تسهم التجارب النسائية الشبابية في عالم صناعة السينما في بلورة حضور المرأة وراء العدسة، وإثبات وجودها كمخرجة قادرة على التميز والمشاركة في المهرجانات السينمائية في العالمين العربي والغربي. وتبرز في هذا السياق أسماء مخرجات شابات واعدات تمكّنّ من ترك بصمة في أفلام حققت النجاح ونالت الجوائز وقدمت قضايا معاصرة وجريئة برؤية جديدة. «سيدتي» التقت 8 مخرجات عربيات يعملن في مجال صناعة الأفلام السينمائية في السعودية والإمارات ومصر والمغرب ولبنان والعراق للحديث عن تجربتهن وراء الكاميرا ورؤيتهن لمشاركة المرأة المخرجة في السينما الحديثة.
ريم البيات: المخرجات السعوديات يطرحن قضاياهن بقوة
بدأت ريم البيات حياتها كمصورة فوتوغرافية مستقلة في عام 1999. درست التصوير والإخراج السينمائي وحصلت على دبلوم من معهد الفنون في بورموث جنوب بريطانيا في 2008. بعدها، اتجهت نحو الإخراج السينمائي. وحازت على عدد من الجوائز في المهرجانات المحلية والعربية والدولية، ومنها جائزة أفضل إخراج في مهرجان ميلان السينمائي عن فيلمها «أيقظني» في عام 2017، والذي نال أيضاً جائزة مهرجان مدريد السينمائي عن فئة الأفلام القصيرة.
أكدت المخرجة السينمائية السعودية ريم البيات لـ «سيدتي» أن الفرصة متاحة الآن أمام السينمائيين والسينمائيات في السعودية للتعبير عن أنفسهم وعن ثقافتهم، وحياتهم، وقضاياهم. وأن نشارك العالم ما نملك، موضحة أن الشباب والشابات بإمكانهم في الوقت الحالي الحصول على دعم وتمويل لأعمالهم السينمائية الروائية والقصيرة، سواء من خلال دعم الدولة والجهات الرسمية عبر الهيئة السعودية للأفلام، وغيرها العديد من الجهات الثقافية أو الخاصة، ولفتت إلى أن أغلب المخرجين وصانعي الأفلام كانوا خلال السنوات الماضية يقومون بمختلف الأدوار الفنية في صناعة أفلامهم بما في ذلك تحمّلهم تكلفة الإنتاج.
تألقت المخرجة السعودية في أفلام حققت انتشاراً واسعاً
قفزة نوعية
وحول تقييمها لإسهامات المخرجة السعودية وحضورها في صناعة السينما والدراما الحديثة، قالت: «تسهم المخرجة السعودية في صناعة الأفلام بوضوح مقارنة مع شبه غيابها عن الدراما؛ لارتباط الأعمال الدرامية بمؤسسات تلفزيونية إما تجارية أو فاقدة للتخطيط السليم. وفي السنوات الأخيرة، تألقت المخرجة السعودية بأفلام حققت حضوراً واسعاً وبقفزات سريعة واثقة، خاصة في المهرجانات العالمية، بداية بأفلام المخرجة هيفاء المنصور، ومروراً بعهد كامل، وشهد أمين، وهناء العمير، وهند الفهاد، وفاطمة البنوي، وحتى أفلام مها ساعاتي وجواهر العامري ومخرجات أخريات».
وأشادت ريم بمستوى المخرجات السعوديات اللائي يعملن بوعي سينمائي متقدم ويطرحن قضاياهن بقوة الموضوعات وإتقان فني عال وقالت: «السينما هي الرابط الأساسي للمشاركة الإنسانية في الحياة، ومن خلالها فـُتحت لنا آفاق لنعرف العالم ونسمع الكثير عما يحدث به. وستشهد الفترة المقبلة تحضيرات عدد من المخرجات السعوديات لإنتاج أفلام قادمة عبر منح مبادرة «ضوء» التابعة لهيئة الأفلام، وكذلك برامج إنتاج تمويلية من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، ومهرجان البحر الأحمر».
