نجحت صاحبة السبعة وعشرين ربيعاً في أن تصبح أول لاعبة عربية تصنف ضمن العشرة الأوائل في رياضة التنس، فقد حققت اللاعبة التونسية أُنس الحاج إنجازاً كبيراً سُجل بماء الذهب للمرأة العربية، ولم تتوقف أحلامها فما زال لديها الكثير من الطموحات لتصبح الأولى على العالم في رياضة التنس، فلديها عزيمة وإصرار لا يلين لتجاوز كل الصعوبات خاصة الإصابات وقلة الدعم المادي، وبالرغم من ذلك نجحت في أن تبهر العالم بعقليتها الفذة ومهارتها الفائقة، وأن تصبح من أساطير لعبة التنس. جاءت أُنس لتكسر احتكار دول بعينها، ولتثبت ما تتمتع به المرأة العربية من أداء رفيع وروح تنافسية عالية للفوز والتفوق على أمهر لاعبات التنس في العالم.
الرياض | محمود الديب Mahmoud Aldeep
إشراف وتنسيق أزياء ومجوهرات | رنا الطوسي Rana Al Tousi
مساعدة تنسيق | Icho Ducao Maestrado
تصوير | Deine Photography
مكياج وشعر | مي شلوف May Challouf
موقع التصوير | The Westin Dubai Mina Seyahi Beach Resort & Marina
تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2145 من مجلة سيدتي
اللاعبة رقم واحد بالعالم
نبارك لك دخولك رسمياً ضمن قائمة العشرة الأوائل عالمياً، كأول لاعبة تنس عربية؟ فما هو حلمك المقبل الذي تخططين لتحقيقه؟
تملكتني فرحة عارمة عندما علمت أنه تم تصنيفي ضمن قائمة العشرة الأوائل عالمياً في رياضة التنس، فحلمي الذي سعيت لتحقيقه أن أكون واحدة من أفضل 10 لاعبات على مستوى العالم. ولقد استغرق مني تحقيق ذلك الحلم العديد من السنوات والكثير من التضحيات، وخلال هذه السنوات الطويلة تعرضت لإصابات مختلفة، ومع ذلك حاولت أن أرتقي إلى القمة وربما تسببت الإصابات في أحقق حلمي في وقت أطول من اللاعبات الأخريات، ولكنني سعيدة بأنني حققت هذا الإنجاز أخيراً.
الإصابات عرقلت تقدمي
بعد تحقيق هذا الإنجاز قلت: «الدخول بين أول عشر مصنفات مجرد بداية، وأعلم أنني أستحق هذا المكان منذ فترة طويلة»، فما هي الأسباب التي أخرت وصولك إلى هذا الإنجاز؟
لقد تعرضت إلى الكثير من الإصابات والتي كانت سبباً رئيساً في عرقلة تقدمي في عالم التنس، ولم تكن المهمة سهلة بالنسبة لي على الصعيد المالي أيضاً. كما أن خبرة 9 سنوات لم تكن كافية لاكتساب المزيد من الثقة بنفسي؛ لكي ألعب وأنافس أفضل اللاعبات على مستوى العالم. لذا لم يكن الأمر سهلاً على الإطلاق بأن أكون ضمن قائمة أفضل اللاعبات في العالم.
أمي لاعبة تنس
متى بدأت في احتراف التنس؟ ومن قدم لك الدعم الأكبر للوصول إلى العالمية؟
كانت أمي لاعبة تنس في نادي التنس في تونس، لذا مارست رياضة التنس في سن صغيرة جداً فعمري كان ثلاث سنوات. وفي كل مرة كانت ترافقني أمي في المباريات والمنافسات، وحاولت قدر الإمكان أن أحافظ على شغفي والاستمرار في ممارسة اللعبة. فقد واجهتني جملة من الصعوبات الفنية والمالية، فمن الصعوبات المالية ارتفاع تكلفة المدرب والتدريب. وقدمت بلدي تونس الكثير من الدعم إلى حد ما، ولهذا أود شكر جميع الذين قدموا لي الدعم خلال مسيرتي المهنية، وأقدم شكري وامتناني الجزيل إلى عائلتي، فلولا دعمهم لما استطعت الحصول على الدعم العاطفي المعنوي والمادي.
