ينتمي الشيف التركي محمد أوراد، إلى عائلة تنظر إلى الطبخ على أنّه احتفال، كما يقول، فقصة شغفه بدأت منذ نعومة أظفاره، عندما كان هو وشقيقه يرافقان والدهما إلى المطعم الذي يمتلكه ويساعدانه، وفي العشرينيّات من عُمره، بعدما تخرّج في كلية الفندقة وفنون الطهي، اشتعلت المنافسة بينه وبين أخيه على تحضير أطيب المأكولات، وقرّرا مغادرة موطنهما تركيا إلى باريس ليصقلا مهارتهما في مجال الطهي. في روائح تملأ نكهاتها بهو المكان، التقينا الشيف محمد أوراد في مطعم «أصيل»، الكائن في منتجع ريكسوس بريميوم.
في عائلة الشيف محمد، وبحسب الثقافة التي ينتمي إليها، كل امرأة تتقن الطهي بالفطرة، وبرأيه أن والدته هي أفضل شيف، عرفها، فالمسألة، بالنسبة إليه ليست مجرد مكوّنات وطريقة طهو، بل السرّ يكمن في الحبّ الذي تحضّر به الأمّهات الطعام، يستدرك قائلاً: «هناك موقفان مطبوعان في ذاكرتي عن النساء في عائلتي: الأوّل الاجتماع كل عيد لتحضير الطعام للعائلة برمّتها، والثاني تبادل الأطباق خلال شهر رمضان المبارك، وأول طبق حضّرته في حياتي كان السمك بصلصة الزبدة، وقد تعلّمتُ أصول تحضيره أثناء دراستي في كلية الفندقة وفنون الطهي. أنا شخصياً أهوى أكل السمك، وأحضر هذا الطبق بكل شغف».
قصتي مع الباذنجان
الطعام عبارة عن ثقافة وحضارة، ويرافق أهله منذ الصغر! وهناك أوجه شبه كثيرة بين المطبخَين التركي والعربي، وخصوصاً الشامي، فلديهما قائمة واسعة من الأطباق المشتركة أو المتشابهة، ولكن الاختلاف يبقى في التسمية وطريقة التحضير، وذلك يعود إلى تماثل الثقافات وطريقة العيش في المنطقة الجغرافية، كما يرى أوراد، ويعلّق: «اللافت في هذين المطبخَين أصالتهما، وهناك طبق مشترك وغني للمائدة الرمضانية لكلتا الثقافتين، وهو أمام بايلدي المسمى شيخ المحشي في لبنان، وهو طبق الباذنجان مع اللحم المفروم وصلصة الطماطم ويقدم مع الأرز بالشعيرية. ووفقاً للإحصاءات، فإن الباذنجان هو من الخضروات الأكثر استهلاكاً، كما أنه المكوّن المفضّل لدي، ويُمكن تحضيره بطرق عدّة: تغميسة، أو طبق مقبّلات، أو طبق رئيسي، أو طبق جانبي، أو حتّى للتزيين! فالعديد من الأطباق في تركيا تحتوي على الباذنجان، وأحبّها إلى قلبي طبق «الباذنجان المحشي» و«الكباب بالباذنجان» و«دولمة الباذنجان»، لكن طبق مانتي هو من أشهر الأطباق التقليدية التي لاتزال شائعة في تركيا حتى الآن، ولا تخلو منها المائدة الرمضانية طوال شهر رمضان الكريم».
نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع الشيف رامي نخلة:ما يميّزني هو شغفي بهذه المهنة
أعشق الهريس
يحضّر الشيف أوراد أطباقه، من المطبخيْن الجزائري والمغربي؛ حيث يؤكد أن المطبخ الشمال الأفريقي يستوحي أطباقه إلى حدّ كبير من الجزائر والمغرب، وبدأت الحكاية عندما استعمل البربر السميد لصُنع الكسكس، يعلّق قائلاً: «هناك تشابه بين المطبخين الجزائري والمغربي، بدءاً من الحريرة والبسطيلة والكسكس والمرقاز وغيرها؛ حيث يعتمدان على المكوّنات الرئيسة نفسها والتوابل وأساليب الطهي». أَحَبّ الأطباق الخليجية إلى قلب محمد هو الهريس. ويُحضّر أيضاً في لبنان، ويُعرَف بالهريسة. تذوّقه أثناء إقامته في بيروت ونال إعجابه بامتياز، وجرّبه أيضاً في الإمارات، يتابع قائلاً: «أعدّ الطبق بالقمح على طريقة الريزوتو مع موزات الغنم وصلصة الخوخ المحمّص. وربما أخفقت في تحضير العديد من الأطباق منذ بداياتي، لكنّني أصبحتُ أتقنها اليوم. وبصراحة، لم أقدّم في حياتي طبقاً سيئاً؛ إذ أدرك خلال التحضير ما إذا كان طيّباً أو لا. وإذا وجدت أنّ مكوّناً واحداً فقط لا يلبّي شروطي، لا أقبل بتحضير الطبق».