نبذة عن أعمالها:
كانت انطلاقة ريم البيات من خلال فيلمها القصير «ظلال»، الذي عرض في مهرجان الخليج السينمائي عام 2009، وفيلم «دمية» وعرض كذلك في الدورة التالية لذات المهرجان. كما عملت في فيلم إنجليزي كمساعدة لمخرجة بريطانية، ومثلت في فيلمين في المملكة المتحدة. وقدمت فيلم «أيقظني» عام 2017.
هناء العمير: السعودية تعيش مرحلة مخاض فني على مستوى السينما
حصلت المخرجة السعودية هناء العمير على درجة ماجستير في الترجمة من جامعة "هيروت وات" في اسكتلندا عام 1996، إلا أن عشقها للسينما وكتابة السيناريو، دفعها لدخول عالم الإخراج السينمائي منذ عام 2006 ولغاية اليوم حيث قدّمت أفلاماً حملت بصمتها المتميزة.
نالت جائزة النخلة الفضية عن سيناريو فيلمها القصير «هدف» في مسابقة الأفلام السعودية عام 2008، وجائزة النخلة الذهبية في مهرجان أفلام السعودية عام 2015 عن فيلم «شكوى» وهو من تأليفها وإخراجها.
نهضة تنموية
أشادت هناء العمير بما تشهده السينما المحلية من انتعاش ونمو كبير خلال السنوات الأخيرة في ظل ما يعيشه الوطن من نهضة تنموية في كافة المجالات وعلى مختلف الأصعدة وفق رؤية المستقبل 2030 وقالت لـ «سيدتي»: «تعيش السعودية مرحلة مخاض فني لاسيما على مستوى السينما والدراما، خاصة مع انتشار دور العرض السينمائي في أغلب مدن ومحافظات المملكة، ووجود مهرجانات وفعاليات فنية ضخمة، إضافة إلى الدعم الحكومي الكبير وتمويل هيئة الأفلام والعديد من الجهات لأعمال سينمائية عديدة ومميزة».
وعن تجارب المخرجة السعودية ونصيبها من الجوائز العالمية قالت: «هناك العديد من المخرجات السعوديات السينمائيات اللواتي قدمن تجارب ناجحة، وعرضت أفلامهن وفازت بجوائز عربية وعالمية. لدينا عدد كبير من المخرجات سيسهمن في تأسيس صناعة سينما محلية حقيقية بالمفهوم الاحترافي والاقتصادي لفن السينما كصناعة».
تعاون مثمر بين المخرجات السعوديات
تعاون المخرجات السعوديات
ولدى سؤالنا عما يميز التجربة الإخراجية النسائية في السعودية، أجابت: «إن أكثر ما يميز المخرجات السينمائيات في السعودية هو وجود تعاون مثمر بين العديد منهن.. وقد سبق أن تعاونت ككاتبة مع المخرجة هند الفهاد في فيلمها «بسطة»، وأيضاً فيلم «هدف» مع المخرجة هناء الفاسي، وأتوقع أن يزيد حجم إسهام السعوديات على صعيد الإخراج الدرامي خلال السنوات المقبلة، كما قدمت في مجال الدراما عدة مسلسلات».
نبذة عن أعمالها:
قدمت هناء العمير العديد من المسلسلات ومنها المسلسل الكوميدي «بدون فلتر» في رمضان 2018، ومسلسل «وسواس» أول مسلسل سعودي يعرض على شبكة نتفليكس عام 2020. وتشارك حالياً في إخراج عدد من حلقات المسلسل الكوميدي الجديد للفنان ناصر القصبي «كورونا» الذي سيعرض في رمضان 2021 على قناة mbc.
قدمت الفيلم الوثائقي «بعيداً عن الكلام» عام 2009، وفيلم «أغنية البجعة» عام 2019.
المخرجة الإماراتية نائلة الخاجة:الصورة أقوى من ألف كلمة
هي أول إماراتية تخوض مجال صناعة الأفلام. ففي العام 2005، تخرجت من جامعة رايرسون الكندية، في مجال الإخراج. أول أفلامها كان «كشف النقاب عن دبي»، وتتالت بعدها الإنجازات التي تناولت مواضيع وقضايا إنسانية، اجتماعية مثيرة للجدل في مجتمعها.
