مديرة الحوكمة للعلاقات الحكوميّة في شركة Meta سمر السلطان: الهوية الأصيلة لا تتأثر بالمتغيرات 

مديرة الحوكمة للعلاقات الحكوميّة في شركة Meta سمر بنت عبد المحسن السّلطان
مديرة الحوكمة للعلاقات الحكوميّة في شركة Meta سمر بنت عبد المحسن السّلطان

نَشَأتْ في مدينة الأحساء الواقعة في المنطقة الشرقية من السعودية، تتمتع بالطّاقة الإيجابية تماماً كمنطقتها التي نشأت فيها وأهّلتها للتعامل مع متغيّرات متنوعة في الغُربة، حصلت على الدراسات العليا في إيرلندا، وتدرجت في العديد من الوظائف حتى أصبحت مديرة الحوكمة للعلاقات الحكومية في شركة Meta (فيسبوك سابقاً). كما أنها الشريك المؤسِس والرئيس التنفيذي لشركة The Furniture Element في السعودية. كان لنا عبر صفحات «سيدتي « هذا الحوار الممتع مع الشابة السعودية سمر بنت عبد المحسن السلطان.
 




حوار وتنسيق | عتاب نور Etab Nour
تصوير | سلطان السلطان Sultan Alsultan
مكياج | فاطمة صالح العزب Fatmah Saleh Alazab
العبايات | مقدمة من SAJAS المصممة سجى اليوسف
موقع التصوير | منطقة الأحساء

 

تصفحوا النسخة الرقمية العدد 2154 من مجلة سيدتي

 

 


كيف تصفين عملك كمديرة حوكمة الشراكات الاستراتيجية مع الحكومات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا خلال 2021؟
أولاً، سأشرح معنى الحوكمة، وهي عبارة عن تدعيم مراقبة نشاط المؤسسة، ومتابعة مستوى أداء القائمين عليها، وهي النشاط الذي تقوم به الإدارة، ويندرج تحتها كل ما يتعلق بالقرارات التي تحدد التوقّعات؛ أو منح السلطة؛ أو التحقق من الأداء. وتتألف إما من عملية منفصلة، وإما من جزء محدد من عمليات الإدارة أو القيادة. باختصار، الشخص المسؤول عن الحوكمة يكون لديه ما نسميه بنظرة «الهيلكوبتر فيو»؛ حيث يجب أن يكون ملماً بكل ما يحدث في القسم المسؤول عنه؛ ليسد الفجوات، ويضمن عدم تعارض المشاريع داخله.

تعزيز الهوية السعودية

كيف تَرَيْنَ مستقبلَ الإعلام الرقمي في السعودية والفرص التي ستكون متاحةً لروّاد الأعمال والمبدعين في التقنيّات الحديثة؟
دَخَلَ الإعلامُ السعوديُ قبل سنواتٍ عدةٍ مرحلةً جديدةً مميزةً على الصعيدَيْن الإبداعي «ما يخص المحتوى» والتقني «ما يخص التقنيات الرقمية والحلول الرقمية». من الناحية الإبداعية، فإنّ منبعَ دخول المرحلة الجديدة تعزيزُ الهوية السعودية التي أتت مع التغيّرات الكبيرة في برامج الدولة. فعلى سبيل المثال، كنّا نرى في السابق أن المسيطرين على هذا المجال الإبداعي من كتابة محتوى وإخراج وتمثيل، ليسوا من أبناء الوطن ولا ضرر في ذلك، فالكفاءة والخبرة هي الحاكم الأساس للحصول على الفرصة، ولكن كان هناك غياب للهوية في المحتوى، واليوم أصبحنا نرى الجانب الإبداعي مع لمسة الهوية السعودية في كافة المحتويات بشكل مميز ومؤثر، وقد خلق فرصاً كبيرة من الجانب الاقتصادي لكافة هؤلاء المبدعين. أتذكر عندما تخرجت في الثانوية أهدتني جدتي - رحمها الله - آلة تصوير، وبها دخلت عالم التصوير بقوة، ولكنني لم أتمكن من تطوير هذه الموهبة والشغف بها لتكون مصدر دخل لي. الوضع الآن مختلف، سمعت مؤخراً أن أفضل مصوري المملكة من الأحساء مثلاً. بالنسبة إلي هذا شي رائع.

