منذ طفولتها تربت على مساعدة الغير، فاستمرت في درب الخير حتى لقبت برائدة العمل التطوعي لجهودها في دعم المبادرات الإنسانية محلياً ودولياً، وأضحت أنموذجاً وطنياً يحتذى به، أما في عالم الأعمال فلها باع طويل في دعم الأعمال وريادتها.
الأميرة هند بنت عبدالرحمن آل سعود، رئيسة مجلس إدارة جمعية فكرة للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية، والتي اختيرت ضمن قائمة الشخصيات العربية الأكثر تأثيراً في مجال المسؤولية الاجتماعية لعام 2020، وسفيرة دولية للمسؤولية المجتمعية من الشبكة الإقليمية للمسؤولية المجتمعية.. في حوار خاص مع «سيدتي»..
تصوير | حسين الأهدل Husain Alahdal
تنسيق أزياء | رهام أبو الفرج Reham Abulfaraj - وفاء الدخيل | Wafa Aldekhail
مكياج | الحسناء عبدالرحمن Al Hasnaa Abdulrahman - العباءات | المصممة أروى العماري Arwa Alammari
مكان التصوير | قصر المصمك التاريخي في الرياض
كيف تفضلين أن تقدمي نفسك للقراء؟
سيدة سعودية طموحة، أسعى لتطوير ذاتي وتطوير أبنائي والإسهام في دعم وتطوير وطني ومجتمعي، وبذل النفس في عمل الخير وإيصال الأفكار النيرة للمجتمع.. مليئة بالعزم عاشقة للتحدي، والصبر إحدى الركائز التي أعتمد عليها بعد الله عز وجل في نجاحي. اليأس والاستسلام ليس لهما مكان عندي. الإصرار وتكرار المحاولات هو جزء لا يتجزأ من منهج حياتي.
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2088 من مجلة سيدتي
الإنسان مدني بطبعه
حدثينا عن بداية توجهك للعمل التطوعي..
لا شك أن الإنسان مدني بطبعه، اجتماعي بفكرته، فلا يخفى للجميع أن أعظم ما يبذل الإنسان به نفسه هو عمل الخير وابتغاء الأجر من الله. العمل التطوعي كفكرة لم تكن حديثة عهد، حيث التماس أهمية العمل التطوعي كان منذ نعومة أظفاري، ووالدايْ ربياني على هذا الشغف النبيل ولله الحمد ترعرعت عليه، وذلك إيماناً منهما بأن النشاط التطوعي يعزز المهارات والإبداع في شتى المجالات، ويقود إلى أفكار إيجابية تسهم في خدمة وبناء المجتمع، حيث انخرطت في العديد من المشاركات والأنشطة التطوعية المدرسية واستمررت عليها.
ما أبرز المبادرات التطوعية التي أسهمتِ بها؟
ما بعد المرحلة الدراسية شاركت في اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺘﻄﻮﻋﻴﺔ، مستثمرة تجربتي المتواضعة في تلك المرحلة وﻷﻋﺰزها في مختلف المجالات والمبادرات التطوعية سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي، ومن أبرزها حملة «نعين ونعاون» التي بدأت أعمالها مع جائحة كورونا وصدر منها عدة مبادرات. كما ترأست المبادرة الوطنية «قافلة أبناء الشهداء» في عام 2019، وشاركت فريق التأهيل الدولي لذوي الإعاقة منذ عام 2008 حتى 2018، بغرض خدمة الأطفال ذوي الإعاقة وذويهم، بالإضافة إلى رئاسة ورعاية العديد من المؤتمرات اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ، ومنها ﺗﺮأست مؤتمر المرأة العربي اﻟﺘﺎﺳﻊ «المرأة العربية قوة التأثير نحو قيادة التغيير» في جمهورية مصر العربية الشقيقة عام 2019، وترأست المؤتمر العربي الثاني «الإبداع والريادة» المقام في لبنان الشقيق عام 2018، ورعاية مؤتمر المرأة العربي السابع في الإمارات العربية المتحدة الشقيقة عام 2017.
