لم تعد مهمة الموارد البشرية، التي تشكل الدعامة الأساسية في الشركات مجرد اختيار الموظفين، بل باتت تلعب دوراً أساسياً في نجاح عمل المؤسسات الكبيرة، من خلال الحرص على إنجاح العلاقة بين الموظفين والإدارات العليا، بما يحقق ما يصبو إليه الطرفان، وذلك بالسعي إلى زرع الأهداف الذكية في الموظفين، من أعلى المناصب إلى أصغرها؛ حيث باتت هناك قناعة بأن التخطيط والتنظيم والهيكلة الصحيحة هي التي تستقطب الموظف الناجح.
لقاءات مع متخصصين في الموارد البشرية، كشفوا لنا فيه عن دورهم الحيوي في اختيار الموظف، وتأهيله بالتدريب وزرع المهارات التقنية الجديدة، لتجعل منه خط الدفاع في مواجهة السوق.
أعدت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani
الرياض | يارا طاهر Yara Taher
جدّة | أماني السراج Amani Alsarraj
الشرقية | عواطف الثنيان Awatif Althinayan
القاهرة | أيمن خطاب Ayman Khattab
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad
تونس | منية كوّاش Monia Kaouach
تصوير | غيث طنجور Ghaith Tanjour
من الرياض
محمد الجابري:
أفراد الموارد البشرية هم جنود في الخفاء
صنع القرار الصحيح، هي مهمة مختصي الموارد البشرية في كل شركة، كما يؤكد محمد الجابري، مختص موارد بشرية، الذي يشدد على منح الفرص باختيار الشخص المناسب في المكان المناسب.
بطبيعة الحال، فإن تميُّز المورد البشري من تميُّز مختصي الموارد البشرية، كما يجد محمد، الذي يربط بين وجودهم وكسب ولاء الموظفين؛ لأنهم يقدمون دائماً امتيازاتٍ ويهيئونهم بالطريقة الصحيحة التي تساعد على رفع كفاءتهم، يضيف قائلاً: «المساعدة في تحقيق أهداف الموظفين وإداراتهم، تحتاج إلى الوضوح، أو ما يسمَّى «الأهداف الذكية»، ففي حال تحديدها وتبنّيها من قِبل أعلى المناصب وأصغرها، يتطور التواصل بين الجميع، ومع وجود كادرٍ يسعى إلى الوصول إلى هذه الأهداف، ويتواصل مع البقية بشكلٍ فاعل، ستسير هذه الجهة تصاعدياً نحو تحقيق ما خططت له، وستبلغ أعلى درجات التميُّز». من وجهة نظر الجابري، فإن هذا لا يتحقق إلا بوجود جنودٍ مخفيين في هذه العلاقة، وهم أفراد الموارد البشرية، كلٌّ في تخصُّصه، وتحدث عن أثرهم الذي لا يقتصر فقط على عمليةٍ واحدةٍ، بل يتشعَّب في كل تفاصيل المنظمة من توظيفٍ وتدريبٍ وتأهيلٍ.
من جدّة
صلاح غلاب:
ينبغي أن يكون الوصف الوظيفي مطابقاً لخبرة لتخصص الموظف العلمي
علينا الاحتفاظ بالقوى العاملة
إن تطبيق رؤية أي منشأة اقتصادية ورسالتها وهدفها وسياستها، لتواكب نظام وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية، يكون بالتخطيط والتنظيم والهيكلة الصحيحة والاستقطاب الناجح للموظفين، كما يؤكد صلاح غلاب، مدير عام للموارد البشرية، لما له من دور كبير في نجاح أي المنشاة. ما سبق هو عمل إدارة الموارد البشرية، التي تعتمد على المهمة الأولى، وهي تحقيق التوازن والتجانس بين الموظفين الموجودين في الشركة، وبين الأفراد العاملين في جميع الأقسام؛ لأن كل قسم مرتبط بالقسم الآخر. يتابع قائلاً: «استقرار العمل والمساعدة على استمراريته، إضافة إلى المساعدة على تنمية المهارات الخاصة بالموظفين وتعزيز انتمائهم، هو أيضاً من أبرز مهماتها». لا تنتهي إدارة الموارد البشرية بعملية التوظيف، كما يؤكد غلاب، بل تشارك أيضاً في مهمة أساسية أخرى، تتمثل في الاحتفاظ بالقوى العاملة، يستدرك قائلاً: «مهمة توظيف الأشخاص المناسبين والمحافظة عليهم هي نصف المهمة المنجزة، ولتعزيز الأداء الوظيفي ينبغي أولاً أن يكون الوصف الوظيفي مطابقاً لخبرة الموظف وتخصصه العلمي.
