تقوم سونيا محمد جناحي، رئيسة مجلس إدارة «إس جي للاستثمار»، بمساعٍ حثيثة لإيجاد قانون مشترك لاتفاقيات الامتياز التجاري لجميع دول مجلس التعاون الخليجي، وترى نفسها محظوظة لامتلاكها 3 مقومات أسهمت في نجاحها المهني: (بناء الاستراتيجيات، وفريق محترف، وتكوين تحالفات). وسونيا جناحي، حاصلة على ماجستير بإدارة الأعمال تخصص التسويق الاستراتيجي من المملكة المتحدة، فازت بعضوية مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، كأول سيدة أعمال عربية تتولى هذا المنصب، عملت نائبة رئيس مجلس الإدارة في (ذا ليفينج كونسبت)، والمؤسسة والرئيسة التنفيذية لـ (مايا لا شوكليتيري) منذ 2007 في البحرين والسعودية، كما تولت العديد من المناصب الأخرى.. هنا حوار معها حول تعيينها عضواً بلجنة عمل شؤون المرأة العربية بمنظمة العمل العربية، وعن تمكين المرأة ودورها في نمو الاقتصادات المستدامة.
ما سبب تركيزك على هيكلة الاستثمار، وما هي الإسهامات التي قدمتها لدعم ونمو الاقتصادات المستدامة؟
كموظفة سابقة في بنك البحرين والكويت، كنت مهتمة بشدة بإعادة هيكلة الاستثمار، وتنويع المحفظات الاستثمارية بالبنك، فانتهزت فرصة الانتقال من قسم التسويق إلى قسم الاستثمار 1996عام، واكتسبت خبرة في تنويع المحفظات الاستثمارية، والتركيز على جميع القطاعات الاقتصادية الأساسية، والتي أسهمت في إعطاء قيمة مضافة لأعمالي.
ركزت برحلتي على ريادة الأعمال، وعملت على إعادة هيكلة اللجان القطاعية بغرفة البحرين؛ بهدف تحقيق الاستدامة والنمو والوصول للعالمية.
وقلصت عدد اللجان من 24 إلى 10 لجان قطاعية، تركز على القطاعات الأساسية كالتعليم والتدريب، السياحة، المالية والتأمين والضرائب، التكنولوجيا وغيرها.
واستقطبنا خبراء من السوق لقيادة اللجان العشرة، والانضمام إليها، وإنشاء لجنة تنسيقية تضم جميع قادة اللجان تهدف إلى تنسيق العمل وتعزيز التعاون، بشكل تكاملي لخدمة القطاعات التي تمثلها بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام، وتذليل العقبات، وتحقيق الشراكة الفاعلة بين القطاع العام والخاص.
مدمنة الشوكولاتة
ما أبرز محطات مسيرتك المهنية التي جعلت منك اليوم ملهمة وقدوة للشباب، ما هي العقبات التي واجهتها؟ وما مصدر قوتك؟
في الواقع أنا مدمنة للشوكولاتة! دفعني شغفي للتوجه لقطاع الأغذية والمشروبات، لإنشاء «مايا»، والذي يركز على مفهوم «الشوكولاتة من أجل عالم أفضل»، تتميز الشوكولاتة الخاصة باحتوائها على نسبة منخفضة جداً من السكر وزبدة الكاكاو؛ للتأكد من كونها مفيدة للصحة وغير ضارة.
صناعة الشوكولاتة تعد علماً وفناً، وقمت بدراسته، وفتح العديد من الآفاق لإنشاء هذا المفهوم والذي يركز على الشوكولاتة فقط، حلواً أو مالحاً!
علامة «مايا» أول نموذج امتياز بحريني، وقمنا بمنح الامتياز التجاري للتوسع بعدة دول، ولكن للأسف، نظراً لعدم نضج الهيكل القانوني فيما يتعلق بأعمال الامتياز إقليمياً، فقد واجهنا العديد من الممارسات غير الأخلاقية والمجتمع العربي لديه احترام أقل للعلامة التجارية المحلية بالمقارنة الدولية.
