حكاية قبل النوم عادة جميلة تحرص عليها الأم، وينتظرها الطفل بشغف وترقُّب؛ ليختم بها يومه وينام، الأم تحكي لتضيف معنًى تربوياً جديداً لطفلها.. وأحياناً توجه لوماً أو وصْلة عتاب بشكل غير مباشر، بينما الطفل يُنصت بلهفة واهتمام لقراءة الأم، وربما فهِم المعنى واستجاب.. وفي الحالتين، ينام الطفل وهو مرتاح البال.. وقصة اليوم: "عاليا" وشغب الألوان، تنهى الطفل عن الافتخار دوماً بصفاته ومميزاته عن بقية الناس.. وتثبت له أن لكلٍّ دورَه في الحياة.
القصة كتبتها: خيرية هنداوي
- "عاليا" طفلة صغيرة 9 سنوات.. تحب الرسم والألوان، وعلى مكتبها الصغير أكثر من 5 علب ألوان.. يوم الاحتفال بمولدها، لا تطلب سوى الألوان، وإن ذهبت مع والدتها لأيّ "مول"، يكون بحثها عن أحدث علب الألوان، كل أوقات فراغها تقرأ أو تلعب على الورق وترسم بالألوان، تنام وتصحو وهي تحلُم بأفكار للوحات جديدة، تنفذها بالألوان.. تقول عن نفسها، وكأنها تتغنى بكلماتها: لديّ علب ألوان، أحفظها في أحلى مكان، ألوان ولوحات، تبتسم كورود البستان، بالأصفر ألوّن الشمس، وبالأزرق يكون لون الأنهار والبحار، والأحمر لرسم العنب والتفاح وورود الأفراح، أما الأبيض فهو كوب اللبن والبيضة التي تُمدني بالقوة والنشاط.. أحب الألوان، وأمي وأبي يشجعان: ما أجملك يا فنان.
- أمسكت الأم بمجموعة القصص بين يديها، وكالعادة طلبت من"عاليا" أن تختار.. ولأن "عاليا" تحب الألوان، وضعت يدها على القصة التي تعرف أنها تحكي عن خلافات الألوان، ابتسمت الأم وقالت: مرة ثانية! فردت "عاليا" بفخر وانشراح: تعرفين يا أمي، سأصبح فنانة ألوان عندما أكبر.. مثل: "فريدة كوهلو"، و"بيكاسو"، وسيُشار إليّ بالبنان، كما تقولين.
- لا اعترض يا فتاتي الجميلة، الألوان هي التي تُجمّل الأشياء لتصبح لوحة جميلة أمام أعيننا، وقد لاحظت هذا الحب والمهارة منذ صغرك، ووفرت لك الأدوات، والآن هيا بنا نسمع ونرَ الخلاف الذي حدث بين الألوان، ونعرف من كان الفائز في نهاية الشجار؟
- تقول الأم: في صباح يوم من الأيام، استيقظت الفرشاة بعصاها الخشبية وشعرها الأسود الكثيف- الذي أخذ يتطاير من شدة الفزع- على صرخات أقلام الألوان بالعلبة، وكانت الأصوات عالية؛ فلم تفهم ماذا حدث؟ وما هو السبب لهذه المشكلة؟
- قالت الفرشاة: كفوا عن الصراخ، لِمَ كل هذه الضجّة؟ أخبروني.. ما المشكلة؟.. قال اللون الأحمر وهو غاضب: أنا ملك الألوان والرئيس لهذه العلبة أيّتها الفرشاة، وهم يرفضون، أنا لون فستان عروسة الطفلة الجميلة، ولون الورود التي نقدمها في المناسبات والأعياد، أنا لون النار التي تطهو لنا الطعام.. عفواً، أنا كذلك لون دماء الجندي المصاب الذي يفترش الأرض بجواره.
- هنا ضحك اللون الأزرق، وقال بسخرية: اسكت، وإلّا أطفأت نارك الحمراء بمياهي؛ فأنا البحر والمحيط والنيل.. أنا السماء والفضاء.. من أنتم! أنا لون السماء التي تغطيكم وتحميكم بنجومها المشعة الأشبه بالفوانيس المدلاة، وبشمسها التي تطل علينا نهاراً وتدفئنا، والقمر الذي ينير طريقنا في الليل بجانب الأنوار.
