بعد أكثر من سنتين على بدء جائحة كورونا، ها قد عادت الحياة إلى طبيعتها بشكل شبه كامل، ولكن التجربة كانت غير عادية بالنسبة إلى مختلف الناس؛ حيث تغيرت مفاهيم، وتبدلت سلوكيات خلال فترة الحجر الصحي.. وعانى العالم من صعوبات اقتصادية واجتماعية وصحية، ومع العودة إلى ممارسة حياتنا الطبيعة، نقف عند بعض الأمور التي أثارت دهشتنا في المرحلة الجديدة، وهو ما طرحناه على عدد من الشباب والشابات، ليقدموا إجابات عن ذلك، فماذا قالوا؟
الرياض | يارا طاهر Yara Taher
تصوير | عدنان مهدلي Adnan Mahdaly - عبد الله الفالح Abdullah Alfaleh
جدة | ثناء المُحمد Thana Almohammed
الشرقية | عواطف الثنيان Awatif Althunayan
فرص صحية
شيرين سبية: بدأنا نرى طريقة لاستعادة الصحة والاقتصادات والمجتمعات معاً
بدايةً، تحدثت إلى «سيدتي» شيرين سبية، مهندسة، عن معالجة المشاكل المعقدة، وتقول: «بعد عامين من ظهور جائحة كورونا، أُجبرنا على التكيف مع «الوضع الطبيعي الجديد»، بيئة العمل من المنزل، الآباء وتعليم أطفالهم في المنزل، وإعداد أساليب جديدة في التعلم، والإغلاق والحجر، والتزام ارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة. الكثير يعدّون عام 2020 «الأسوأ» في القرن الـ 21، وبعد مرور عامين على كوفيد19-، بدأنا نرى طريقة لاستعادة الصحة والاقتصادات والمجتمعات معاً، على الرغم من سلالة فيروس كورونا الجديدة، وهذا أكثر ما لفتني حقيقة».
وتضيف: «في ظل مواجهة الأزمة العالمية، نحن بحاجة إلى الارتجال والتكيف والتغلب؛ لأن الوضع الطبيعي الجديد لا يزال قائماً، لذلك أعتقد أن تركيزنا الفوري يجب أن يكون لمعالجة المشاكل المعقدة التي ظهرت من الوباء، من خلال تسليط الضوء على المرونة والتعافي وإعادة الهيكلة، لا سيما أن في ظل حديث منظمة الصحة العالمية عن أن الفيروس سيلازمنا لفترة طويلة من الزمن، ويجب أن نتعايش معه، ويجب على الحكومات أيضاً اغتنام هذه الفرصة للاستثمار في النظم الصحية التي يمكن أن تفيد جميع الناس».
تابعي المزيد: ينتظرون الإجازة بلهفة ويتوقون إلى الطبيعة شباب وشابات: هذه هي خططنا الصيفية
تقدير الآخرين
عبد الرحمن عمر: أصبحنا الآن نقدّر أكثر فكرة أن يكون معنا شخص آخر
يشاركنا عبد الرحمن عمر، صانع محتوى ومصور تجاري، عمَّا لمسه قائلاً: «تضاعف تقدير الناس لبعضها؛ إذ فقدناهم لفترة معينة بخسارتنا الأشخاص خلال فترة كورونا، وأصبحنا الآن نقدّر أكثر فكرة أن يكون معنا شخص آخر، وهو شيء جميل، فطبيعة الإنسان ألاَّ يقدِّر شيئاً إلا حينما يخسره، وهو الشيء الذي بدأ يثير دهشتي وتقديري في الوقت ذاته».
مهارات اجتماعية
نوف سفياني: الكثير من الناس الآن أكثر وعياً بأهمية علاقاتهم الاجتماعية
وتحدثت إلينا نوف سفياني، فنانة موسيقية إلكترونية شهيرة باسم كوزميكات، عمَّا واجهته من تغيرات، مؤكدة أنها «لم تَعُدْ على عهدها السابق خلال 2020، حياتنا مرّت في تغييرات كثيرة وقاسية على البعض، وأدت إلى توقف حركة العالم تقريباً لما يقارب السنة، وكثير منا تكيف مع هذه التغيرات، وانعكست على أسلوب حياتنا بوصفنا مجتمعاً، ومن الصعب تغييرها في يوم وليلة حتى بعد انجلاء الجائحة». وتضيف: «تعلمنا خلال العامَيْن الماضيَيْن دروساً كثيرة عن الحياة، وعن أنفسنا بعض الأوقات، كانت قاسية وصادمة؛ وأتذكر منها التقائي بأصدقائي بداية فترة انتهاء الحجر؛ إذ كانت تجربة غريبة، وفقد الكثير منا مهاراته الاجتماعية، وتطلَّب منا الكثير من الوقت للعودة إلى حياتنا السابقة، في الواقع حتى الآن لم نَعُدْ إلى حياتنا السابقة 100%، لكن الدروس والتغييرات في نظرتنا إلى الحياة، وتقديرنا لوقت العزلة أصبح مختلفاً تماماً، وفي الحقيقة أدهشتني حالة التوتر الاجتماعي التي ما زالت مستمرة. الكثير من الناس الآن أكثر وعياً بعلاقاتهم الاجتماعية واستحقاقهم لوقتهم الخاص والعزلة».