حوار مجلة «سيدتي» معي أعاد لي ذكريات الطفولة الجميلة، فمنذ كنت طفلة كانت أمي تشتري المجلة وكنت أقرؤها معها
ويمبلدون الأفضل
كم عدد البطولات التي خضتِها حتى الآن، وما هي أهمها؟
من أفضل المباريات التي لعبتها المباريات والمنافسات الكبيرة، كما أحببت تلك المباريات التي لعبتها في الدوحة ودبي وفي وطني تونس، وفي الآونة الأخيرة كانت مباريات ويمبلدون من أفضل المباريات التي نافست فيها، وأحببت الأجواء والجماهير التي حضرت وشجعت.
الأناقة غير مهمة
كيف تهتمين بأناقتك ومظهرك في الملاعب؟
في الحقيقة لا أهتم كثيراً بالأناقة والمظهر في الملعب، فلدي ستايل دائم وهو لبس البندانة (عصابة الرأس) والملابس الرياضية الخاصة بالتنس. والأناقة في الملعب بالنسبة لي هي التعبير عن شخصيتي من خلال إظهار مهاراتي، وقدراتي، والفوز بالمباريات والبطولات.
زوجان مثاليان
ما الدعم الذي قدمه زوجك لك، ولماذا فضلت الزواج من رياضي؟
يقدم لي زوجي جميع أنواع الدعم وخاصة الدعم المعنوي والعاطفي، وتشجيعه يعني لي الكثير كما يساعدني على الاسترخاء قبل المباريات وفي الأوقات التي أعاني خلالها من الضغوط والتوتر، إضافة إلى مساعدتي على التركيز للتخلص من الضغوط العصبية. ودائماً ما يقف بجانبي وأحياناً أشفق عليه من كثرة قلقه عليّ، والحمد لله أعتقد أننا زوجان مثاليان، ونستمتع بكل لحظة في حياتنا وبالإنجازات التي نحققها سوياً. وكان يصعب عليّ أن أحب أو أتزوج من رجل غير رياضي.
فخورة بمنافسات التنس بالسعودية
هل تتابعين تطور الرياضات النسائية السعودية والخليجية عن كثب، وما أبرز ما يلفت نظرك في الرياضيات السعوديات ولاعبات التنس على وجه التحديد؟
نعم أتابع الرياضة النسائية السعودية، ولكن بشكل غير مركز، وشاهدت مباراة منتخب كرة القدم السعودي للنساء، وفرحت جداً أنه ربح، وإن شاء الله نرى نساء أكثر في مختلف الرياضات والتنافس على البطولات الدولية، فأي مشاركة للاعبة عربية في بطولة دولية تكون مصدر فخر شخصي لي. ونمى إلى علمي إجراء منافسات للتنس في السعودية، وفخورة بإقدام المملكة على هذه الخطوة، وأتمنى أن أشاهد المزيد من المنافسات والمباريات بالمملكة. وأنا شخصياً أرى أنه أمر رائع أن تكون هناك سيدة هي رئيسة الاتحاد السعودي للتنس، وتسنى لي فرصة للتواصل معها مرة واحدة وكانت محادثة رائعة، وأتمنى أن أرى المزيد من لاعبات التنس من السعودية، وأبذل أقصى جهدي لأكون أفضل مثال لهن. كما أنني شاهدت بطولة الفورمولا إي في الدرعية، وأتمنى أن أشاهد مسابقات عالمية أكثر في السعودية، وللأسف لم أزر السعودية حتى الآن، وزيارة السعودية تعني لي الكثير.
طبيبة علم النفس
لديك شغف في التخصص في علم النفس وليس الرياضة، فما سر هذا الشغف؟
كان حلمي أن أحصل على البكالوريوس وأتفرغ لممارسة رياضة التنس، ودائماً ما أحاول أن أتعلم وأثقف نفسي باستمرار، ويشغلني حالياً الحصول على شهادة في علم النفس عن طريق الإنترنت. فمن أمنياتي أن أصبح طبيبة في علم النفس، ولكن تكفيني الآن شهادة علم النفس، فأنا أحب أن أكون عالمة في علم النفس، ولكني في الوقت نفسه أتمنى أن أخصص دراستي العلمية في مجال الرياضة.