- ارتفع صوت اللون الأصفر معترضاً وقال: اعلموا جميعكم، أنني أرمز إلى أغلى شيئين في الحياة، لون الذهب، ذلك المعدن الغالي، ولون وهج الشمس حين تنتشر فتنير طريقنا، ونسعى إليها بالشتاء لتدفئنا.. لهذا أنا وحدي أقوى الألوان.
- ويبدو أن اللون الأخضر انتظر طويلاً ليحكي عن حاله وجمال وقوة تأثير لونه؛ فأمسك بالفرشاة ورسم الأشجار، ثمّ راح يرسم عصافير تزقزق وفراشات تلعب، وأطفالاً يجرون ويلعبون هنا وهناك، وبفخر شديد قال: هل هناك فائدة للحياة من دون اللون الأخضر؟ فالتاج لي أنا! أنا سر الحياة.. من دوني لن تكون هناك حياة.. أنا الخضرة التي تتنفسون منها، أنا الزرع الذي لا تستطيعون الاستغناء عنه! أنا اللون الذي يطلقونه على كل قلب محب.
- وبصوت واثق نطق اللون الأبيض وقال: أنا لون البيضة وكوب لبن الطفل في الصباح، الذي يُمد الجسم بالصحة والطاقة.. أنا الأبيض الذي يشهد بصفاء القلب وخلوه من الشرور والأحقاد.. أنا لون ثوب الفرحة للعروسة، الذي يرمز للنقاء.. أنا صفحة المولود البيضاء التي يولد بها ويرسم عليها الآباء بقية الألوان.. أنا لون شعر الأجداد رمز الحنو والحنان.. الذين يعتبرونكم أعز الأحباب.
- وأكملت والدة "عاليا" الحكاية: وبعد أن جمعت الفرشاة شعرها الأسود الناعم بأحد الأقلام الخشبية قالت: توقفوا ولا تخدعوا أنفسكم، ألم تسمعوا بأن الكفّ الواحدة لا تصفّق!.. ثم توجهت لكأس الماء وبلّلت أطراف شعرها، و اقتربت من اللون الأصفر بلونه الهادئ.. وأمام صفحة بيضاء، رسمت دائرة صفراء، ثمّ سألت: ما هذا الشّكل أيها الألوان؟ نظرت الألوان إلى الدائرة وتلعثمت ولم تُجب.. فقالت الفرشاة: إنها دائرة صفراء فقط.. ولكن لا معنى لها! ولكن عندما نرسم سماء زرقاء؛ فإنها ستصبح شمساً!
- خجلت الألوان من نفسها، ومن أسلوب فخرها ومحاولة إثبات تميزها وأفضليتها عن بقية مجموعتها اللونية، وطلبت من الفرشاة أن تجمعهم من جديد على هدف واحد وورقة واحدة.
- وبعد أن انتهت الفرشاة والأقلام من رسم اللوحة، فهمت الألوان سرّ الحياة؛ فصفّقت للفرشاة وصاحت بصوت واحد: كلٌّ له دوره في الحياة.. جميعنا يدٌ واحدة، وبدمج ألواننا مع بعضها البعض، تكتمل اللوحة، وتصبح أشبه بالحياة.
- وأضاف فريق ثانٍ من الألوان: نحن جميعاً نمثل لون الورود التي تزين الحدائق والبساتين.. ألوان فساتين الصغار يوم العيد.. ألوان عصائر الفاكهة.. وألوان مكعبات ولعب الصغار.. وإن أردت الجمال ببيتك، نوّعت بألوان الجدران، وزينته باللوحات التي رسمت بالألوان.
سؤال وجواب
1- مَن البطل في هذه القصة: "عاليا"، أم علبة الألوان؟
2- كم عدد الألوان التي تعرفها؟
3- ما الذي يمثله لك اللون الأبيض؟
4- أيّ لون من الألوان تحب.. ولماذا؟
5- ما الهدف الذي تشير إليه القصة؟
6- هل لديك اسم آخر للقصة؟