وعملت على دعم مساعي إيجاد قانون مشترك لجميع دول مجلس التعاون، يحمي هذه الاتفاقيات.
نجاحي يتمثل بعدم الخجل من التحدث عن أخطائي؛ حتى يتمكن الآخرون من التعلم منها وتجنبها، وتحقيق النجاح بشكل أسرع.
ما أهم العقبات التي تواجه المرأة في البحرين»؟ وكيف يمكن تمكين النساء بشكل ديناميكي؟
المرأة البحرينية تعدت مرحلة الحاجة للدعم والتمكين، واليوم تسعى لتحقيق التقدم، بفضل رؤية ثاقبة من الملك حمد آل خليفة، والأمير سلمان آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله، ومبادرة الأميرة سبيكة آل خليفة، وجهودها الحثيثة لإنشاء المجلس الأعلى للمرأة. قضية التمويل ليس لها علاقة بتحديد النوع الاجتماعي ذكراً كان أم أنثى، لطالما استوفى مقدم الطلب المعايير والمتطلبات، بل تتمثل في الحاجة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل 98 % من الأعمال، فنحن بحاجة اليوم إلى شركات رأس المال الاستثماري؛ بهدف الاستثمار وتوجيه الدعم للشركات المحلية لتمكينها من النمو. كذلك رؤية نسبة أكبر من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تنتقل إلى مستوى الاكتتابات والإدراج بالبورصة، وبسبب النقص في البنية التحتية، فإننا لا نرى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للذكور أو الإناث تتخذ هذا المسار.
أسعى لتعزيز حماية اتفاقيات الامتياز والعلامات التجارية
هل تتفقين مع مقولة «الذي يعيق رائدات الأعمال عن تسجيل إنجازات ليس العقبات وإنما التردد والخوف من الانطلاق»؟
أجزم أن الخوف والتردد هاجس ينتاب الرجال والنساء، والسبب يعود إلى الافتقار إلى الآليات اللازمة للارتقاء بالأفكار عالمياً.
في البحرين، القوة الشرائية محدودة، حجم السوق صغير، والمنافسة عالية، لذا الحاجة لتعلم أخذ المبادرات لخارج البحرين لضمان النمو، فلا تستطيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم كونها لا تملك الخبرة اللازمة للتوسع بالخارج، وبالتالي نحن بحاجة إلى هيكل رأس المال الاستثماري للدفع بالمفاهيم الفريدة للتوسع والنمو عالمياً. كوننا نساء لا يمنعنا من توسيع أو متابعة أحلامنا، فأنا مثلاً أحرقت أصابعي وسقطت عدة مرات، ولكن في كل مرة أتعلم من الأخطاء وأمضي قدماً.
الرجل يدعم المرأة
حدثينا عن فوزك بعضوية مجلس إدارة منظمة العمل الدولية.
محظوظة لامتلاكي المقومات الثلاثة، (بناء الاستراتيجيات، والفريق، وتكوين تحالفات)، في عام 1990 انضممت إلى شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو)، حضرت أول اجتماع مع الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف مع مرشدي من الشركة، والذي كان يشدد على أهمية هذه الاجتماعات لضمان أن السياسات والتشريعات التي تتم صياغتها تضيف قيمة إلى أعمال شركتنا، ومنها كان لديّ حلم في أن أكون عضواً نشطاً في إحدى منظمات الأمم المتحدة، وأن أتمكن من التعبير عن رأيي لجميع الدول الأعضاء. وتجدد هذا الحلم عند انضمامي إلى غرفة البحرين، وبدعم رئيس الإدارة والفريق حصلت على موافقة بالإجماع، ونحن محظوظات؛ لأن الرجال يدعمون المرأة لتحقيق أهدافها.
