بدأت حديثها بأنها إنسانة عفوية، ولا تحب أن تلتزم بسيناريو أسئلة محددة، فتركنا لها حرية الحديث. هي الإماراتية بثينة كاظم مؤسِّسة سينما عقيل في الإمارات؛ أنموذج لافت للكاتبة والسينمائية الإماراتية الناجحة والمبتكرة التي تعدّ نفسها مسؤولة عن تطور الفن السابع في المنطقة العربية. تخرجت من برنامج «فولبرايت» في جامعة نيويورك، وتخصصّت في الإعلام والثقافة والاتصال، كما عملت مديرة للمشاريع في عدّة محطات تلفزيونية. بمناسبة يوم المرأة الإماراتية، كان لنا هذا اللقاء المميز مع بثينة كاظم فقدمت نصيحة ذهبية من وحي تجربتها: لا تكتفي بالموجود، ولا تلتزمي بأي منهج، بل كوني المرأة التي توجِد هذا المنهج في أي مجال. تزينت بثينة كاظم بمجوهرات من دار تيفاني أند كو .Tiffany & Co
حوار | لينا الحوراني Lina Alhorani
إشراف | آية جابر Aya Jaber
مساعدة التنسيق | دينا بكري Dina Bakri
تنسيق الأزياء | Jade Chilton
تصوير | Ziga Mihelcic
تصفيف شعر ومكياج | Katharina Brennan
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2111 من مجلة سيدتي
في يوم المرأة الإماراتية أقول لكل فتاة:لا تكتفي بالموجود، ولا تلتزمي بأي منهج، بل كوني المرأة التي توجِد هذا المنهج في أي مجال.
الموضة السينمائية، ليست مجرد ممثلة ارتدت من مصمم معين، بل هي مرتبطة بالسينما بحد ذاتها.
شخصية بثينة كاظم؟
ليس هناك ما يولد فجأة، وليست هناك نقطة واحدة التي كوّنت شخصيتي، بل هي مجموعة نقاط، ورسخت فيّ حب السفر عبر الشاشة؛ لأروي حكاياتٍ وقصصاً وأعمالاً، عايشت أزمنة وثقافات مختلفة، وشخصيات متميزة، ولّدت في نفسي حب اقتناص وعيش تجارب الآخرين من خلال السينما، عندما كنت صغيرة كان أبي يعمل في أميركا، كان يختار لي مجموعات من “الدي في دي”، منها الكلاسيكية ومنها الرعب، وكانت أجمل هدية بالنسبة لي، كنت أحب أيضاً فكرة الذهاب إلى السينما، كبرت في دبي.. وعايشت أجمل أوقات سينما النصر، التي لم تعد موجودة، مازلت أذكر رائحة المكان، والأفلام التي رأيتها، وطريقة تعاطي الجمهور مع السينما، وكيف كان ارتيادها حدثاً عائلياً، الآن صارت السينما استهلاكية، وأمراً عادياً، كل هذا رسخ الفكرة في عقلي الباطن. وكوّن شخصيتي.
دبي لا تمتلك وقتاً للانتظار
“اكتشف دبي مع بثينة كاظم”، ما ملامح دبي في أعمالك؟
دبي بالنسبة لي حب يتجدد كل سنة، حب أكتشفه من جديد، بيني وبينها علاقة متحولة، ومتعددة الأوجه، هي جزء مني، ليست مجرد مكان تربيت فيه، وأعمل فيه، كل تفصيل في دبي يتجسد فيّ.. لا أقدر أن أقتلع من نفسي وذكرياتي في دبي، سواء الشاعرية أو القاسية منها، يصعب تكوين جذور فيها، فهي لا تمتلك وقتاً للانتظار دبي هي.. هي شي لا يحب الركود.
ما الذي يميّز سينما عقيل، ولماذا وصفت بأنها رفعت الوعي في الفنون السينمائية في الإمارات؟ وما معنى أنها مستقلة؟
المستقلة هي خارج حدود المجتمع، نابعة من شغف، ليس مرتبطاً باستثمار، سينما عقيل، جزء من شبكة الشاشات العربية، فعندنا أعضاء من اليمن والسعودية والخرطوم والعراق، ربما خبا الشغف، في بعض المناطق بسبب الظروف لكن المؤسسات الثقافية المستقلة، لاتزال موجودة. على الرغم من كل التحديات، ونحن محظوظون في دبي، فقد استقبلنا كل المؤسسات؛ لتعيش شغفها هنا؛ ولتتمكن من ترجمته.