العمل التطوعي أمانة ومسؤولية
أحد أهداف رؤية المملكة هو الوصول إلى مليون متطوع، برأيك ما مدى أهمية الجانب التطوعي مجتمعياً؟
في نظري أن العمل التطوعي ليس تشريفاً أو ترفيهاً، ولكنها أمانة ومسؤولية؛ حيث يمنح الإنسان ما لديه من جهد ووقت ومال للآخرين من دون انتظار مقابل. ويعدّ العمل التطوعي من الركائز المهمة لتقدم المجتمع وإنماء الوطن، وتعزيز لقيم التعاون والتعاطف بين البشرية.. قال الله تعالى: «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ». كما أن رؤية 2030 المباركة أكدت على أهمية الأنشطة التطوعية وأثرها على ترسيخ القيم الإيجابية في شخصيات أبنائنا، وأصدرت نظام العمل التطوعي ليتم تنظيم طبيعة الأعمال التطوعية. كما تضمنت الرؤية دعم وتعزيز الأعمال والمشروعات والبرامج ذات الأثر الاجتماعي، ومنها تسهيل تأسيس القطاعات غير الربحية، وفق نموذج مؤسسي؛ لا سيما مع صدور نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ونظام الهيئة العامة للأوقاف.
من المؤكد أن اختيارك سفيرة لمناصرة جهود مكافحة كورونا جاء لجهود في هذا المجال، حدثينا عن هذا الاختيار.
أولاً، أود التقدم بخالص الشكر والعرفان للكوادر الطبية والجهات الأمنية كافة بما يبذلونه على مدار الساعة في حماية المجتمع من جائحة كورونا. ونحمد الله سبحانه وتعالى على ما حبانا الله به من ولاة أمر ذوي حكمة وإدارة للأزمة بمهنية عالية تمثلت بقرارات نوعية وإنجازات كبيرة تتناسب مع التحديات الصحية المتجددة. ويشرفني أن أكون جزءاً من منظومة الجهود في مكافحة كورونا، وذلك من خلال اختياري من الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية سفيرة مناصرة للجهود الدولية لمكافحة كورونا، وذلك لدعم الاستجابة الدولية لمكافحة هذا الوباء.
وعلى ضوء ذلك سأشارك نخباً من الشخصيات العربية والدولية المعروفة، من خلال إسهاماتهم في استثمار حضورهم المجتمعي والدولي البارز في توجيه رسائل مؤثرة وذات قيمة عبر العديد من القنوات والمنابر الإعلامية إلى المجتمعات والأفراد حول الدور المأمول منهم خلال هذه الأزمة.
حملة «نعين ونعاون»
مؤخراً شاركت في حملة «نعين ونعاون»، ما أهداف هذه الحملة وما مدى مشاركتك بها؟
في البداية أتقدم بخالص الشكر والتقدير للقائمين والمشاركين في هذه الحملة الإنسانية الرائعة، والتي لاقت اهتماماً ورعاية كريمة غير مستغربة من ولاة الأمر والمسؤولين، حفظهم الله؛ حيث تم تدشينها من إمارة منطقة الرياض، وبالشراكة مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة الصحة. كما أشكر مؤسسة «وقف شباب خير أمة» التي نفذت الحملة الإنسانية للإسهام في مواجهة آثار جائحة كورونا، وذلك إيماناً بدورهم المجتمعي، وتحقيقاً لواجبهم الوطني. وتضمنت الحملة عدة مبادرات كانت أولها مبادرة «صحة وأمان» لمساندة المناوبين من رجال الأمن ومنسوبي الصحة من خلال توزيع وجبات وبطاقات شكر لهم. بالإضافة لمبادرة «دواؤكم واصل»؛ حيث تم توصيل أكثر من 4500 وصفة دواء من مدينة الأمير سلطان الطبية ومستشفى الملك فيصل التخصصي. وكذلك مساندة الأسر المتضررة من أزمة كورونا بتوزيع سلال غذائية، والعديد من المبادرات الأخرى كان آخرها «أطهر البيوت» لتعقيم عدد من المساجد والجوامع بمدينة الرياض؛ لاستقبال المصلين بعد فترة الحجر.