تتحدث نائلة الخاجة عن البدايات وتقول: «أنا مغرمة بالقوة الموجودة عند الإماراتيين في سرد القصص، التي ورثناها من جداتنا وأمهاتنا، حملت هذا الفن الشعبي، لأوصل صورة للناس عبر السينما وهي أقوى من ألف كلمة، أذكر أنه في افتتاح عرض أول فيلم أخرجته في الإمارات، فاجأني الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، بحضوره حيث وقف على المسرح، وقال: «لنا الفخر أن نائلة الخاجة هي أول صانعة أفلام في الإمارات»، وهو من فتح الأبواب على مصراعيها».
السينما العربية تطورت منذ افتتاح مهرجان دبي السينمائي
السعودية هوليوود العرب
أما عن دور المخرجات العربيات في صناعة السينما فتقول: «السينما العربية تطورت منذ افتتاح مهرجان دبي السينمائي، الذي حضن كل السينمائيين العرب، وقد أطلق عليه «لمة مهرجان كان العرب»، ولأول مرة في التاريخ، تم ترشيح، فيلم «سيدة البحر» للمخرجة السعودية شهد أمين و«المرشحة المثالية» لهيفاء المنصور لجوائز الأوسكار.المخرجات السعوديات جريئات بصبغة سعودية فريدة من نوعها، وبصياغة مميزة، وجودة عالمية.
كما أن السعودية عندها سوق أكبر من المتابعين، وبإمكانهم عمل إنتاجات بميزانيات ضخمة. صعودهم سيؤسس لموجة أفلام عربية، بحيث تصبح السعودية هي هوليوود العرب».
جيل من الصنّاع
أما عن التحديات التي تواجهها كشابة في مجال يطغى عليه العنصر الذكوري فتعلق نائلة بالقول: «السينما لا تصنّف على أساس عمل نسائي أو ذكوري، العمل هو الذي يفرض نفسه، لكن يضايقني النقص في المنتجين والكتّاب السينمائيين الإماراتيين، لذلك أتمنى تدريس السينما بطريقة جدية في الجامعات، بهذا سنصنع جيلاً جديداً وأقوى من الصنّاع. وربما سيتم قريباً تأسيس صندوق دعم مادي للمخرجين الإماراتيين، فصناعة الأفلام الطويلة، تحتاج لدعم حكومي، وسنرى صدى هذا الدعم بعد سنتين».
نبذة عن أعمالها:
فيلم Sweet sixteen عام 1996، فيلم «اكتشاف دبي» الوثائقي عام 5200، فيلم «العربانة» عام 2006، فيلم «مرة» عام 2009 ، الفيلم القصير «ملل» عام 2010، فيلم «مرحبا» عام 2012، الفيلم الكوميدي «الجار» عام 2013، فيلم Animal عام 2016
المخرجة المصرية مريم أبو عوف: أرفض حصر المرأة في قالب معين
المخرجة مريم أبو عوف، هي ابنة الموسيقار والفنان الراحل عزت أبو عوف. قدمت للسينما والدراما العديد من الأعمال أبرزها «واحة الغروب» و«إمبراطورية مين» و«بيبو وبشير» و«18 يوم».
أسهمت بداياتها الفنية ونشأتها في بيت فني في اتّجاهها لدراسة الإخراج في معهد السينما بعد تخرجها من الجامعة الأميركية، حيث تَلَقّفتها زميلتها المخرجة كاملة أبو ذكري في أوّل أعمالها كمساعدة مخرج، إلى أن شَقّت طريقها في العديد من الأعمال الفَنّية سواء بالسينما أو الدراما، كان آخرها مسلسل «ليه لأ» الذي ناقش قضية انفصال الفتاة المصرية عن بيت أهلها واستقلاليتها وتحمّل مسؤولية قرارها.
سألنا المخرجة مريم أبو عوف عن دورها كإحدى المخرجات العربيات في صناعة الأفلام الحديثة والدراما وكيف تنظر إليه فأجابت: «أعتقد أنّ دوري وما أحاول أن أُقَدِّمه هو الإسهام في تغيير مفاهيم كثيرة عن حَصْرِ المرأة في أعمال ومهنٍ مُحَدّدة وإقصائها عن أخرى لسيطرة الرجال عليها. بالإضافة إلى تقديم أعمال ملهمة عن المرأة تُجَسِّد معاناتها في مجتمع تغلب عليه النظرة الذكورية في التعامل مع المرأة».
