كما يقول لسيدتي هو أن الانسان ضعيف جداً، فهذا الفيروس يعد من أضعف المخلوقات على الأرض ولا يرى بالعين المجردة، و لايعتمد على نفسه ولا يستطيع العيش بمفرده ويحتاج الى خلايا والى باكتيريا ،ورغم ذلك بشفرة صغيرة جدا لاتتجاوز .30 ألف وحدة تمكن أن يعطل العالم، بينما الإنسان له اكثر من ثلاثة ملايير وحدة، لذا يجب القول عاش من عرف قدره، وفي نفس الوقت هذا الضعف لا يجب أن يكون سلبياً، فكلما تعرف الانسان على قدراته وحدودها يمكن أن يتطور ويمضي بشكل اأضل نحو المستقبل أظن اننا نعيش نضالا يوميا وكل يوم نحاول ونحاول لنتلملس طريقنا نحو حياة افضل، هذه نصيحتي باستمرار لنفسي ولأهلي وكل من حولي .
ويؤكد البروفسور إبراهيمي في الأخير ،على درس كورونا لأجل الاستفادة من هذه الازمة والانطلاق برؤية جديدة بأولويات أخرى، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والتربية، ويبدو الابراهيمي، متفائلاً بأن العالم العربي بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة ،سيغير من أولوياته لآجل انطلاقة أخرى أجود تراهن على التربية والتعليم والصحة.