لا بد من تطوير الأطباق لتكون معاصرة لكل وقت وكل جيل جديد
أحب الهدوء أثناء الطبخ
من الصيحات الرائجة اليوم في عالم الطهي، كما يقول أوراد، إضفاء اللمسات المميزة على المأكولات لتصبح معاصرة من ناحية الشكل أو الطعم. وهذا الأمر طبيعي جداً، فالعالم كله يتطوّر. وفي الواقع، تزيد شعبية الأطباق بعد إضافة لمسة جديدة إليها. ومن الأطباق التي يقدّمها بأسلوب معاصر طبق الكباب ويلينجتون. يتابع شارحاً: «ألفّ الكباب بعجينة البقلاوة بعد خلطه مع السلطة المشوية وجبنة الموزاريلا وبعض الهريسة، ثمّ أخبزها، وأسكب فوقها الزبادي، وأزيّنها بالعسل ورشّة فستق». يحبّ الشيف التركي الطهي وسط هدوء تامّ؛ إذ يساعده ذلك على التركيز أكثر والابتكار، كما يُعزّز إنتاجيّته. وقد اعتاد قضاء فترات الصباح في المطبخ وحده.
طاهياتنا البارعات
يجد أوراد أن المرأة كيان بارع بالطهي بالفطرة، ولا سيّما الأمّهات. وهو يفخر أن لدينا العديد من الطاهيات البارعات في المنطقة، والكثيرات بينهنّ نجمات في مجال الطهي، سواء كنّ حائزات نجمات ميشلان أو مئات آلاف المعجبين على مواقع التواصل الاجتماعي. ونصيحته الوحيدة لهنّ هي الاطلاع على الصيحات الجديدة في مجال فنّ الطهي، وعلى أشهر الطهاة حول العالم، ومواكبة كل ما هو جديد في مجال الطهي من طرق التحضير إلى المنتجات والأدوات الجديدة، يعلّق قائلاً: «إننا نعيش في زمن التطوير من حيث مفاهيم الحياة والتكنولوجيا وجميع العناصر الأخرى. الطبخ بالنسبة إلي حياة، والحياة تطور مع تطور الأجيال، فلا بد من الأطباق أن تطور لتحافظ على روح ومذاق ليتقبلها ويستمتع بها الجميع، وتكون معاصرة لكل وقت وكل جيل جديد».
ومن عالم الطبخ أيضاً اخترنا لك الشيف سمية عبيد: الطعام الصحي اللذيذ تعمق وإبداع
مانتي
المقادير:
مقادير عجينة مانتي:
- 500 غرام دقيق أبيض
- 250 مليلتراً ماء
- 5 غرامات ملح
مكونات الحشوة:
- حبة واحدة من البصل
- 500 غرام لحم مفروم
- 100 غرام من دهن الضأن
- ملح + أوريجانو + رقائق الفلفل الحار + فلفل أسود «كلها حسب الرغبة»
مكونات صلصة الطماطم:
- 500 غرام طماطم معلبة
- ملعقة كبيرة واحدة من معجون الطماطم
- عود واحد من الكرفس
- ملح + زعتر + فلفل رومي «حسب الرغبة» + القليل من السكر
مقادير الزبادي:
- 200 غرام من الزبادي السميك
- قليل من الملح
- 50 مليلتراً من الماء
- اخفقيها حتى تحصلي على قوام متسق
طريقة التحضير:
- نحضر العجينة ونقطعها إلى مربعات 6 سنتيمترات.
- نحضر الحشوة بوضع البصل في مقلاة على النار حتى يذبل، ثم نسكب اللحم والدهن، والتوابل، ونغلق المقلاة، حتى يستوي اللحم، ثم نتركه ليبرد جانباً.
- نضع ملعقة من الحشوة في وسط العجينة، ونغلقها من الزوايا الأربع باتجاه الجانب الأوسط، ونحصل بهذا على قطع الزلابية التي تقلى بالزبدة.
- نحضر الصلصة بوضع مكوناتها لتغلي على النار، ثم نصبها في طبق، ونضع الزلابية فوقها ونزينها بالزبادي.
تكفي لـ عائلة من 5 أشخاص- مدة التحضير: ساعة ونصف الساعة
تابعي المزيد: الشيف البحرينية عبير مطر: أحافظ في وصفاتي على الطعم المحلّي الأصيل