الأحلام الكبيرة
تسببت إصابتك في الانسحاب من بعض البطولات، ورغم ذلك لديك إصرار وعزيمة قوية لدخول نادي الخمسة الأوائل في العالم، فكيف تستعدين لتحقيق هذا الحلم؟
مما لا شك فيه أن الإصابات هي جزء من حياتي كلاعبة ولأني لاعبة محترفة أتعامل معها باحترافية، وأحاول أن أكون صبورة وأن أتقبل حقيقة أنني أتعرض إلى الإصابات. وكلنا يعلم أن الشخص الطموح عليه أن يحلم أحلاماً كبيرة. وأعتقد أنني أستطيع تحقيق أحلامي وأسعى للوصول إلى أهدافي. وأتمنى ألا أكون مجرد حالمة كبيرة فما زال لدي الكثير من الأمنيات والطموحات والأحلام التي أعمل للوصول إليها.
ما هي أكثر الإصابات التي تصيب لاعبات التنس، وكيف يتغلبن عليها؟
تشمل هذه الإصابات الركبة والكتف والمرفق والكاحل، وأعتقد أنها الإصابات الأكثر شيوعاً، بالإضافة إلى الكثير من إصابات العضلات. لذا فإن التغذية الجيدة والنوم الكافي والوقاية اللازمة مهمة جداً لتفادي الإصابات قدر الإمكان. والتعافي من الإصابات أمر مهم للغاية لأي لاعبة، فاللاعبة المحترفة تعرف جيداً كيف تتدرب وكيف تتعافى في الوقت ذاته، فاللاعب المحترف يمكنه التحكم بالأمر والسيطرة على الوضع.
حصلت على دورات في الدعم النفسي لمساعدة الآخرين لتجاوز أزماتهم النفسية
الثقة بالنفس أولى خطوات النجاح
ما النصيحة التي توجهينها للمواهب الرياضية التي ما زالت في بداية الطريق؟
من أهم النصائح التي يجب أن يلتفت لها ضرورة الثقة في النفس، والعمل بأقصى جهد وبذل التضحيات وعدم الاهتمام بأي شخص يحاول إحباطك أو التقليل من معنوياتك، وعلى كل رياضي ورياضية أن يثق في نفسه وأن بإمكانه تحقيق حلمه، فلا أحد يستطيع أن يوقف شخصاً لديه هدف يسعى للوصول إليه بكل تفانٍ وإخلاص.
هل لكونك عربية امتنع الرعاة عن دعمك، وهل وصولك إلى هذا الترتيب المتقدم أتاح لك الفرصة لأن يصبح لديك رعاة؟
لم يكن من السهل علىّ الحصول على رعاة لدعمي في المشاركة في البطولات العالمية. خاصة وأن رياضة التنس من الرياضات التي تحتاج إلى دعم مادي. فالرعاة كانوا يرفضون دعمي فقط لأنني عربية، كنت أشعر بشيء من الغبن لهذا الموقف غير المبرر بالنسبة لي، فالرعاة من البديهي أن يبحثوا عن اللاعبين المتميزين، لكن موقفهم مني لم أستسغه لكني تقبلته، ولم أدع هذا الأمر يأخذ حيزاً كبيراً من تفكيري، فقد كان همي الأول تحقيق أفضل النتائج. ووصولي إلى تحقيق هذا التصنيف المتقدم دفعني للفخر أكثر بنفسي، فقد اعتمدت على نفسي بشكل كبير ودعم زوجي وأهلي لي ولم أعتمد على الرعاة والدعم المالي. ولم تكن تلك العراقيل التي تعرضت لها أو تلك النظرة غير المنصفة لتعد من المعوقات الكبيرة التي ربما تمر بها عشرات، بل مئات من لاعبات التنس، ورغم ذلك يسعين لتحقيق أهدافهم وأحلامهم ورفع أعلام بلادهم في المحافل الدولية.
الثقة والخبرة
كيف تعدين نفسك نفسياً وبدنياً للبطولات العالمية، وكيف تتغلبين على الضغط العصبي والإجهاد والإصابات في أثناء البطولات؟
إن التنافس على البطولات الكبرى ليس بالأمر السهل، فهو يحتاج إلى تركيز وإعداد بدني وذهني ونفسي على أعلى مستوى، وهذا ما يحرص عليه الفريق الذي يقدم لي جميع أنواع الدعم سواء من الناحية الفنية والنفسية. أتعرض لضغوط كثيرة في البطولات، وهذه الضغوط سببها أنني أسعى في كل بطولة للارتقاء بمستواي وتصنيفي العالمي. إن المباريات هي التي ترسم مستقبلي في عالم التنس لذا أبذل كل ما لدي من أجل الفوز مهما كان ترتيبي بالمنافسة. فالفوز يمنحني ثقة كبيرة ويكسبني خبرة أكبر في الوصول إلى الأدوار النهائية والتنافس للفوز بالبطولة وليس التمثيل المشرف. كما أن المباريات تمكنني من اكتشاف قدراتي ومهاراتي والتعرف عن قرب إلى المنافسين لي في أي بطولة أخوضها.