أجهز عملاً درامياً حول استقلالية المرأة
أبرز التحديات
كشفت مريم عن أبرز التحديات التي تواجهها في مجال الإخراج، فقالت: «أولاً، حصر المرأة المخرجة في أعمال سينمائية ودرامية مُعَيّنة لتَتَوَلّى هي إخراجها؛ حيث يَتِمّ وضعي في قالب واحد، وهذا التصنيف أكرهه. إلى جانب بعض المفاهيم الشائعة عندما تضَطّر المرأة التي تعمل في مهن مشابهة للإخراج أن تَتَنَازل عن بعض الأشياء في حياتها الخاصة مثل الزواج. وأضرب لك مثالاً، أن من الطبيعي أن تَتَحَمل الزوجة تَأَخّر زوجها عن البيت، أما العكس فليس صحيحاً، فلن تجد رجلاً يَتَحَمّل تَأَخّر وغِياب زوجته عن المنزل وتحمّله مسؤولية الأطفال. كما تواجه هذه المشكلة أيضاً العديد من زميلاتي المخرجات مع عائلاتهن. ولكن، الحمد لله، والدي الراحل عزت أبو عوف ووالدتي كانا يثقان بي ويدعمانني ويشجعانني، إذ كانا متفهمين لطبيعة عملي».
وأشارت «أبو عوف» إلى بعض القضايا التي عالجتها في أعمالها، قائلة: «نُصْرَة المرأة وتصحيح مفاهيم المجتمع المغلوطة والمتوارثة عن استعباد المرأة تشغَل حَيِّزاً كبيراً من أعمالي، سواء في السينما أو الدراما، حيث إنّ الإنسان سواء كان رجلاً أو امرأة هو محط اهتمامي، كما أحاول الوصول للمساواة والعدالة في تقاسم الوظائف مثلاً أو المعاملة الإنسانية». وصرحت مريم: «أجهز عَمَلَاً دِرامياً يَتَحَدّث عن استقلالية المرأة والرجل معاً قبل الزّواج وتوضيح أهمية هذه التجربة للطرفين لتحمّل المسؤولية كاملة. كما أجهز فيلماً أكتبه منذ العام 2018 عن يوميات ابنة مع والدها لمدة أسبوع؛ وأعتبر هذا الفيلم هو جزء من حياتي مع والدي قبل رحيله، وسأشارك به في العديد من المهرجانات، وأتوقع أن يحصد الجوائز عند عرضه فور الانتهاء من تصويره».
نبذة عن أعمالها:
شاركت في بدايات عملها بالإخراج كمساعدة مخرج في فيلم «حليم»، ثم قامت بإخراج فيلم بعنوان «تاكسي». عملت بعدها مساعدة مخرج و شاركت في إخراج عدد من حلقات المسلسل الدرامي الاجتماعي «لحظات حرجة» عام 2007. وفي عام 2009 ، قامت بإخراج أول مسلسل تلفزيوني «هالة والمستخبي»، ثم أخرجت فيلم «بيبو وبشير» عام 2011. وتولت إخراج مسلسل «إمبراطورية مين» لهند صبري، ثم استعانت بها زميلتها كاملة أبو ذكري لإخراج بعض الحلقات في مسلسل «واحة الغروب». وأطلقت رصاصتها الأخيرة للدفاع عن المرأة في مسلسل «ليه لأ» لأمينة خليل. وتعكف حالياً مع الكاتبة مريم نعوم على تحضير عمل عن المرأة ستشارك به على إحدى المنصات الإلكترونية. ولها مشاركات في التأليف حيث كتبت سيناريو فيلم «18 يوم» للفنان أحمد حلمي.
المخرجة اللبنانية ليال راجحة: أحافظ على صورة المرأة القوية في أفلامي
درست المخرجة ليال راجحة الإخراج السينمائي في جامعة سيدة اللويزة، وحازت شهادة الماجستير في الصحافة والعلاقات العامة.
والى جانب إخراج الأفلام السينمائية، قدمت مجموعة من الكليبات لفنانين لبنانيين من بينهم نانسي عجرم ومروان خوري وغيرهما. تميزت كليباتها بجرأة في الطرح وإظهار الفنانين بإطلالات جديدة ومغايرة عن الصورة النمطية التي اعتاد الجمهور رؤيتهم فيها.
