حبُ المغامرة والتجربة، دفعها لكَسْر النمطية، بعيداً عن التفكير بالأمان الوظيفي، فقررت مها فريد شيرة، المدير الإقليمي لشركة زبوني في الرياض، خوض التجربة التي بدأت من العمل في القطاع الخاص، وانتهت بتأسيس حاضنة أعمال للسيدات، وعدد من المؤسسات والمشاريع النوعية. أكسبتها هذه النزعة المتمردة على النمطية خبرات متعددة، فأسست مركز شي ووركس عام 2015، وعملت على تمكين رواد الأعمال، من خلال التفاعل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، كما شغلت مناصب عدة. في الحوار الآتي تتحدث مها عن تجربتها وما وصلت إليه من مناصب، وكيفية نجاح المشروعات الخاصة.
حوار وتنسيق | عواطف الثنيان Awatif Althunaian
تصوير| محمد العبيدي Mohammed Obaidy
مكياج | ميرفت الخربوش Mervat Alkharboush
الموقع | شركة أساس المال للاستثمار
المغامرة والتجربة
لماذا توجهت إلى قطاع الأعمال دون غيره؟
منذ الصغر، كنت أسمع عن التجارة ورجال الأعمال، وكان هذا العالم مثير للاهتمام والفضول لدي، خاصة أنه في فترة نشأتي لم يكن العديد من الناس يهتمون بالتجارة، وإنما بالعمل في القطاع العام، والسعي وراء الوظيفة.
ومن طبيعتي حب المغامرة والتجربة، قررت خوض هذه التجربة التي بدأت من العمل في القطاع الخاص، وانتهيت بتأسيس مشروعي حاضنة (شي ووركس) للسيدات، وعدد من المؤسسات التجارية، والمشاريع النوعية، مثل تطبيق زبوني.
كيف ترين المخاطر في القطاع الخاص؟ ولماذا يحرص الغالبية على وظيفة في القطاع الحكومي؟
قديماً، كان الكل يبحث عن الأمان الوظيفي، والدوام القصير، من خلال التعيين في القطاع العام والجهات الحكومية، واليوم تغيّرت هذه الثقافة، فأصبح من يبحث عن التحدي والإنجاز الوطني ينضم إلى القطاع العام جالباً معه مؤهلاته وخبراته، كما لرؤية 2030 وتطلعات المملكة المستقبلية، دور كبير. أما موضوع المخاطر في القطاع العام فمن وجهة نظري هي تحديات قد تتحول إلى عقبات أو فرص، حسب استعدادك لها، وكيفية تصرفك.
تابعي المزيد: سيدة الأعمال الكويتية فاطمة الرشود: بالإرادة والإصرار يمكن التغلب على صدمات الحياة
طلبت المساعدة
ما العقبات التي واجهتك؟ وكيف تغلبت عليها؟
واجهت بعض التحديات التي لم أكن مستعدة لها، أو التي لم أعلم سبلاً لحلها؛ لقلة خبرتي في ذاك الوقت، ولانعدام وجود مرشدين ومستشارين يمكنهم مساعدتي، والإمساك بيدي، وتغلبت عليها، أولاً، بطلب المساعدة، والبحث عن أهل الخبرة، والوثوق ببعض الأشخاص، وتوكيلهم بعض المهمات، وهؤلاء تحولوا فيما بعد إلى أخوة وأصدقاء.
ممن تلقيت الدعم والتشجيع؟
أول المشجعين والداعمين لممارسة عملي الخاص كان ولا يزال زوجي، فلولا الله، ثم دعمه، وتشجيعه لي، لكانت رحلة انطلاقي أصعب وأشد قسوة بكثير.
اكتساب مهارات
ما أهم الإنجازات المهنية التي حققتها؟
تتمثل أهم الإنجازات المهنية التي حققتها، في شغلي مناصب عدة، من معلمة ومترجمة ومصورة ومديرة شركة، والحقيقة أرى أني لم أحقق ما يكفي، فكل يوم أتعلم شيئاً جديداً، وأحاول اكتساب مهارات جديدة تفيدني في المركز الذي أكون فيه، من خلال التجارب والخبرات والتدريب والاختلاط بأهل التخصصات.
تابعي المزيد: جنى تنافس بابتكارها لترفع من اسم وطننا
التفكير خارج الصندوق
برأيك، ما الذي تحتاج إليه التنمية الاقتصادية لتبلغ أهدافها؟
تحتاج التنمية الاقتصادية، لتبلغ أهدافها، إلى التركيز على الهدف، وتدريب وتأهيل الشباب السعودي، وإعطاءهم الفرصة، وفتح أبواب العمل، والوثوق في قدراتهم، وتمكينهم، وفتح باب الإبداع والابتكار والتفكير خارج الصندوق، إضافة إلى خوض التجارب الجديدة، وتقبل الآخرين، وتغير ثقافة الاستهلاك فقط، وتحويلها إلى ثقافة الإنتاج.
لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية لابد من التركيز على الهدف وتأهيل الشباب بالتدريب
طموحي أن أكون ضمن أبرز النساء السعوديات وأن أحقق إنجازات متميزة لوطني
تحسين جودة الحياة
هل تتوقعين بأن أزمة كورونا وما بعدها، فرضت تحديات جديدة.. هل أثرت في أعمالك؟
نعم، ربما لم تفرض تحديات، بقدر أنها وضعتنا أمام الأمر الواقع، وهو أن الثورة الصناعية الرابعة قد حلت، وقد حان استخدامها بطريقة فعالة، مثل العمل عن بعد مع تنظيم أوقات العمل، وتحديد كيفية قياس الأداء والإنتاجية للعاملين والطلاب، مع المحافظة على العلاقات الإنسانية التي تميز البشر عن الآلة، إضافة إلى تحسين جودة الحياة وصحة الإنسان والكوكب الذي نعيش عليه، وإيجاد حلول للتلوث البيئي والنفسي الذي كان بعضنا يعيشه، وإيجاد طرق لاستخدام الآلة، فضلاً عن تسخير إبداع الإنسان، وفكره، وتحسين مستوى معيشته، لينعم هو وأهله بالحياة الكريمة، وتسخير طاقته لدينه، وتعمير الأرض كما أمرنا الله.
تابعي المزيد: تالة تبتكر ببتيدات صناعية
غير مواكبة للسوق
ما طبيعة المتغيّرات التي تواجهها السعوديات للاندماج في سوق العمل؟
تكون بعض المتغيرات تعليمية، فالبعض غير مهيأ لسوق العمل بسبب بعض مخرجات التعليم القديمة غير المواكبة للسوق الحقيقي، ويكمن حلها من خلال تطوير المناهج، وتغيير طرق التعليم، وطرح وسائل لربط الجامعات ودور التعليم مع القطاعات والمشاريع والتطوع، ومشاركة الطالبات وأساتذتهن. والبعض الآخر اجتماعي، فلا يوجد تهيئة حقيقية للتعامل مع وضع السوق والقطاعات، إلا من خلال العمل نفسه، وخوض التجربة، وذلك من خلال إتاحة فرص العمل للشابات، وتمكينهن فعلياً، ومشاركة أسرهن، وتثقيفهن، وحفظ حقوقهن، وتوعيتهن بها في البيت والعمل.
أزمة كورونا وضعتنا أمام الأمر الواقع لتحسين جودة الحياة
تكافؤ الوظائف مع الراتب
كيف تقيّمين مجالات العمل للمرأة السعودية، هل متناسبة مع احتياجاتها المالية وشهادتها؟
ما زالت عملية التوظيف تتم عن طريق العلاقات والمعارف والعلاقات، بغض النظر عن المؤهلات والخبرات، فلا توجد لدينا شبكة حقيقة تربط أهل الاختصاص والخبرات بالمناصب والوظائف المطروحة، وكثير من القطاعات الحكومية والشركات الضخمة تعتمد على شركات التوظيف التي لا تفكر دائماً في مصلحة الموظف، ولكن في مصلحة عميلها الأساسي، وهو المنشأة أو الجهة الموظِّفة. أما المجالات نفسها، فقد بدأت الجامعات تفتح أقسامًا وتخصصاتٍ كانت حكراً على الرجال فقط، وما زال الابتعاث مستمراً لتخصصات نادرة للجنسين، الأهم أن يجد الخريجون والمتخصصون ما يناسب طموحهم وتطلعاتهم، وأن تتكافأ هذه المناصب مع الرواتب وطبيعة العمل ودرجة مشقته والإنجاز.
تابعي المزيد: فرح المزيني تبتكر نظاماً لتمييز المستعمرات البكتيرية
مجتمع حيوي
كان لك دور في مساعدة الشركات الناشئة النسائية لإطلاق أعمالهن.. حدثينا عن ذلك؟
ولله الحمد، في عام 2014، أنشأت أول حاضنة أعمال مخصصة للسيدات لحاجة ماسة كنت ألمسها وقتها، وهي عدم وجود مكان وبيئة عمل مناسبة لرائدات الأعمال بالمعنى الحقيقي لدعمهن، وتحقيق سبل نشأتهن، واستمراريتهن، ودعم شغفهن، وهو ما أؤمن أنه الدافع الرئيس لرائد الأعمال، وليس فقط المكسب المالي، الذي هو مطلب أيضاً. كونت مجتمعاً حيوياً نسائياً يليق بتطلعاتهن، وأفكارهن، ويحترم ظروفهن، وحاجاتهن باختلاف أنواعها، فبرز من عندنا نحو 60 مشروعاً نسائياً، بعضها نجح واستمر، والآخر للأسف أغلِق ولم يستمر، كما خدمنا أكثر من 6 آلاف عميل من مختلف التخصصات والطبقات رجالاً ونساء.
إيصال صوت المرأة
ما طموحاتك المستقبلية؟
طموحي أن أكون ضمن أبرز النساء السعوديات، وأن أحقق إنجازات عظيمة لوطني، وأن أوصل صوت وصورة المملكة والمرأة السعودية إلى شتى بقاع الأرض، وأن يفخر بي والداي حفظهما الله، وزوجي، وأبنائي.
تابعي المزيد: المقاولة السعودية فوزية الكري: المقاولاتُ مسارٌ جديدٌ لتوطين الاقتصاد ومربحٌ للمرأة