يتفرد شهر رمضان، بتغير ساعات العمل والنوم والاستيقاظ، وتناول الطعام.. كل شيء يختلف في الشهر الكريم، والكل يجد في هذا الاختلاف فرصة لتغيير روتين الحياة، لكن هذا التغيير قد يكون متعباً للكثيرات، وخصوصاً السيدات العاملات، فهل حضرن خططهن قبل رمضان، ليواجهن صعوبة هذا التغيير اليومي، الذي جاء بعد سنتين من العزلة بسبب انتشار فيروس كورونا؟
ما هي نسبة اعتمادهن على الوجبات الجاهزة في تحضير الفطور، وكيف يتدبرن أمورهن المالية؟ كثير من التساؤلات التي تجيب عنها سيدات من الوطن العربي، ليعشن أجواء هذا الشهر بسعادة مع عائلاتهن.
أعدت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani
الرياض | زكية البلوشي Zakiah Albalushi
جدة | يسرا فيصل Yosra Faisal
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
تونس | منية كوّاش Monia Kaouach
القاهرة | أيمن خطاب Ayman Khattab
من الرياض
هوازن الزهراني: نواجه إجهاداً أثر في ساعتنا البيولوجية
أطلب الوجبات من الأسر المنتجة دعماً لها
رمضان 2022 يختلف كثيراً عن الأعوام السابقة بالنسبة إلى الأمهات العاملات، كما تجد هوازن الزهراني، كاتبة وباحثة في قضايا العمل الإنساني ومهتمة بقضايا الطفل والأسرة. تعاني هوازن من الإجهاد الكبير نتيجة اختلاف مواعيد الطعام والعمل والدراسة، ما أثر في ساعتنا البيولوجية، تتابع قائلة: «أبناؤنا عادوا إلى مقاعد الدراسة خلال الشهر المبارك للمرة الأولى منذ 15 عاماً، لذلك نواجه مشكلة الاستيقاظ باكراً بنشاط، عقب عامين كانت فيهما الدراسة عن بُعد، وأنا أحاول جاهدةً التأقلم مع الروتين الجديد لحياتهم في رمضان، لكننا الحمد لله استطعنا التعود على الروتين الجديد».
صلاة من دون تباعد
أغلب الأمهات، برأي هوازن يستطعن التوفيق بين واجب العمل والبيت، تتابع قائلة: «بصفتي أماً عاملة، أعتمد قليلاً على الوجبات الجاهزة على الإفطار، نظراً لضيق وقتي، لكنني أحرص على طلب وجباتنا من الأسر المنتجة دعماً لها، حيث أطلب منها السمبوسة، وبعض الأطعمة، مثل الكبة والمعجنات». هناك بعض الاختلافات مقارنةً برمضان في الأعوام الماضية، تستدرك هوازن: «تفشي فيروس كورونا في العامين السابقين، وفرض الحجر الصحي، حرمنا من التجمعات، وهذه السنة سعدنا كثيراً بعودة الصلاة في المسجد، أنا وأولادي، خاصةً أنها تقام من دون تباعد، إضافة إلى أداء مناسك العمرة من دون تباعد أيضاً، وهذه أجمل بشرى، فقد عادت الحياة إلى طبيعتها».
تابعي المزيد: المرأة أكثر صبراً وقدرة على المشاركة.. " الخير أسلوب حياة" مبادرات نسائية إنسانية في رمضان
من جدّة
حنان أسامة عطار: أبذل جهداً لأكون قدوة لموظفي شركتي
بعد التراويح تبدأ المشاوير العائلية
توازن سيدة الأعمال، مدربة تمكين للحياة لايف كوتش، بين حياتها العملية والروحانية، فهو ما تعتبره حنان مهماً في هذه الأيام، للإحساس بجوع الفقراء وحرمانهم. يجب أن نتوقع أن هذا التنظيم رغم صعوبته لكنه جميل ومختلف عن بقية الأشهر، بهذا بدأت حنان رأيها ثم تابعت: «من وجهة نظري الإنسان بيده أن يبسط الأمور أو يصعبها، ولكل مشكلة حل فأنا مثلاً لا أعتمد على الوجبات الجاهزة، فهي ليست أساسية على سفرتنا إنما فقط مكمله؛ لأن الجميل في شهر رمضان تكاتف الأسرة ومشاركة البعض باختيارات الأطباق وإعدادها». انتشار كورونا غير الكثير من عادتنا، أبسطها أن التجمعات، تتابع حنان: «إلغاء هذه الفكرة كان جديداً علينا، فالتجمعات من أهم طقوس رمضان».