التركيز على الشخصية الأنثوية
حول نظرتها إلى مشاركة المرأة المخرجة بصناعة الدراما والسينما، تقول المخرجة ليال راجحة إن المرأة اللبنانية قوية في كل المجالات، خاصة في مجال تاريخ السينما فدورها فيه مفصلي وتضيف: «المرأة اللبنانية صوتها مسموع خاصة أنها دخلت البرلمان، ومثّلت وأخرجت وكتبت شعراً وخاضت مجالات متعددة. عندما كتبت أول فيلم لي كنت أركز على الشخصية الأنثوية والمرأة لاسيما في فيلم «حبة لولو» مع الممثلة تقلا شمعون التي تعرّضت في سياق أحداث الفيلم إلى الاغتصاب خلال الحرب، ما أدى إلى حملها وإنجابها لفتاة مكتومة القيد هي الممثلة زينة مكّي».
تقول ليال راجحة: «قواعدي الذهبية تركز على النتيجة التي وصلت إليها المرأة خلال حياتها ومسيرتها وليس التركيز على الصعوبات التي تعرّضت إليها، والمهم أن تحدث هذه المرأة نوعاً من التغيير في أفلامي من خلال وضع شخصيتها ضمن إطار معين».
حول المشاريع التي تقوم بتحضيرها تؤكد ليال أنها تعمل منذ فترة على إنجاز فيلم طويل تأجّل تصويره بسبب الظروف التي تعيشها في لبنان، بالإضافة إلى أن الوضع العام في العالم ليس جاهزاً لاستيعاب أي فيلم سينمائي، إذ أن دور السينما مغلقة تماماً ولا مكان للعرض، لذلك تقرر تأجيل هذا المشروع ريثما تتغيّر الظروف.
دعم والدي
أما الصعوبات التي يواجهها المخرج بشكل عام فتحدثت عنها ليال قائلة: «التمويل ومكان العرض هما عاملان أساسيان أيضاً لنجاح الفيلم. بالنسبة للعامل الأول فأنا صاحبة التمويل للفيلمين «حبة لولو» و«شي يوم رح فل» والفيلم القصير «وفي اليوم السادس». كان والدي الراحل ميلاد راجحة يقوم بإنتاجهم لي ولم أطرق باب أحد من أجل هذه الغاية، بل هو من ساعدني طوال الوقت وكان إلى جانبي باستمرار لأن مجالنا بحاجة إلى دعم مادي ومعنوي، بالإضافة إلى أنه آمن بقدراتي وبإمكاناتي إلى أقصى الحدود».
تتحدث ليال عن أفلامها المفضلة وتقول إنها بطبيعتها تحب التنويع، وتُدرك أن هناك جمهورين أحدهما عادي وآخر نخبوي، وهما إلى جانبها وعليها بالمقابل أن تعمل لإسعادهما وإرضائهما من خلال موضوعات تهم كلاً منهما، مؤكدة أن السينما الجماهيرية أو التجارية موجودة عالمياً للترفيه، مثلها مثل الأفلام النخبوية.
«لا أنظر إلى نفسي كامرأة بل كإنسان سيظل يحارب ويكافح من أجل الوصول إلى ما يحب»
نبذة عن أعمالها
- باشرت ليال راجحة العمل السينمائي قبل 8 سنوات بعد تجارب عديدة في مجال الأغنيات المصوّرة، صورت «حبة لولو» (عام 2013) و فيلم «شي يوم رح فل» (2015) . وصوّرت الشريط القصير «في اليوم السادس».
المغربية ضحى مستقيم: تعلمت لغة الإخراج من والدي الأبكم!
ضحى مستقيم شابة مغربية لا تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها اقتحمت عالم السينما من بابه الواسع، من خلال فيلم طويل يحمل عنوان «وداعاً فرنسا». درست الأدب الانجليزي، وحاصلة على دبلوم السينما من إحدى المدارس المعروفة في المغرب. ولدت وترعرعت في حي شعبي عريق هو درب السلطان في مدينة الدار البيضاء، وعاشت وسط عائلة متماسكة وأب يعاني من إعاقة الصم والبكم. لذا، كانت الإشارة هي لغة التعبير اليومي.
