لا يمكن أن يتم الحديث عن الإعلام في دولة الإمارات أو على المستوى العربي، إلا ويأتي اسمها مستحضراً ابتسامتها الدائمة، وشخصيتها الكاريزمية، وثقتها الكبيرة بقدراتها المهنية في مجال الإدارة والصحافة والإعلام، تحمل شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وماجستير في الابتكار وريادة الأعمال، ودكتوراه في إدارة الجودة الشاملة من جامعة حمدان بن محمد الذكية، إلى جانب تخرجها من عدة برامج قيادية على مستوى الدولة والعالم، منها برنامج قادة المستقبل. وبرنامج القيادات النسائية العالمية في واشنطن.. هي وجه مشرق لوطنها، ولإمارة دبي، إلى جانب العديد من الشخصيات القيادية في مواقع المسؤولية. ممن أبدعن، ومثلن دولة الإمارات العربية المتحدة، ونموذجها التنموي الطموح الحافل بالمبادرات والابتكارات النوعية. حديثنا الذي يحمل باقة من الذكريات بمناسبة اليوبيل الذهبي لاتحاد الإمارات السبع، مع الدكتورة ميثاء بوحميد، مديرة نادي دبي للصحافة.
حوار | لينا الحوراني Lina Alhorani
تنسيق تصوير | رنا الطوسي Rana Altousi
تصوير فوتوغرافي | سام روادي Sam Rawadi
تصوير فيديو | أمير صليب Amir Salib
مكياج | مي شلوف May Challof
موقع التصوير | نادي دبي للصحافة Dubai Press Club
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2126 من مجلة سيدتي
منّ الله علينا بقادة يسابقون الزمن نحو المستقبل وبدولة متجددة لا حدود لطموحاتها
تولت مهام إدارة نادي دبي للصحافة في عام 2017، قادمة من محطات مهنية رائدة، بدأت بمنصب المديرة التنفيذية للتسويق والاتصال المؤسسي في سلطة دبي للتطوير ثم مديرة للتسويق والاتصال المؤسسي في مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وبعدها إلى مجلس الإمارات للتنافسية، ومن ثم مديرة الاتصال المؤسسي في مؤسسة المرأة بدبي، وصولاً إلى تسلم دفة إدارة نادي دبي للصحافة، حيث نجحت خلال العام الأول من توليها هذا المنصب في إطلاق العديد من المبادرات والفعاليات الحيوية، وحولت النادي إلى واحد من أنشط نوادي الصحافة في العالم، بما فيها الفترة التي دخل فيها العالم أجمع في شبه سبات بسبب تداعيات جائحة كوفيد19-، كان النادي حينها ينشط في إقامة جلسات وورش عمل رفيعة المستوى، وتطوير أذرعه وأدواته الرقمية، والتي تصفها بوحميد في هذا الحوار، الذي أجريناه معها في مقر النادي وسط فريقها الحيوي والمبدع (بالمستقبل الجديد)، لنقضي معها وقتاً طيباً نقلب فيه معها بعض أوراقها المهنية وكذلك بعض ذكرياتها.
ملامح أحلامنا
إذا ما تكلمنا عن بدايات الإعلام والصحافة في الإمارات العربية المتحدة مع احتفالها باليوبيل الذهبي، ماذا تحفظين في ذاكرتك؟
اليوبيل الذهبي مناسبة حضارية وتاريخية، يطول الحديث عن كمية القصص التي تغمر ذاكرتي عن هذه الرحلة الخمسينية.. وحتى لا يطول الحديث، يمكنني التأكيد أن الاحتفال سيكون علامة فارقة في تاريخ الإمارات ومحطة انطلاقة نحو مستقبل واعد، نرسم من خلالها ملامح أحلامنا، ونحقق فيها طموحات خمسين عاماً مقبلة.
وإذا تحدثنا عن بدايات الإعلام في الدولة، فالإعلام جزء من تاريخ الإمارات، وشاهد عليه منذ قيام الدولة، حيث أدرك الآباء المؤسسون أهمية الإعلام في التعريف عن حلم الدولة، وتوجهاتها ومواقفها، وأذكر أن والدي عيسى عبدالله محمد بوحميد، رحمه الله، كان دائم الحديث عن هذه المرحلة، كونه عاصر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وشغل عدداً من المناصب في مجموعة من المؤسسات الحكومية، التي شكلت نواة القطاع الخدمي، وبناء مسيرة التنمية في إمارة دبي، وكان دائم الحديث لنا عن أن الحركة الإعلامية في الإمارات، كانت سابقة لإعلان الاتحاد، حيث كان هناك محاولات نشيطة ومستمرة من أبناء وبنات الإمارات لإصدار صحف اعتمدوا فيها على الكتابة بخط اليد، نظراً لعدم توافر إمكانات الطباعة لديهم، من هنا بدأت الرغبة في الكتابة والرصد والاهتمام بالأخبار لتكون مرآة المجتمع، وإحدى أولى الأدوات الإعلامية التي تعكس، رؤى ورسالة القيادة الرشيدة، حيث أسهمت رؤية المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، في وضع أساسات الإعلام، بدبي في البدايات الأولى، كما أدرك المغفور له أهمية الإعلام في التعريف بدبي وتطلعاتها المستقبلية.
