يُسمّى هشاشة العظام بـ"الداء الصامت"، لأنّه لا ينذر المصابة به بوجوده، فلا تكتشفه سوى عندما تتعرّض إلى كسرٍ ما، ولا سيّما الكسر في المعصم أو الورك.
يعرّف الداء بأنّه انخفاض في كتلة العظام وتدهور أنسجتها وتعطّل البنية الدقيقة لها، وهو يطال النساء، وتحديدًا المسنّات منهنّ، أكثر من الذكور. وسيزداد الداء استفحالًا، مع ارتفاع متوسّط السنّ المتوّقعة للذكور والإناث في العالم، راهنًا، ومستقبلًا.
تشير التقديرات الحاليّة إلى معاناة أكثر من مئتي مليون فرد في العالم من هشاشة العظام؛ وفق إحصائيّات صادرة أخيرًا عن "المؤسسة الدوليّة لهشاشة العظام"، هناك امرأة من أصل كلّ ثلاث نساء تتجاوز أعمارهن الخمسين سنة في العالم، تعاني من كسور جرّاء هشاشة العظام، ورجل من أصل كل 5 رجال، إذ يقود ضعف قوّة العظام إلى رفع خطر الإصابة بالكسور، وصولًا إلى العجز والوفاة!
أنواع بالجملة
ثمّة أنواع من داء هشاشة العظام، يعدّدها الاختصاصي في جراحة العظام والمفاصل الدكتور إيلي مخّول، في مقابلة مع "سيدتي"، فيذكر الآتي.
• هشاشة العظام الأوّلية: ينقسم الداء المذكور إلى مجموعتين فرعيتين، هما: النوع الأوّل من هشاشة العظام اللاإراديّة، الذي يصيب النساء حصرًا، بـ"هشاشة العظام بعد انقطاع الطمث"، وهو ينجم عن النقص في هرمون الـ"إستروجين"، ما يؤثّر سلبًا في ترابيق العظام (المكوّن الإسفنجي الداخلي للعظام). أمّا النوع الثاني من هشاشة العظام اللاإرادية فيرتبط بفقدان كتلة العظام بسبب شيخوخة العظام القشريّة والتربيقيّة.
• هشاشة العظام الثانويّة: تتسبّب مجموعة من العوامل بهشاشة العظام الثانويّة، ومنها الإصابة بأمراض مختلفة، كالوراثيّة منها (التليّف الكيسي واللوكيميا والثلاسيميا...) أو اضطرابات الغدد الصمّ (السمنة والسكّري وانقطاع الطمث المبكّر وفرط نشاط الغدة الجار درقية)، والانسداد الرئوي المزمن وفشل القلب الاحتقاني واضطراب التمثيل الغذائي المزمن والاكتئاب... أضف إلى الأمراض، هناك عوامل أخرى مسؤولة عن الإصابة بالـ"هشاشة"، كتعاطي عقاقير معيّنة ونمط الحياة غير المتوازن (النقص في الفيتامين "د" وفرط الفيتامين "أ" والتدخين والمغالاة في تناول الملح وقلّة كمّ الكالسيوم المستهلك والخمول والسقوط المتكرّر...).
وبالطبع، كلّما أجرت المرأة تعديلات على نمط حياتها في سنّ مبكّرة، ستتلافى الإصابة بهشاشة العظام لاحقًا. وفي هذا الإطار، يعدّد الدكتور مخّول مجموعة من التدابير للحفاظ على صحّة العظام، منها: الحصول على القدر الكافي من الكالسيوم (الزبادي مصدر ثريّ بالمعدن المذكور)، ومن الفيتامين "د"، والمداومة على الحركة، بما في ذلك ممارسة تمرينات رفع الوزن والتمرينات الهوائيّة. وبالمقابل، من الضروري الإقلاع عن التدخين. ومع تقدّم المرأة في السنّ، تصبح التدابير المذكورة أكثر ضرورةً، ولا سيّما القيام بتمرينات تحمّل الوزن Weight-Bearing والحصول على الكافي من الكالسيوم، لأنّه مع التقدّم في السنّ، يقلّ امتصاص الجسم للكالسيوم.
تابعوا المزيد: علامات تدل على نقص الفيتامينات فى الجسم.. عالجيها فوراً
عقاقير جديدة
سؤال الدكتور مخّول عن جديد البحوث والعلاجات المتعلّقة بهشاشة العظام، يجيب عنه، معدّدًا مجموعة من العقاقير المعتمدة من قبل "إدارة الغذاء والدواء" الأميركيّة، العقاقير التي انضمّت إلى توصيات العلاج للنساء، في حال شخّصت إصابتهن بهشاشة العظام بعد انقطاع الطمث، بما في ذلك الـ"أبالوباراتيد" والـ"روموسوزوماب". إلى ذلك، سيحدّد مقدّمو الرعاية الصحّية، وفق التوصيات الجديدة، بسهولة، علامات وعوارض هشاشة العظام بعد انقطاع الطمث، وسيحيلون المصابات إلى اختصاصي الغدد الصمّ أو اختصاصي صحّة العظام عند الضرورة.
قياس كثافة العظام
يبدأ قياس كثافة العظام، في صفوف النساء، منذ سنّ الخامسة والستّين. لكن، يدعو الدكتور مخّول النساء ذوات التاريخ العائلي في الإصابات بهشاشة العظام أو اللاتي لديهن مخاوف في شأن مخاطر الإصابة بالداء أن يتحدّثن إلى طبيبهن عن إجراء فحص مبكّر.
من جهةٍ ثانيةٍ، يثير الطبيب دور بعض التدابير في الوقاية من السقوط، كانتعال الأحذية المضادة للانزلاق، وإجراء فحص النظر.
خاصّ بالأمّهات
الطفولة (والمراهقة) مرحلة هامّة بشكل خاص لبناء العظام، وتطوير العادات التي تدعم صحّة العظام مدى الحياة، إذ تنمو العظام، لناحية الحجم، أثناء الطفولة، وتكتسب الكتلة والقوّة. كما تحدّد كمية الكتلة العظميّة التي يحصل عليها الفرد، في سنّ صغيرة، صحّة الهيكل العظمي لبقية الحياة. وبالتالي، يدعو الدكتور مخّول إلى عناية الأمّهات بتغذيتهن، كما بتغذية أولادهن وبناتهن، ولا سيمّا استهلاك الكالسيوم، العنصر الذي لا يصنع في الجسم، بل يمتصّه الأخير من الأطعمة المتناولة. وحتّى يمتصّ الجسم الكالسيوم من الطعام بشكل فعّال، هو يحتاج إلى الفيتامين "د" أيضًا.
تابعوا المزيد: طرق السيطرة على أعراض "القولون" في رمضان