تقول لـ«سيدتي»: « لم أفكر يوماً في أن أكون مخرجة. علاقتي بالسينما بدأت بالبحث عن الذات، لأنني كبرت وسط محيط لا أستعمل فيه الكلام للتعبير عن مشاعري، فوالدي أخرس ووالدتي تتحدث الأمازيغية وكلامها متعثر. اكتشفت عالم التلفزة والسينما كأداة لإيصال صوتي ومشاعري لكل الناس وأولهم والدي ووالدتي. وجدت فيهما وسيلة لإيصال كل مشاعري بدون كلام. مع الوقت، طورت فيديوهات صغيرة صامتة على مواقع التواصل الاجتماعي استخدمت فيها التعبير الجسدي فقط ولاقت استحساناً كبيراً».
رؤية شبابية
وعن سنها الصغيرة تقول: «راكمت تجربة مميزة، رغم صغر سني، كنت أحرص على التعلم باستمرار، وحضور تصوير عدد من الأعمال في الاستوديوهات، عشت تجارب على أرض الواقع من خلال اجتياز تدريبات مختلفة مع شركات الإنتاج، ويرجع الفضل للمنتجين نور الحق ايت الله وشقيقه يونس - رحمه الله- اللذين فتحا لي المجال للاقتراب من عالم السينما أكثر، من خلال شركتهما التي تدربت فيها. و قمت بعمل مونتاج كامل لأحد الأفلام الطويلة وحظي بالتنويه، قبل إنجاز فيلمي الأول. كانت تجربة علمتني الكثير تقنياً وفنياً».
تتحدث ضحى عن تأثير الوالدين على توجهها نحو السينما وتقول: «كان والداي وراء تشجيعي لأفعل ما أريد وثقتهما بي جعلتني أحرص على التميز. قبل السينما، كنت أشارك في بطولات أكاديمية لكرة السلة شجعني عليها الوالد الذي منحني الحرية لاختيار ما أحب ولم أخذله يوماً. لذلك، أوصي الآباء خيراً بأبنائهم واحترام مواهبهم والإنصات إليهم جيداً. أظن أن الجيل الجديد سيفاجىء العالم بقدراته».
صدفة غريبة
تقول ضحى إنها اكتشفت أمراً غريباً وتضيف: «رائدة السينما المغربية فريدة بورقية المزدادة المولودة عام 1948،هي أيضاً ابنة حي درب السلطان الذي ولدت فيه وفي نفس الشهر ونفس اليوم 23 يناير. هذه الصدفة كانت غريبة جداً. فريدة هي من جيل الأوائل في السينما واسمها ملهم للمغربيات، لذلك أتساءل بيني وبين نفسي: لمَ لا؟ قد أكون مثل فريدة ولكن بنظرة أخرى»!
ترى ضحى التي تتحدث بكثير من الحماس والأمل لـ«سيدتي» أن هناك انحيازاً للرجل في العالم بأسره، ولكن مؤخراً طرأت تغييرات كثيرة وبات للمخرجات حضور في المغرب. وتقول: «أذكر على سبيل المثال: جيهان بحار وسناء عكرود ولطيفة أحرار، وهنّ يضاهين الرجال بإبداعاتهن».
وتنهي حديثها قائلة: «يحتاج الشباب العربي اليوم إلى الدعم. هناك تفكير سائد يكرس الإحباط العام بخصوص فرص النجاح، وسيطرة «الواسطة » في مجتمعنا، وهي مقولة تثير غضبي، لأنني آمنت دائماً بالعمل الجاد والإخلاص والصدق. والحمدلله، أنا أتلمس اليوم الطريق نحو النجاح».
الجيل الجديد سيفاجىء العالم بقدراته
نبذة عن أعمالها:
بسبب صغر سنها، اقتصرت تجربتها على إنجاز فيلم واحد«وداعاً فرنسا».
يروي سيرة ثري متعجرف يخسر ثروته ويعود إلى المغرب ليعيش حياة التشرد. يجمع الفيلم بين الدراما والكوميديا في حبكة مشوقة.