 

 

 

 

 

 

 

أقترحُ إنشاءَ شركة تحتضن التسويق الرقمي للمشاريع السعودية الكبيرة
أحلم أن نجد سعوديين في مناصب في الصف الأول للشركات العالمية
ما ينقصنا الكادر الوظيفي وهذا دور التعليم والبرامج
الوعي ومواكبة التطور أصبحا جزءاً مهماً من كل شخص

 

 


أما على الصعيد التقني أو من الناحية الرقمية، أجد أن هناك تحركاتٍ إيجابيةً لدعم الخبرات، ولكن ما زلنا في مراحل متوسطة نسبياً، ونحتاج إلى دعم الكفاءات المهتمة بهذا المجال. على سبيل المثال، نجد الآن دخولاً كبيراً لشركات الاستشارات العالمية في مجال الإعلام الرقمي؛ حيث تقدم استشارات في هذا المجال، وقد أخذت مساحةً كبيرةً من شركات الإعلام الكبيرة المعروفة في الإعلام التقليدي، وهذا قطاع كبير جداً في المنطقة. السوق السعودي هو الأقوى والأكبر، لكن الكثير من الشركات تلجأ إلى مشغّلين خارجيين أقوى تقنياً للاستفادة من خبراتهم. اقتراحي لوزارتي الإعلام والاتصالات العمل على برنامج تسويق رقمي، ومن الممكن عمل شركة تحتضن التسويق الرقمي للمشاريع السعودية الكبيرة، أو حتى هوية الدولة، والعمل على إظهارها للعالم.

تابعي المزيد:سيدة الأعمال الإماراتية منى عيسى القرق:أستقي الدروس من تجارب النساء الأخريات

تجهيز الشباب للمتطلبات المستقبلية

كيف تَرَيْن مواكبة المؤسسات في السعودية لمتطلبات المهارات المستقبلية والتوسّع في التحوّل الرقمي، وتوفير أدوات الواقع الافتراضي المعزز من خلال برامج التدريب التقني والمهني؟
كما ذكرت سابقاً، أجد أن لدينا الكثير لنتعلمه لكي نصبح في قمة الترتيب، وهو مكاننا الطبيعي. هناك دعم كبير جداً من المؤسسات، وتعطّش للتطور ومواكبة الواقع، لكن أجد أنه يجب عمل عدد أكبر من الشراكات النوعية مع الشركات والجهات التعليمية الرائدة في تلك المجالات؛ لتجهيز الشباب للمتطلبات والمهارات المستقبلية. وأرى أنّ هناك نماذجَ جيدةً في هذا المجال، وبرامجهم مميزة، كذلك هناك برامج جيدة في وزارة الموارد البشرية، لكن يجب على الجامعات تبني مناهجَ متجددةٍ مواكبةٍ للتطوّرات الحالية، وتجهيز خريجيها لوظائف المستقبل.

برامج الدولة متقدّمة جداً

تزخر الكليات التقنية والجامعات السعودية بطلاب وطالبات في مختلف التخصصات الحديثة، كالروبوت والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء، كيف يمكن الاستفادة من هذه الكفاءات لتبرز المملكة العربية السعودية بوصفها عنصراً ريادياً وإبداعياً على مستوى المنطقة؟