صعوبات لا حصر لها
ما هي أهم الصعوبات التي واجهتك أثناء مشوارك في الوصول إلى العالمية؟
لقد تغلبت على الكثير من التحديات، ومن أبرزها التكاليف المادية التي تتطلبها رياضة التنس فهي من الرياضات المُكلفة جداً، وحاولت قدر الإمكان أن أستعين بمدرب. ومن الصعوبات التي كانت تواجهني وتحاول عرقلتي الإصابات التي أتعرض لها بشكل مستمر. ولم أحصل إلا على الدعم القليل من بلدي تونس خلال مسيرتي، لكن الدعم العاطفي والمعنوي من أهلي كان له دور كبير في الوصول إلى ما أنا عليه الآن، وكان كفيلاً لمواصلة تألقي في رياضة التنس. وأود أن أقول لكل رياضي ورياضية أنه لا يوجد شيء مستحيل وفي الوقت نفسه لا أخفف من صعوبة تحقيق الإنجازات واجتياز التحديات، فعلى كل شخص أن يؤمن بنفسه للقيام بما يؤمن به وما يستطيع أن ينجزه. وأعتقد أني نموذج مثالي لجميع العرب للاقتداء به، فلدينا نحن العرب القدرة على تحقيق أحلامنا، فقد شاهدنا الكثير من اللاعبين من دول مختلفة سواء من المغرب وتونس ومصر وعمان، وهم لاعبون متميزون، وآمل أن أرى الكثير من الدول العربية والشرق الأوسط، فنحن قادرون على حصد البطولات العالمية.
زوجي بطل
هل تشجعين رياضة المبارزة التي يحترفها زوجك؟
زوجي يلعب المبارزة وهي بالطبع ليست رياضة سهلة، وأعشق مشاهدته وهو يلعب، كما أنني ألعب معه كثيراً لكني بالطبع لست بطلة مثله.
هل ستشجعين أبناءك على ممارسة رياضة التنس؟
سأدعم أبنائي لو كان لديهم الرغبة في لعب التنس، ولكن لن أجبرهم على ممارسة التنس، ولو كان لديهم الرغبة في احتراف أي لعبة أخرى فسأقدم لهم كل الدعم ليحققوا طموحاتهم، فالرياضة تجري في عروق أبنائي، بما أنني وزوجي نمارس الرياضة منذ سنوات حياتنا الأولى.
سفيرة الرياضة التونسية
تتويجك بلقب سفيرة الرياضة التونسية، هل أثر على إدائك ودفعك لبذل المزيد وتحسين ترتيبك العالمي؟
تشرفت كثيراً باختياري سفيرة للرياضة التونسية، وأحاول قدر المستطاع أن أكون سفيرة للرياضة التونسية في كل بطولة أشارك بها، وأبذل ما في وسعي لتشريف الرياضة التونسية، وتونس لديها العديد من الأبطال في رياضات مختلفة وخاصة الأولمبية وغيرها من الرياضات غير الأولمبية. وتتميز المرأة التونسية بالقوة إضافة إلى أنها امرأة حرة، وتألقت في كثير من المجالات وحققت إنجازات عالمية. وأنصح الجميع بالإيمان بالنفس والقدرات، وألا يسمح بأي مؤثر أو شخص أن يثبط الهمة، فمن يضع حلمه أمام عينيه ويسعى جاهداً للوصول إليها سيحقق أحلامه. وفي ختام حديثي أود أن أشكر مجلة «سيدتي» على إجراء هذه المقابلة، فقد شعرت بزهو وأني أجري هذه المقابلة؛ لأنها من أكثر المجلات المفضلة لدي منذ صغري، وهي مجلة أمي المفضلة، وسعيدة جداً بنشر حوار لي على صفحاتها، فالتحاور مع المجلة أرجعني إلى ذكريات الطفولة الجميلة، وأنا ممنونة للمجلة باستدعاء وتذكر هذه اللحظات الجميلة.