المخرجة العراقية هلا السلمان: أنا عاشقة للكوميديا والأطفال
هلا السلمان مخرجة عراقية كثيرة الترحال بين الشرق والغرب. بداية حياتها المهنية كصحفية لوّنت نظرتها السينمائية، تميزت في الكليبات التي صنعتها مع شقيقها الفنان الموسيقي نارسي. ثم انصرفت إلى العمل في مجال الإخراج السينمائي بدءاً من العام 2012.
قصص مؤثرة
سألنا المخرجة السلمان عن تجربتها ورؤيتها لمساهمة المخرجات الشابات في المشهد السينمائي العام، فأجابت: «المسيطرون على السينما حول العالم ما زالوا الرجال بالتأكيد، لكن الوضع تغير بعض الشيء وهناك دعم للمرأة في مختلف المجالات، والسعودية أكبر مثال على هذا التغيير الإيجابي، حيث نشهد ثورة في الفنون، تسهم فيها المرأة بقوة، وتبرز قدراتها العملية والفنية المشحونة بالقصص الإنسانية المؤثرة، وتترجمها في السينما. وهذا ما نشهده في العراق أيضاً، فرغم الظروف الصعبة، برزت أسماء شبابية متحمسة ساعدتها التكنولوجيا الحديثة، وصارت تعطي إنتاجات نفتخر بها. فالعمل الجيد هو الذي يفرض نفسه».
تحديات كثيرة
تخوض هلا السلمان في عملها تحديات مختلفة وتقول: «ربما لأنني غير مستقرة في مدينة واحدة، ودائماً هناك تغيير في فريق العمل. ثمة مشاريع لم أواجه فيها صعوبات، بسبب الطاقة الكبيرة التي كنت أختزنها أنا وفريق العمل. وهناك مشاريع كانت مليئة بالصعوبات مثل نقص الميزانية ومشاكل في السيناريوهات، التي تفتقر للغة السينمائية، لم تكن المشكلة أنني امرأة، على العكس، إذ كنت ألقى تسهيلات كثيرة لأنني امرأة».
مشكلة اللهجة المحلية
تتحدث هلا عن مشكلة تواجه الصناعة السينمائية من ناحية اللهجة وتقول: «هناك مشكلة تواجهنا جميعاً تتمثل في عدم فهم اللهجة المحلية في الأفلام العربية؛ فعالمنا تجمعه اللغة الفصحى لكن، لكلّ منا لهجته المحلية، فيما عدا اللهجة المصرية التي نفهمها جميعاً بسبب غزارة السينما المصرية. بعض الأفلام تعتمد على لغة سينمائية خاصة بمجتمعاتها، وهي غير مفهومة. لذلك، لا تحقق الانتشار رغم جودتها».
الواقع السينمائي في العراق
أما بالنسبة للواقع السينمائي في العراق فتقول: «ليس هناك أي دعم للسينمائيين في العراق حالياً، وأكبر مشكلة تواجهنا هي انقطاع الكهرباء ما يؤثر على عملنا وحياتنا اليومية. رغم ذلك، هناك موجة لمخرجي الأفلام القصيرة، لمعت أسماؤهم في المهرجانات الغربية، مثل المخرج مهند حيال، الذي لم يتوقف عن العمل رغم الظروف، فهو قادم من خلفية فلسفية وشعرية، فاللغة السينمائية لأعماله مختلفة تماماً عن السينما العربية.
تلفتني من السعودية المخرجة هيفاء منصورالتي أبدعت في فيلم «وجدة»؛ حيث أوصلت من خلاله رسالة، بلغة سينمائية إنسانية، جديرة بالمتابعة».
أما عن أبرز القضايا التي عالجتها هلا في أفلامها فتقول: «أفضّل الجلوس في مقهى والتفرج على الناس، وأنا أتخيل القصص حولهم، أستمتع جداً بهذه الأدوار في أفلامي. ربما لأنني أتكلم 3 لغات بإتقان، الإنكليزية والفرنسية إلى جانب العربية، تمكنت من أن أخرج الجانب الإنساني من خلفيات ثقافية مختلفة، كما أنني عاشقة للكوميديا، وهو فن أصعب من الدراما، فيه عمق بفهمه الإنساني. أحب الأطفال في أفلامي. فدائماً أجسدهم على أنهم كائنات غير مفهومة في المجتمع».