ما أجمل الأفلام التي أنتجتها، ونالت صدى بين الجمهور؟
كان لي تجربة بسيطة، أنتجت فيلم “رسائل إلى فلسطين”، فيلم قدمته كهدية، كان مجرد مبادرة للتواصل مع الشعب الفلسطيني، هو أكثر عمل مستقل أنجزته لم يكن هدفه أن يحقق أرباحاً أو ينال جوائز، بل تقديمه بشكل غير رسمي عبر الشاشات، لذلك سميّ بـ “رسائل إلى فلسطين”.
منصة لصنّاع السينما العربية
ما الأفلام العالمية التي تجذبك؟
سؤال صعب، على الرغم من أنني أحب الأفلام العالمية، لكنني في النهاية ابنة المنطقة، التي تجمع أجمل ثقافات العالم، وللأسف لايزال تحديد السينما بـ “العالمية” وكأن هناك سينما واحدة هي الأساس، ولها جائزة واحدة، وهذا يغطي على الأعمال العربية، هو الشيء الذي كرست عملي لإبرازه، في الإمارات عندنا ما يقارب 367 شاشة عرض سينمائي لكنها كلها تجارية، وهذا يحزنني، لست ضدها تماماً، لكن بالنسبة لي مهمتي أن أعطي منصة للسينما النابعة من تجارب المنطقة، ومن صناعها؛ ليحكوا تجاربهم ورواياتهم بأنفسهم، ولا يسمحوا لطرف آخر أن يروي حياتهم، يجذبني مثلاً فيلم إيراني بعنوان: “زمن الخيول المخمورة “ للمخرج بهمن قبادي، وهو ينقل نبض المجتمع وطموحاته غير ما نسمعه، وآخر فيلم أبكاني كان “لا بد أنها الجنة” للمخرج إيليا سليمان، وجميع أفلام المخرج جيم جارموش خاصة “غرباء في الفردوس”. وأنا أقوم بالمشاركة في استبيان سنوي من قبل الـ BBC يدعى Annual critis pool وكل سنة نختار فيها الأفلام التي تكون مهمة في محور معيّن، مثلا أهم 10 أفلام في القرن 21 وأهم 10 أفلام كوميدية خلال الـ 100 سنة، وهكذا..
سينما عقيل، جزء من شبكة الشاشات العربية، لدينا أعضاء من اليمن والسعودية والخرطوم والعراق.
آخر فيلم أبكاني كان “لا بد أنها الجنة” للمخرج إيليا سليمان.
كيف يتم انتقاء وبرمجة الأفلام في سينما عقيل؟
هناك مجموعة من الأفلام المهمة التي فرضت نفسها ولاقت إعجاب الجمهور، منها الفيلم السوداني الإماراتي للمخرج أمجد أبو العلاء “ستموت في العشرين”، وفيلم المخرج الأرمني السوفييتي سيرجي باراجانوف “لون الرمان”، والفيلم الكوري الحائز على جائزة الأوسكار “باراسيات”، لكن ما يجمع بين هذه الأفلام هو إصراري على إعطاء صورة ليست نمطية، لكن موحدة للإنسانية، تعاطٍ مع الإنسانية بجميع ألوانها، بحيث لا يكون هناك صح وخطأ بل الابتعاد عن المثالية عند النظر إلى الآخر. وأود ذكر دور المخرجات مثل: المخرجة الإماراتية نجوم الغانم التي أعدّها من أبرز الشخصيات الجديرة بالاحتفال بها في يوم المرأة الإماراتية. وأيضاً في هذه المناسبة أود أن أشيد بالدور الريادي والفريد الذي تقوم به صانعات الأفلام في دولة الإمارات اللواتي قدن مسيرة إبراز وإيجاد صوت وصورة مثل نائلة الخاجة، نهلة الفهد، آمنة النويس، هناء كاظم، حصة لوتاه، عائشة الزعابي، وأمل العقروبي.