وهذه الرؤية الملهمة امتدت حتى يومنا هذا، وجميعنا ندرك حجم الدعم والاهتمام الذي يحظى به القطاع الإعلامي في إمارة دبي من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، ما انعكس على إيجاد أجوبة إعلامية رائدة ومناخ إعلامي متميز في مدينة هي اليوم عاصمة للإعلام العربي بشهادة دول العالم.
قصص تلهم العالم
ما هي أبرز خطوط أجندة الإعلام الإماراتي بعد مرور 50 سنة على الاتحاد؟
إعلامنا الإماراتي حقق العديد من الإنجازات خلال الخمسين سنة الماضية، ولكن هذا لا يعني أنه بمقدورنا أن نستريح، فما زالت هناك مساحة كبيرة أمام إعلامنا للتحسين والتطوير، خاصة ما يتعلق بأخذ زمام المبادرة، سواء بالنسبة للمواضيع المحلية، أو بالنسبة لتعزيز سمعة الإمارات في الخارج، فنحن نعيش في دولة لا تتوقف قصصها عن إلهام العالم، لأنها تهتم بالإنسان، بغض النظر عن مكانه الجغرافي، ودينه وعرقه ولونه، وتسعى إلى توفير مقومات النجاح والإبداع والتميز، خاصة ما يتعلق بجودة الحياة. ذلك عوضاً أن الله منّ علينا بقادة يسابقون الوقت نحو المستقبل، وبدولة متجددة يختصر تطورها الزمن، وبالتأكيد، هذا الأمر يرتب على قطاع الإعلام، مسؤولية كبيرة، وبرأيي من أبرز خطوط الأجندة الإعلامية؛ أن يكون إعلامنا الإماراتي مواكباً لهذه السمعة، ويعمل على تعزيزها وترسيخها، عبر الإسهام في إبراز جهود الدولة في العديد من جوانب الحياة العلمية والإنسانية والاقتصادية.
مواكبة التحولات الرقمية
برأيك كيف يكون الإعلام الإماراتي تنافسياً يخاطب العالم؟ ربما علينا أن نطرح السؤال بطريقة أخرى، ونتساءل هل يقع إعلام الإمارات، ضمن دائرة التأثير؟، للإجابة عن هذا التساؤل، يجب معرفة كيفية قياس التأثير أولاً، وبالنسبة لي أرى أن تأثير إعلامنا يقاس بمدى قدرته على إيصال رسالة الإمارات إلى العالم، وأخذه زمام المبادرة في إبراز إنجازاتنا، ودفاعه عن الحياد الإيجابي للدولة إزاء مختلف القضايا، فنحن نتحدث عن دولة مؤثرة عالمياً بشهادة المؤسسات والمؤشرات العالمية، كذلك على إعلامنا المحلي أن يبقى مواكباً للمتغيرات المتسارعة والتحولات الرقمية، والتركيز على إنتاج محتوى تنافسي قادر على مخاطبة العالم. للأسف إعلامنا الإماراتي بالغ نوعاً ما في التركيز على خطط الإدارة الإعلامية، على حساب تطوير المحتوى وتبني المفاهيم الإعلامية الجديدة، وكذلك من حيث البحث عن أصحاب الكفاءات الشابة، ذوي الأفكار المبدعة، ممن يستطيعون وضع بصماتهم في المشهد الإعلامي الإماراتي.
كيف تصفين تجربة «الإعلام الإماراتي»، وتعامله مع الأزمة العالمية المتعلقة بفيروس كورونا المستجد؟
إعلامنا الوطني ومن خلال تجربتي الشخصية، قام بدور إيجابي أثناء الأزمة المتمثلة في انتشار كوفيد - 19، ولكن حتى نصارح أنفسنا ونلتزم بمبدأ الشفافية الذي نؤتمن عليه كمطلب أساسي في أي جهد هدفه الارتقاء بمستوى وأداء الإعلام المحلي، فقد واجه في بداية الأزمة نوعاً من الارتباك.. ويمكننا القول إن ذلك كان سببه عدة تحديات واجهت الإعلام العالمي بسبب طبيعة وحجم الأزمة الصحية غير المتوقعة. يحسب لإعلامنا المحلي أنه نجح في تدارك هذا الارتباك وتنظيم صفوفه سريعاً؛ حتى أصبح بمختلف مؤسساته المصدر الموثوق الأول للمجتمع وللمنظمات الصحية والإعلامية حول العالم.
