حققتْ المرأةُ السعوديةُ تميزاً في الكثيرِ من المجالاتِ التي خاضتْها، محلياً وإقليمياً ودولياً، نظيرَ ما تتمتَّع به من مهارةٍ عاليةٍ، وشغفٍ كبيرٍ، وطموحٍ لا حدود له. الدكتورةُ ريم الفريان، مديرُ التطويرِ والشراكة المجتمعيّة في شركة السودة للتطوير بمنطقة عسير، من النماذج التي يفتخرُ بها كلُّ سعوديٍ وسعوديةٍ، إذ حققت بما تمتلكه من خبرةٍ كبيرةٍ عدداً من الإنجازات، ونالتْ عنها جوائزَ مختلفةً، وتقلَّدت مناصبَ مرموقةً، ومثَّلت بلادها في محافلَ دوليةٍ، من أهمها قيادةُ مجموعات التواصل خلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين 2020 -2021، كما كان لها دورٌ بارزٌ في تعزيز عمل المرأة السعودية عبر إطلاق عددٍ من المبادرات خلال فترة عملها مساعداً للأمين العام لمجلس الغرف السعودية. «سيدتي» استضافتها من خلال الحوار التالي:
بما أننا في مارس، شهرِ المرأةِ، لنعدْ للوراء قليلاً ونسألُكِ عن الدور الذي لعبتْهُ المرأةُ السعودية خلال العام الذي ترأستْ فيه البلاد مجموعة العشرين؟
العملُ الذي قدَّمته المرأة في مجموعة العشرين، والدور الذي أدَّته خلال رئاسة السعودية لها، ما هو إلا انعكاسٌ لرؤيةِ القيادة الرشيدة بتمكينها في كل المجالات. أسهمنا خلال عملنا في الأمانة السعودية للمجموعة في صناعة السياسات، كما شاركنا في رئاسة فرق العمل، وعملنا على توحيد الجهود على المستويين الحكومي ومؤسسات المجتمع المدني، وشكَّلت المرأةُ نسبة 41% من إجمالي الموظفين في الأمانة، ومُنِحَت 30% من المناصب القياديّة المحوريّة، مثلاً ترأست المرأة عدداً من فِرقِ العمل في صناعة السياسات، ولا سيما ملفِّ التنمية المستدامة.
كلُّ هذه الإنجازات ما كانت لتحقق لولا التمكينُ الذي حظيت به المرأة من قِبل حكومتنا الرشيدة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله ورعاهما وأدامهما ذخراً للبلاد.
تلاشت الذات خلال عملنا
حدِّثينا عن طبيعةِ عملكِ تحديداً، والمهام التي قمتِ بها ضمن مجموعة العشرين؟
طبيعة عملنا كانت استثنائيةً، وتطلَّبت كفاءةً عالية، وحضوراً حسياً وذهنياً كبيراً على مدار الساعة. لم نكن نشعر بالوقت، أو التعب، لأننا كنَّا نعمل من أجل وطنٍ نحبّه كثيراً، وحتى نؤكد للجميع أننا استثمارٌ صالحٌ ونتاجٌ طيبٌ لعمليّة التمكين.
تلاشت الذات خلال عملنا، وتحوَّلنا جميعاً إلى شخصٍ واحدٍ بمجموعة أجسادٍ، كلٌّ يعمل لأجل الوطن بشغفٍ وطموحٍ لا يوصف، مما أسهم في تفوُّقنا على الرئاسات السابقة، أداءً ومخرجاتٍ، بشهادة ممثلي الدول الأعضاء، وكان أداءُ مجموعاتنا استثنائياً على الرغم من التحديات التي واجهها العالم بأسره بسبب جائحة كورونا. اليوم تأتي السعوديةُ ضمن مصاف الدول الممكِّنة لمؤسسات المجتمع المحلي، وهذا نابعٌ من رؤية القيادة الرشيدة في خلق مجتمعٍ حيويٍّ، يسهم في ازدهار وتطور اقتصاد بلاده.