كسيدة أعمال، برأيك ما العوامل التي ساعدت المرأة السعودية للنجاح في عالم الأعمال؟
برأيي، إن ثقة ولاة الأمر، حفظهم الله، بأهمية دور المرأة السعودية في تطوير كثير من المجالات هو العامل الرئيس في نجاح المرأة السعودية في ريادة الأعمال، حيث أثبتت وعلى مدى عقود طويلة أن المرأة السعودية قادرة على استلهام التجارب العالمية المختلفة في نطاق الأعمال، وتكييفها بما يتناسب مع ثقافة المجتمع وسوق العمل الوطني.. فالمرأة السعودية لديها الآن الخبرات التراكمية في ريادة الأعمال. كما أن رؤية 2030 المباركة اقتضت أن المرأة السعودية تعد عنصراً مهماً من عناصر القوة الوطنية، وسيتم الاستمرار نحو تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لها لبناء مستقبلها.
الحاجة إلى التنمية المستدامة
وماذا عن «جمعية فكرة لريادة الأعمال الاجتماعية» التي تترأسين مجلس إدارتها؟
أصبحت الحاجة إلى التنمية المستدامة مطلباً ملحاً بسبب التحديات المتنامية. ومن التحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية ضعف نمو القطاع غير الربحي وقلة إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لأن الأنشطة الاجتماعية في المملكة حالياً تركز على أنشطة البر الخيرية التقليدية بدلاً من تطوير منظمات ريادة اجتماعية تسعى للاستدامة المالية منذ تأسيسها، أو ابتكار حزم ونماذج استثمارية تمويلية ذات أثر اجتماعي تسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتعالج الكثير من القضايا. ومن ذلك نحن بحاجة لتأسيس حاويات فكرية حاضنات ومسرعات الأعمال تساعد الشباب والفتيات صناع التغيير الإيجابي لإيجاد حلول مبتكرة وقابلة للتطبيق لمعالجة وتسوية المشكلات المجتمعية. وتحقيقاً لتطلعات رؤية المملكة 2030؛ أتت جمعية فكرة للابتكار وريادة الأعمال الاجتماعية، أول جمعية أهلية على مستوى المملكة، وهي جمعية مهنية تهدف لتعزيز مفهوم ريادة الأعمال الاجتماعية، ونطمح أن يصل أثرنا دولياً. ومن هنا يسرني الدعوة للتفاعل الإيجابي وأن نبذل الجهود الجادة لتطوير هذا القطاع وتمكينه بأدوات مهنية واحترافية، وتمكين المجتمعات التي نوجد فيها. كما أننا بحاجة للعمل بشكل مختلف، وأن نتبع نهجاً تشاركياً لدعم ومساندة رواد الأعمال الاجتماعيين. ونحن واثقون بأن الاستجابة لدعم الابتكار والريادة الاجتماعية ستكون على قدر المسؤولية التي تتطلبها هذه القضية.
ما هي المجالات التي تنصحين المرأة السعودية خاصة بالاستثمار بها؟
لا أود تعيين مجالات معينة للاستثمار، لا سيما مع تحقيق المرأة السعودية نجاحاً وتفوقاً في العديد من المجالات والتي قد لا يمكن حصرها. فهنالك العشرات من التخصصات الأكاديمية والخبرات المهنية التي تمتلكها النساء السعوديات، وعلينا تشجيعهن بالاستثمار بما يمتلكنه من تخصصات ومهارات، وبما يعود بالنفع عليهن وعلى وطنهن.
