أثبتت أغلب الأبحاث، التي درست الأورام السرطانية، أهمية علاجها بالإشعاع البروتوني، مؤكدةً أنه من العلاجات الآمنة والواعدة، نظير قدرته الفائقة على تفكيك الخلايا السرطانية، إلى جانب محدودية آثاره الجانبية، إذ إنَّ معظم طاقة الشعاع تنصبُّ على الورم، ما يقلِّل من تأثُّر أعضاء الجسم الأخرى بالبروتونات، فتبقى سليمةً من دون أدنى ضررٍ. واليوم، تتسابق الدول المتقدمة طبياً في توفير هذا النوع من العلاج على نطاقٍ واسعٍ في مستشفياتها، منها السعودية، التي تحتضن مركـزاً لعلاج أورام السرطان بتقنية البروتون، هو الأول من نوعه فـي منطقة الشرق الأوسط، وواحدٌ من 20 مركزاً فقط في العالم. «سيدتي» التقت الدكتور السعودي عبد الرحمن ذياب، استشاري الطب الجزيئي، وسألته عن هذا النوع من العلاج، ونسبة الشفاء به من الأورام السرطانية.
الدكتور عبد الرحمن ذياب: حظي هذا النوع من العلاج بتطور بحثي كبير وبدأ استخدامه على نطاق واسع
العلاج بالبروتونات
كشف الدكتور عبد الرحمن عن أن العلاج البروتوني، يعدُّ أحدث أنواع العلاجات الإشعاعية، ويستخدم الطاقة الناتجة عن جزيئاتٍ موجبةِ الشحنة «البروتونات»، وهو أحد الخيارات الاستشفائية في علاج الأورام التي تصيب الأطفال.
حزم أشعة البروتون
ابتكر العلاج بالبروتون العالم الفيزيائي روبرت ولسون بوصفه بديلاً للأشعة السينية، وجاءت خطوته بهدف تقليل الجرعات الإشعاعية التي تتعـرَّض لها الأعضاء السليمة، والتركيز على الأماكن المصابة بالأورام السرطانية. وقد حظي هذا النوع من العلاج بتطورٍ بحثي كبيرٍ على مدى العقود الماضية، وبدأ استخدامه على نطاقٍ واسعٍ، خاصة بعد بناء معجِّل أبحاثٍ في جامعة هارفارد، وافتتاح مجموعةٍ كبيرةٍ من مراكز الأبحاث المتخصِّصة في دول العالم.
مُعجّلات البروتونات
يوجَّه الإشعاعُ البروتوني إلى الأورام من خلال جهاز تسريع البروتونات، الذي يُنتِج بروتوناتٍ لها سرعةٌ، تعادل نحو 60 % من سرعة الضوء، وتخرج من الجهاز كشعاعٍ ضيقٍ، يوجَّه بدقةٍ نحو الورم، وعند دخول فيض البروتونات في الجسم، تضعف سرعتها بطريقةٍ محسوبةٍ، وتعطي أقصى طاقةٍ لها في الورم نفسه لدى توقفها، وبذلك تعمل طاقة البروتون على الإضرار بالخلايا السرطانية وتفكيكها.
وعن طريق تغيير موضع دخول فيض البروتونات من جهاتٍ مختلفةٍ في الجسم لإصابة الورم بشكلٍ مركَّزٍ، ينصبُّ معظم طاقة الشعاع على الورم نفسه، مع انخفاض درجة تأثُّر أعضاء الجسم الأخرى بالبروتونات، فتبقى سليمةً دون أي ضرر. وإذا ما تضرَّرت خليةٌ بسبب إشعاعٍ ضعيفٍ، فإن الجسم يستطيع تصحيح ذلك الخلل.
ويتمُّ حالياً تطوير مُعجِّلات البروتونات حتى تصنع بتكلفةٍ أقل، ما يسمح باستفادة عددٍ كبير من مرضى السرطان من هذا النوع من العلاج، كما أن هناك جهوداً كبيرةً تبذل لتصنيع مسرِّع دوراني ذي موصليةٍ فائقة، وبحجمٍ صغيرٍ، لا يتجاوز حجم المنضدة.
تابعي المزيد: ابتكار رقاقة جديدة تحسّن علاج الأمراض السرطانية
علاج واعد
أكدت أغلب الدراسات أهمية العلاج بالبروتونات وقدرته الفائقة على القضاء على الأورام السرطانية، مبينةً أنه من العلاجات الواعدة لأنواعٍ مختلفةٍ من السرطان.
ويستخدم العلاج بالبروتونات لمحاربة السرطانات وبعض الأورام غير السرطانية، ويمكن استخدامه بوصفه علاجاً وحيداً لحالاتٍ عدة، أو مع علاجاتٍ أخرى، مثل الجراحة، والعلاج الكيميائي. أيضاً يمكن استخدام العلاج بالبروتونات في حال استمرار الإصابة بالسرطان، أو عند الإصابة به مرةً أخرى بعد إجراء الأشعة السينية التقليدية.