بالنسبة لي تحديداً، تولَّيت منصب المدير التنفيذي لدعم مجموعات التواصل، والمدير التنفيذي للشؤون القانونية، والمدير التنفيذي للفعاليات والمؤتمرات المصاحبة تحت قيادة الدكتور فهد تونسي، الأمين العام للأمانة السعودية لمجموعة العشرين، والدكتور فهد المبارك، الشربا السعودي، واشتملَ عملُنا على ثلاثة مساراتٍ رئيسةٍ، هي: مسار الشربا، والمسار المالي، ومسار مجموعات التواصل الذي مثَّل صوت مؤسسات المجتمع المدني المستقلّة، إذ تهتمُّ مجموعة العشرين بمرئياتهم، كونهم يمثِّلون عدداً من شرائح المجتمع، مثل قطاع الأعمال، وقطاع العمال، وقطاع المرأة، وقطاع الشباب، وقطاع العلوم، وقطاع مؤسسات الفكر، وقطاع المجتمع الحضري والمجتمع المدني.
يشغلني تغيير الصورة النمطية عن السعودية إقليمياً وعالمياً
تُعدِّين أول امرأةٍ تُعيَّنُ مساعداً للأمين العام لمجلس الغرف السعودية، كيف أسهمتِ من خلال منصبكِ في تعزيزِ حضورِ سيداتِ الأعمالِ السعودياتِ؟
أسهمتُ خلال تلك الفترة في تأسيس المجلس التنسيقي لعمل المرأة، الذي ترأسته الأميرةُ نورة بنت محمد، حرمُ أمير منطقة الرياض، كما عملت على عددٍ من المبادرات في سبيل تمكين المرأة من العمل في مختلف القطاعات.
قد تكون هذه الأمثلة قديمةً للقارئ بالمقارنة مع ما نعيشُه اليوم، لكنَّها في ذاك الوقت كانت ملفاتٍ مهمةٍ للغاية، في مقدمتها تحفيزُ القطاع الخاص على استقطاب المرأة للعمل بُعد، وتأنيثُ قطاع التغذية والمطاعم والفنادق، وتأهيلُ الفتيات السعوديات للعمل في قطاع التجميع، وحصرُ اللوائح والأنظمة والقوانين التي تحُول بين المرأة وممارستها العمل الحر، إضافةً إلى عمل المرأة في المصانع.
المرأة السعودية تشهد عصرها الذهبي
ما رأيُكِ فيما وصلت إليه المرأةُ السعوديةُ اليومَ في ظل «رؤية 2030»، وما نصيحتكِ لها؟
مقارنةً مع ما كنا عليه سابقاً وما نحن عليه اليوم من تمكينٍ في ظلِّ «رؤية 2030»، أستطيعُ التأكيد أنَّ المرأة السعودية تشهد عصرها الذهبي، وهذا ما أسهم في مشاركتها بفاعليةٍ في تطوير وطنها على كافة الصعد.
أنصحُها في ظل ما نعيشه من اهتمامٍ وتقديرٍ بأن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وأن نحملَ تاريخنا ومسيرتنا بوصفنا سيداتٍ سعودياتٍ في قلوبنا، وأن نحلِّقَ مع رؤيتنا المباركة إلى المستقبل المشرق بخطواتٍ واثقةٍ. تغييراتٌ كثيرةٌ مررنا بها، وأحلامنا أصبحت اليوم حقيقةً، نلمسُها على أرض الواقع.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فتح أبواب التمكين أمام نساء الوطن
تغييرات كثيرة مررنا بها..والأحلام أصبحت حقيقة
لديكِ سجلٌ حافلٌ على صعيدِ الجوائز، ما أبرزُها؟
أعدُّ ترشيحي لجائزة «لانكستر لأفضلِ الأبحاثِ العلميّة» الأقرب إلى قلبي، كذلك الحصول على جائزةِ «سيدات الأعمال»، ووسامِ الملك عبدالعزيز من الدرجة الرابعة، التي منحني إياها الملك سلمان بن عبدالعزيز، نظيرَ خدمتي لوطني الغالي خلال رئاسة السعودية مجموعةَ العشرين. هذه الجوائزُ هي مصدرُ فخرٍ واعتزازٍ بالنسبة لي.