أجد أن ذلك هو الحد الأدنى لإبراز الدولة على مستوى عالمي، ولدينا شعب شغوف ومميز، ولديه حب كبير للوطن وقدرات هائلة جداً للتكيف والتأقلم مع كل جديد، لذلك يجب أن تتوافق البيئة مع متطلبات الشباب الواعد، والتركيز على الصور الذهنية، وتجسيد الشخصية السعودية الرائد القدوة. ما أقصده بذلك بذل جهد لإبراز المؤثرين الناجحين الممثلين لكافة فئات المجتمع، إضافة إلى طرح فرص عالمية لتمثيل الوطن في محافل دولية؛ لأن احتكاك الشباب بالخارج يُسهل رفع المستوى والمقارنة بالمستوى العالمي. على سبيل المثال، إنجاز الشباب السعودي في المجال العلمي مميز جداً، وفوز الشباب السعودي من مؤسسة موهبة كان رائعاً، وأنا متأكدة من أنهم رسموا صورة جيدة تُشجع أفراداً آخرين مثلهم لاتخاذ هذه الخطوة في الجمع بين تشكيل القدوة والاحتكاك بالخارج. في السعودية الآن البيئة مناسبة لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، والحلول التقنية لجميع برامج الدولة متقدمة جداً جداً ومبهرة، ويمكن للدول الأخرى التعلم منا. وبالنسبة إلى رواد الأعمال أصحاب الأفكار المميزة فهم موجودون بقوة، وسدّوا فجوةً كبيرةً خلال جائحة كورونا. ما ينقصنا هو الكادر الوظيفي، وهذا دور التعليم والبرامج التدريبية.
ما التأثيرات الثقافية والاقتصادية التي تأتي من اعتماد الناس المتزايد على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؟
لا يمكن تجاهل التأثيرات، سواءً الإيجابية أو السلبية منها. هو سؤال لا يمكن التغافل عنه. النواحي الإيجابية كثيرة، ويمكن تعدادها بسرعة، العالم مرتبط تماماً، وفرص العمل أصبحت أكثر وأسهل، وستصبح أفضل وأسهل. ولكن الجانب السلبي هو فقدان العامل البشري والمهارات الناعمة التي تعدّ الوحيدة التي لا يمكن للآلة استبدالها. كذلك التأثيرات في الهوية الثقافية أصبحت تأتي من كل مكان، وهي عالمية ليست محدودة بدولة أو ديانة معينة. لذلك، أجد أن الوعي ومواكبة التطور أصبحا جزءاً مهماً من كل شخص، وخصوصاً المربين والآباء والأمهات. ما زلت أرى الهُوية القوية والعميقة، ولا يجب الخوف عليها؛ حيث إن تلك التغيرات لن تؤثر فيها، لذلك تعميق وتقوية ذلك الجانب مهم جداً.

 

 


عائلتي داعم كبير وكل فرد يدعم بطريقته الخاصة التي تنبع من القلب
الربط بين الخبرات السابقة والمعطيات الحالية أهم عامل مؤثر في مسيرتي
إيرلندا كانت فاتحة خير علي، ولكن شعور الغربة أمرٌ يصعب التغلب عليه

 


شعب يفخر برؤية 2030

كيف ترين رؤية 2030؟
لا يمكنني وصف فخري واعتزازي برؤية 2030 وما يحدث وما سوف يحدث بإذن الله. يمكنني ذكر موقف بسيط مؤخراً؛ حيث زارت إحدى زميلاتي السعودية، وهي من الجنسية الإيطالية، ولم يسبق لها زيارة الشرق الأوسط أبداً. أتت إلى السعودية ولديها فضول يخالطه بعض التخوف كونها زيارتها الأولى، وخلال 10 أيام وهي مدة زيارتها إلى السعودية، استمتعت لدرجة أنها تتعلم الآن العربية، وتقرأ الكثير عن الإسلام، تفكر في العمل في السعودية يوماً ما، وقررت أن تكون زيارتها سنوياً. وحتى في رحلتها عائدة إلى دبلن من المطار، كان قائد مركبتها يرتدي شعاراً لولي العهد، سألتني من هذا الشخص على صدره ذكرت لها أنه ولي العهد، فطلبت مني تقديم شعار لها لكي ترتديه هي أيضاً. كل ذلك لأنها وجدت ثقافة متأصلة وشعباً متماسكاً يتجه بخطوات ثابتة وثقة كاملة في ظل القيادة الرشيدة.

بوصفك أول امرأةٍ سعوديةٍ تعمل في شركة ميتا، حدثينا عن شغفك بنقل الهوية السعودية؟
من أهم أسباب بقائي في الشركة في ظل الغربة والتحديات هو القيام بدور السفيرة للوطن والهوية الإسلامية العربية. هو شيء يجعلني أستيقظ كل يوم، وأعمل بصورة أقوى. هدفي أن تكون الطريق ممهدة للجميع، للسعوديين وغيرهم من الوطن العربي والدول الأخرى والشعور بالانتماء للتمكّن من التطور والنمو. أحلم بأن نجد سعوديين في مناصب في الصف الأول من الشركات العالمية. وصلنا إلى مناصب عالية على المستوى الإقليمي في الشركات العالمية، وهناك أمثلة كثيرة. لكن يظل حلمي أن يكون هناك مدراء تنفيذيون لشركات كبرى يشغلها سعوديين وأن يشار إلى كفاءتنا في هذه المجالات مثلما تميزت شعوب أخرى.