تابعي المزيد: الفرق بين حقوق الموظف وامتيازاته حسب خبير في الموارد البشرية
من الشرقية
د. إبراهيم بن جمعة:
غياب الرؤية يشتت الجهود
الاستراتيجيات المدروسة، والرؤية الطموحة التي تستثمر المهارات وتوفق بين حاجات المؤسسة ومواردها، والتوظيف الأمثل للموارد البشرية هي أهم أدوار إدارة الموارد البشرية، كما يؤكد المدرب د. إبراهيم بن جمعة، مدير أكاديميات تكنولوجيا المعلومات، وذلك من خلال الحرص على إنجاح العلاقة بين الموظفين والإدارات العليا، لتحقيق أفضل النتائج. كل ذلك يتم بذكاء وحسن اختيار، كما يجد د. إبراهيم، ويتابع: «الإلهام يدفع الجميع نحو تحقيق أهداف المؤسسة وترسيخ قيمها، ويعد هذا الأمر من أهم عوامل النجاح فيها؛ لأن غياب الرؤية يشتت الجهود.
من الإمارات
بدرية الحمادي:
يلفتني المرشح الذي لديه اطلاع عن جهة الوظيفة
في الإمارات، لا مجال للتساهل في اختيار الموظفين، فالحفاظ على الوضع الاقتصادي للشركات، غاية كل مؤسسة ربحية، سواء كانت حكومية أو خاصة، وقد يبدو الأمر صعباً على الجميع، كما تقول بدرية أحمد الحمادي، رئيسة قسم الموارد البشرية، في شركة سلطان بن علي العويس للعقارات. يقوم الدور الحيوي للموارد البشرية على الحرص على إنجاح العلاقة بين الموظفين والإدارات العليا، بما يحقق ما يصبو إليه الطرفان؛ حيث تلتزم الإدارات العليا، كما تقول بدرية، بتطوير المواهب وإدارة الأداء الفعالة ونشر ثقافة التمكين، من خلال بناء قنوات تواصل مفتوحة تمكن الموظفين من التعبير عن أفكارهم وآرائهم وتجاربهم. يتم اختيار الموظفين بناء على مبدأ العدالة والجدارة، تتابع قائلة: «لا فرق بين شاب وفتاة أبداً، نختارهم من خلال سياسات ولوائح وإجراءات توظيف موثقة، استناداً إلى المعايير والضوابط وتحديد المتطلبات لكل وظيفة من الناحية التخصصية والمهارات المطلوبة، ومن إيجابيات المقابلة أن يكون المرشح لديه اطلاع شامل عن الجهة التي تقدم عليها وليس فقط مجال تخصصه، ولديه طموح للإضافة والتغيير».
من لبنان
رومي يونس:
إيجاد حلول سريعة
توقعات المستقبل من خلال وضع الخطط بناءً عليها، مع تنسيق الحوار مع الجميع، ووضع البدائل في حالة حدوث مشاكل، هذه مهمة إدارة الموارد البشرية من وجهة نظر رومي يونس، مديرة الموارد البشرية في شركة Retail Group. تكون أهداف الشركة مبنية على تنبؤات في المستقبل، بأقلّ التكاليف، وذلك بالاعتماد على طرق الرقابة السليمة، إضافة إلى التقييم ومواجهة المشاكل التي تتعرّض لها الشركة، وإيجاد حلول بشكل سريع، تتابع رومي: «مهمتنا تقدير عدد الموظفين المطلوبين في كل قسم لتحقيق سبل التأمين، فكل شركة تحتاج دائماً إلى وضع الخطط المتغيّرة التي تتماشى مع البيئة الخاصة بالعمل، وكذلك تغير الظروف الاقتصادية الخاصة بالشركات».