إرضاء الجميع
بعد الاستيقاظ والاستعداد لبداية يوم جميل تقف حنان مع نفسها، كما تقول، لوضع خطة زمنية ومكانية؛ حتى يتسنى لها الإنجاز والتوفيق بين عملها وبيتها، آخذة بعين الاعتبار مواعيد مدارس أبنائها، ومتطلباتهم، تتابع حنان: «يجب أن تنفذ حسب جدول زمني محدد وإنجاز الأهم فالأهم، ثم آخذ الأبناء من المدرسة مستفيدة من الوقت في الطريق لأسمع منهم ما قد يكون أسعدهم أو حتى ضايقهم، وبعد الوصول إلى المنزل أقوم بتحضير قائمة طعام الفطور التي ترضي الجميع». تعودت حنان أن تأخذ قسطاً من الراحة استعداداً للتراويح، تعلّق قائلة: «وبعد التراويح تبدأ المشاوير العائلية أو للعمل حتى يحين وقت السحور، ومن ثم النوم والاستعداد لليوم الثاني».
تابعي المزيد: رمضان حول العالم: تطوف سيدات ماليزيا المنازل لقراءة القرآن ما بين الإفطار والسحور
من الإمارات
د. ندى الملّا: وزعنا لمات الإفطار بين نساء العائلة الكبيرة، وخصصنا يوماً لكل واحدة
جهزت لأولادي أجواء خاصة بالشهر الكريم
تحضير وبامتياز، قامت به د. ندى الملّا، استشارية طب الأسرة، وإنفلونسر لايف ستايل، لشهر رمضان، والتي تعتبره حقيقياً بعد مرور سنتين، رمضان الأول كان الناس في الحجر الصحي، والثاني خيّم عليه التباعد الاجتماعي. د. ندى نقلت أحاسيسها المليئة بالفرح، بمناسبة هذا الشهر، تتابع قائلة: «قبل قدوم رمضان، وزعنا لمات الإفطار بين نساء العائلة الكبيرة، وخصصنا يوماً لكل واحدة، كما أنني اخترت الصحون التي تناسب روعة هذا الشهر، وزينت البيت مع أطفالي، جعلتهم يشعرون بأن رمضان قادم، وليس غائباً كما السنتين الماضيتين». علّقت ندى لأجل ولديها، لوحات يمكنها تلوينها حسب ما استطاع الطفل من صلاة وصيام، تستدرك ندى: «جهزت لهم أجواء خاصة بهذا الشهر الكريم، وعودتهم على مساعدتي خلال هذا الشهر». د. ندى في عيادة خاصة، اعتمدت للتغلب على الروتين اليومي، على تنظيم الوقت والتحضير المسبق، وجعلت أطفالي يقررون الوجبات التي يريدونها، وحضرتها، بشكل أصبحت نصف جاهزة في الثلاجة، تستدرك ندى: «في رمضان 90% من تحضيرات الأكل تكون في البيت، كما أن العائلة تفضل الأكل في البيوت، أجواء رمضان البيتية أكثر حميمية». تذكرت د. ندى، شدة انشغالها في الرمضانين السابقين، فلا وقت لانتهاء العمل، تتابع قائلة: «كنت أعود من العمل لأتواصل مع الأطباء والمرضى عبر الموبايل، اللاب توب لم يكن يفارقني، وكان من الصعب جداً خلق الأجواء الرمضانية؛ تجنباً للإصابة بالفيروس، لم نشعر بأن رمضان قد بدأ وانتهى، مع ارتفاع الإصابات، حتى أنني اجتمعت مع العائلة مرة واحدة، ولم يكن هناك أي تجهيزات».
تابعي المزيد: نظرة على الواقِع البيئي العالمي ..ناشطات عربيات في مجال البيئة: يجب توعية الأجيال للحفاظ على مستقبل الأرض
من المغرب
نزهة بنادي:
ألجأ للوصفات الصحية والبسيطة
تستعد الإذاعية المغربية نزهة لشهر رمضان في البيت، وفي استوديو العمل حيث تعد برامجها الخاصة. لم تتوقف نزهة عن العمل في الرمضانين الماضيين، فالإذاعة لعبت دوراً أساسياً في التوعية والتوجيه، تتابع قائلة: «أحياناً كنت أجدني في الشارع وحيدة مع رجال الأمن وأنا أشتري ما يلزمني بعد إذن الخروج والتجول، وأحمد الله أن الحياة عادت لطبيعتها، لكنني لم أتعود أن أرهق نفسي على ولا أضغط على نفسي كثيراً في هذا الشهر، فعندي من يساعدني في تحضير الطعام، فأنا لا ألجأ للأكل الجاهز إلا إذا كنت مضطرة جداً. أحب أن أحضر أطباق رمضان بنفسي، ولا أعقد الأمور؛ حيث ألجأ للوصفات الصحية والبسيطة».