اهتمام عالمي
أين تقف المرأة السعودية عالمياً كسيدة أعمال، وهل من معوقات مازالت أمامها تحول بينها وبين نجاحها؟
المرأة السعودية حققت تقدماً على المستوى العالمي، حيث تكاد المواد الإخبارية لا تنقطع حول إنجازات المرأة السعودية في مختلف المجالات، الاجتماعية، الاقتصادية، الطبية. وأطلع دوماً على تلك الإنجازات، فعلى سبيل المثال اختيار العالمة سميرة إسلام من أفضل 32 عالمية متميزة في مجال العلوم في وقت سابق، وهي أول سيدة وثاني شخصية سعودية تتولى منصباً رسمياً في منظمة الصحة العالمية، والدكتورة سلوى الهزاع التي تم اختيارها امرأة العام الدولية لمركز السير الذاتية في كامبريدج ببريطانيا، وإدراج اسمها في قائمة الشخصيات المميزة في الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرهن الكثير؛ حيث لا يمكنني حصر أسمائهن في سطور هذا اللقاء.
تترأسين مؤتمر المرأة العربية، احكِي لنا عن أهداف المؤتمر الرئيسة، وما مدى إسهام المرأة السعودية به؟
يمثل مؤتمر المرأة العربية أحد الجهود المبذولة والمقدمة من منظمة المرأة العربية، التي بدورها تتبنى مجموعة من الأهداف ومن ضمنها تنمية الوعي بقضايا المرأة العربية في جوانبها الاقتصادية والثقافية، ودعم التعاون المشترك وتبادل الخبرات في مجال النهوض بالمرأة، وتنمية إمكانات المرأة وبناء قدراتها كفرد وكمواطنة على الإسهام بدور فعال في مؤسسات المجتمع وفي ميادين العمل والأعمال كافة، والنهوض بالخدمات الصحية والتعليمية الضرورية للمرأة. وأرى أن إسهام المرأة السعودية في هذا المؤتمر مشرفة، حيث تم نقل تجربة المملكة العربية السعودية في النهوض بالمرأة، باعتبارها شريك النجاح في مختلف الميادين منها الاجتماعية، الاقتصادية، الطبية، والثقافية؛ وذلك ضمن إطار رؤية 2030 التي بدورها تعتمد على ثلاثة محاور، وهي: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح.
مشاركة فعالة للمرأة السعودية
كيف ترين القرارات الجديدة المتعلقة بالمرأة السعودية؟
هنالك العديد من الأوامر والقرارات الكريمة لصالح المرأة، وقد يكون من أبرزها من وجهة نظري الأمر الصادر عن سيدي ومولاي خادم الحرمين الشريفين وهو السماح بقيادة المرأة. كذلك دخول المرأة المجالس البلدية، حيث سجلت النساء أسماءهن كمرشحات في انتخابات المجالس البلدية، وإن عدداً من المرشحات تمكّن من الفوز في انتخابات المجالس البلدية التي أجريت وشاركت فيها المرأة ناخبة ومرشحة. يأتي ذلك من حرص القيادة الكريمة على تمكين المرأة السعودية؛ لتكون عنصراً فعالاً في المجتمع، الأمر الذي يؤكد استمرار مسيرة التنمية في مملكتنا الحبيبة، من دون التعارض مع الالتزام الشرعي والأخلاقي.
كلمة توجهينها للمرأة السعودية...
أود القول إن المرأة السعودية جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الغالي، والأمل بالله سبحانه وتعالى ثم بها كبير، نحو العطاء لهذا الوطن الغالي، ولنمضي قدماً في المشاركة في مختلف الأصعدة والمجالات التي ستسهم في تحقيق الرؤية الوطنية الفريدة، رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وتحت مظلة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله.
تابعوا المزيد: تعيين الأميرة هند آل سعود سفيرة لمناصرة دولية لمكافحة كورونا