تابعي المزيد: للمديرين: تعرفوا إلى المؤشرات الهامة لآداء الموارد البشرية
من المغرب
نوال الفيلالي:
عملنا هو فن تدبير النزاعات
تخصصت نوال الفيلالي، مسؤولة بمدينة طنجة، في تسويق التجارة الدولية، وبدأت مهمتها باختيار 100 شخص يومياً، بصفتها مسؤولة إدارة الموارد البشرية بإحدى الشركات الكبرى. في تقدير نوال، أن ما تقوم به من أصعب المهمات في الشركات الكبرى، وهي فن تدبير النزاعات، تضيف قائلة: «اكتشفت قدراتي ومواهبي في التواصل مع الآخرين، فمهمتي إرضاء العاملين ضمن القوانين والإجراءات التي تفعل داخل الشركة، وبالتالي فهو الزبون الذي وجب التعامل معه بمهنية واحترام لضمان جودة الإنتاج، فقد نسجت خيوطاً مع ما أسميه »التسويق الاجتماعي» أو المجتمعي، ليكون زبوني الأساسي الأول هو الإنسان العامل».
من مصر
علي عباس:
العدل في توزيع الرواتب شرط أساسي للعمل
يعدّ علي محمد عباس، مدير إدارة الموارد البشرية بإحدى شركات التطوير العقاري، أن اختياراته للموظفين، ترجع إلى مصالح المنشآت التي توفر للموظفين جميع حاجاتهم، ما يرجع على المجتمع بالخير الوفير. إن مهمة الموارد البشرية هي جذب الموظفين الموهوبين والمهرة والاحتفاظ بهم، وهو أحد أهم التحديات التي تواجهها المنظمات في عالم الأعمال الديناميكي اليوم. يتابع قائلاً: «مساعدة الشركات على تلبية حاجات موظفيها بشكل أفضل مع تعزيز أهداف الشركة، هو هدفنا؛ لأننا بهذا يمكن أن نطوّر الإنتاج بأفضل طريقة من ناحية الكم والكيف إذا اخترنا المؤهّلات البشرية والعملية المُتنوعة والمناسبة، وذلك عن طريق إقامة مجموعة من البرامج التدريبية، وتوفير الأجور والحوافز الملائمة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تقديم أفضل أداء للموظفين، وبالتالي زيادة معدل الإنتاج».
من تونس
سمير حمدي:
المديرون أيضاً بحاجة إلى التدريب!
يؤكد سمير حمدي، أستاذ بالجامعة التونسية وخبير دولي في إدارة الموارد البشرية والمهارات القياديّة. اتّخذت إدارة الموارد البشريّة أساليب جديدة تقيّم بها الموظّف، في تونس، فهي لم تعد تكتفي بشهاداته وسيرته الذّاتية ومهاراته الفنية، بل أصبحت تشترط أن يكون مزوّداً أيضاً بمهارات تقنية متطورة وقدرات التواصل اللينة، يتابع سمير: «التّعامل المرن مع الزّميل والمدير مهما اختلفا عنه فكريّاً أو عمريّاً؛ تجعل الموظف قادراً على إيجاد القرارات الصّائبة المتوازنة، وعلى ضبط مشاعره وانفعالاته، ومتحكّماً في غضبه». تسعى إدارة الموارد البشرية من خلال العمل على المهارات الليّنة أيضاً إلى زرع روح الفريق المتجانس والمنسجم، يتابع سمير: «توفّر للموظّفين لقاءات واجتماعات دوريّة، وتنظّم لهم رحلات وإقامات في فنادق ومأدبات عشاء خارج المؤسّسة لتخلق بينهم لحمة متينة، فيسود بيئة العمل التفاهم والاحترام المتبادل».
يبيّن سمير حمدي أنّ مديري المؤسّسة أيضاً يحتاجون إلى التّدريب على هذه المهارات اللّيّنة؛ ليتمكّنوا من أساليب التواصل الجديدة، ويتخلّصوا من النّزعة التسلّطيّة لجعل الموظفين يشاركون.
تابعي المزيد: فروق بين وظيفتي إدارة الموارد البشرية وإدارة شؤون الموظفين