الموضة مرتبطة بالسينما
كانت لك رؤية لأفلام الموضة في مركز بومبيدو بباريس، كيف هي الموضة في حياتك؟ وهل هي مرتبطة بنجمات السينما؟
الموضة السينمائية، ليست مجرد ممثلة ارتدت من مصمم معين، بل هي مرتبطة بالسينما بحد ذاتها، أنا أنظر للموضة كفن لتصميم الأزياء، وصناعتها، هو عالم له تاريخه، بالتأكيد هناك جانب استهلاكي، لكن التصميم يستهويني، ولذلك دخلت في هذا المهرجان، فالأزياء مرتبطة بعالم السينما بشكل جذري، كما هناك أزياء ربما مستوحاة من عمل مخرج سينمائي، وغالباً، ما يكون مغموراً، وهناك أفلام عالم الأزياء عرضنا الكثير منها، فيلم فيفيان ويستوود، وفيلم آيرس. وغيرهما.
كيف أثرت كورونا على سينما عقيل، والعمل السينمائي بشكل عام؟
نحن كنا في الخط الأول من هذا التأثير، فمهمتنا أن نجسد أفكار الناس في المناطق التي تفشى فيها المرض، تجربة السينما مثل الطائرة، دخول الصالة ومشاركة الغرباء رحلة عبر الأجواء أو عبر السينما، للوصول إلى محطة، وقد اضطررنا إلى إعادة صياغة شكل السينما عندنا، وهذا كله أثر على عدد المقاعد وصار هناك تغيير جذري في أسلوب الأفلام، وتأجيلها أيضاً، التي كان من المفترض أن تنزل في 2020 إلى 2021، أنا إنسانة إيجابية أحب التركيز على فترة ما بعد كورونا، فالناس عندهم رغبة للتضامن الوجودي، وصار عندهم شغف لزيارة السينما، ربما ليتابعوا أفلاماً رأوها من قبل.
المساواة بين الرجل والمرأة
ما الدعم الذي حظيت به المرأة الإماراتية؛ لتصل إلى هذه المكانة؟
الدعم جاء من كل الجهات، بدءاً من التشريعات التي أطلقتها قيادتنا الحكيمة في الإمارات، إضافة لرؤية أن يكون للمرأة دور لا نقاش فيه ولا جدال؛ ليكون لكل فتاة صغيرة امرأة قدوة في كل المجالات، سواء في القيادات الحكومية أو قطاع سيدات الأعمال، أيضاً هناك دعم عبر صناديق الأعمال، التي فسحت حتى لربات المنزل بافتتاح مشاريعهن، وأهم شيء هو العمل على أجندة المساواة بين الرجل والمرأة. مازلنا في هذا المشوار لتحقيق هذه الرؤية، ومهمتنا نحن الإماراتيات أن نتعاطى مع هذه الأجندة، ولا نوقف طموحنا بأنفسنا.
في يوم المرأة الإماراتية، ماذا تنصحين الفتيات الإماراتيات، الصغيرات كبيرات الطموح؟
أقول لكل فتاة إماراتية ألا تكتفي بالموجود، ولا تلتزمي بأي منهج، بل كوني المرأة التي توجِد هذا المنهج في أي مجال، كوني أنت صاحبة هذا القرار لا تسمحي لشيء يحد خيالك، دعيه يعلُ فوق الاحتمالات.
لايزال هناك من يحد من قدرات المرأة وأمامكن طريق طويل للتحدي.
ما هو الرجل في حياتك، وأين هو من رؤيتك السينمائية؟
ليس عندي مشكلة أن أحب الرجل من كل قلبي؛ لأنني أولاً أحب نفسي من كل قلبي، وليس هناك رجل في العالم، يمكن أن يزعزع فكرة اهتمام المرأة بنفسها، رغم مخططاته السابقة لتهميش مساحتها، الرجل بالنسبة لي هو الصديق والأخ، الفنان والملهم، الرفيق، الضاغط، بكل ألوانه، يصعب أن أحبه بشكل معين، وقد جاء دوره؛ ليترك حيزاً أكبر للمرأة؛ ليكون لها الدور الأكبر.. هذا هو العدل والتطور