نحن بحاجة إلى تغيير ثقافة المجتمع، وأن يكون على دراية بالتطور التكنولوجي
ماذا يعني لك تعيينك عضواً بلجنة شؤون عمل المرأة العربية بمنظمة العمل العربية؟
تقدم المرأة هو هدفي الأول، فلطالما تم دعم وتمكين المرأة العربية لخدمة مجتمعهن، لذا هدفنا اليوم هو توسيع نطاق هذا النجاح للوصول للإنجازات العالمية، وإبعاد أي خوف أو شك يعتريهن حول التوسع والوصول للعالمية.
ما هي المهارات التي ستحتاج إليها القوى العاملة المستقبلية للمنافسة بسوق العمل الرقمي؟
نحن بحاجة إلى تغيير ثقافة المجتمع، وأن يكون على دراية بالتطور التكنولوجي، وتقليل التفاعل البشري، لدعم الاستدامة وتحتاج الشركات التي تدخل في مجال التكنولوجيا، وأن تستثمر في التوسع إلى الدعم المحلي لضمان تفعيل نموذجها، إذ تعمل التكنولوجيا على تسريع الإنتاج والتسليم، ومواكبة المبادرات العالمية.
كيف ترين دور المرأة كشريك فاعل ورئيس في صياغة مستقبل البحرين الاقتصاديّ؟
تلعب المرأة دوراً محورياً في كل اقتصاد، حيث يمثلن نصف المجتمع إن لم يكن أكثر، ينصب نظراً للقيمة التي يمكن أن يضفْنَهَا، فنحن كأمهات وأخوات وزوجات ندير العديد من الأعمال التجارية، ونتمتع بالقدرة على القيام بالمهام المتعددة والإدارة والتعليم، إذ تكمن قوتنا العظمى في كوننا نساء بمجالس الإدارة، في فتح الأبواب للإبداع والشمولية.
ما الفرص المهنية التي تتيحها منصة رائدات للمرأة العربية على مستوى العالم؟
الهدف من منصة رائدات هو التأكد من أن كل امرأة عربية، بغض النظر عن مكان إقامتها، يمكنها التألق والحصول على فرصة للبروز. لقد وصلت المرأة العربية إلى آفاق بعيدة، ولكن ظلت بعيدة عن الأضواء، ومن هنا تسعى منصة رائدات لطرح منتديات للنقاش بين النساء والرجال، وإنشاء قاعدة بيانات عن النساء العربيات وإمكانياتهن، وكيفية تمكينهن من الحصول على التقدير والوظائف والمكانة والدعم الذي يستحقِقْنَه.
طموحاتي مستمرة
مع توجه العالم بشكل متزايد نحو الرقمنة، ما هي المكتسبات الوطنية التي أسهمت بالنهوض بالمرأة البحرينية والارتقاء بأدوارها؟
يعد موضوع التوازن بين الجنسين أحد أولويات البحرين والمجلس الأعلى للمرأة، علاوة على ذلك، فإن التوازن بين الجنسين في قطاع التكنولوجيا هو هدف أساسي في كل من القطاعين العام والخاص، ولا ينصب التركيز فقط على الجانب الوظيفي، وإنما الجانب التعليمي أيضاً، يجب أن يبدأ الإرشاد في عمر مبكر، وعلينا أن نبدأ من خلال المدارس بتوجيه الفتيات وتوعيتهن بأن جميع الفرص متاحة، يجب أن يكون الدافع هو التكنولوجيا؛ لضمان مواكبتنا للتطورات العالمية المستقبلية وما زلنا بحاجة لزيادة الوعي وتثقيف المرأة بأنها ليست محصورة في قطاعات معينة، لضمان الشمولية والتمثيل الصحيح من كلا الجنسين.
ما طموحاتك المستقبلية؟
كما قال سلفادور دالي: «الذكاء بلا طموح كطائر بلا أجنحة» يدفعني الشغف بالتنمية وإحداث التغيير، وبالتالي ستستمر طموحاتي بالنمو، كلما تعلمت أكثر أردت رد الجميل لمجتمعي والعالم، أؤمن بأن المثابرة هي قوتي ومفتاح نجاحي.