لا تكدسوا الأطباق
تعودت نزهة إشراك أبنائها وزوجها في إعداد المائدة وتوضيبها، تستدرك قائلة: «نحن في المغرب نولي أهمية كبرى للعادات والتقاليد في الشهر المبارك، ونحرص نساءً ورجالاً على أداء صلاة التراويح في المساجد والإعداد لليلة القدر التي تحفل بالطقوس الجميلة التقليدية، كما أنني أشتري حلويات العيد من جمعية نسائية، وهي أيضاً مبادرة تضامنية مع نساء مكافحات أسسن الجمعية لإعالة أسرهن». تنصح نزهة النساء العاملات بتنظيم وقتهن وعدم الاستهلاك واستنزاف طاقتهن في تحضير الأطباق وتكديسها بلا معنى. تستدرك قائلة: «لرمضان معانٍ جميلة وتدريب على الصبر لمواجهة الحياة وفرصة استغفار وتجديد الطاقة الروحية، لا تبديدها فيما لا يجدي».
تابعي المزيد: تنظيم وقت الأم العاملة في رمضان.. تبدأ بمساعدة الزوج والأبناء
من بيروت
سوسن الوزان جبري:
روتين الأم العاملة اللبنانية مليء بالتحديات
التحديات التي تعيشها المرأة اللبنانية، لها علاقة وطيدة بالاقتصاد وغلاء الأسعار ونقص بعض المواد، وهذا يحتاج لذكاء؛ من أجل تأمين الإفطار للعائلة، كما تشير سوسن الوزان جبري (اختصاصية تغذية وصاحبة مركز الدايت سنتر). مائدة رمضان يجب أن تتمتّع بأطباق تقليدية كالحساء، الفتوش الذي بات باهظ التكلفة بشكل لا يوصف مقارنة مع العام الفائت، إضافة للمعجنات، والطبق الرئيس والحلويات العربية التي تعتبر جزءاً مهماً من عاداتنا وتقاليدنا الرمضانية تتابع سوسن: «الأم العاملة خلال هذا الشهر تتمتّع بدوام عمل مريح نوعاً ما بسبب تضامن مدراء الشركات والأعمال كافة معها، مع العلم أنها تعود إلى المنزل وتساعد أولادها في دراستهم، ثم تختار الأطباق المناسبة، وهو هاجسها الأول والأخير بسبب إمكاناتها المادية».
تكلفة الوجبات الجاهزة
تشير سوسن إلى انقطاع التيار الكهربائي بنسبة 90% يومياً عن المنازل، وهذا بحدّ ذاته يشكل صعوبة في روتين الأم العاملة في رمضان، تستدرك قائلة: «الخوف هنا من فساد طعام اليوم التالي، وقد يحين وقت الإفطار من دون كهرباء، لذلك المطلوب منها تأمين بديل، لذلك أشير إلى أن اعتمادها على الوجبات الجاهزة أمر ليس وارداً على الإطلاق بسبب الظروف السابقة التي ذكرتها، خاصة وأن كلفة الوجبة الجاهزة لشخص واحد مرتفعة جداً فكيف إذا كانت عائلتها تتألّف من عدة أشخاص»؟ لذلك تعدّ سوسن أن 90% من الأمهات العاملات لا يعتمدن خلال رمضان على الوجبات الجاهزة، بل يلجأن إلى إعدادها في المنزل. الأعباءً البيتية إضافية، في رمضان، تستدرك سوسن: «لكن المرأة اللبنانية تمكّنت من التأقلم مع جميع هذه الصعوبات؛ حتى تحافظ على خصوصيات هذا الشهر».