إيرلندا كانت فاتحة خير

إقامتك الحالية في إيرلندا، ما أجمل ما يميزها، وكيف تتغلبين على إحساسك بالغربة؟

دائماً أذكر أن إيرلندا كانت فاتحة خير علي، حصلت فيها على شهادتي العليا، والآن أمثل بلدي في هذه الوظيفة. ولكن يبقى الشعور بالغربة أمراً ضاغطاً أحياناً ومن الصعب التغلب عليه، خصوصاً مع قوة العلاقة بين الأهل والأقارب. ومع ذلك، فإن من أهم العوامل المساعدة على تجاوز الغربة وجود هدف ورؤية يخففان من المشقة والتحديات. أما العامل الآخر فهو تعزيز العامل النفسي وتقويته، والعامل الثالث هو خلق بيئة داعمة مؤثرة من الزملاء والأصدقاء الذين يخففون صعوبات الوحدة، وأخيراً تعزيز العامل الروحي، خصوصاً أنه أكبر داعم في مواجهة الصعوبات غير المتوقعة.
كيف تصفين لنا دعم عائلتك ومساندتها لك؟
بعد الله، هي أهم داعم، وأحد العوامل الأساسية التي تتميز بها مجتمعاتنا. عائلتي داعم كبير، وكل فرد يدعم بطريقته الخاصة التي تنبع من القلب، منهم بالنصيحة، وآخرون من خلال التواصل، والبعض بتسهيل مهمّات وتيسيرها، وآخرون بالكلمات المشجعة. في بعض الأوقات، أكون في أصعب لحظات العمل، وكلمة من أحد أفراد أسرتي، مثل أنا فخور بك، ترفع معنوياتي بشكل كبير. كذلك وجود القدوات في العائلة، جدي لوالدتي حمد الحواس، من أوائل المبتعثين من الدولة إلى الخارج، وحصل على شهادة الماجستير، ثم أسس شركته الخاصة.

الأحساء حاضنة الجمال

بوصفك ابنة الأحساء، ما مدى ارتباطك بها، وما أهم ما تتميز به من معالم سياحية جاذبة؟

تتميز الأحساء بالطاقة الإيجابية الكبيرة، والتباين الحضاري والديني والتنوع الثقافي الكبير. إنها منطقة جميلة جداً بكل ما تعني الكلمة، وهي البيئة التي ساعدتني على التعامل مع متغيرات كبيرة في عملي، وكذلك أهلتني للتعايش مع ثقافات متنوعة في بلاد الغربة. المعالم السياحية التي تمتلكها مميزة، ولها مستقبل رائع. أنصح الكل بزيارتها، وأكاد أجزم أنها ستكون وجهة سياحية عالمية قريباً، خصوصاً مع تكوين هيئة تطوير الأحساء مؤخراً.

كلمة أخيرة

أردت أن أخصص الختام للتركيز على دور والدي ووالدتي في مسيرتي؛ حيث إن والدي هو الداعم الأول لي، ينقل لي خبرته بشكل يومي، ويشد من أزري في العقبات والعثرات اليومية. والدتي تدعمني بخبراتها العملية والاجتماعية وتجربتها النوعية في مجال الإعلام؛ حيث كانت إحدى أوائل مسؤولات الإعلام التربوي في وزارة التعليم، فالربط بين الخبرات السابقة والمعطيات الحالية أهم عامل مؤثر في مسيرتي. أخصهما بالشكر والامتنان والتقدير.

تابعي المزيد:الشابة السعودية ميريهان الباز:شغفي بتعديل السيارات سبب احترافي الميكانيك

 

 

تابعي المزيد:لاعبة التنس العالمية أُنس جابر: المرأة التونسية قوية ونحن العرب قادرون على تحقيق أحلامنا وحصد البطولات