تعريف الإحرام للعمرة على أنه نيّة الدخول لحجّ بيت الله الحرام، أو للعمرة، أو لِكليْهما معاً؛ أي الوقت المحدّد الذي ينوي فيه المسلم الدخول بنُسك الحجّ أو العمرة، وقد سُمّي بذلك الاسم لأنّه يُحرّم على من دخله بعض الأمور التي كانت حلالاً له، كتحريم المَخيط وتغطية الرأس للرجل، والذي كان مباحاً قبل الإحرام، وغير ذلك من محظورات الإحرام، يقول الداعية الاسلامي الدكتور عمرو خالد: أمّا العمرة لغةً فتعني قصد وزيارة مكانٍ عامرٍ؛ فيُقال: اعتمر؛ أي أدّى العمرة، ويُقال: أعْمره؛ أي ساعده على أداء العمرة، ويُقصد بالعمرة اصطلاحاً: الطواف ببيت الله الحرام، والسعي بين الصفا والمروة بإحرام.
* كيفية إحرام المرأة للعمرة
يجب على المرأة الإحرام من الميقات، ويعني الميقات المكان الواجب الإحرام منه؛ حيث يختلف الميقات المكاني للعمرة بحسب موقع المحرم؛ فمنه الآفاقي، والميقاتي، والحَرَمي، والمكِّي؛ فالميقات الآفاقي يكون لِمَن جاء من خارج مواقع المواقيت، وقد حُدِّدت ذو الحُليفة ميقاتاً لأهل المدينة ولمن جاء عبرها، ويسمَّى الآن آبار علي، والجُحفة لأهل بلاد الشَّام ومَن مرَّ منها، ويوجد قبله ميقات رابغ يُحرم الحجَّاج منه، وقيل إنَّه أحوط من الجُحفة، وقرن المنازل لأهل نجد الحجاز ونجد اليمن ويسمَّى الآن السّيل، وهو أقرب المواقيت لمكَّة، ويَلملَم لباقي أهل اليمن وتِهامة والهند، وميقات ذات عرق لأهل العراق وباقي أنحاء العالم، والدَّليل على هذه المواقيت ما رواه ابن عباس -رضي الله عنه- قال: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقَّتَ لأهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، ولِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، ولِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لهنَّ، ولِمَن أتَى عليهنَّ مِن غيرِهِنَّ مِمَّنْ أرَادَ الحَجَّ والعُمْرَةَ، ومَن كانَ دُونَ ذلكَ، فَمِنْ حَيْثُ أنْشَأَ حتَّى أهْلُ مَكَّةَ مِن مَكَّةَ)، وقد سُمِّي أهل هذه المناطق بأهل الآفاق؛ لأنَّهم يأتون من خارج هذه المواقيت.
* مضمون إحرام المرأة
وهذا الإحرام يحمل في مضمونه حِكماً عديدةً؛ فهو أمرٌ تعبّديٌّ أمرنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- والإحرام رسالةٌ للنفس للاستعداد؛ حيث إنها تتّجه إلى أعظم وأشرف وأطهر البقاع عند الله -عز وجل- فيكون الإقبال على بيت الله الحرام بتهيئة النفس والبدن للبدء بهذه المناسك العظيمة، والتي تظهر من الميقات قبل الوصول إلى بيت الله الحرام، وليس للمرأة لباسٌ خاصٌّ للإحرام؛ فتلبس ما شاءت من الملابس الساترة وغير اللافتة.
ويُستحبّ الاغتسال للمرأة قبل الإحرام؛ حيث يعدّ اغتسالاً خاصاً به؛ حتى وإن كانت المرأة نُفساءً أو حائضاً، بدليل أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للصحابيّة أسماء بنت عُميس -رضي الله عنها- بالاغتسال والإحرام مع كوْنها نُفساء، وكذلك أمره لأمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بالغسل والإحرام وهي حائض، وعند جمع الفقهاء بين الاغتسال والنظافة؛ ينحصر التنظيف بحلق العانة والإبط وتقليم الأظافر، أما الاغتسال فهو عام، ويعني تمرير الماء على البدن، والقيام بالتنظيف لا يكون أثناء الإحرام؛ بل قبله؛ فقصّ وحلق الشعر مثلاً من محظورات الإحرام، ويرى الإمام مالك أن الاغتسال لا بدّ له أن يتّصل بالإحرام حتى تتحقّق السنة؛ فلا يكون بينهما فاصلٌ طويلٌ، كالاغتسال فجراً والإحرام ظهراً؛ فقد تتحقّق هنا سنة الاغتسال، لكن لا تتحقّق سنّة الوصل بين الاغتسال والإحرام، وتجدر الإشارة إلى أنه لا بأس بالوقت الفاصل القصير بينهما، كمقدار شدّ الرحال والتجهيز للتحرّك مثلاً.
ومن السنن التي اتّفق عليها الأئمة الأربعة؛ صلاة ركعتين قبل الإحرام إذا لم يُصادف ذلك فريضة، واستدلّوا على ما ثبت في صحيح السنة النبوية أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحرم بعد أن صلّى صلاة الظهر، وبالحديث القدسيّ عن رسول -صلّى الله عليه وسلم- قال: (اللَّيْلَةَ أتانِي آتٍ مِن رَبِّي، وهو بالعَقِيقِ، أنْ صَلِّ في هذا الوادِي المُبارَكِ، وقُلْ: عُمْرَةٌ في حَجَّةٍ)، وهذا يدلّ على استحباب الدخول بالإحرام بعد صلاة، وهي إما أن تكون نافلة، أو فريضة إذا كان وقتها، وعلى المرأة كشف الوجه والكفّين أثناء الإحرام؛ فقد سأل الصحابة رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- عن لباس المرأة أثناء الإحرام؛ فقال: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)، ويسنّ عند الشافعية أن تقوم المرأة بوضع الحناء قبل الإحرام على كفوفها، ويرى فقهاء المذهب الحنبلي أن تطيّب المرأة قبل الإحرام سنّة، بشرط ألا تكون قريبة من الرجال ولا تختلط بهم كما يحدث في صلوات الجمعة والأعياد، ويستحب عندهم أن تختضب المرأة قبل الإحرام، سواء أكانت متزوجة أم لا.