تابعي المزيد: ساهمي بوصفة عائلتك لـ Kiri وادعمي المرأة السعودية
من تونس
مُنى العجنقي:
راحة أسرتي الأولى حتى لو كانت على حسابي
مع حُلول شهر رمضان تدخلُ منى في سباق مع الزّمن في سعْي للتّوفيق بين مهامها المُتعدّدة في البيت وفي العمل، من دون أن تعاني الروتين، هذا هو حال مُنى العجنقي، مُوظّفة مسؤولة عن الجودة بشركة خاصّة، أمّ لطفلين في عمر15 و11 سنة، وزوجها موظّف في الخطوط الجويّة التونسيّة. بمجرّد وصول منى إلى البيت بعد نهاية دوامها في العمل، تدخل إلى المطبخ ولا تخرج منه إلّا مع أذان المغرب في حين يغادر زوجها وطفلاها يوميّاً لممارسة الرّياضة، ويعودون قبل الأذان بقليل لإعداد الطّاولة. تتابع منى: «بعد الإفطار أعود ثانيّة للمطبخ لتنظيفه، ولتحضير القهوة والمشروبات، ثمّ أدخله مرّة أخرى لإعداد وجبة السّحور، وتلبية رغبات العائلة». ورغم عناء مُنى وتعبها بسبب ازدياد المشاغل في شهر رمضان، فإنّها تتقبّل ذلك برحابة صدر وحب، تتابع قائلة: «لا أختلي بنفسي إلّا عندما أذهب إلى فراشي فأفتح المصحف لقراءة جزء من القرآن الكريم».
الأهمّ قبل المُهم
ترتب منى أولوياتها، معتمدة على قاعدة الأهمّ قبل المهمّ، تستدرك قائلة: «لا أسرف في إعداد الأطباق مكتفية بالضّرورية منها حتى لا أحمّل جسمي أكثر من طاقته، كما أنني أقسم الأكل وأضعه في الثلاّجة لأكتفي بتسخينه عند حاجتي إليه». تفضل منى الأكلات الصحّيّة والتقليدية التي تطبخُها بنفسها، لكنها تذكرت أجواء رمضان قبل جائحة كوفيد 19 ولقائها إخوتها وأسرهم الصغيرة من أزواج وأطفال في «الدّار الكبيرة» بمنزل والديهم، تتابع قائلة: «نجتمع حول مائدة إفطار واحدة؛ حفاظاً على لمّتنا العائليّة. لقد عاد كل شيء إلى طبيعته، وأنا متفائلة بالسهرات الرمضانية لمشاهدة بعض العروض الصّوفيّة».
تابعي المزيد: بعد غياب.. كيف ستكون عودة الدراسة حضوريّاً في رمضان؟
من مصر
سعاد محمد:
الوقت لا يسعف من تعمل
أعدت سعاد مديرة علاقات عامة لـ IMC- Public Relations خطتها لرمضان، بترتيب قوائم الطعام التي تحتاجها، وتحضير منزلها لاستقبال الولائم والعزائم؛ حتى لا يرهقني التحضير خلال رمضان.
قبل حلول شهر رمضان بيوم أو يومين تشتري سعاد مجموعة من الخضروات وتحضرها في أكياس بحجم وجبات في الثلاجة، تتابع سعاد: «التغيير في الروتين اليومي والنوم لفترات أقصر، يؤدي إلى زيادة التوتر والقلق، لذلك لا بد من تجنّب القيام بمجهود بدني أكثر من طاقتك، فجسم الصائم يكون أقل نشاطاً بسبب انخفاض الطاقة التي يحصل عليها من الغذاء».
السيدات العاملات معذورات
تعذر سعاد، من يعتمدن على الوجبات الجاهزة في تحضير الفطور، نظراً لعدم ملاءمة الوقت بين العمل وموعد عودتها إلى المنزل وإعداد طعام الإفطار للأسرة. تستدرك قائلة: «بعض الزوجات ألقين بكامل المسؤولية على عاتق الخادمة وأخريات يفضلن الإفطار في المطاعم والخيم الرمضانية، حيث يعددن ذلك أنسب الحلول لأسرهن في هذا الشهر الفضيل. حتى أنا فلا وقت لديّ لإعداد الإفطار إلا في يومي الخميس والجمعة حيث هناك متسع من الوقت». بعد سنتين من جائحة كورونا، عادت الأجواء الرمضانية إلى موائد الإفطار الكبيرة، مثل تعليق الزينة، وهي العادة التي تتميز بها مصر عن باقي الدول، تعلّق سعاد: «تجمع الشباب والصبية في الأماكن الشعبية وزينوا الشوارع والحارات، وكل العائلات وزعت عزائمها قبل رمضان حسب الأيام».
تابعي المزيد: التكنولوجيا في رمضان ..معادلة صعبة بين الأهل والأبناء