عشتُ أكثرَ من غربةٍ في حياتي
الاغترابُ عن الوطن، كيفَ صقلَ شخصيتكِ؟
عشتُ أكثرَ من غربةٍ في حياتي على فتراتٍ متقطعةٍ، فقد اغتربتُ عن الوطن مرةً من أجل العلم، وأخرى من أجل العمل، وتعلَّمتُ خلال تلك السنوات كيفيةَ الاعتمادِ على الذات، وتحمُّلَ المسؤولية، كما أدركتُ أهميةَ تقبُّل الآخر مع الحفاظِ على الهوية الوطنية والافتخار بها. بوصفنا طلاباً وموظفين نحن نعكسُ قيمنا الوطنية أياً كانت صفتنا وأدوارنا في الحياة.
في ظل تقلُّدكِ أكثر من منصبٍ، كيف توازنين بين حياتكِ الشخصية ومهامكِ في العمل؟
أسعى جاهدةً إلى الموازنةِ بين أسرتي وعملي ونفسي. أنا أعطي كل جانبٍ من هذه الجوانب الثلاثة حقَّهُ كاملاً، وأحدِّدُ الأولويات في يومي، وأخصِّصُ الوقت المناسب لكل جانبٍ، وأرى أن تنظيم الوقت مهمٌّ جداً لعيش حياةٍ متوازنةٍ.
من أينَ تستمدِّينَ قوتكِ للاستمرار بحماسٍ في عملكِ؟
أستمدُّ حماسِي في العمل من شغفي الكبير بخدمةِ وطني، هذا الوطنُ الغالي الذي منحني وأسرتي حياةً كريمةً، ومن الفخر الذي أراه في أعينِ أبنائي وأسرتي، إضافةً إلى حرصي على أن أصبحَ قدوةً لكافة النساءِ في مجالي.
التواضعُ يصنعُ المعجزات
ما «روشتة» النجاحِ التي تنصحينَ بها في حال تعدُّدِ المهامِ؟
أقولُ لشبابِ وشاباتِ وطني: كونوا نماذجَ حيةً لما تريدون رؤية الآخرين عليه، واتَّسموا بشخصيةٍ تشاركيةٍ، وثقوا بأنفسِكم، وتواضعوا، فالتواضعُ يصنعُ المعجزات، وحدِّدوا أهدافكم، وخطِّطوا لها جيداً، واعملوا على تحقيقِها بشغفٍ، بذلك فقط يمكنُكم أداء كلِّ المهماتِ الملقاةِ على عاتقكم بأفضلَ شكلٍ.
وأنتِ قائدةٌ لفريقِ عملكِ، ما المبدأُ الذي تديرينَهم به؟
أحبَّ ما تعمل، وكنْ خيرَ مثالٍ لمَن تعمل معهم، وإنساناً قبل كل شيءٍ في قيادتك الآخرين.
أينَ يقفُ الرجلُ من خارطة حياتكِ؟
الرجلُ في خارطة حياتي هو والدي الذي أعطاني الحلم، وزرع في نفسي الثقة، وزوجي الذي منحني الدعم، وعزَّزَ طموحي بالاحتواء، وأبنائي الثلاثة الذين أعدُّهم دافعاً لي لإكمال المشوار، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مهندسُ الرؤية الذي فتح باب التمكين على مصراعيه لي ولابنتي وكلِّ نساء الوطن.
ما القضيةُ التي تشغلُ بالَكِ حالياً؟
يشغلُني تغييرُ الصورةِ النمطيةِ عن السعودية، إقليمياً وعالمياً.
في أوقاتِ فراغكِ، ما الهواياتُ التي تمارسينها؟
أستغلُّ وقت فراغي بالرسمِ، أو الكتابة، فقد ورثتُ ريشتي من أمي، وحروفَ قلمي من جدي. أنا لست رسامةً ولا أديبةً، لكنَّ المشاعرَ أحياناً تأبى الاختباء في خلجاتِ النفس، فتخرج للملأ بعيوبِها في لوحاتٍ فنيةٍ وخواطرَ.
قنواتُ التواصلِ الاجتماعيِّ، ما موقفكِ منها؟
لديَّ حسابان، في تويتر ولينكد إن، وأستمتعُ بالتواصل مع المتابعين من خلالهما.
ما أحلامُكِ المستقبليَّة؟
الاستمرارُ في خدمة وطني على أكمل وجه، ورؤيةُ أبنائي يحققون ما يتمنون في ظلِّ الفرص المتاحة لهم اليوم في السعودية العظمى.