أصبح إعلامنا بمختلف مؤسساته المصدر الموثوق الأول للمجتمع وللمنظمات الصحية والإعلامية حول العالم في أزمة كورونا
تمكين المرأة في الإمارات وتحقيق التوازن بينها وبين الرجل أصبح واقعاً ملموساً لدى الجميع
لا مكان للمستحيل
بعد خوض هذه الأزمة، برأيك ما الدور المطلوب من الإعلام العربي، وما المهمة الأولى لأهل المهنة؟
الإعلام العربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالتعجيل بالتحول الرقمي والتعامل مع عالم مختلف تماماً من حيث شكل ومضمون العمل الإعلامي، الذي ستكون للتكنولوجيا الكلمة العليا والأكثر تأثيراً في تشكيل ملامح قطاعاته المختلفة.
والمنطقة العربية أكثر حاجة إلى إعلام يسابق الزمن نحو المستقبل بأدوات جديدة وفكر مختلف، لاحظوا عندما تطرح هذه الرؤية على صناع الإعلام يضعون أمامكم العديد من العقبات على شاكلة: البنية التحتية ضعيفة!، الإمكانات المادية قليلة! وغيرها الكثير من العقبات منها ما هو حقيقي ومنها ما هو مبالغ فيه، ربما على صناع إعلامنا العربي تطبيق القاعدة التي انطلقت منها دبي إلى العالمية، فأحد الأسباب الرئيسة وراء قصة نجاح دبي هي الإيمان بأن كلمة مستحيل لا مكان لها في قاموس مفرداتها.
الدور المحوري للإعلام
كيف تصفين أهمية دور الإعلام في توصيل رسالة الإمارات إلى العالم من خلال إكسبو 2020 دبي؟
من دون شك للإعلام دور محوري في نقل صورة معبرة عما يتحقق على أرض الإمارات من إنجازات كبرى، بالإضافة إلى نقل ملامح توجهاتها الملهمة للخمسين عاماً المقبلة. ونظراً لأهمية موقع نادي دبي للصحافة وجهوده الإعلامية المستمرة على جميع المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، جاء القرار بتوجيهات سعادة منى غانم المري رئيسة نادي دبي للصحافة، بأهمية التواجد الدائم لفريق عمل النادي في المركز الإعلامي إكسبو 2020 دبي وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتمكين الإعلاميين من القيام بمهامهم على الوجه الأكمل، والاستفادة من شبكة العلاقات الواسعة التي يتمتع بها النادي مع مختلف المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية، إلى جانب علاقاته الوثيقة بنخبة من الكتاب والمفكرين والصحافيين والمؤثرين وصناع القرار الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط.
إرث عميق ونهج أصيل
في ظل الاتحاد. احتلت المرأة مساحة كبيرة من القوى العاملة وإدارة المؤسسات والأعمال، والمناصب العليا، هل تحقق هذا التوازن إلى جانب الرجل؟
نعم، كل النتائج المحققة فاقت التوقعات، فمسألة تمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتحقيق التوازن بينها وبين الرجل أصبحت واقعاً ملموساً لدى الجميع، ولا تحتاج مني إلى شهادة أو تأكيد، نحن نتحدث اليوم عن مكانة المرأة الإماراتية إقليمياً واستشراف فرص تعزيز تنافسيتها عالمياً. ويجب هنا أن نشير إلى أن المكانة العالمية والإقليمية المتقدمة لدولة الإمارات في التوازن بين الجنسين لم تأتِ من فراغ، بل تستند إلى إرث عميق ونهج أصيل بنيت عليها الدولة قبل 50 عاماً. وتحول تمكين المرأة الإماراتية إلى نموذج عالمي، هو بفضل الدعم الكبير الذي توفره القيادة الرشيدة وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية أم الإمارات، ومتابعة حرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين وجهود سعادة منى غانم المري، نائبة رئيسة المجلس، لهذا الملف الذي يعد مكوناً رئيساً للجنة الوطنية وخطة الخمسين عاماً القادمة في الدولة.
تحملين العديد من الشهادات العليا، واتبعت الكثير من البرامج الخاصة بالقيادة، ماذا يعني لك الطموح؟
ببساطة الطموح بالنسبة لي لا يعدّ وسيلة، وإنما هو الغاية التي تجعل الإنسان يستمر في سعيه بقناعة حتى يصل إلى الأهداف، ولهذا عندما يتعلق أي شخص بالطموحات والأحلام فإنه يسعى وراءها ليصل إلى أهدافه. فقط يكفي ألا ننسى أن أساس أكبر المحيطات في العالم قطرة ماء.
وفي الوقت الحالي كل أهدافي متركزة على تحقيق أهداف النادي، المتمثلة في تحويله إلى منصة حيوية للصحافيين وصناع المحتوى والعاملين في المجال الإعلامي، للنقاش والحوار والتباحث في أهم القضايا ذات الصلة بالحياة اليومية، على مختلف المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقديم دعم محوري لتطوير قطاع الإعلام، على الصعيدين المحلي والإقليمي.