تواجهنا مشكلة عدم فهم اللهجة المحلية
نبذة عن أعمالها:
في عام 2012، كتبت وأخرجت فيلم «مخلوقات بشرية»، مدته 30 دقيقة تستكشف فيها نماذج إنسانية في الميترو، ثم شاركت في كتابة الفيلم الروائي الطويل «شارع حيفا» مع المخرج العراقي مهند حايل، والذي حاز على جوائز في مهرجانات عالمية في عام 2019. كتبت وأخرجت فيلم «فارانسي» مؤخراً لفرقة «كبريت» اليمنية الألمانية.
رشا شربتجي: المرأة المخرجة استطاعت تقديم الأنثى بصورة تليق بها
تعد المخرجة السورية رشا شربتجي واحدة من أبرز المخرجات على الساحتين السورية والعربية؛ قدمت عدداً كبيراً من الأعمال في الدراما السورية والمشتركة، بالإضافة إلى مسلسل مصري.
تتلمذت رشا في بداياتها على يد والدها المخرج الشهير هشام شربتجي، والملقب بشيخ الكار في الدراما السورية، فتعلمت منه ورافقته في العديد من الأعمال حتى تلقت أصول المهنة على يديه، ومن ثم بدأت تجربتها الخاصة.
مخرجات الدراما
عن إسهامات المرأة المخرجة ودورها في صناعة المحتوى الدرامي العربي تقول رشا في حديثها لـ «سيدتي»: «أسهمت المخرجة العربية في صناعة دراما لها بصمة خاصة على الرغم من ندرة المخرجات حيث لم يتجاوزن عدد أصابع اليد الواحدة، وتميزت الدراما التي صنعتها المخرجة العربية بتكريس صورة امرأة مستقلة الكيان والشخصية كما أسهمت بتعزيز دور العائلة في بناء المجتمع كأحد أهم العناصر لبناء جيل صحي.«
وأكدت رشا على أن المخرجة العربية استطاعت أن تعطي طابعاً أنثوياً وأضافت: «لم يقتصر دور المخرجة على ذلك بل تمكنت من ابتكار تقنية خاصة بروح أنثوية وتفاصيل نسائية عززت صناعة الدراما الحديثة متجاوزة الدراما الكلاسيكية، ولعل أهم ما يمكننا ذكره في هذا المجال هو ما أضافته المخرجة للمهنة من الاهتمام بالتفاصيل، وهذا ما قد يفتقره المخرج ربما».
طروحات متجددة
وتابعت رشا: «لقد آمنت المرأة المخرجة بأن الإنسان قد اعتمد على الدراما في تشكيل حياته، فأشبعت احتياجاته المجتمعية بطروحات متجددة وجريئة ورؤى عصرية من منظور فني صافٍ من الأيديولوجية والتعصب، من خلال إيجاد نقلة نوعية وحضارية في الدراما العربية، وبرعت في تناول جوانب مضيئة وإبراز قيم الحب والتسامح والتضامن لمواجهة الأعمال التي تعظم البلطجة وتجارة المخدرات والتحلل الاجتماعي على سبيل المثال، وحتى عندما تسلط الضوء على تلك السلبيات باعتبارها ظواهر تستحق الانتباه، فإنها تحذر من عواقبها لتفادي انتشارها».
وأوضحت أن المرأة المخرجة استطاعت تقديم المرأة بصورة تليق بها وقالت: «على صعيد المرأة، ابتعدت المخرجة العربية عن تسليع المرأة في الدراما وشددت على كونها عنصراً باعثاً على الحياة، فتناولت قضاياها باهتمام بالغ، ورسمت مشكلاتها في شخصيات من الواقع. وبعد أن عانت المرأة من الظلم كثيراً، أنصفتها المخرجة العربية وباحت بمكنوناتها في أعمال خلدتها الشاشة».
ابتعدت المخرجة العربية عن تسليع المرأة في الدراما
نبذة عن أعمالها:
من أبرز أعمالها في الدراما السورية والمصرية: زمن العار، الولادة من الخاصرة، أسعد الوراق، شوق، طريق، شرف فتح الباب.
تعمل حالياً على تصوير مسلسل «حارة القبة«.