تابعي المزيد: مواصفات شريك العمر في عصر «السوشيال ميديا»
الوضع الاقتصادي
أسيل مدهش: ما أدهشني الوضع الاقتصادي الذي لم يعد كما كان سابقاً
تحدثت أسيل مدهش، صيدلانية ذات 27 عاماً، عن تجربتها قائلة: «في الواقع، كانت إصابتي بالمرض خفيفة؛ لأنني محافظة بشكل كبير على تناول الفيتامينات، وكذلك الاهتمام بمناعتي، أما تجربتي في الجائحة، فلا أنكر خوفنا في البداية، خاصةً مع أعداد الوفيات، إضافة إلى وفاة من هم حولنا، لكن في الأخير هي أقدار».
وأضافت: «كنت أحاول جاهدة أن أهدأ رغم تعطيلها لحياتنا، ونظرت إلى جائحة كورونا على أنها فترة راحة من الأعمال، ونظرت إلى صحتي وذاتي، ووعّت من وجهة نظري الجميع بالحفاظ على صحته، وأصبح أغلب الناس يمتلكون معلومات صحية، كباراً أو صغاراً».
اختتمت أسيل: «ما أدهشني بعد عودة الحياة إلى طبيعتها الوضع الاقتصادي، الذي لم يعد كما كان سابقاً، أصبحت أقنن مشترياتي، وأهتم لأسعار السلع، كذلك الحرص الدائم أن أكون على رأس العمل، ففكرة أنا أبقى في البيت وأهلي هم من يصرفون علي لم تعد نافعة».
قدرة الناس على التكيّف
خيرية رفعت: الأزمات هي التي تظهر لنا معدننا، وتكشف لنا جانباً جديداً من الحياة
بعد ذلك تخبرنا خيرية رفعت، مقيمة فنية ومديرة علاقات عامة، عن تجربتها قائلة: «بعد الجائحة انفتحت عيني كثيراً، اكتشفت أنّ الدنيا واسعة ومليئة بالخيارات، وأني كُنت منشغلة بجانب واحد فقط في الحياة، ولما توقفت طبيعة الحياة، أدركت أني كنت في دائرة جِداً ضيقة، ولم أعط باقي الجوانب في حياتي أهميتها وقدرها الحقيقي».
وأضافت: «أصبحت منفتحة أكثر على الحياة والتجارب بعد جائحة كورونا.. الحياة ما عادت بالنسبة إلي أبيض وأسود، الحياة مليئة بالألوان، في كل يوم أكتشف لوناً جديداً مختلفاً». وتوضح: «أدهشتني قدرة الناس على التكيّف، والتطوّر، والتعافي من آثار الجائحة، والتعلّم من التجربة، برأيي السبب أن الأزمات هي التي تظهر لنا معدننا، وتكشف لنا دائماً جانباً جديداً من الحياة كنّا غافلين عنه».
تابعي المزيد: حالات طريفة وغريبة أحياناً ..كيف يواجه الشباب الأوقات الصعبة؟
الوعي بالصحة النفسية
آلاء الشيخ: أغلب الناس يتفقون على أن التواصل البشري المباشر قل بشكل كبير
توضح آلاء الشيخ، مديرة تسويق رقمي، ما أضافته جائحة كورونا إليها: «كورونا جعلتني أكتشف جوانب في نفسي كان من الصعب اكتشافها في زخم الحياة العادية ورتمها البطيء، كانت كورونا تجربة مختلفة جعلتني أغير آراء كثيرة في حياتي وأولوياتي... انتشار الفيروس، والحجر، والوفيات بسبب الفيروس، كانت بمنزلة صفعة وعي تذكرني بقيمة الحياة وقيمة حياتي الشخصية بشكل خاص».