ولإمكانية تركيز شعاع البروتونات على الأورام الخبيثة، يمكن استخدامه كذلك في علاج الأعضاء الحسَّاسة من الجسم، خاصةً أورام الدماغ، وأورام قاعدة الجمجمة، وأعصاب العمود الفقري وأوعيته الدموية، وسرطان الرأس والرقبة، وسرطان الكبد، وسرطان الرئة، والغدة اللمفاوية، وسرطان البنكرياس، وأورام الغدة النخامية، وسرطان الثدي، وسرطانات الأطفال، والورم الميلانيني في العين، وسرطان المريء، وسرطان البروستات.
علاج سرطان الأطفال
يستخدم العلاج بالبروتونات في القضاء على السرطانات التي تصيب الأطفال، فقد يكون العلاج الإشعاعي التقليدي فاعلاً للغاية معهم، لكنه مع الأسف قد يترك آثاراً جانبيةً ضارة على الطفل، مثل تأخر نموِّه، ونقص الهرمونات في جسمه، والتأثير على عظامه وأنسجته العضلية، إضافةً إلى فقدان السمع، والإضرار بالغدد اللعابية. وهذه الآثار الجانبية قد تشكِّل ضرراً كبيراً على الطفل، إذ إن جسده ودماغه يكونان في طور النمو والتطور.
العلاج بالبروتونات والأشعة السينية
يُعدُّ العلاج بالبروتونات بديلاً مثالياً للعلاج الإشعاعي التقليدي، لأنه يحدُّ من تعرُّض الأنسجة والأعضاء السليمة والنامية إلى الإشعاع. وهناك دراساتٌ قليلةٌ، قارنت بين إشعاع العلاج بالبروتونات وإشعاع الأشعة السينية، وأشارت بعضها إلى أن العلاج بالبروتونات قد يتسبَّب في آثار جانبيةٍ أقل من الإشعاع التقليدي، إذ يمكن للأطباء التحكُّم بشكلٍ أفضل في الأماكن التي توجَّه إليها طاقة أشعة البروتون.
تابعي المزيد: معالجة الأورام بتقنية البروتون في مدينة فهد الطبية
الآثار الجانبية
بيَّنت نتائج دراساتٍ عدة، أن الآثار الجانبية للعلاج بالبروتونات عادةً ما تكون على المدى القصير ومحدودةً جداً، وتشمل تهيج الجلد، والغثيان والتعب.
وقد يتعرَّض المرضى الذين يتلقون أشكالاً أخرى من علاج السرطان في الوقت نفسه لآثارٍ جانبيةٍ إضافيةٍ مرتبطةٍ بتلك العلاجات. وتختلف الآثار الجانبية الناجمة عن العلاج بالبروتونات على المدى الطويل، لكنها بصفةٍ عامةٍ، تعدُّ أقل عدداً وحِدَّةً من الآثار الناجمة عن العلاج الإشعاعي التقليدي على المدى الطويل. ومع ذلك ليس من الواضح إذا ما كان العلاج بالبروتونات أكثر فاعليةٍ في إطالة عمر المريض أم لا.
المركـز السعـودي للعلاج بالبروتون.. الأول إقليمياً
العلاج بالبروتونات غير متاح على نطاق واسع، على الرغم من إنشاء مراكز جديدة لهذا النوع من العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أخرى.
وتعدُّ السعودية من الدول القليلة في العالم التي يتوافر فيها العلاج بالبروتون، حيث تضمُّ «المركـز السعـودي للعلاج بالبروتون»، أول مركـزٍ لعـلاج أورام السرطان بتقنية البروتـون فـي منطقة الشـرق الأوسـط، وأحد المشروعـات التي تفخر المنظومة الصحية في السعودية بتوفيرها، إذ إنه واحدٌ من 20 مركزاً فقط من نوعه في العالم، وقد أسهم في إحداث نقلةٍ نوعيةٍ في علاج الأورام.
الخدمات العلاجية
يقدم المركز السعودي للعلاج بالبروتون أفضل الخدمات العلاجية، التي تنافس في جودتها أرقى المراكز العالمية المتخصِّصة في تقنيـة العـلاج بالمسح بواسطــة الشعـاع الدقيــق Pencil-beam Scanning. وتمكِّن هذه التقنية من توجيه العلاج بشكـلٍ دقيقٍ إلى مكان الورم، مع المحافظة على سلامة الأعضاء القريبة منه، والواقعة في مسار شعاع العلاج، كما تساعد في العلاج بتقنية الروبوت لإعطاء دقةٍ أكبـر في علاج الأورام.
ويوفر المركز كل هذه الخدمات المتميزة عبر خمس وحداتٍ علاجيـةٍ مجهَّــزةٍ بأحدث الوسائـل والمعدات من أجل ضمـان راحة المرضى وسلامتهم.
تابعي المزيد: الملكة ليتيزيا في زيارة لمركز العلاج بالبروتون لعلاج السرطان