ووصفت آلاء الحياة بعد جائحة كورونا: «أصبحت الحياة بعد ركود كورونا غريبة وجامدة، وتغيرت صفات كثيرة... باعتقادي، يتفق أغلب الناس أن التواصل البشري المباشر قلّ بشكل كبير وملاحظ، حتى بعد عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي مرة أخرى». واختتمت واصفة اندهاشها بعد عودة الحياة: «هو تغيير نسبة الوعي بالصحة النفسية، وآليات التشافي؛ إذ ارتفعت بشكل كبير لدى الناس، وأصبحنا منفتحين على الحديث والنقاش بشكل أكبر حول هذه المواضيع، من دون الإحساس بالخجل الذي كان منتشراَ قبل كورونا».
حس المسؤولية الشخصية
تالا عيسى: دائماً يجب أن ننظر إلى التغيّر الأخير
أما الطالبة الجامعية تالا عيسى، فقد عبرت عما عاشته قائلة: «أضافت جائحة كورونا سلوكيات من الحذر العالي، على سبيل المثال التعقيم المستمر للأيدي، والالتزام بلبس الكمامات، وكذلك التباعد، وما زلت أراعي المسافات بيني وبين باقي الأشخاص في الأماكن العامة... أعتقد أني اعتدت على هذه التدابير، وأصبحت سلوك حياة، وليس بالنسبة إلي فقط، بل أصبحت ألاحظ هذا الحذر عند أغلبية الناس».
تتابع: «أصبحت الآن أتلذذ بطعم الحياة، والاستمتاع بها وبتجاربها المختلفة، تعلمت أيضاً قيمتها، ففي السابق كنت أعيش من دون الإحساس بالنعم، تعلمت معنى العمل والخروج والدراسة».
وحول أكثر ما أدهشها محلياً وعالمياً، توضح: «هو حس المسؤولية الشخصية، وأيضاً المسؤولية المجتمعية والأسرية، والاهتمام بالصحة، ففي السابق من وجهة نظري كان الأشخاص غير مبالين، وكذلك الاستهتار بالصحة والعمل والمجتمع. في الحقيقة لا ننكر صعوبة الدرس، ولكن دائماً يجب أن ننظر إلى التغيّر الأخير».
تابعي المزيد: نظرة شبابية كيف تكون صاحب شخصية مؤثّرة؟
اختراع سعودي لافت
مشاعل الشايع: أدهشني اختراع للسعودية نورة الحدري الذي يكشف الأسلحة والمخدرات عن بعد
أشارت مشاعل الشايع، مدربة موارد بشرية وناشطة اجتماعية، إلى أنه بعد عودة الحياة إلى طبيعتها؛ أدهشني اختراع للسعودية نورة الحدري، طالبة بجامعة الملك خالد بعسير، الذي يكشف الأسلحة والمخدرات عن بعد، مزود بمتحكم من نوع (الأردوينوميجا)، ويعمل بطريقة أكثر حداثة ودقة في السيطرة على نسبة التهريب في البلاد، مشيرة إلى أن المرأة السعودية متى ما منحت الفرصة للإبداع حققت النجاح. وقالت: «أما على المستوى العالمي فأدهشني اختراع سماعة الرأس (Xvision) التي تعطي الجراحين رؤية بالأشعة السينية أثناء العمليات الجراحية، وتستخدم نظارة الطب الجراحي لتحويل الأشعة المقطعية للمريض إلى صور ثلاثية الأبعاد تساعد في توجيه جراحي العمليات ورؤية ما تحت الجلد».
المنتخب العلمي السعودي
خالد الأمير: فوز المنتخب السعودي بـ 22 جائزة في معرض «آيسف» إنجاز عالمي
بدوره، قال الإعلامي خالد الأمير، بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، أدهشني فوز المنتخب السعودي في المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف) بـ 22 جائزة على مستوى العالم، وهذا إنجاز للوطن في سياق الإنجازات المتوالية التي تحققها المملكة في قطاع التعليم. وتؤكد مقابلة ولي العهد محمد بن سلمان للطلبة الفائزين اهتمام الدولة وحرصها على دعم المخترعين المبدعين وتشجيعهم.
وأضاف: «أما الإنجاز الذي لفت انتباهي عالمياً، اكتشاف روبورت (Moxie) في الذكاء الاصطناعي والبرمجيات والتعليم وتنمية الطفل، ويهدف إلى تعزيز المهارات الاجتماعية والعاطفية للأطفال من عمر 5 إلى 10 سنوات؛ إذ صمم ليجده الأطفال صديقاً عطوفاً يشجع على القراءة والرسم، ويحفز على التفاعل مع البالغين».
تابعي المزيد: الدراسة في المقاهي بين إقبال الطلاب وتحفظات الأهالي